العدد 4227 - الخميس 03 أبريل 2014م الموافق 03 جمادى الآخرة 1435هـ

في ذكرى كتاب الطفل

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

من منا لا يدرك أهمية أن ينشأ أطفالنا وبين أيديهم كتاب لا يفارقهم؟ ولم أصبح أطفالنا غير قارئين ولا يعيرون للكتاب اهتماماً؟ ولماذا يشهد عالمنا العربي تراجعاً كبيراً في إنتاج المادة المقروءة الخاصة بالطفل، وانخفاضاً في نسبة الأطفال القارئين؟ وما هو سبب هذا التراجع؟

هذا التراجع دعا العالم للاحتفال في الثاني من أبريل/ نيسان من كل عام، باليوم العالمي لكتاب الطفل، وهو ذاته يوم ميلاد كاتب الأطفال الدنماركى المعروف هانز كريستيان أندرسن، وهي وقفة لأن يكون لكل طفل كتاب.

كنا ومازلنا حين نريد الدخول إلى عالم الطفل، يكون من خلال القصص والأساطير الوهمية التي غالباً ما نبدأها بجملة «كان يا ما كان»، وبطقوس تكاد تكون رتيبةً لتثير انتباه الطفل. هذه القصص نثيرها بين الحين والآخر من الموروث الثقافي والتاريخي، بعضها نريد أن نوصل للطفل رسالةً، وبعضها تكون مفرغةً إلا من الإثارة وشدّ الانتباه ولو كان خيالاً فجاً.

الطفولة هي أساس لبناء حياة الإنسان، فهي التشكيل والتكوين، وعليها سيكون الإنسان بعد ذلك: سوياً أو مريضاً. وما يميّز الطفل أنه كثير الحركة ولا يستقر في مكان واحد أو وضعية محددة، شديد التقليد لمن حوله، يتميّز بالعناد الشديد، ولا يميّز بين الصواب والخطأ، كثير الأسئلة، فهو يسأل عن أيِّ شيء، وفي أي وقت، وبأية كيفية؟ يوجّه أسئلة لإجابات تزيل جهله، أو تمحو خوفه. يمتلك ذاكرةً حادةً، فهو يحفظ بلا وعي وبلا إدراك، لذا يمكن أن تستغل هذه الحدة والآلية في الذاكرة في حفظ القرآن الكريم.

كما يغلب الخيال على تفكير الطفل، ويميل عادةً لاكتساب المهارات بالتجربة، لذا يتوجّه للفكّ والتركيب. النمو اللغوي لديه سريع، فمعجم الطفل اللغوي يزداد باستمرار. ويتميّز بحدة الانفعالات، فهو يثور وينفعل بدرجة واحدة للأمور المهمة والتافهة على حد سواء، لذا يحتاج من يكتب للطفل، إلى مهارات خاصة يستوعب من خلالها مميزات هذه المرحلة العمرية وما يناسبها من متلقى مكتوب.

الكتابة للطفل ليست بالأمر السهل، فكيف نطوّر من قدرات طفلٍ ونمنحه فسحةً من تذوق الجمال ومزيداً من الأخلاق والمعرفة، إلى جانب إدخال الفرح الذي لا يجنح نحو التهريج والاستخفاف بدعوى الطفولة. في هذا الصدد تشير نجلاء صديق (استشاري إعلام طفولة واتصال تنموي): «إن كنت ترغب في أن تصبح كاتباً للأطفال: اقرأ كثيراً وفى كل مجال. اترك العنان للطفل داخلك، وكُن صادقاً في رغبتك، ثم عش لهذا الطفل وبه، وتأكّد أنك إن فعلت فستنجح في كتابة ما يحبّه ويحتاجه ويرغبه». لذا يتساءل كثيرٌ من الآباء: كيف أنتقي الكتاب الأنسب للطفل؟

المشكلة لدينا أن الشكل الفني وعنصر التشويق والخيال تأخذنا كعناصر أساسية في الاختيار، لأن الطفل يعشق ذلك، متناسين أن تلك الأمور وعلى أهميتها لهذه المرحلة، إلا أنها لا تنتج شيئاً أمام المعلومة الواقعية والصدق الذي يهدف إلي زيادة المهارات المعرفية ومحاكاة عقلية الطفل. فكتب الأطفال ليس تسليةً وإنّما هي تنميةٌ لا يمكن تحقيقها إلا من خلال محتوى معرفي مبني على أسس علمية وتربوية ونفسية، تتلاءم مع هذه المرحلة العمرية بالذات. لذا حريٌّ أن تكون لكتب الأطفال حصانة، بمعنى أن تكون هناك مؤسسة علمية عالمية متخصصة تجيز هذه الكتب وتعتمدها بأنها مناسبة له. فكتاب الطفل النموذجي يتّجه إلى الطفل الفرد ليساعده على النمو العقلي والاجتماعي والانفعالي والجسدي، وإلى التدريب على المحاكمة والنقد والتحليل والتركيب والتعبير، مما يساهم في إيجاد طفل مبدع.

وأخيراً... دعوا أطفالنا يقرأون في يوم كتابهم ما لم نقرأه في صغرنا، قراءة لا تربك معارفهم ولا تربط خيالهم بغير واقعهم، ربما يكونون أكثر شجاعةً منا في تحقيق حلمٍ أو صناعة غدٍ أفضل.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 4227 - الخميس 03 أبريل 2014م الموافق 03 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:42 م

      اطفالنا

      نعم . لا نعرف كيفية تحبيب القرائة لهم ولا ما يجب أن يقرأون

اقرأ ايضاً