العدد 4851 - الجمعة 18 ديسمبر 2015م الموافق 07 ربيع الاول 1437هـ

مؤسسة الزواج... 200 كتاب

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

كتّاب ومُبدعون في العالم، ومن بينهم عرب، لم يجدوا في الزواج انسجامهم. بعضهم دخل التجربة وقرَّر فسخ علاقته معها، تفرُّغاً لحياة يراها بين الكتب والإصدارات والقراءة. بعضهم وضع شروطاً كي ينجو من مسئوليات كبرى تفرضها الأبوَّة واستحقاقاتها.

في مصر، كونها قلب العالم العربي، ومنْجَمه الثقافي، ثمّة كتَّاب وأدباء اتخذوا مثل تلك المواقف من الزواج، أو خاضوا التجربة بفشل، ولفترة قصيرة، وبعضهم تزوَّج ولكنه وضع في حسبانه أنه ليس أهلاً لأن يكون أباً، فإما أن يكون أباً كما يجب، وإما أن يكون كاتباً كما يجب، فكانت المفاضلة والانحياز إلى الثانية، كما حدث لأحد كبار الكتَّاب العرب والمصريين، بانكبابه على التأليف وكأنه في سباق مع الحياة أو الموت، لا فرق.

الكاتب والمفكِّر والأديب المصري أنيس منصور، هو الشاهد الأكثر حضوراً، على رغم غيابه جسداً عن المشهد الثقافي والفكري؛ حيث وصلت مؤلفاته إلى أكثر من 200 كتاب، تنوَّعت بين المعارف والعلوم والفنون والآداب والسياسة والصحافة والفلسفة والاجتماع والتاريخ والمرأة، مع فارق أنه لم يُحجم عن الزواج، لكنه اتفق مع شريكة حياته (أنيسة منصور) على عدم الإنجاب، وله في المؤسسة الزوجية رؤيا لم يُخفها، حين أشار إلى أن «الزواج نظام اجتماعي صعب بسبب صعوبة استمرار حياة طويلة بين زوجين لم يتعرَّفا إلى بعضهما بالشكل الكافي». وكان يرى إنجاب الأبناء، هو أكبر صعوبة في مؤسسة الزواج، لما سيترتب عليه من مسئوليات وتفرُّغ، يضيق منه الذين وجدوا عقولهم في «الجنون» الذي تمنحهم إياه الكتابة.

هل كان سيُتاح لمنصور ومن يشبهونه، مثل تلك السَعَة من التفرُّع لما يحبُّون ويُتقنون، بتجاور الكمِّ مع النوع فيما أصدروه، لو أنهم استسلموا لكل الاشتراطات والمتطلَّبات التي لا تتوقف من قبل مؤسسة الزواج، باكتمال أطرافها من زوجة وأولاد ومن ثم أحفاد؟

الاستثناء في الشواهد لا يمكن أن يدخل تحت مظلة القاعدة، فالاستثناءات تلك نكاد نحصيها على أصابع اليد الواحدة.

أحدثت خطوة ترك منصبه أستاذاً للفلسفة، صدمة واستغراباً في الأوساط الجامعية، كي يتمكَّن من التفرُّغ للكتابة والعمل الصحافي، على رغم أنها مهنة الذين يبحثون عن الفقر و «البهدلة» في العالم العربي.

تلك الموسوعية التي عُرف بها، ساعده فيها إتقانه للغات عديدة من بينها: الإنجليزية والألمانية والإيطالية واللاتينية والفرنسية والروسية، وغيرها من اللغات، ووجد نفسه موزَّعاً بين اهتماماته، في القصة والمسرح، إضافة إلى الترجمات التي أغنى بها المكتبة العربية؛ إذ أنجز أكثر من 9 مسرحيات بلغات مختلفة؛ علاوة على ترجمته لخمس روايات، ونحو 12 كتاباً لعدد من الفلاسفة الأوروبيين، ومن بين قائمة مؤلفاته المتنوعة، 13 مسرحية باللغة العربية، إلى جانب العديد من الأعمال الدرامية التي وصلت إلى 10 أعمال، تحوَّلت إلى مسلسلات تلفزيونية.

إنجاب الأولاد ليس معجزة؛ إذ المعجزة تكمن في أن يُنجز أولئك الأولاد الفارق. ومن لم يُنجبوا أولاداً من أولئك الكتَّاب الكبار، أنجبوا مئات الإصدارات التي يتعلَّم منها اليوم مئات الآلاف والملايين من البشر، وتظل حاضرة بسحْرها وعمْقها وتنوُّعها.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4851 - الجمعة 18 ديسمبر 2015م الموافق 07 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:52 ص

      فكرتي عن بعض الكتّاب

      مع احترامي لكل الكتّاب والصحفيين .. اعتقد ان البعض منهم وفي كل الدول وبجميع القوميات ما أن يستقيم له الأمر في الكتابه ويصبح له جمهور متابع حتى يصاب ببعض المتناقضات .. فبعض يعزف عن الزواج بحجة انه لا يستطيع التفرغ للكتابه مع وجود الزوجه والاولاد وبعض يصل الى مرحلة النرجسيه التي تجعله متعالي على الجميع وان لا احد يجاريه في المستوى فمن هنا نرى الكتاب والنوادر التي تظهر منهم

    • زائر 2 | 4:12 ص

      متوهق؟

      شكلك استاد
      خليتنا نتشجع نقرا كتب انيس منصور

    • زائر 1 | 2:04 ص

      المال وابنون زينة حياة الدنيا

      لا يجب ان يضحي الانسان احلى احساس وهو الابوه من اجل اشياء اخرى

اقرأ ايضاً