شهر رمضان هو شهر فضيل بلا شك، إذ إنه الشهر الذي أُنزل فيه القرآن على سيدنا محمد (ص)، وهو الشهر الذي ميّزه المسلمون عن باقي شهور السنة الهجرية، وفيه تُفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار، وهو شهر أنزل الله فيه القرآن الكريم. وما دام كذلك، فلماذا يستقبل الأغلبية هذا الشهر الفضيل بقائمة من البرامج والمسلسلات التلفزيونية بدلاً من العبادة والتلاوة؟ دعوني أتعمق معكم بقلمي في هذا الشأن.

إن السنة بطبيعتها مكونة من اثني عشر شهراً، ولكن لا تظهر الأعمال التلفزيونية المميزة إلا في هذا الشهر الفضيل، حسناً ألا يجدر بنا أن نتساءل، لماذا يقدم المخرجون والمنتجون أفضل ما لديهم من أعمال في هذا الشهر دون غيره؟ جميعهم يستطيعون تقديم الأفضل في أي شهر من شهور السنة، ولكنهم يقدمون أفضل ما لديهم في شهر رمضان المبارك؛ مستغلين رغبة المرء بالانصراف عن التفكير في الوقت والجوع أو التعب الذي يشعر به أي صائم، أي بمعنى آخر فإنهم يستغلون عقول البشر الضعيفة ليصلوا إلى قمة النجاح.

ولا يجدر بنا أن نلقِ اللوم كله على المخرجين والمنتجين، بل إن هناك عقولاً صغيرة تستحق أن نلقِ اللوم عليها؛ فربما يجعلها ذلك تنضج وتكبر أكثر. فالإنسان يمتلك نعمة العقل ليفكر بما يجب عليه فعله، فشهر رمضان الفضيل هو شهر مبارك تتضاعف فيه حسنات المرء وتُفتح فيه أبواب التوبة والمغفرة، فلماذا لا يستغله الناس في المفيد؟ أليس لنا أجداد سهروا ليالي رمضان ليصلُّوا ويقرأوا القرآن الكريم؟ إن الله يمنح عباده فرصة عظيمة ليستبدلوا ثوب الخطيئة بالهداية والصلاح، وهي فرصة ربما لا تتكرر مطلقاً، فلا أحد يعرف كم من العمر سيعيش، ولكن الجميع يعلم بأن تلك البرامج والمسلسلات سيُعاد بثها بعد انتهاء الشهر، فلماذا يفضلون قضاء أوقاتهم فيما يمكن رؤيته لاحقاً على قضائها في درب التعبد والتقرب إلى الله؟

شهر رمضان ليس شهر التلفاز وأشهى المأكولات، إنما هو شهر العبادة والقيام وذكر الله أولاً، وبالتأكيد لا يجب على المرء أن يحرم نفسه من كل ما يحب، ولكن المرء ذا العقل الواعي يعرف كيف يستغل وقته في المفيد، فلا يجب إعطاء الأكل اهتماماً أكثر من الذكر، ولا يجب قضاء أغلب الوقت أمام التلفاز، إنما يجب إعطاء العبادة حقها أيضاً، وعلينا دوماً أن نقتدي برسولنا محمد (ص)، إذ كان يقضي معظم أوقاته في التعبد والتقرب لله عز وجل.

أمل حسن عبد الله حسن