العدد 4261 - الأربعاء 07 مايو 2014م الموافق 08 رجب 1435هـ

المواطنون الشيعة في الخليج لا يعوِّلون على إيران

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

بات من الواضح أن الشيعة في دول الخليج لا يعوّلون على إيران بالنسبة لتحديد خياراتهم في أوطانهم. تلك كلمة لم تتأخر؛ وقد تكون صادمة لكثيرين؛ لكن التغافل من قبل أولئك عن أن إيران قوة إقليمية ستضع على رأس أولوياتها مصالحها واستغلال عمقها الاستراتيجي وتنامي حضورها كقوة مشاكسة لوجود عسكري يتكفل بغطاء الحماية لدول المنطقة من جهة؛ واللعب على الاتفاقيات البينية متى ما رأت ذلك يخدم مصالحها ولا يعطّل أولوياتها من جهة أخرى؛ كل ذلك قد يجعل جزءاً كبيراً من المواطنين الشيعة في المنطقة أسرى وهم منافحة إيران عن حقوقهم حتى آخر نفَس، والدفاع حتى آخر رصاصة من أجل استتباب أمورهم، وتمتّعهم بالمواطنة كاملة، غير منقوصة، مقابل واجبات عليهم.

كل ذلك لا يعني أن يتنازل المواطنون الشيعة في دول الخليج عن حقهم في المواطنة الكاملة؛ وإنهاء عقود من التمييز الذي مورس ويمارس ضدهم في معظم الدول، بكل الطرق والأساليب السلمية والحضارية التي قد يطول أمد تحقق محصلاتها ونتائجها؛ جنباً إلى جنب تمتع المكونات جميعها بتلك المواطنة، مع فارق التمييز الذي لا تخطئه عين أو مراقب في مواقع عدة من الأوطان التي يشكّلون جزءاً من نسيجها. ولا يعني كل ذلك في الوقت نفسه انتهاء علاقتهم بمركزي المرجعية الدينية في كل من العراق وإيران، ضمن اعتقادهم والرجوع في مسائل فقهية تتعلق بالمعاملات والعبادات، بحسب الأطر المعروفة والمقبولة تاريخياً وحياتياً.

هذه الكتابة لا تؤكد الهراء والأسطوانة المشروخة من قبل بعض المكنات الإعلامية والمحسوبة عليها من أصحاب كشوفات «المكافآت الشهرية والدورية» بقدر ما هي قراءة لا تبتدع رؤية بقدر ما تعمّق التذكير بما ورد في مطلع هذه المقالة. لا مكان بديلاً لهذا المكوّن إلا أوطانه، وذلك لا يشكك البتة في ولائهم على رغم ما يُضخ؛ لكن الكلام يأتي متزامناً مع تردّي أوضاعهم الحقوقية في أكثر من بلد، واستقرارها في بلدان أخرى، مع فوارق ضئيلة في التمييز الذي نحن بصدده.

والذين يعوّلون على إيران بتغيّر المعادلة في الصراع في سورية بين النظام والتكفيرية الأممية الممولة والمسنودة من أنظمة وجهات إقليمية معروفة للجميع، يطيل انسجامه مع ذلك الوهم. إيران طوال صراعها مع الولايات المتحدة كانت تستند إلى عمقها الجغرافي من جهة ومواردها الطبيعية، وبرنامج الطاقة النووية وضع خريطته الشاه ولمّا يكتمل برحيله غير مأسوف عليه، ولم ولن تتخلى إيران عن ذلك الملف بكل تبعاته وضخامة تمويله وما يعني لها من مسألة وجود لا يمكن التلاعب بها أو الاستهانة بأدنى تفكير فيها.

بعض أوضاع المجتمعات الشيعية في العالم أدارته مكنتها الإعلامية، وذلك غير مكلف في حسابات المواجهة والربح والخسارة. نجحت في بعض، وعمّقت المشكلات في ملفات أخرى؛ لكنها لن ترمي بثقلها للتعاطي مع ذلك الملف، إلا في اليسير مما لن تخسر جرّاءه الكثير.

ملفات حقوق الإنسان، وأوضاع المواطنين الشيعة العرب، وإن كانت ضمن اهتمامات إيران، بحكم التلاقي على قاعدة المذهب، كما هو الحال مع مؤسسة الأزهر التي تتابع أوضاع أهل السنة والجماعة من سياتل في الولايات المتحدة إلى إيران نفسها، إلا أن ذلك لن يكون على رأس اهتماماتها، وخصوصاً بعد لملمة واحتواء كثير من الملفات التي ظلت لأكثر من 30 سنة، عوامل خنق لاقتصادها، وشبه عزلتها في جغرافية ليست هينة، عدا التوتّر في علاقات المحيط الذي تتواجد فيه منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران، وذلك لا يعني أن أوضاع المواطنين الشيعة العرب قبل قيام الثورة كانت نموذجية ويحسدون عليها!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4261 - الأربعاء 07 مايو 2014م الموافق 08 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 9:08 ص

      ..

      عندما تريد الأنظمة في الخليج تشويه صورة المطالبات المحقة لشعوبها دائماً ما تربطه بجهة خارجية و هي الجمهورية الإسلامية .و من أسباب ذلك أنهم يوجهون الشعوب بإتجاه عدو (وهمي) و هي الجمهورية الإسلامية بدلاً من العدو (الواقعي) الكيان الغاصب ، و هذا ما نراه و نسمعه دائما منذ أنتصار الثورة الإسلامية ، فبدل أن يعطوا شعوبهم كل الحقوق و الحريات يتهمونهم بالخيانة و العمالة لدولة أخرى .
      و النصيحة المثلى لأنظمة الخليج الفارسي هي تلبية مطالب الشعوب و عدم إلصاقها بأطراف خارجية .

    • زائر 12 | 5:23 ص

      بصراحه !

      بصراحه لولا إيران لتم تصفية الشيعه في الخليج بل الوطن العربي والعالم أيضا لأنهم شيعه فقط ولا دخل لإيران في المواطنين الشيعه في العالم أجمع وهذا الشيء يعرفه العالم كله ولكنه يكذب على نفسه بخزعبلات شيطانيه..
      نعم لولا إيران لكنا في خبر كان لأن الجهل فيهم من زمن أبا جهل.

    • زائر 11 | 4:56 ص

      نغمة عتيقة

      شماعة ايران التي تستغلها انظمة الخليج العربي اعطت هذه الانظمة الفرصة القوية للتهرب من تحقيق الديمقراطية وتحقيق حقوقها واعتبار هذه البلدان ورث من الله سبحانه وتعالى لها.لذلك وجود ايران اصبح من صالح هذه الأنظمة لأنها ستستمر في نفس النغمة ان الشيعة ولائهم لأيران وسيتم تخويف السنة من منح الحقوق للشعب لأن الشيعة سيحصلون عى هذه الحقوق ايضا وان لهم اجندات ايرانية. الحمقى والمتمصلحين من ابناء الشعب هم من ينشر هذه النغمة.واذا طالبتهم بدليل لن يتمكنوا من توفيره.

    • زائر 7 | 3:45 ص

      إيش دراك

      هم كالولك كلام فيه شئ من التعدي عندما قمت بتعميم الهدف بقولك ان الشيعة في الخليج لا يعولون على إيران وبهذا كأنك تقول أن الشيعة مجرد وجه لعملة واحدة فجميعهم من مدرسة واحدة وفكر واحد ورأي واحد وهذا غير صحيحة كان عليك الأخذ في العتبار أن شيعة تلاوين من الأفكار واإنتماء والمدارس الفكرية ففي الشيعة الأصولية وألأخبارية ( شيرازية ) ومن أتباع خامنئي وفضلالله والسيستاني حتى شبير الخاقاني له أتباع في الخليج إضافة لمدار الفكر الحديث فهناك شيعة شيوعيين وعلمانيين وليبراليين وماسونيين وغير ذلك

    • زائر 6 | 3:04 ص

      كلام سليم

      100% فإيران لم تفعل شيء للشيعة ولن تفعل لهم شيء إيران ينظرون الى الامور من منظار سياسي ولا ينطرون من منظار شرعي وخالفوا قول الرسول صلى الله علبه وآله (من سمع مسلم ينادي يال المسلمين فلم يغثه ..

    • زائر 5 | 2:37 ص

      سوأل

      ماذا لو كان الشيعة في البحرين من الموالين للحكومة ؟؟؟ هل سيصيبهم ما اصابهم ؟؟؟ سوأل ثاني مالذي جعل الشيعة في البحرين بالذات في تصادم مع الحكومة ؟؟ لا احد يقول ايران لأن الخلاف مع الشيعة قبل ان تأتي الجمهورية الأسلامية بسنوات طويلة ، سوأل ثالث مالذي يمنع ان يكون الشيعة جزءا من الحكومة ولما الخوف منهم كما يشاع بحكم وجودهم الأصلي في البلد اليس لهم الحق في ان يكونوا جزءا اصيلا في الحكومة ؟؟؟؟ اخر سوأل ولدي الكثير من الأسئلة لماذا الحكومة لا تقرب الشيعة منها ونقصد الغالبية وليس المنتففعين ؟؟

    • زائر 4 | 1:23 ص

      السياسة

      السلام عليكم .. لونظرنا الى شيعة الامارات فالمكون الأغلب منهم هم " البحارنه " أي أصل واحد مع من في هذه الأرض ولم يتهمهم أحد بالعمالة أو الخيانة ولكن تم اتهام " الاخوان " ويمكن الرجوع لدور " التاجر " في تأسيس ونهضة " دبي " مع الشيخ راشد المكتوم رحمه الله .
      وفي الكويت الشيعة محسوبون على الموالاة ، فالمسألة كلها مصالح أنظمة تتلاعب في مكونات شعوبها كيف تشاء .

    • زائر 8 زائر 4 | 4:00 ص

      اكيد

      اذا ماطلع منهم مايثبت ولائهم لإيران ليش يتهموهم

    • زائر 10 زائر 4 | 4:41 ص

      من وين المعلومات ؟؟

      من وينه المعلومات ؟ اغلبية اهل دبي هم من البحارنة ؟؟ من وين هذه التخاريف تركوا عنكم التقية ، ما جرى وما نشاهده بآم العين يحكي ويؤكد على ذلك الارتباط الروحي والعقدي مع ايران نريد ان نرى افعال وليس أقوال وحينها سنصدقكم مثلا هل سمعنا يوما رجل دين من مراجعكم ذكر ولو حرف واحد ضد تدخلات ايران او استنكرها ؟؟ الرجاء عدم الاستخفاف بعقولنا

    • زائر 15 زائر 4 | 5:21 م

      لا تصدق

      عنك ما صدقت. ستين سنة ما صدقت والله

    • زائر 3 | 1:15 ص

      تصور بالأمس من خلال نقاش معين لم يكن لدى الشخص المناقش الا كلمة ايران

      يوم امس تناقشنا مع احد البالعين لاسطوانة (ايران) وكل ما تكلمنا معه مع الحقوق قال ايران . لا يعرفون منطق الا الاسطوانة المغروسة في عقولهم ايران وايران وايران
      كل ذلك من اجل الهروب من الاستحقاقات الشعبية والوطنية

    • زائر 1 | 10:56 م

      غريبه

      بأعتقادي بأن هناك هوس خليجي غير مبرر أتجاه أيران والمفروض من الدول التي تخون أبناها بالأنتماء لأيران أحتوائهم بدل سيل الأتهامات والتحريضات اليوميه التي تململ منها الجميع

اقرأ ايضاً