العدد 4705 - السبت 25 يوليو 2015م الموافق 09 شوال 1436هـ

ماذا بعد فريضة الصيام؟

دكتور فيصل الناصر- استشاري أمراض و جراحة العيون 

25 يوليو 2015

يعتبر الصيام عملية فسيولوجية للصيانة السنوية للجسد والروح. فكما نقوم بالصيانة الدورية لمعظم الأجهزة التي بحوزتنا كالسيارة مثلاً سعياً لاكتشاف الخلل مبكراً ولتحسين الأداء وإطالة العمر، فكذلك شهر رمضان الذي يعد مسئولاً عن هذه العملية في الإنسان.

فعلى صعيد الجسد، يعمل الصيام على تصفية الدورة الدموية وتنقية خلايا الجسم من ترسبات عمليات الهضم وسمومها المتراكمة على مدار العام الواحد، ومنح الراحة لأعضاء وأجهزة الجسم المختلفة، لكي تسترد حيويتها ونشاطها لدورة أخرى من الحياة، ما ينعكس على عمر الإنسان وإطالته. وأما على الجانب الروحي فيساعد الصيام على تهذيب الروح وتطويع النفس وزيادة القدرة على الصبر وتحمل الصعاب والأذى، وبالتالي الارتقاء بخلق وتصرفات الإنسان وتحسين سبل تعامله مع الآخرين.

هذا ولاستدامة فوائد شهر رمضان على مدار العام، فلابد من الاستمرار في اتباع العادات الحسنة المقتبسة من هذا الشهر الفضيل الذي يعتبر شهراً من التدريب العملي لضمان الأداء الجيد لبقية شهور العام، فكما أن هنالك تدريباً مكثفاً للجندي أو العسكري قبل دخول مضمار العمل، فهو كذلك في شهر رمضان. لذا، لابد من الاستمرار في التمسك بالسلوك والعادات الغذائية الصحية وعدم الإفراط والإسراف والتبذير، حيث إن أية زيادة في كمية ونوعية الطعام المأكول فوق الاحتياج اليومي للجسم يؤدي إلى السمنة وتراكم الشحوم، وبالتالي أضرار صحية متعددة بسبب ضيق الأوعية الدموية والتي تمنع سلاسة جريان الدم، ثم نقص في ارتواء أعضاء عديدة من أهمها القلب والدماغ.

وأما على الصعيد الروحي والنفسي، فلاشك من أن الاستمرار في اتباع العادات الحميدة المنتهجة نفسها، والتي طوع الإنسان عليها نفسه خلال 30 يوماً من شهر رمضان المبارك كمثل حسن التعامل مع الآخرين، وغض البصر، والابتعاد عن النميمة، وعدم الكذب، الخ... يعتبر من الأمور التي تقوي من عزيمة الإنسان وتدعم من مقدرته على الصبر والتفاني، وتقلل من التوترات النفسية والعصبية، فتطمئن النفس وتستقر وتنعم بالسعادة والرضا، ما ينعكس مباشرة على صحة الجسد والوقاية من أمراض عديدة، وخصوصاً أمراض العصر التي تؤثر مباشرة على القلب.

إن كل ما ذكر من فوائد لشهر رمضان لا يؤثر على صحة الفرد فحسب، بل يمتد إلى كل المجتمع... فعندما تقل نسبة حدوث الأمراض ومضاعفاتها، فإن ذلك ينعكس مباشرة على صحة المجتمع، وهو ما ينتج عنه مجتمع نشط قادر على الإنتاج والعطاء. كما أن الفوائد الروحية والنفسية للصيام تعمل على استقرار المجتمع والإقلال من الحوادث المختلفة المتسببة في اضطرابه كالسرقة والإجرام والقتل والنميمة، وبالتالي نجد أن فوائد الصيام لا تنحصر على شخص الإنسان فحسب، بل على مجموعة أفراد المجتمع ككل.

العدد 4705 - السبت 25 يوليو 2015م الموافق 09 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً