العدد 4186 - الجمعة 21 فبراير 2014م الموافق 21 ربيع الثاني 1435هـ

سورية... جرد الحسابات

جعفر الشايب comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

بعد مرور حوالي ثلاث سنوات تقريباً على بدء الحراك الإصلاحي في سورية، رجعت إلى ما كتبته من مقالات حول هذا الموضوع فوجدت أنها تلخصت في أربعة محاور: أن النظام تأخر في تحقيق مطالب الإصلاح، وكان هذا سبباً في تنامي الحركة المطلبية شعبياً؛ أن تدخل القوى الإقليمية خطف مشروع الإصلاح وحوّله إلى صراع نفوذ بينها على الأراضي السورية؛ أن الحل السياسي في نهاية المطاف هو الخيار الأسلم للأزمة لحقن الدماء وحفظ مؤسسات الدولة؛ وأخيراً أن الشعب السوري هو أكثر المتضررين من هذه الأزمة، وهو الذي لايزال يدفع ثمناً كبيراً بسبب استمرارها.

الآن وقد بدت الأزمة السورية في طريقها إلى العد التنازلي متمنين جميعاً أن تنتهي بما يحقق آمال وتطلعات الشعب السوري ويحافظ على مكانته وتماسكه، ومع جولات الحوار السياسي بين النظام والمعارضة في جنيف 2، فإن جرداً ولو سريعاً لنتائج وانعكاسات هذه التجربة المريرة لابد أن يكون ضرورياً.

على الصعيد السوري فشلت المعارضة في رسم استراتيجية عمل واضحة تمكنها من توحيد صفوفها وتنسيق جهودها، وحسم موقفها في منعطفات عديدة مرت بها الثورة. وسهل ضعفها حدوث اختراقات متعددة فيها أسهمت في حرف توجهاتها السياسية وتحويلها لمشاريع عنفية مرفوضة دولياً، مما نتج عنه إضعافها أمام نظام قمعي متشدد.

النظام السوري تمكن من توظيف تحالفاته الإقليمية والدولية وإعادة اللعب بما يمتلك من أوراق سخرها للدعاية لمشروعه والتخويف من قوى المعارضة، وإبراز نفسه كخط الدفاع ضد القوى الإرهابية في المنطقة.

على الصعيد الإقليمي نجحت القوى المؤيدة للنظام السوري في تنظيم نفسها ضمن استراتيجية عمل واضحة ومحددة منذ بداية الأزمة، وعملت على تنظيم تحالفات متماسكة جمعتها المصالح السياسية والاقتصادية ووقفت ضد تحقيق أي إجماع دولي ضد سورية. كما شكّلت لها جماعات قتالية عقائدية.

دولياً أكّدت الأزمة السورية أن المصالح هي بالنتيجة أهم من المبادئ والقيم، فعندما أصبحت مصالح الدول الغربية على المحك بدأت كل دولة من هذه الدول تتراجع عن مواقفها المبدئية وتنحى باتجاه مخارج لها من الأزمة تضمن لها خط رجعة مستقبلياً.

الشعوب العربية أصابها الهياج والاندفاع تجاه الحالة السورية أكثر من أية قضية أخرى في المنطقة، وبلغ الحماس والمبالغة لدى بعضهم إلى تخوين كل من يتحفظ على تأييد الثورة وأطرافها. هذه الحالة أدت إلى مزيد من الإحباط والشعور بالفشل بعد أن اتخذت القضية مسارات جديدة دون أن يتحقق الانتصار المأمول.

الشعب السوري أكثر من غيره هو من دفع فاتورة هذا النزاع بين قتلى وجرحى ومهجّرين في المخيمات داخل وخارج سورية، وكذلك في الأضرار المادية في مختلف المدن وارتفاع وتيرة الصراعات والنزاعات داخل المجتمع السوري ذاته. لعل في هذه التجربة المريرة التي مرت بها منطقتنا العربية دروساً وعبراً مهمة يمكن أن نستفيد منها وأن نتمكن جميعاً من تجاوز الأزمات الشبيهة بمزيد من التفكير والتخطيط السليم، بعيداً عن الانفعالية والارتجالية والتخبط.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"

العدد 4186 - الجمعة 21 فبراير 2014م الموافق 21 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً