العدد 4923 - الأحد 28 فبراير 2016م الموافق 20 جمادى الأولى 1437هـ

في استطلاع “بيللا” بمناسبة يوم المرأة العالمي شخصيات نسائية: معاناة المرأة العربية... مستمرة!

بعد أيام قلائل، أي في يوم الثلاثاء المقبل (8 مارس / آذار 2016)، سيحتفل العالم كله، وكذلك هيئة الأمم المتحدة بيوم المرأة العالمي، وقد توافقت كل دول العالم على تخصيصه لتكريم نضالات المرأة في سبيل نيل حقوقها والحياة بإنسانية وكرامة في المجتمع، وتحديد هذا اليوم كان أساسًا لتكريم المرأة صانعة التاريخ على امتداد القرون من أجل المشاركة في المجتمع على قدم المساواة مع الرجل.

لذا، فإن الهدف من إحياء هذا اليوم هو في الأساس لتكريم مجاميع النساء العاملات بصمت وبلا كلل في جميع المجالات - وأهمها الأسرة - حتى يمكن لكل أفراد المجتمع أداء أدوارهم المجتمعية بكفاءة واقتدار، لكن السؤال المطروح هو: “هل لهذا اليوم صدىً بين هذه المجاميع من النساء؟ وهل تغيرت أوضاع المرأة بالصورة التي تتمناها النساء كما تجسدها مبادئ هذا اليوم؟ وهل ساهم إحياء هذا اليوم، على المستوى البحريني والخليجي والعربي، في تحقيق مكاسب للمرأة؟ كل تلك التساؤلات كانت مدار استطلاع أجرته “بيللا” مع مجموعة من الشخصيات النسائية في محاولة للتعرف على واقع هذا الاحتفال السنوي عن قرب.

بين الشكل الرعائي والخيري

ترى الباحثة والناشطة النسائية الدكتورة هدى المحمود أن الحراك النسائي في مملكة البحرين بدأ منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي وتراوح بين الشكل الرعائي الخيري، ثم تطور لأشكال أكثر تقدمًا بالاتجاه نحو تبني المشاريع التنموية والتوعوية التي تساهم في تمكين المرأة اقتصاديًا ورفع مستواها المعرفي والثقافي والقانوني خاصة في القضايا المتعلقة بأوضاعها الأسرية بشكل خاص، وتبني القضايا التي تعيق المرأة عن أداء دورها الأسري والمجتمعي بدون تمييز.

وتواصل... على سبيل المثال، افتتاح مراكز الإرشاد الأسري وإقامة الدورات التدريبية والتأهيلية المختلفة إلى جانب مشاريع "المايكروستارت" بالتعاون مع المكتب الإنمائي للأمم المتحدة للتمويل الصغير للأسر والأفراد لتحسين أوضاعهم المعيشية، كما كان هناك الجانب الرسمي أو شبه الرسمي والمتمثل في المجلس الأعلى للمرأة وجهوده الواضحة في تبني القضايا التي تتعلق بالمرأة على مختلف الأصعدة، فقد خُصص يوم الثاني من ديسمبر / كانون الأول من كل عام للاحتفال بالمرأة البحرينية وإبراز أدائها في مختلف المجالات، كما تعاون المجلس مع الجمعيات النسائية بأشكال متعددة، وتبنى الملفات الرئيسية والتي بدأت بها تلك الجمعيات، وقد شكل تبنيها من قبل المجلس الأعلى دفعة قوية لجعل هذه الملفات تأخذ صفة الأولوية في الاهتمام المجتمعي ويتحقق بها تقدم إيجابي، كما في إصدار قانون أحكام الأسرة (الشق الأول) وإنشاء وحدات تمكين المرأة في جهات العمل المختلفة الرسمية على وجه الخصوص للتوعية والرصد بمدى تمكين المرأة في العمل.

تحقيق الحماية لضحايا العنف

ودفع المجلس بقوة باتجاه إصدار قانون حماية الأسرة من العنف الأسري وهو الملف الذي تأرجح في المجلس التشريعي لثلاث دورات متتالية ولم يحظَ بفرصة المناقشة الجادة للإشهار والتطبيق، ولقد صدر القانون مؤخراً (9 أغسطس / آب 2015) وقد شكل هذا خطوة نوعية متقدمة في سبيل تحقيق الحماية لضحايا العنف والتوعية بمخاطره على الأسرة والمجتمع، ومازال الوقت مبكرًا للحكم على فاعلية القانون في الحد من مشكلة العنف الأسري، كما أطلق المجلس مؤخرًا الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف الأسري وهذه أيضًا خطوة متقدمة من حيث شمولية الخطط لجميع الوزارات والمؤسسات الرسمية والأهلية كلٌّ بحسب اختصاصه لمعالجة هذه المشكلة إيمانًا بأهمية استقرار وأمن الأسرة كضمان لأمن واستقرار المجتمع.

معاناة العديد من النساء والأطفال

وبعد استعراض موجز لجهود امتدت لعقود لمقاربة وتأكيد مفهوم ومبادئ الاحتفال بهذا اليوم بصورة عملية (من حيث تأكيد إنسانية المرأة وتمكينها الاقتصادي وكرامتها ومساواتها)، تتجه الدكتورة المحمود للقول: " لكن هذا لا يعني أننا بلغنا طموحاتنا لما يجب أن تكون عليه المرأة وتمكينها في المجتمع أو تغيير الصورة النمطية حولها أو التأكيد بشكل أكثر فاعلية على أدوارها العامة بالمجتمع... لايزال هناك الكثير مما يجب عمله... لايزال الشق الثاني من قانون أحكام الأسرة لم يصدر بعد (الشق الجعفري) وهذا يؤدي لاستمرار معاناة العديد من النساء وأطفالهن ويشكل تحديًّا لكل البرامج الطامحة لتمكين المرأة... لايزال هناك صراع ومعارضة غير مبررة (رغم احتجاجها بالشريعة الإسلامية) حول رفع التحفظات على اتفاقية السيداو... ولاتزال المرأة تعاني من تمييز غير مُعلن أو مباشر في أولويات التوظيف إذا كانت في سن الإنجاب وكأن إنجابها قصور تُحاسب عليه أو يقلل من فرص توظيفها أو ترقيها بالعمل.

وتختتم بالإشارة إلى أن النظرة المجتمعية لاتزال قاصرة تجاه أداء المرأة بالشأن العام، وأن دخولها المعترك الإنتخابي يصطدم بالكثير من الأحكام المسبقة وغير الواقعية، والتي تقلل من فرصها في هذا المجال، إلا أننا يمكننا القول بأنه رغم الصعوبات المجتمعية ونمطية الكثير من المعتقدات والآراء حول المرأة، إلا أن الجانب الأهلي والرسمي يسعيان بجدية لتحقيق مبادئ هذا اليوم (8 مارس) وبشكل مضطرد ومستمر.

التذكير بالنظرة الدونية

وتعرج الدكتورة زهرة حرم (أستاذة جامعية) في اتجاه الحديث الصريح، فترى أن الاحتفال بيوم المرأة يذكرني دائمًا بالنظرة الدونية إليها، وبالمجتمع الذكوري الذي نعيش تحت ظله، رغم ادعاء العكس، ويذكرني الاحتفال بالجاهلية الأولى ووأد البنات بدلًا من التفكير بالمستوى الرفيع الذي بلغته وتبلغه المرأة كلما تقدم بِنَا الزمن إلى الأمام، فنحن لم نزل نعيش صراع المرأة لإثبات وجودها، وقدرتها، وصلاحيتها الآدمية إلى جانب الجنس الآخر، الفحل، والعقل، والقوة الذي يمثله الرجل منذ وعينا هذه الحياة وأدركنا نوعية جنسنا كإناث أو نساء.

وتجد الدكتورة حرم أن هذه الحقيقة الماثلة مؤلمة واقعًا! هذه هي الحقيقة؛ إن المرأة تنافح للدفاع عن قضاياها، وأطروحاتها، والتي تبدو كأنها لا تمتُّ للرجل بصلة، فهو - كأنه - لا يستوعبها؛ كجنس خاص، له فروقاته، لذا تهيب المجتمعات المتطورة بتخصيص يوم للمرأة، لتحتفل فيه بإنجازاتها الخاصة، وتطورها الخاص، وعملها الخاص، وكل ما يتعلق بها هي... لماذا؟ لأنها مازالت - بعد كل هذه العقود بل القرون - تصارع أو تدافع أو تنافح لإثبات وجودها ككائن قادر وله قابلية العمل والإبداع!!

المعنى الإنساني للاحتفال

وتتساءل... ما الذي ينطوي الاحتفال السنوي عليه من خطاب مسكوت عنه سوى الآتي: "أيها الرجل أنا ند لك.. أيها المجتمع نحن هنا... أيها الرجل أنا كائن مختلف !متى نشعر حقيقة أننا ند للرجل.. أجدني أميل إلى هذه الإجابة... حين لا تخصص للمرأة احتفالات خاصة تذكرها بصراعها... حين يكون الاحتفال باسم المنجز الإنساني لا الرجالي وحده ولا النسوي وحده، في المحصلة؛ لا يعدو الاحتفال بالمرأة سوى سيناريو سنوي متكرر؛ تتسابق عليه الحكومات؛ لتزين صورتها في المحافل الدولية، ولتثبت لها أنها أمم (متعصرنة)، لأنه فعلًا كرنفال لا يحضره جميع النساء... بل النساء اللائي خصصن للزينة، وطالما لم يحمل الاحتفال أو يضمن المعنى الإنساني الذي يشتمل على المرأة والرجل معًا؛ فسيبقى الاثنان على مسافة بعيدة، ولن تفتأ المرأة تتذكر أنها كائن مختلف.

حقوق محجوبة... تجديد مطالب

وتبدو الاحتفالية بالنسبة للدكتورة فاطمة الشايجي (أستاذة جامعية كويتية) ليست سوى (احتفال)! فهي ترى أن يوم المرأة العالمي لا يجسد بطولات لها أو أنه دلالة على إنجازات حققتها بل يدل على عكس ذلك: فهو يوم تجدد المرأة بمطالبها مما يعني أنها إلى الآن لم تأخذ حقوقها المحجوبة عنها في مجتمعها الذي تعيش فيه، وهو يوم تدعو فيه العالم أجمع إلى أن ينظر في أمرها لتحسن من وضعها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

لا أعتقد أن المرأة بحاجة لهذا اليوم فهي موجودة في الواقع وفي الذاكرة ولها بصمتها التي تميزها عن الرجل – تقول الدكتورة الشايجي وتواصل - ومن المؤسف أن هذا الاحتفال هو مجرد احتفالية لم ولن يقدم للمرأة إلا مجموعة من الصور مع بعض الشخصيات الذكورية التي تدعي اهتمامها بالمرأة وهي على خلاف ذلك، فلو نظرنا إلى هذه الشخصيات الذكورية لوجدنا أنها تمثل رجال دولة او ساسة أو برلمان أو مفكرين أو أدباء، ورغم ذلك لاتزال المرأة تحتاج إلى قرار منصف لتحصل على ما تبقى من حقوقها وما حصلت عليه كان بمجهودها الشخصي وقدرتها على العطاء في المجتمع،وإذا نظرنا إلى المرأة العربية بصفة خاصة، سنجد أنها حصلت على مكانتها الاجتماعية وحقوقها السياسية بفضل من الله وإصرارها على إثبات وجودها في مجتمعها وعلى ذكائها في التعامل مع من ينافسها في حقوقها، لذلك أقول لمن يتذكر المرأة في هذا اليوم ويحتفل معها ويقدم لها الورود والدروع والهدايا إن المرأة موجودة كل يوم وهي ليست بحاجة لاحتفاليات زائفة بقدر ما هي بحاجة لقرار جريء يحفظ لها كرامتها ويقدس وجودها ويقدم لها حقوقها.

إبراز دور المرأة البحرينية

"يوم المرأه العالمي هو تقدير لدور المرأة في المجتمع والأسرة، وكذلك يلفت الانتباه إلى مشاكلها والمعاناه التي تعانيها بعض النساء في العالم... وخصوصًا أنه في كل سنة يتم التركيز على محور معين".. هكذا بدأت الدكتورة ثريا جمعة (أستاذة جامعية بحرينية) حديثها لتوضح أن اختيار ذلك المحور يدعو إلى حل مشكلة من المشاكل التي تواجه المرأة سواء كانت اقتصادية، اجتماعية أو صحية، وللأسف، رغم التطور الحاصل في العالم نلاحظ أنه مازال حق المرأة مهضومًا في بعض الدول، وتعامل أقل من الرجل، ولذلك أعتقد أنه حدث مميز ويجب الاستمرار عليه .

ونصل إلى آخر فقرة في الاستطلاع تختمه الدكتورة جمعة بالقول أنه في البحرين أعتقد أن يوم المرأة البحرينية الذي يتم الاحتفال فيه تحت رعاية كريمة من صاحبة السمو الأميرة سبيكة في الثاني من شهر ديسمبر كانون الأول من كل عام، أخذ حيزًا واهتمامًا وأبرز دور المرأة البحرينية، ومشاركتها في المجتمع، ونلاحظ أن القطاعين العام والخاص أصبحا يكرمان المرأة بصورة مميزة، ليظهر دورها بوضوح لدى مختلف فئات المجتمع.

العدد 4923 - الأحد 28 فبراير 2016م الموافق 20 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً