العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ

أسئلة أطفالنا ..محرجة

تتباين الأسئلة المحرجة التي يطرحها الأطفال من باب الفضول وحب التعلم والاستكشاف، وتتباين إزاءها ردود الفعل لأولياء الأمور والتربويين، والسؤال الأبرز الذي نطرحه: ما مستوى الوعي الموجود لدى أولياء الأمور للتعامل مع تلك الأسئلة؟

إليكم مقتطفات من حواراتنا مع أولياء الأمور.

لا تكذبوا

غالية بن رجب، أم لطفلين يتساءلان أحياناً عن الفروق الجسدية بينهما كصبي وفتاة، وأحياناً أخرى عن معنى الموت، وعن مولدهما من أين أتوا وكيف خرجوا إلى الدنيا.

وتُفضِّل بن رجب الإجابة عن هذه الأسئلة بإجابات تتناسب وعقلية الطفل، لكي يشعر الطفل بالطمأنينة والقرب من الوالدين، ولتنمية عقله على البحث والسؤال والتشوق لطلب المعرفة مهما كان نوعها، مشددة على عدم الكذب أو إهمال أي سؤال يطرحه الطفل.

لم أجد تفسيراً لطفلتي!

محمد سرحان، أب لثلاثة أطفال بعمر 2.5، 4 و6 سنوات، وقد بدأوا بطرح الكثير من الأسئلة في الفترة الأخيرة بعد إدراكهم الاختلاف بينهم ذكوراً وإناثاً، حيث كانت مفاجأة بالنسبة للذكور أن يكون العضو الأنثوي لأختهم الصغيرة مختلفاً عما لديهم، وتساءلوا عن ذلك باستغراب وفضول، أما الأخت الصغيرة فقد كانت تبكي لأنها ظنت أن أخوتها مرضى بالأعضاء الذكرية خاصتهم، حدث ذلك بعد تحميم الأطفال وتبديل الملابس والحفاظ.

هذه الأسئلة تسببت ببعض الحرج، وتم الرد عليها برد علمي، حيث قال لأبنائه إن هذا هو الفرق الجسدي بين الذكور والإناث، كما هنالك فرق فكري كاختيار نوع معين من الألعاب والألوان، أما الطفلة ولصغر سنها لم يستطع تفسير ذلك لها، حيث قام بإلهائها بأشياء أخرى لتنسى.

ولتجنب هذا الحرج ينصح سرحان بالتفريق قدر الإمكان بين الذكور والإناث عند تغيير الملابس أو عند الاستحمام، وتعريف الأطفال بوجود فرق بين الذكور والإناث في الجسم والتفكير بأسلوب منطقي يقنع الطفل، ويخمد التساؤلات المحرجة في رأسه.

ويظن سرحان بأن المعلمين والمعلمات يجب أن يكونوا مؤهلين للتجاوب مع أسئلة الأطفال، ويعتقد بأن هذا هو جزء من خطة تخصصهم الأكاديمي والتربوي.

من هو الله؟

إيمان الشرخات، أم لطفلين في عمر 4 و7 سنوات، بدأ ولداها بطرح الأسئلة المحرجة منذ عمر ثلاث سنوات، وكانت معظمها عن الله سبحانه وتعالى وعن قدرته على خلق الأشياء، على سبيل المثال كيف أتى الله ومن أين أتى وكيف خلقنا؟ أحياناً يتساءلون عن الجنة والنار مكانهما ومن يدخلهما، كما أنهما يحبان التعرف على سيرة رسول الله (ص) وحفيده الإمام الحسين وكل الأحداث المتعلقة بكربلاء مع شخوصها.

وبالنسبة لها فإنها تفضل الإجابة على هذه التساؤلات بالطريقة الصحيحة التي تناسب عمر الطفل وتقنعه، وتقدم له المعلومة إما من ثقافتها الشخصية أو باللجوء لبعض المواقع الإلكترونية، وذلك لأن الطفل إذا لم يتلق الإجابة من الوالدين فسيبحث عنها بمفرده، وعند ذلك لا نعلم ما إذا كانت الإجابة التي سيحصل عليها صحيحةً أم لا.

وترى الشرخات أن هنالك نخبة من المدارس المؤهلة التي يمكن الوثوق بها، قادرة على احتواء الأسئلة العقائدية وغيرها للطفل، وقادرة على تفسير الظواهر غير المفهومة للطفل بالطريقة السوية.

وتنصح الوالدين بتعليم أطفالهم أساسيات الحياة منذ الصغر، بتخصيص وقت للاستماع لاستفساراتهم وتعريفهم بالأشياء المتوقع أن يسألوا عنها في المستقبل، من أجل تجنب الأسئلة المفاجئة والمحرجة في المكان والزمان الخاطئين. أ

خ أم أخت؟

حسن البصري، أب لثلاثة أطفال بعمر 3، 6 و9 سنوات، يتذكر حين بدأت تنهال عليه الأسئلة المحرجة من ابنته وهي في سن الرابعة، حين علمت أن والدتها سوف تجب طفلاًً، حيث كانت كثيراً ما تتساءل عن نوع الطفل ما إذا كان أخاً أم أختاً، وكيف سيأتي، ولكن والدتها تعاملت مع هذه الأسئلة بروية حيث أخبرتها أن الله سيفاجئنا، ثم أشارت على بطنها لتخبر ابنتها بأن الله قد وضع الطفل في بطنها.

ويذكر البصري موقفاً آخر لابنه الأصغر حين كان يتساءل عن مكان وجود الله ومتى ينام؟، فأجابه بأن الله موجود في كل مكان وأن الله لا ينام.

أخذت احتياطاتي مسبقاً

سكينة خليل، أم لطفل بعمر 4 سنوات بدأ في طرح الأسئلة بعمر الثانية والنصف، كان يسأل كثيراً أسئلة عقائدية، كأن يقول: هل يسكن الله في الكعبة، وهل سيخرج لنا إذا أكملنا الأشواط حول الكعبة؟. وتشير إلى أن مثل هذه التساؤلات يجب على الوالدين الإجابة عليها بما يتناسب مع سن الطفل وتفكيره لكي يتمكن من استيعاب الإجابة.

بالنسبة لخليل فقد أخذت الاحتياطات مسبقاً لاحتواء هذا النوع من الأسئلة، عن طريق قراءة الكتب والاستفادة من تجارب الأقرباء الذي تعرضوا للأسئلة نفسها من أولادهم.

وتحمد الله بأن المعلمات اللاتي في الروضة التي يرتادها ابنها قادرات مع مجاراة تفكير الأطفال والرد على أي نوع من الأسئلة.

كيف يأتي الطفل؟

روان حسن، أم لطفلين، تنقل تجربة السؤال المحرج من أحد أبناء الأقارب وكان بعمر 10 سنوات، حيث كان يتساءل عن كيفية تكوّن الطفل داخل بطن الأم وكيف يخرج من بطنها.

حيث قامت والدته بتفسير الموضوع بطريقة سطحية، على أن الجنين يتكون بزواج الأب والأم والنوم في سرير واحد، وتوصلت لهذه الإجابة عن طريق أخذ آراء الأقرباء الذين تعرضوا للموقف نفسه.

وتشير حسن إلى أنه يجب على الأمهات والآباء التقرب من أبنائهم والاستماع لأسئلتهم والتجاوب معهم بطريقة سليمة، حتى لا يقوموا بالبحث عن الإجابات عند الأصدقاء أو اللجوء للمواقع الإلكترونية.

وتجد بأن الاختصاصي الاجتماعي في المدرسة هو الشخص الذي يجب أن يكون مؤهلاً وقادراً على إجابة الأسئلة المحرجة للطالب أثناء تواجده في المدرسة.

الحوار الجنسي ..ضرورة

من المفارقات المؤسفة في بلادنا العربية هي حُرمة الحديث عن الأمور الجنسية في العلن، في مقابل كثرة البحث عن الموضوع ذاته في الخفاء، فمحرك البحث «google» عرّى الدول العربية في العام 2013 حينما أعلن عن أبرز الكلمات التي يجري البحث عنها في البلدان العربية، وتبين أن جزءاً كبيراً منها متعلق بالأمور الجنسية. فلقد احتلت مصر المرتبة الرابعة عالمياً في البحث عن كلمات مثل «sex» و«fuck». وهذا يعلن عن أننا وقعنا حقاً في الفخ، فلا عزاء لجيل يتلقى ثقافته الجنسية من الأفلام الإباحية الشاذة بدل أن يتعلمها في إطارها الصحيح وعلى أيدي مختصين تربويين.

اختصاصيون كثيرون يؤكدون، مراراً وتكراراً، ضرورة الحوار الجنسي بين أفراد الأسرة، ومنهم مسئول المرشدين الاجتماعيين في وزارة التربية والتعليم محمد جواد مرهون الذي أكد في ندوة «كيف أحمي نفسي من التحرش الجنسي» المقامة في سبتمبر/ أيلول 2015 الحاجة إلى تعوّد الأم والأب على الجلوس مع أبنائهما للدخول في حوارات أسرية عامة وخاصة، وكذلك حوارات جنسية تشبع استفهاماتهم وتمدهم بخطوط الحماية اللازمة، والتي يأتي في مقدمتها التحذير من التعاطي مع أي اعتداء أو تحرش قد يقع عليهم.

إن عدم تأسيس الطفل وتعليمه والإجابة على تساؤلاته بطريقه صحيحة، سيعرّضه للمشكلات لاحقاً، فنحن نتحدث عن طفل صغير يكبر وتكبر معه تساؤلاته، ولا نستغرب عن احتمالية تعرضه لحياة زوجية مهزوزة وتكرار حالات الطلاق من هذا السبب، ففي دراسة سعودية أجراها أستاذ الدراسات الاجتماعية ومناهج البحث في جامعة القصيم الدكتور محمد السيف، أرجع خلالها أسباب حالات الطلاق المرتفعة والكثير من الجرائم في السعودية إلى «الجنس»، ، فيما كشف عن أن 40 % من الأزواج يواجهون مشكلات جنسية مع شريك الحياة، مطالباً بضرورة تربية الأولاد والبنات جنسياً.

ولفت السيف إلى ضرورة تعليم الثقافة الجنسية من سن 10 إلى 30 سنة، من خلال إيضاح بعض الأمور المهمة لهم مع مراعاة فارق العمر وكل مرحلة، وفق ضوابط محددة لا تخدش الحياء، وتراعي عادات وتقاليد المجتمع السعودي، نافياً تعليم الأولاد على مفهوم الرجولة دونما تعليمهم طريقة التعامل مع شريكة الحياة.

العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً