العدد 4800 - الأربعاء 28 أكتوبر 2015م الموافق 14 محرم 1437هـ

"أدمنوا" الرياضة

عبور اضطرابات التكيف مع الطب النفسي أسلم .. د. الطريف:

تُعد علاقة النفس بالجسد علاقة معقدة، فما يعتري النفس من أمراض يمكنه أن يتطور لأمراض جسدية، والعكس صحيح فسُقم البدن قد يمتد للنفس. ولعل الأمراض المزمنة ومضاعفاتها من أكثر الأمراض التي ترفع من نسب خطر الإصابة بالأمراض النفسية.

داء السكري وتبعاته تشكل دائرة خطر يمكن للنفس أن تقع فيها وتعتريها الأمراض، لكن المنظومة الصحية لها بالمرصاد. وللتعرف أكثر على دور الطب النفسي في معالجة ارتدادات الداء على النفس، التقينا باستشاري الطب النفسي في مستشفى الطب النفسي د. محسن الطريف.

د. الطريف يأمل أن تتطور المنظومة لتمكن الأطباء النفسانيين من الوصول للمريض في مراحل المرض الأولى للمساعدة في وقايته من الأمراض النفسية. ولفت إلى أن الصورة النمطية عن اللاجئين للطب النفسي تحسنت بالمقارنة مع الماضي لكن وصمة العار التي تعلق على المترددين على الطب النفسي لا زالت موجودة.

وأوضح: «على الرغم من ذلك فإن أصعب مرحلة يمر بها المريض قبل الخضوع للعلاج النفسي هي الخطوة الأولى في الوصول إلينا، وبعد ذلك تتبدل الصورة لدى المريض تماماً. ولذا نحتاج كمجتمع لتوعية أكبر بدور الطب النفسي».

«طب وصولي»

قبل الولوج في البرامج العلاجية والتأهيلية التي يقدمها الطب النفسي لمرضى السكري، حرص د. الطريف على تعريف تخصصه الطبي، وقال: «يطلق على تخصصي الذي أعالج من خلاله المرضى في المستشفيات العامة «الطب النفسي في المستشفى العام» أو «الطب الوصولي»، ويحمل هذا الاسم لأنه يوصل بين الطب النفسي والطب العام ويربط الأمراض الجسمانية بالنفسية». وأضاف: «فتحت الوزارة حالياً 4 عيادات نفسية في 4 مراكز صحية مما سهل وصولنا للمرضى في حالات مبكرة، ودون أي حاجز من الخجل أو الخوف من كلام الناس».

وبالعودة إلى علاج آثار السكري النفسية، أوضح: «نأمل كأطباء نفسانيين أن يكون لنا دور أكبر في علاج ارتدادات داء السكري على نفسية المريض في المراحل الأولية وهذا يساعدنا في وقاية المريض قبل أن يصاب بالمرض ويحتاج للعلاج». وأكمل: «نأسف أن المريض يأتي إلينا متأخراً نتيجة للثقافة الشعبية التي تعتبر اللجوء للطب النفسي وصمة عار، وكذلك تردد وتحرج الأطباء العامين في تحويل المرضى إلينا».

وبالنسبة للحالات التي تحول للعيادات الطب النفسي، قال: «التحويل يأتي بعد أن يصاب مريض السكر بحالة نفسية تستدعي تدخل مباشر منا كالإكتئاب أو القلق أو اضطرابات في التغذية كالشراهة في الطعام التي قد تكون مظهر من مظاهر الهروب من المشاكل». وأضاف: «يبدأ العلاج بمرحلة تقييم شامل للتعرف على المريض وشخصيته، النقاط الإيجابية والسلبية فيه، وغيرها من الأمور للتعرف عن قرب على سبب المشكلة وبعدها يوصف العلاج المناسب إما يكون معرفي سلوكي وهو علاج غير دوائي نغير فيها أنماط السلوك من سلوك سيء إلى سلوك جيد».

أما فيما يتعلق بالعلاج الدوائي، فبيّن: «العلاج الدوائي نلجأ له في بعض الحالات كالمصابين بالإكتئاب الشديد مثلاً - وبالمناسبة فإن إحتمالية إصابة مرضى السكر بالإكتئاب يرتفع لثلاثة أضعاف بالمقارنة مع غيرهم – وقد لا يحتاج المريض لعلاج من طبيب نفسي فقد تكون حالته بسيطة يمكن لقسم الإرشاد والتوجيه في مجمع السلمانية الطبي أن يعالجها، أو أنه يحتاج لرعاية من ممرضات عيادات السكر المؤهلات».

نتخطى اضطرابات التكيف معاً

وانتقل بنا الحديث للخطوات التي يؤهل بها المصابين بمضاعفات السكر في البصر أو في الكلى أو في الأطراف وغيرها، وأوضح استشاري الطب النفسي: «تحول لنا كثير من هذه الحالات لنقدم لها الدعم والمساندة لعبور مرحلة اضطرابات التكيف التي تصيبهم جراء تغير حالتهم الصحية». وأضاف: «الإنعكاسات النفسية متوقعة جداً في مثل هذه الحالات خصوصاً إذا كان المصاب رب أسرة».

وحول المدة الزمنية التي تأخذها اضطرابات التكيف، أجاب: «اضطرابات التكيف غالباً تمتد 6 أشهر، ونعبر مع المريض هذه المرحلة بسهولة، ولكن إذا ترك دون تدخل الطبيب النفسي فإن حالته الصحية قد تزداد سوء». وأضاف: «في هذه المرحلة يصاب المريض بمضاعفات نفسية يحتاج لمساعدة مباشرة من الطبيب النفسي لتجاوزها، على سبيل المثال لا الحصر فبعد قطع طرف المريض فإن المريض يشعر بآلام في الطرف المقطوع وهو غير موجود أصلاً، لأن المخ لا زال يشعر بوجوده ومع بعض التدخل من الطبيب يتكيف المخ على الشعور بفقدان الطرف المبتور».

العلاج المثالي

وعن أفضل الحلول العلاجية لديه، قال: «ادمنوا الرياضة، واحرصوا على تعليم ابناءكم ادمانها». وأوضح: «ادمان الرياضة مصطلح مجازي اقصد به ضرورة المحافظة على الرياضة فهي عامل وقاية قوي للكثير من الأمراض، كما أن النشاط البدني يساعد المخ على إفراز مادة الإندورفين أو ما يطلق عليها المورفين الداخلي التي تبعث شعوراً من الراحة والتحسن».

وأكمل: «أفضل الطرق لهدم الحاجز النفسي الذي خلقته الحياة العصرية بين أطفالنا والرياضة، علاقة الصداقة التي تنشئ بين الابن ووالده ومن شأن هذه العلاقة قبول إرشادات وحث الوالد لابنه على ممارسة الرياضة».

العدد 4800 - الأربعاء 28 أكتوبر 2015م الموافق 14 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً