العدد 2966 - الثلثاء 19 أكتوبر 2010م الموافق 11 ذي القعدة 1431هـ

تحديات الإعلام ونهار السبت الانتخابي

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

صبيحة السبت المقبل سيتوجّه الناخبون البحرينيون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في ثالث انتخابات برلمانية وبلدية منذ انطلاقة مشروع الانفتاح السياسي في العام 2001.

ويمكن قراءة العديد من المؤشرات على مشاركة شعبية مؤثرة رغم وجود الأجواء المتلبدة بالغيوم السياسية والأمنية التي خيمت على المشهد العام في البحرين.

ثمة تململ في أوساط كثيرة، بعضها عائد للتطورات الأمنية وآخر بسبب ما يراه الكثير من الناخبين ضعفاً في مخرجات العملية السياسية، ولكن بدا واضحاً أن كل المؤثرات باتت تدفع مجدداً بخيار المشاركة في العملية الانتخابية من باب إدراك أهمية تسجيل الحضور في قبة المجلس النيابي.

لم أتجوّل في الكثير من الخيم الانتخابية، ولكن الصورة العامة للمشهد الانتخابي لا تميل لتغيير جوهري. فالقوى المسيطرة على الشارع البحريني هي ذاتها التي من المرجح أن تستأثر بنصيب الأسد من مقاعد المجلس النيابي الثالث.

كثر الحديث في الأيام السابقة عن تنامي المال السياسي، من جهات مختلفة، وهناك روايات متعددة، وتقاذف في الاتهامات، وبورصة في السوق الانتخابية. المعارضة تتهم جهات قريبة من الدولة بتمويل مرشحين منافسين لها، وآخرون يتهمون المعارضة ذاتها بتلقي أموال عبر وسطاء. ولكن بالرغم من كل ذلك فإنه لا دليل ملموساً قاطعاً يثبت أياً من تلك الاتهامات.

سأركز اليوم على جنبة مهمة من جنبات الانتخابات، وهي تعاطي وسائل الإعلام البحرينية مع مجمل جزئيات المشهد الانتخابي. فعلى مستوى جهاز الإعلام الرسمي (هيئة الإذاعة والتلفزيون) لاتزال الصورة بعيدة عن مقاربة الحدث الانتخابي المتلاحق، وذلك يعود لسبب واضح وهو رغبة الإعلام الرسمي في عدم خوض غمار المنافسة في تغطية الحملات الانتخابية للقوى السياسية المختلفة.

الصحافة البحرينية هي الأخرى تبدو منقسمة على نفسها بعض الشيء، فرغم وجود العديد من الصحف اليومية والأسبوعية فإن المراقب وبكل سهولة سيلحظ أن ثمة تجيير كبير في نمط التعاطي مع مكونات الحدث الانتخابي. فغالبية حملت على عاتقها أن تكون خط الدفاع الأول عن وجهة النظر الرسمية، إلا أن بعضها لم يكتفِ بذلك وإنما دخلت في مواجهة شرسة لإسقاط المرشحين المحسوبين على قوى المعارضة السياسية في جميع الدوائر.

الإعلام يجب أن يضطلع بدور محوري ومسئول في نقل الصورة الانتخابية بتضاريسها وألوانها المختلفة للشارع، ولا أعتقد أن من واجب الصحف أن تتحول إلى منصة لإطلاق «حاملة الصواريخ» ضد أي من المشاركين في العملية الانتخابية.

ثمة معايير دولية واضحة (معتمدة من مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية) في تحديد دور وسائل الإعلام في العملية الانتخابية. وتفترض تلك المعايير أن تقف وسائل الإعلام على قدم المساواة من جميع المرشحين باختلاف تلاوينهم الأيدلوجية والسياسية.

إذا نظرنا إلى واجبات الإعلاميين في أداء مهمة تغطية الانتخابات، فسنجد العديد من المفردات الغائبة أو المغيبة في إعلامنا البحريني، ومن أبرزها: التغطية النزيهة والصادقة، النقل الدقيق لنتائج استطلاعات الرأي، الابتعاد عن خطاب الكراهية والقذف والإساءة والتحريض والابتعاد عن بث نعرات الفرقة الطائفية أو العرقية أو استهداف أي من المرشحين أو القوى السياسية بمختلف وجهات نظرها.

وتلعب الصحافة دوراً خطيراً في توجيه الرأي العام وتأطير المشهد السياسي مع أو ضد المشاركين في العملية الانتخابية. كان ذلك واضحاً بأن إحدى الصحف تبنت خطاً مشاكساً ومبكراً لجمعيتين سياسيتين كبيرتين فقط لكونهما تنتميان للمعارضة. وبلغ ذلك ذروته بكيل اتهامات تصل بالخيانة إلى مجموعة من المرشحين، وهناك دعاوى قانونية في المحاكم بتهمة القذف.

إن نظرة أولية لوسائل الإعلام المحلية يمكن أن تكشف القصور تجاه الكثير من الاستحقاقات المهمة. وهذا لا يعني أن المطلوب الآن هو الوصول إلى ذروة المثالية، كل ذلك يعني أن الحيادية هي أمر نسبي، وقابل للكثير من النقاش. ففي كل الأحوال من الصعوبة بمكان القول إن هناك حياد مطلق. ويبقى أن دور مؤسسات المجتمع المدني والقراء والمختصين عامل أساسي في تشكيل حالة من الرقابة على تعامل الصحف مع الانتخابات.

وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى مؤشرين سلبيين، تمثل أحدهما في منع المشروع الذي كانت تعتزم تنظيمه المجموعة العربية لمراقبة الإعلام بالتعاون مع المركز الدولي لدعم الإعلام ومقره الدنمارك، في تقييم التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية، رغم أن الجهات التي هاجمت هذا النشاط كانت أول المرحبين به في انتخابات 2003. والمؤشر الآخر صدور تقرير يثير للسخرية من دون مقدمات لتوزيع صكوك الغفران والتهنئة حتى قبل أن تجرى الانتخابات!

في البحرين هناك بوادر على صحافة حزبية. فغالبية الجمعيات السياسية المؤثرة لديها صحف بمسمى نشرات صحافية دورية، ولديها مواقع إلكترونية فاعلة ولديها تواصل فاعل مع الرأي العام باستخدام الوسائل التكنولوجيا الحديثة مثل البلاكبيري ومواقع التواصل العالمي مثل الفيس بوك والتويتر.

ويمكن القول إن الصحافة لم تعد هي اللاعب الوحيد وإن كانت هي اللاعب الرئيسي والمحوري في تغطية الانتخابات، خصوصاً في ظل عدم تغطية التلفزيون الرسمي لأخبار المرشحين وفي غياب المحطات الخاصة بسب غياب قانون الإعلام المرئي والمسموع.

في كل الأحوال، تبرز حاجة لاستثمار الأيام القليلة المقبلة في تغيير قواعد التعاطي الإعلامي مع جزئيات الانتخابات... حتى يندفع الناس بحماس نحو صناديق الاقتراع في نهار السبت ينبغي منحهم جرعة من الأمل في تعاطٍ مغاير، نأمل أن يكون السبت المقبل محطة جديدة ومهمة في قطار العملية السياسية في البحرين.

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2966 - الثلثاء 19 أكتوبر 2010م الموافق 11 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 10:36 ص

      الحذر واجب ... تعددت الاسباب والهدف واحد

      كل من المترشحين كلمتهم واحدة لو تم سؤالهم لماذا رشحتم انفسكم وجوابهم هو لعمل مالم يستطع فعله من سبقنا اي لخدمة الجميع وايصال اصواتهم ولكن حين يعلم المترشح انه جسر معطل
      يخشى المرور عليه وجوده كعدمه لا يستطيع احد عبوره والاستفادة من خدمته فلما بقائه حيا اليس هناك بديلا لهذه الجسر قد يخدم الغير ولما الاصرار على عبوره اعني في قولي الاصرار على ان يكون المترشح جسرا معطلا ؟ !!! هل لانه يحظى بالانظار اليه ؟ ام ان على رأس هذا الجسر بساطا احمر يعشقه المترشحون ؟

    • زائر 3 | 10:25 ص

      الحذر واجب ... كثيرا ما تردد على مسامعنا (بأننا لن نرشح احدا)

      هل حقا ان الناس سئمت البرلمان وعدم نتائجه الايجابية وما هي التطورات البرلمانية التي سوف تحدث عن السنوات السابقة ان التطور الحقيقي لكل عمل ان يكون افضل من سابقه فهل يا ترى سنرى تطورا مواكبا للتطور سؤال يدور في خلد الجميع ماذا لو لم يتقاضى النائب اجرا لترشيحه في البرلمان ؟ هل سيكتفي بالشهرة فقط وسيكرس وقته لفعل ما يخدم ابناء بلده وهل سنرى هذا العدد الكبير من المترشحين وهذه الاعلانات والصور التي زاحمت انظارنا اينما تتجه وهل سنرى هذا العدد من الخيام المنصوبة ؟
      ام ان الدينار الاحمر بريقه مميزا

    • زائر 2 | 3:36 ص

      هذه الصراحة التي لم نقلها للمواطن الطيب.

      رجوك الاخ العزيز الغالي حيدر وبصراحة شفافة اذكر لي فائدة حقيقية تعود لمسسقبل الوطن والناس . الآن مرت 8 سنوات ما الذي تغير الذي = هذه الطحنة والاموال المبذولة من اموال الوطن ،هل العائد من المجلس = مستقبل الوطن . مثل ما قال احدهم التجربة وليدة هذه المغالطة، يجب نبدأ حيث انتهى العالم وليس نجرب المجرب , هذه مشكلة النخبة في هذا الوطن، ليس هناك صراحة شفافة نصارح بها الناس وانما المصلحة الذاتية فقط وفقط ،وهذا يعود لمصلته هو وليس مصلحة المواطنين والوطن ومسقبله هذه الصراحة التي لم نقلها للمواطن الطيب.

    • زائر 1 | 2:01 ص

      اختلف معاك

      التصويت سيقل لان الناس سئمت من البرلمان وما فيه شيء يذكر للمواطن.

اقرأ ايضاً