يؤمن الأطفال بالفطرة أن انتعال الرمل أشد راحة من الأحذية، فتراهم يتوزعون حفاة على الشواطئ مؤسسين دولة من الطين من صنيعة أيديهم، فيشكلون القلاع والجبال والكثير من الأشكال الرملية.

ومع ظهور الألعاب التكنولوجية الحديثة أصبح الرمل في الدرك الأسفل من قائمة ألعاب الأطفال، وأصبحت علاقة الأطفال بالطبيعة مختنقة جداً، فانحصر تواصلهم وحديثهم وتعليمهم عبر تلك الوسائل التكنولوجية.

ولم ينتج ذلك بالضرورة رغبة من الأطفال أنفسهم، فأولياء الأمور هم المسبب في كثير من الأحيان، إذ أصبحوا يتذمرون من «الرمل» وكيف يلطخ ثياب أبنائهم، ويفضلون عليه الشاشات والأجهزة الإلكترونية، ولكن للعلماء والأطباء رأي مخالف، فهم يدعون بشدة إلى ترك الطفل يلعب في الرمل وذلك لكونه:

معلم

الأطفال يتعلمون أكثر حين تواجههم أسئلة ومهمات مفتوحة، والرمل بطبيعته وسيلة مفتوحة، فهو وسيلة لعب مناسبة للطفل بغض النظر عن المستوى المعرفي له. حيث يمكن للأطفال الصغار جداً الجلوس على الرمال وتحسس ملمسها، أما الأطفال الأكبر سناً فسيطوعون الرمل لعمليات الاستكشاف والإبداع، ولذلك لا توجد طريقة خاطئة للعب بالرمال، فحين يكون جافاً سيقوم الأطفال بالضغط عليه وتحويله إلى لوحة من الصور والأرقام، وحين يضاف الماء إليه ستتغير صفاته ليكون سهل التكوين.

مبتكر

يتيح الرمل فرصة لتوسيع القدرات الإبداعية والتخيلات من خلال تصميم مجموعة متنوعة من المباني والمدن والقلاع، أو ربما مستوطنات جديدة غير مألوفة، فالأطفال يجدون في الرمل فرصة مريحة للتعبير عما يدور في مخيلتهم بأمان من دون الحاجة للتقيد بشروط معينة.

مُدرب

يطور اللعب بالرمل مهارات العضلات في الذراعين، حيث يقوم الأطفال باستخدام معدات اللعب بالرمال كالمجارف الصغيرة للقيام بالعديد من الأمور مثل الحفر والسكب والغربلة وشفط الرمال. إلى جانب أن كميات الرمل الرطبة مع اللعب ستكون ثقيلة وصعبة التحريك، وهو ما يخلق مزيداً من التمارين الرياضية وبناء العضلات. أما عن عضلات الساقين فستنخرط في جلسة القرفصاء على الرمل، إضافة إلى رفع وحمل دلاء الرمال من منطقة إلى أخرى. باختصار، سيكون الأطفال في نادٍ رياضي رملي.

صديق

عندما يلعب الأطفال معاً على الرمل سيضطرون لتقاسم أدوات اللعب مع الأطفال الآخرين أو الاشتراك في مساحة لعب واحدة، كما أنهم في كثير من الأحيان سيقومون ببناء الرمال معاً، ففي الرمل لا توجد مساحة لعب منفصلة. لذا سيتدرب الأطفال على مهارات اللعب المشترك وكيفية تكوين العلاقات الاجتماعية مع الأطفال الآخرين، كما أنهم سيتعلمون كيفية الإصغاء لوجهات النظر الأخرى في العمل.

فيزيائي

يتعلم الأطفال من خلال اللعب الخواص الفيزيائية للرمل، والمقارنة بين الرمل الجاف والرمل الرطب، إضافة إلى معرفة طريقة حفظ الرمال ومنع الأبراج والخنادق الرملية من الانهيار، وسيقدرون كمية الرمال التي يحتاجونها في كل موقع، وكم كمية الماء التي يفترض إضافتها إلى الرمل لصنع الطين.

عالم رياضيات

بإستخدام حاويات مختلفة الأحجام والأشكال يتعلم الأطفال أفكاراً من سبيل «أكثر من»، «أقل من»، «على قدم المساواة». فمن خلال التجربة والخطأ سيصبح لديهم إلمام بالقياسات، ويمكن توفير ملاعق قياس أو أكواب لتساعد الأطفال على تعلم الكميات والمقاييس، ومع نضج الأطفال سيتعلمون كم كمية الرمل المناسبة لملء وعاء فارغ مثلاً.

رسام

تشجيع الأطفال على رسم صور في الرمال، وتطوير القلاع الرملية، وتزيينها بالحجارة والأوراق والزهور التي يجدونها في الطبيعة، كل ذلك ينمي الحس الفني لديهم.

دعوا أطفالكم يبنون أفكارهم طيناً، فالتراب والماء وسيلة تربوية رخيصة ومتوافرة وآمنة، الأطفال الذين لم تخالط أيدهم الرمال لم يعيشوا طفولتهم كما يجب. شارك أخاك الصغير وطفلك وحفيدك اللعب بالرمال ولا تنسَ أن تساعدهم في بناء مستوطنة رملية جديدة احتفالاً باليوم العالمي للعب بالرمل، والذي سيصادف 11 أغسطس/ آب المقبل.