العدد 295 - الجمعة 27 يونيو 2003م الموافق 26 ربيع الثاني 1424هـ

هذه السن الخطرة

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

يغلب على علاقة بعض الأمهات بأبنائهن الكثير من القسوة والرفض من دون السماح لهم بالمناقشة ومعرفة سبب الرفض أو لماذا هذه القسوة؟ فهي تعتقد أنها الطريقة المثلى للتربية إذ يتعود الأولاد الشدة والحزم، فما ان يرتكب الأبناء بعض الأمور التي تتعارض مع ارادتها، أو تخالف أوامرها حتى تثور ثائرتها وتعمد إلى العنف وسيلة لالزامهم بالطاعة والامتثال لأوامرها... وقد يفوت الأم أن هذا الأسلوب غير مجدٍ ومن شأنه أن يترك آثارا سلبية للغاية على مشاعر الأولاد تجاهها، وخصوصا إذا كانوا في سن المراهقة... هذه السن الحرجة الخطرة للغاية... إذ يتعرض الفتى أو الفتاة في هذه المرحلة إلى نوع من القلق والتوتر والانفعالات الشديدة الناجمة عن التغيرات الفسيولوجية والبيولوجية المصاحبة لهذه الفترة وقد تظهر هذه التغيرات على بعضهم في صورة كبت وانطواء وخجل مبالغ فيه، الأمر الذي يدفعهم إلى السهر واليقظة إلى وقت متأخر من الليل، وخصوصا في الإجازات فهم في حال متغيرة باستمرار بين النشاط المفرط والخمول غير الصحي... فإذا كانت الأم غير ملمة بأخطار هذه السن ولم تحاول الاطلاع على الفاعليات والمنظومات الجسمية والنفسية لأولادها في هذه المرحلة تعذر عليها تخطي الصعاب والوصول بهم إلى بر الأمان. سيدتي... قد يصدمك تصرف ابنك الصغير الذي كان منقادا لرغبتك منصاعا لأوامرك فتجدين نفسك في مواجهة صعبة مباشرة معه عندما يقع التغيير الحقيقي في حياته ويختل التوازن التربوي بينكما فهو عصبي المزاج يميل إلى التحرر من سلطتك لما يعانيه من تمزق وبحث عن الذات. في حال ضياع بين طفولة تنتهي وشباب يطل. إن مهمتك في هذه المرحلة خطرة للغاية فقد يخذلك الأولاد في أمور كثيرة فما عليك إلا التحلي بالصبر والتسامح وكوني في محاولة دؤوب لتفهم حقيقة الأمور المتعلقة بتصرفات ابنك الذي كان قبل سنوات يعتمد عليك اعتمادا كليا وفاجأك اليوم بتطلعه إلى حياة مختلفة واستقلالية تامة. لا بأس إذا وضعت في حسبانك انها مرحلة الانقلابات والأزمات الكبيرة في حياة ابنك فقد بدأ لديه التفكير في الجنس الآخر وبات يشعر برجولته تتدفق مطلة على عالم جديد. عالم يتمتع فيه بإرادة واستقلالية من دون تلقي أوامر ونواهٍ من أي شخص كان حتى والديه بل بالعكس تبدأ نظرته إلى والديه تتغير فبعد أن كانا مثله الأعلى وكل ما يطلبانه ويأمران به صحيح ولا جدال فيه... أصبح يعترض ويقارن ويرفض وينتقد فإذا واجهته الضغوط والانتقادات الشديدة المعترضة من الطرف الآخر لجأ إلى العصيان والتمرد...

فيا سيدتي الأم... واجهي هذه التغييرات بالتقرب أكثر إلى ابنك لمعرفة أفكاره وتطلعاته من جهة، وهمومه وما يعانيه من قلق وعصبية من الجهة الأخرى لتتمكني بشخصيتك الواعية المتفهمة من استيعاب ومعرفة ما يدور في مخيلته من صور، وما يختلج في نفسه من عواطف وأهواء، وكوني قادرة على تخفيف حدة الرفض والقلق لديه.

سيدتي ان علاقتك بابنك في هذه المرحلة دقيقة وحساسة تتطلب منك تسخير كل طاقاتك من حب وحنان ووعي بالمسئولية ومواكبة مدروسة بكل مرحلة يمر بها أولادك ليكون نموه سليما وبالتالي تبقى علاقته بك وبمن حوله من أفراد الأسرة علاقة حميمة وودية فلا يشعر بغربته ووحدته بينكم فيبحث عن ملاذ آمن وقلب محب يسكنه ويرتاح إليه... ثم إن العلاقة الفكرية والثقافية والوجدانية مهمة جدا في هذه المرحلة فلا ينقطع خيط التفاهم بينكما ويبقى ابنك قريبا محبا مقدرا ما تبذلينه من أجل اسعاده ومساعدته على تخطي مشكلات هذه المرحلة. فكوني سيدتي تلك الأم المدركة الواعية، التي تجذب ابنها إلى أحضانها بما تهبه له من حب وحنان وتفهم لمعاناته..

العدد 295 - الجمعة 27 يونيو 2003م الموافق 26 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً