العدد 5007 - الأحد 22 مايو 2016م الموافق 15 شعبان 1437هـ

الهويّة الوطنيّة الجامعة تحمي البلدان

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

نمُرُّ حاليّاً بذكرى مرور مئة عام على اتفاقية «سايكس - بيكو»، والحديث يتكرر عن إمكانية استمرار التقسيم الجغرافي السياسي الذي ورثته العديد من بلدان المنطقة منذ العام 1916. فلقد أوضح الاضطراب الكبير الذي تمُرُّ فيه منطقة الشرق الأوسط كيف أنّ المجتمعات في عدة بلدان يهتزُّ نسيجُها مع ازدياد ضغط الأحداث عليها. وحاليّاً تتواصل الجهود الدولية والإقليمية لإيجاد حلول في البلدان التي تمُرُّ بحروب واقتتال، ولكن هناك أسئلة جوهريّة تُطرح حول الهويّة الوطنية الحالية وفيما إذا كانت قادرة على توحيد القوى والناس وتخرجهم من الأزمات التي تمُرُّ بها مجتمعاتهم.

التجارب توضح صعوبة تعايش الديمقراطية مع الهويّات الفرعية المتمثلة في الانتماءات الطائفية والقبلية والمناطقية والإثنيّة وما شابه ذلك. الديمقراطية المعمول بها في الدول الحديثة تفترض أنّ هناك هويّة وطنيّة، وانتماءً وطنيّاً، وثقافة وطنيّة، وروابط وطنيّة تسمو على باقي الأنواع من الانتماءات والهويّات والثقافات.

الاختلافات بين السكان ليست عيباً، بل إنها تُعتبَرُ مصدر قوّة في المجتمعات المتنوّعة؛ لأنّ هذه المجتمعات تعتمد على التراكم الثقافي الذي يُنتج هويّة وطنيّة تتغلب على الاختلافات العرقية والدينية والقبلية والمناطقية. وهناك بلدان تلجأ إلى التوافق بين عدد من الهويّات بصورة متطوِّرة، مثل سويسرا، وتتمسّك بهويّة وطنيّة جامعة من دون إهمال اللغات والأعراق والاختلافات الأخرى، وتتمكن من تحقيق التوازن، ويَنتُج عن ذلك أمن واستقرار وتنمية وازدهار، وجميع ذلك يقوم على قاعدة حقوقية تفسح المجال للمشاركة في القرار الوطني وفي الثروة الوطنيّة.

المجتمع الديمقراطي لا يمنع الهويّات الفرعيّة، ولكن هذه الهويّات تأتي في المرتبة الثانية بعد الهويّة الوطنيّة الأساسية التي تجمع كُلَّ المواطنين على أساس الاحترام المتبادل والمساواة القانونيّة والعدالة الاجتماعيّة. ولذلك فإنّ الأمم المتطوِّرة والمستقرَّة سياسيّاً واقتصاديّاً مرّت بتجارب، بعضها مرير، وبعد ذلك انتقلت الفئات المجتمعية المختلفة عرقيّاً أو طائفيّاً أو قبليّاً أو مناطقيّاً إلى مرحلة أعلى من التجانس على أساس انتماء وطني مشترك، وثقافة جامعة وهويّة مشتركة. إنّ ما نأمله لمنطقتنا التي تمُرُّ بأحداث جسيمة أن تخرج من الانقسامات والهويّات الفرعيّة، وأن تتصالح مع بعضها البعض، وتنتصر بذلك هويّاتها الوطنيّة لتضمن أمنها واستقرارها وازدهارها.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 5007 - الأحد 22 مايو 2016م الموافق 15 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 5:25 ص

      إضطرابات كبيرة و أحداث جسيمة تمر علينا هذه الايام .... ام محمود

      لم تهدأ الاحداث الجسيمة و التآمر الدولي و الحرب الكونية منذ يناير 2011 و لكن هذا الشهر هناك احداث خطيرة ومعقدة و اكيد هناك دول مستهدفة قادمة لاستباحتها مثل ما حدث ل ليبيا بعد قتل القذافي
      و الحدود بين الدول تغيرت الى الأبد بعد اجتياح داعش ل العراق 2014 و سوريا
      و هذا الحجم الكبير من التفجيرات اليومية لا تحتمل و هذا الوضع السيء جدا سيمهد لظهور دولة ارهابية إقليمية و بالتالي يمهد ذلك لظهور منقذ البشرية و حفيد رسول الله ص للقضاء على الظلم و نشر السلام في الكرة الارضية ..

    • زائر 14 | 3:57 ص

      زائر 6 الفكر الشيعى ليس متخلف انهو الفكر الصحيح على نهج امير المؤمنين علي عليه السلام لاتغلط على الشيعة واترك عنك الاحقاد سبب الحروب والطائفيه......

    • زائر 17 زائر 14 | 6:30 ص

      هذا رأيك و انت حر فيه و لكن من حق غيرك ان يكون له رأي مختلف أوروبا لم تتطور الا عندما تخلصت من الفكر الديني المتخلف و انت لن تقبل أبداً باصحاب اللحى و غيرك لن يقبل أبداً باصحاب العمائم لذلك الحل هو العلمانية و منع رجال الكهنوت من السنه و الشيعيه من التدخل في السياسة

    • زائر 13 | 3:48 ص

      تزايد وتيرة العنف و التفجير في المنطقة يدل على قرب التغيير .... ام محمود

      تزايدت وتيرة التفجير و العنف و القتل و الغليان في بعض الدول العربية مثل العراق و سوريا و مصر و زرع العبوات الناسفة و قتل الجنود و وصلت الى اسقاط الطائرات انا ارى ان المنطقة مهيأة لا سقاط الحكم و الزعامات و ترك القيادة ل الارهابيين لتدمير ما يمكن تدميره و حرق ما يمكن احراقه و كله يصب في المؤامرة الدولية خاصة مع تصريح روسيا قبل ايام بانه يجب استئناف الغارات الجوية على سوريا بدءا من 25 مايو و ايران قالت امس انها احبطت محاولة امريكا لعمل ضربات عسكرية ضدها ...

    • زائر 12 | 3:38 ص

      تابع .. المنطقة العربية تحت سيطرة الارهاب و قوة امريكا و روسيا .... ام محمود

      و أعرب الابراهيمي عن اسفه ل عجز الاخوة السوريين عن حل ازمتهم لوحدهم معتبرا ان الأطراف الاولى بمساعدتهم هي دول المنطقة التي هي منقسمه و مختلفة و عاجزة بدورها عن مساعدة السوريين مما استوجب الى اللجوء الى الدائرة الرابعة و هي الدائرة الدولية التي تضم اساسا الولايات المتحدة و روسيا و رجح ان يكون التقارب الأمريكي الروسي مؤشر لقرب حل الازمة و ليس من وراءه مخطط لخلق سايكس بيكو جديد في المنطقة كما عزا هذا التقارب الى توافد عدد هائل من اللاجئين الى اوربا مما ادى الى حدوث نوع من الصحوة الشاملة لدى الغرب

    • زائر 11 | 3:26 ص

      سيطرة امراء الحكم و تناحرهم من أجله سيكون في المستقبل القريب .... ام محمود

      من أخبار الامس في الوسط اون لاين لفت نظري كلمة المبعوث المشترك في الامم المتحدة السابق الأخضر الابراهيمي وحذر من انهيار الدولة في سوريا و سيطرة امراء الحرب على الحكم و تناحرهم من أجله و قال في محاضرة بعنوان الثورات العربية حقيقة سراب ام مؤامرة ان سوريا غير مهددة بالتقسيم كما يرجح البعض رغم محاولة الاكراد اقامة كيان مستقل و انما هي مهددة ب انهيار الدولة و سيطرة ما يطلق عليهم امراء الحكم في البلاد و تناحرهم فيما بينهم من اجله
      و هذا الكلام مشابه لما كتبته انا قبل سنوات من سيطرة داعش او السفياني

    • زائر 7 | 2:51 ص

      اسباب الحروووب الطاحنه فى بلدان العربيه هم اصحاب الدين التكفيرى دمرو العالم بافكارهم الشيطانيه وامريكا تمولهم وابريطانيا بالسلاح واكثر الروايات انه امريكا واليهود هم من صنعو الدواعش ...............للاستيلاء على الشرق الاوسط

    • زائر 6 | 1:49 ص

      احد اهم أسباب انحسار الهوية الوطنية هو انتشار الفكر المتخلف للإسلام السياسي بشقيه الشيعي و السني

    • زائر 16 زائر 6 | 6:26 ص

      صدقت و رب الكعبة الاسلام السياسي بشقيه السني و الشيعي هم اهم أسباب تخلف الأمة و انشقاقها و لن نصل لمصاف الأمم المتطورة الا اذا تخلصنا من هذا السبب

    • زائر 5 | 1:42 ص

      التجارب توضح صعوبة تعايش الديمقراطية مع الهويات الفرعية والحقيقة صاطعة أمامنا في الدول الفاشلة ديمقراطية بل شعبها متحارب مع بعضه بسبب هذه الهويات الفرعية الشعب التونسي هو الذي سار في المسار الصحيح بسبب احزابه المدنية القوية التي تجمع بين أعضائها الهوية التونسية فقط لاغير

    • زائر 4 | 1:25 ص

      لنرى البلدان العربية القريبة منا ماذا حل بها بسبب ترك احزابها الهوية الوطنية الجامعة

    • زائر 3 | 1:12 ص

      الهوية الجامعة ليست كلام في الهواء وجلسة دردشة...الهوية الجامعة تبنى من خلال أفعال تجعل الأفراد يحسون بأنهم متفقون أو مشتركون في رابطة معينة...ولكن الأفعال الموجودة حاليا تسير في إتجاه جعل الناس يحسون بأنهم لا يجمعهم شيء مع بعض...وبأن البعض ملغيين من الصورة تماما...

    • زائر 2 | 12:34 ص

      مقال في الصميم للدكتور المحترم نعم الهوية الوطنية هي الجامعة لشعبنا العزيز وغيرهاهو الفراق والتشرذم وضياع الثقة بيننا وحل ازمتنا وتحقيق الديمقراطية الحقة هي بالعمل المشترك في السياسة ولنترك المستفيدين من فراقنا وهذا موجه لوجهاء الطائفتين الكريمتين

    • زائر 1 | 12:13 ص

      الهوية الوطنية الجامعة لا يمثلها اصحاب اللحى الطويلة و لا اصحاب العمائم فهؤلاء هم سبب تشرذم المجتمع و تخلفه و يجب منعهم من التدخل في السياسة و الشأن العام

اقرأ ايضاً