العدد 4953 - الثلثاء 29 مارس 2016م الموافق 20 جمادى الآخرة 1437هـ

دعكن من «فوبيا الإجهاض»

د.مدن للحوامل:

يترك الإجهاض على ذاكرة المرأة نَدْبَة لا تزول سريعاً، وكلما كان الجنين أكبر عمراً اتسعت تلك النَدْبَة، وبما إن الإجهاض مُحتمل الحدوث، فإن معظم الأمهات لديهن تجربة إجهاض خلال حياتهن. ولكن 1 - 3 % فقط من السيدات يعانين من «إجهاض متكرر» أي ثلاث إجهاضات متتابعة وتلقائية، وهي الحالة التي تستدعي الكشف من قبل اخصائي أمراض النساء والولادة لعمل الفحوصات الطبية اللازمة.

ولكون حديثي الحمل يُرعِبُهن شبح الإجهاض، ارتَأينا الحديث مع دكتورة سميرة مدن استشارية أمراض النساء والولادة للتعرف أكثر على الإجهاض وإحتمالية حدوثه والبرامج العلاجية الخاصة به.

للحامل: أستمتعي بوقتك

الاستشارية د.مدن أكدت في بداية حديثها أن الإجهاض وارد، و ليس من الصحيح أن تتوقف الحامل عن كُل أنشطتها اليومية كالرياضة والذهاب للعمل والأعمال المنزلية إحترازاً فقط من ذلك العارض، فالحمل حسب قولها حالة طبيعية فسيولوجية، وجسم المرأة مُهيأ بشكل كافي لهذه المهمة، أما حالة فوبيا الإجهاض و «الوسواس» التي تصيب حديثي الحمل فلا جدوى منها، خاصة في حال عدم وجود بوادر مرضية قد تنبأ بإسقاط الحمل، يكون قد شَخَصَّها الطبيب آنفاً.

وأضافت: «إذا أردنا الحديث عن الحالات المحلية، ففي 2014 سُجلت 2.349 حالة إجهاض فقط في مجمل المستشفيات الحكومية والخاصة في البحرين وهي نسبة قليلة إذا ما قورنت بعدد الولادات «الطبيعية والقيصرية» في ذلك العام التي بلغت 25.948، حسب الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة».

وأشارت إلى أن أغلب الإجهاضات تحدث في الثلث الأول من الحمل أي من بداية الحمل إلى الأسبوع الثاني عشر، ولا توجد أسباب واضحة لذلك، ولكن في المقابل توضح الدراسات بأن نصف حالات الإجهاض تحدث نتيجة عدم التكوين السَوي للجنين، إما بسبب إختلال الجينات الوراثية أو بسبب التكوين التركيبي للجنين.

للإجهاض المتكرر .. عِلاج

أما فيما يخص الإجهاض المتكرر، الذي يزداد مع زيادة العمر فوق 35 عاما، فبينت د. مدن بأن أسبابه متعددة، فمنها أسباب وراثية أو أسباب بيئية أو أسباب هرمونية أو أسباب تشريحية (خلقية)، وقد ينتج أيضا بسبب اعتلال الحالة الصحية للمرأة الحامل بسبب عدوى أو زيادة تجلط الدم أو أسباب مناعية، وتشخيص تلك الأسباب مبكراً ووضع خطة علاج ممكن أن تُؤتي ثمارها ويكتمل الحمل بصورة طبيعية، إذا كانت على يد طبيب مختص.

و فَصَّلت د. مدن فيما يتعلق بحالة الإجهاض الناتجة عن عوامل وراثية، وقالت: «تتسبب بـ 70 % من إسقاطات الثلث الأول،  و 30 % من إسقاطات الثلث الثاني من الحمل  و 3 % من وفيات الأجنة داخل الرحم تحدث نتيجة الأسباب الوراثية والتي تعود لخلل الكروموسومات لدى أحد الزوجين أو كليهما».

أما عن العلاج، فأفصَحَتْ: «لا يوجد علاج يمكنه تغيير الصبغة الوراثية لدى الإنسان فهذا أمر نحن نولد بهِ ولكن عن طريق التقنيات الجديدة يمكن إجراء عملية تلقيح مجهري باستخدام البويضات والحيوانات المنوية الخاصة بالأب والأم، وبعد التلقيح خارج الجسم يتم أخذ عينة من كل بويضة ملقحة وفحصها، فإذا كانت سليمة يتم إعادتها مرة أخرى للجسم وإذا كانت غير سليمة يتم استبعادها وبهذا تزيد فرصة الحمل. وقالت: «نطبق هذه التقنية منذ عدة سنوات وأثبتت نجاحا كبيرا».

وفي سؤالنا لها عن الأسباب التشريحية (الخلقية)، أجابت: «العيوب الخلقية كالحاجز الرحمي أو الألياف الرحمية يمكن علاجها بالتدخل الجراحي بواسطة المنظار الرحمي، أما اتساع عنق الرحم فأن ربط عنق الرحم يمكن أن يفيد».

ومن ضمن الإختلالات الهرمونية التي تعيق الحمل، هي متلازمة التكيس المبيضي، التي أكدت د. سميرة مدن بأن هنالك حالات كثيرة مرت عليها مصابة بهذه المتلازمة، مطمئنة المصابات قائلة: «يمكن الحمل من خلال معالجة الأعراض كلّ على حدة، فصحيح إنه لايوجد علاج جذري للتكيس إلا أنه بتحديد الأعراض يمكن الوصول لحل، فمثلا في حالة زيادة وزن المريضة ننصحها بتقليل الوزن مما يؤدي لإنتظام الهرمونات ليسهل العلاج ويحصل الحمل، وغيرها من الحلول العلاجية المتاحة طبقاً لكل حالة».

مناعة في غير محلها

وشرحت استشارية أمراض النساء والولادة د. سميرة مدن الأسباب المناعية المسببة للإجهاض المتكرر، وأوضحت: «الجنين نصفه يأتي من الرجل وهو جسم غريب على جسم الأم وإذا كانت الحالة طبيعية فإن الجهاز المناعي يوقف عمل الأجسام المضادة إتجاه الجنين «Blocking Antibodies». وأكملت: «أما إذا أُصيب جهاز المناعة بخلل فسيتم مهاجمة الجنين باعتباره جسماً غريباً يجب محاربته وطرده وبالتالي تتكرر حالات الإجهاض».

وأكدت أن الأمراض المناعية ومنها متلازمة الذئبة الحمراء Systemic Lupus Erythematosus أو وجود مضادات للدهنيات المفسفرة «Antiphospholipid syndrome مسؤولة عن حالات إجهاض متكرر بنسب تتراوح ما بين 30 – 40 %. ويمكن علاجها أما بالأسبرين لوحده بفرصة نجاح 30 % أو بمصاحبة إبر Heparin»  بفرصة نجاح تبلغ 55 %.

ولفتت إلى أن أسباب الإجهاض المتعلقة بالبيئة لا يمكن علاجها بالعيادة، ولكن يمكن علاجها من خلال تحسين البيئة المنزلية. محذرة الحوامل من عدم الإستهانة بالعوامل البيئية المحيطة التي تؤثر سلبياً على الجنين كالتدخين، التعرض للإشعاع بكميات كبيرة، أو التعرض للمواد الكيماوية والغازات كغاز التخدير، والفورمالين، أو أبخرة البنزين، والرصاص، والزرنيخ. كما حذرت من آثار التعرض للصدمات الفيزيائية القوية جداً للحامل.

النزيف علامة واضحة

وعلى إختلاف أسباب الإجهاض عادة ما يكون النزيف المهبلي أكثر الأعراض شيوعاً للإجهاض، بالإضافة إلى آلام بأسفل البطن والظهر. وبيّنت د. مدن بأن بعض النساء اللاتي لا توجد لديهُن أي أعراض يمكن للكشف رصد الإجهاض من خلال إجراء الأشعة الصوتية في عيادة الحوامل، والذي يطلق عليه الإجهاض «المنسي».

وشددت د.مدن على ضرورة مراجعة الحامل للمستشفى في حالة حدوث نزيف مهبلي أثناء الحمل أو شعورها بالآلام، خاصة إذا ترافق ذلك مع غثيان أو دُوار يدل على فقدها لكميات كبيرة من الدم، أو إذا كان لديها آلام في أعلى البطن أو الأكتاف فمن الممكن أن يكون حملها حدث خارج الرحم، وإذا كان لديها إرتفاع في درجة الحرارة أو قشعريرة فمن المحتمل وجود إلتهاب خاصة إذا رافقتها إفرازات مهبلية.

الراحة على السرير..

ليست ضرورة

وأوضحت أنه يجب المبادرة في زيارة الطبيبة للقيام بفحوص سريرية وأخذ أشعة صوتية مع فحص مهبلي، والتي من شأنها التعريف عن آثار النزيف إما أن يكون علامة من علامات الإجهاض لا قدر الله أو يمكن استمرار الحمل معه بإذن الله.

وأكدت بأن في أوقات كثيرة يكون النزيف بسيط وآلام البطن خفيفة كذلك، في هذه الحالة ننصح بعدم الذهاب للعمل، إلا أنه يمكن للحامل الرجوع لمنزلها وهنا تود

د.سميرة مدن أن تؤكد بأن الراحة على السرير غير ضرورية وليس لها تأثير على استمرارية النزيف أو توقفه.

وعن طريقة الإهتمام بالنساء الذين يعانون من إجهاض متكرر تنصح بالإلتزام بأخذ أقراص حامض الفوليك، الأسبرين، مضادات الأكسدة، هرمونات للتثبيت «بروجسترون» أدوية لاسترخاء الرحم  «يوتوبار» إلى جانب الفيتامينات والمعادن، ومراعاة الغذاء الصحي المتكامل وشرب السوائل بكثرة، وفي حالة تدخين الزوجين ننصح بالتوقف للحفاظ على الجنين.

وأكدت على دور الوزن المثالي و ممارسة النشاط البدني الخفيف بانتظام، إلى جانب المحافظة على روح معنوية عالية في إتمام الحمل.

العدد 4953 - الثلثاء 29 مارس 2016م الموافق 20 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً