العدد 4674 - الأربعاء 24 يونيو 2015م الموافق 07 رمضان 1436هـ

الصيام وتأثيره على الصحة البدنية والروحية

البروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر- رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع -بجامعة الخليج العربي 

24 يونيو 2015

رمضان شهر العبادة والإيمان وفرض من الرحمن وبه الكثير من الخيرات العائدة على الإنسان. يقول جل جلاله «وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون». فللصيام فوائد عديدة لا تحصر في الأبدان بل على نفس وروح وأخلاق الإنسان التي تعمل على الإرتقاء به وسموه في كل زمان ومكان.

فالصوم أقوى سلاح للإضطرابات النفسية حيث يعمل على التوازن النفسي والروحي والجسدي لما له من قدرة على رفع المستوى الفكري فوق المستوى المادي، وبالتالي الشعور بالإرتياح والطمأنينة والصفاء الذهني. وبالجانب الروحي يعمل علي تطويع وتهذيب النفس البشرية ومجاهدتها وتهدئتها والحد من الغضب والإقلال من الثورة النفسية والقلق والتوتر والإكتئاب والأرق، ومن ثم التحكم في أهوائها والسيطرة على شهواتها وزيادة مقدرتها على الصبر وتحمل الأذى وعلى مواجهة المصاعب الحياتية والإحباط المتكرر، ويساعد في التغلب على العادات والممارسات غير الصحية كالتدخين والإفراط في الأكل, ولكي يعلمنا طريقة الإستفادة الكاملة من هذا الشهر يقول رسول الله صلي الله علية وآله وسلم «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد فليقل إني إمراً صائم».

أما على صعيد الجسد فلقد أكتشف الطب الحديث ما جسده المسلمين القدامى من أن المعدة هي بيت الداء، حيث استفيد من مفعول الصوم في العلاج ما لم يستفد منه بالعقاقير، ولعّل أشهر مصحة في العالم في سكسونيا تقوم على أساس العلاج بالصوم.

من المعروف بأن الكثير من الأمراض ناتج عن اختلال الجهاز الهضمي، حتى ذكر أحد الأطباء: «إن معظم الناس يحفرون قبورهم بأسنانهم» وتقول الآية الكريمة «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا».

لذا فالصوم ينظم عملية هضم الغذاء ويمنح الراحة لأجهزة جسم الإنسان فيخفض اضطرابات الجهاز الهضمي ويقي شر المضاعفات الناتجة عنه كما يقلل من احتمالات الإصابة بتقرحات المعدة والإثني عشر. كما يعزز من عملية إزالة السموم من الجسم بسبب إنتظام الطعام والإقلال من الأطعمة المصنعة الحاوية على المواد الحافظة والمضافة والتي قد تكون غير آمنه على الإنسان. ويجنب من مخاطر أمراض العصر كداء السكر وإرتفاع الضغط والكولسترول ويساعد على زيادة حرق الدهون والتخفيف من السمنة وتصلب الشرايين مقللاً من إحتمالات الإصابة بجلطات القلب والمخ وداء الملوك والشفاء من آلام المفاصل. والصيام يساعد على تعزيز الجهاز المناعي ويعمل علي سرعة علاج الإلتهابات حيث بينت الأبحاث أن تجديد الجهاز المناعي يتم عادة مع الصيام.

ومن الفوائد الهامه للصوم إنه يقاوم الشيخوخة ويطيل العمر فتنشط الجينات المسئولة عن إفراز الهرمونات المساعدة للخلايا في مواجهة الشيخوخة وخصوصا خلايا المخ وتزداد كفاءة توصيل الإشارات فيها، فمن المعروف أن تكدس المواد السامة الناتجة عن عملية التمثيل الغذائي وهضم الطعام تتلف الخلايا.

وختاماً لا بد من التذكير من وجوب الإتزان في الطعام من حيث النوعية والكمية، وعدم الإفراط، لإن الصائم لن يتمكن من تخزين الطعام الذي قد يعتقد بأنه سيعينه خلال فترة الصيام، بل إنه يهضم ويمتص من الأمعاء خلال فترة بين 2-3 ساعات. والجدير بالذكر من أن الجوع ليس هو السبب الرئيسي للإحساس بالتعب أثناء فترة الصوم ولكن بسبب الخمول او عدم أخذ القسط الكافي من النوم والراحة بسبب طول السهر.

أخيرا فرمضان هو شهر العبادة الروحية والتربية الجسدية، وأن الفوائد المترتبة علية لا تحصى ولا تكمن في الثواب المرجو منه فحسب، بل أيضاً ما ذكر من الفوائد الصحية والتدريب النفسي والخلقي.

العدد 4674 - الأربعاء 24 يونيو 2015م الموافق 07 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً