العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ

الحكومة وإهمال الشباب

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

تصادف اليوم الذكرى الرابعة للتصويت على ميثاق العمل الوطني، وهناك كثيرون يتساءلون عما تحقق لهم بعد مرور أربع سنوات كاملة من التصويت، ومن مجموع هؤلاء شباب الوطن بكل تأكيد. ولا يقصد هنا الشباب من ذوي الاهتمامات الرياضية، وإنما الشباب من ذوي الاهتمامات والمواهب الأخرى مثل الثقافة والفنون. فهؤلاء الشباب مازالوا يعانون من غياب الرعاية والاهتمام بعد أن ظلوا يتابعون ويشاهدون الدعم والرعاية الكبيرين اللذين يحظى بهما الشباب الرياضي بعد أن حقق الكثير من الإنجازات في مختلف المحافل المحلية والإقليمية والدولية، ما أنعم عليهم الكثير من النعم بعد حفلات التكريم والتقدير الذي حظوا به في مناسبات عدة.

سؤال يطرحه كثيرون: ماذا لو توافر للشباب البحريني من ذوي الاهتمامات والمواهب الأخرى غير الرياضية الدعم والاهتمام نفسهما اللذين يحظى بهما الشباب من ذوي الاهتمامات الرياضية؟

قد تكون الإجابة غير واضحة لدى البعض، ولكنها عند قلة من المتابعين للشأن الشبابي البحريني واضحة، إذ سنرى إنجازات كثيرة ستظهر، فسيبرز في الساحة رسامون مبدعون، وفنانون محترفون، وموسيقيون متمرسون، وكتاب مرموقون، وشعراء وممثلون ومخترعون... وغيرهم كثير.

ولوكان هناك شاب بحريني واحد في كل مجال لاستطاعت البحرين أن تحقق مكانة مرموقة وإنجازات كثيرة في تلك المجالات، وهي مجالات موهبة مختلفة بخلاف الرياضة التي يمكن اعتبارها مجالا واحدا من الموهبة. وما يميز المجالات الأخرى التي تختلف عن الرياضة هي الاستمرارية والبقاء، فإذا تمت مقارنة الإنجازات الرياضية بالإنجازات الأدبية والرياضية مثلا فالفرق أكثر من شاسع. فهناك إنجازات رياضية تحققت في العام 1910 على سبيل المثال، ولكن نخبة قليلة من تعرفها، وبعد عدة سنوات ستصبح تاريخا، ولن يستفاد من هذا الإنجاز الرياضي الذي حققه صاحبه ونال عنه ميدالية ذهبية وكأسا من ذهب، في حين أن هناك قصائد شعرية ولوحات فنية وروايات أدبية غاية في الجمال والإبداع يعود تاريخها إلى عدة قرون سابقة ومازالت البشرية تتذكرها تماما وستظل كذلك في المستقبل. وبالتالي فإن نتاج المواهب غير الرياضية أكثر بكثير من نتاج المواهب الرياضية التي ترتبط عادة بأشخاص وتزول وتختفي بعد انتهاء مواهبهم أو توقفها بسبب المرض والعجز وحتى الوفاة، إلا أن الموهبة التي تنتج قصة أو شعرا أو أغنية ستستمر ولن تنتهي بسبب وفاة صاحبها.

خلاصة القول إنه حان الوقت ليعيش الشاب البحريني الموهوب ويرى من يرعى موهبته ويصقلها ويستفيد منها ويمتع بها الآخرين، بعد أن ظل الإبداع والإمتاع متقصرين على المواهب الرياضية الشابة. والواقع الحالي يثبت أنه بعد مرور أربعة أعوام على استفتاء الميثاق فإن الشباب مازالوا يعانون من الإقصاء وتفضيل المواهب الرياضية عليهم.

ومثل هذا الموضوع يثير في الغالب اتهامات تقليدية توجه إلى المؤسسة العامة للشباب والرياضة عندما يقال إنها سبب التقصير في رعاية الشباب من ذوي المواهب والاهتمامات الأخرى غير الرياضية، ولكن هذه الاتهامات يجب أن تقيم وتوضع في مكانها الصحيح فليست المؤسسة العامة هي سبب المشكلة، وإنما هناك أسباب أخرى كثيرة، وعليه فإن المؤسسة جزء من المشكلة وليست هي كلها.

فرعاية الشباب تبدأ من الأسرة التي عليها أن توفر أسباب الإبداع والرعاية لأبنائها، ثم تنتقل المسئولية لاحقا إلى المدرسة بمختلف مستوياتها التعليمية، فالجامعة، إلى أن تنتهي إلى المؤسسات التي يعمل فيها الفرد سواء في القطاع الخاص أو الحكومة. وطوال المراحل السابقة فإن هناك عوامل كثيرة تؤثر في رعاية الشاب وإبراز مواهبه واهتماماته، مثل الأصدقاء ووسائل الإعلام والمؤسسة الدينية ومؤسسات المجتمع المدني، وجميع هذه المؤسسات تلعب أدوارا إما سلبية وإما إيجابية في رعاية الشباب وإبراز مواهبهم. وإذا قمنا بتطبيق الرؤية السابقة على الشباب البحريني، فسندرك حجم القصور والمشكلات المرتبطة والأدوار التي تقوم بها جميع هذه المؤسسات. ويمكن القول إن هذه الأدوار هي أدوار سلبية، وإذا كان بعضها إيجابيا فإنه لم يرق إلى مستوى الطموح حتى الآن.

ما يهم الشباب البحريني اليوم بعد احتفاله بالذكرى الرابعة للتصويت على ميثاق العمل الوطني أن يرى اهتماما به من الدولة، لا أن يظل يشاهد مواهبه وإمكاناته يتم هدرها من دون الاستفادة منها في خدمة الوطن وفي تحقيق إنجازات وطنية من الممكن ألا تتحقق في المستقبل. وإذا أدركنا أهمية المواهب الشابة غير الرياضية فقد أدركنا البداية التي يجب منها العمل، خصوصا إذا كان الواقع الحالي يشير إلى تزايد تراجع الدولة بقطاع الشباب من ذوي الاهتمامات غير الرياضية، ومثل هذا التراجع من شأنه أن يؤدي إلى شيوع حال من الإحباط لدى فئات الشباب تدفعهم إلى ممارسة أساليب عنيفة وعدائية تجاه الدولة، كما هو الحال بالنسبة إلى الشباب الفقير العاطل عن العمل الذي قد يقوم بأعمال إرهابية كردة فعل عكسية تجاه ما يشاهده من تهميش واضح ومتزايد تجاهه

العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً