العدد 4953 - الثلثاء 29 مارس 2016م الموافق 20 جمادى الآخرة 1437هـ

أتمنى بلوغ العدد صفر

د. شيخة العريض:

تأمل استشارية أمراض الدم الوراثية د. شيخة العريض في وصول مملكة البحرين لمرحلة تخلو فيها المواليد الجديدة من أمراض الدم الوراثية. وعقدت آمالها على استمرار برامج فحص الدم للكشف عن تلك الأمراض في مدارس البحرين التي بلغت نسختها الـ 17 لدورها الكبير في تخفيض نسب الإصابة بتلك الأمراض.

وأوضحت في لقاء مع «الوسط الطبي» أن أمراض الدم الوراثية منتشرة في دول العالم وأن البحرين ليست استثناء وأكثر هذه الأمراض انتشاراً في المملكة مرضي فقر الدم المنجلي والثلاسيميا. وأضافت: «تُرصد هذه الأمراض في البحرين منذ الساعات الأولى للولادة عبر عينات دم تؤخذ من الحبل السري وتظهر النتيجة خلال يوم» .

وأكملت: «في حال اكتشفنا إصابة المولود، فيتم استدعاء العائلة وتقديم الاستشارة اللازمة و تحويلهم للأطباء المختصين لعلاجهم، وهو متوفر لدى وزارة الصحة».

جهود أهلية

ولفتت إلى أن الأعداد الكبيرة من المصابين تقلق المعنيون بأمراض الدم الوراثية على المستويين الحكومي والأهلي. وقالت: «قرر المعنيون في وزارة الصحة والجمعية البحرينية لأمراض الدم الوراثية الحد من انتشار هذه الأمراض. وعملنا جاهدين لتوعية المجتمع وعلى ذات الصعيد بسن تشريعات لتُلزم المتزوجين بالفحص قبل الزواج». وبيَّنت أن الزوجين هما من يتخذان قرار الزواج ونتيجة الفحص توضح للطرفين المستقبل الصحي للأبناء فقط. وعقبت: «من غير الجائز على المستوى الأخلاقي والقانوني منع أي طرفين من الإقتران ببعضهما».

وقالت: «بدأ مشروع الفحص قبل الزواج في مجمع السلمانية الطبي منذ حوالي 26 سنة في بداية تسعينات القرن المنصرم، وعُمِمَ في المراكز الصحية في عام 1992م. ثم تلى ذلك قانون ملزم بالفحص».

وكشفت أن الفحوص ساهمت في الحد من انتشار المرض، فكثير من الحالات إذا كانت مريضة أو حاملة للمرض من الطرفين يقرران عدم الإقتران ببعضهما حتى لا ينجبا أطفال مرضى. واستدركت: «هناك حالات تستمر في مشروع الزواج على الرغم من معرفتهم التامة باحتمال إصابة أبنائهم بالمرض».

خطوة استباقية

طموح د. شيخة العريض التي ترأست قسم أمراض الدم الوراثية في مجمع السلمانية الطبي والجمعية البحرينية لأمراض الدم الوراثية كبير، وسعت جاهدة لتدشين الخطوة الثانية للوصول لتسجيل العدد صفر في عدد المواليد المصابين بأمراض الدم الوراثية في البحرين.

وقالت: «الإنخفاض في عدد المواليد المصابين الذي حققه الفحص قبل الزواج كان جيداً، ولكننا نطمح في الوصول للهدف بسرعة. وهنا اتحدت الجهود الأهلية مع الجهود الحكومية عبر تطبيق الفحص على الطلبة في المرحلة الثانوية الذي يبلغ في هذه السنة نسخته الـ 17». وأوضحت: «الفكرة كانت من الجمعية وبمساندة وزارة الصحة التي دعمت المشروع والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، ونجحنا في فحص 95 ألف طالب وطالبة إلى الآن «.

وعن ثمار المشروع بينت: «جنينا الكثير من الثمار أولها أن بعض العائلات لم تكن تعلم أن بعض أفرادها حاملين للمرض وحين رصد الحالة لدى ابنهم في الفحص في المدرسة قاموا بالفحص ليكتشفوا أنهم حاملين للمرض أيضاً. وعلى صعيد آخر أُضيف العامل الصحي في شروط الزواج بشكل ضمني». وأكملت: «فإذا تقدم شخص لطلب الزواج من فتاة حاملة للمرض فإن أهلها يبينون ذلك ويعلنون عن عدم رغبتهم في البدء بمراسم الخطبة إذا كان الشاب حاملاً للمرض».

وأضافت على ذلك أن الإحصاءات بينت أن أكثر نتائج الفحص قبل الزواج تبين خلو الزوجان أو أحدهما على الأقل من الأمراض الوراثية لمعرفة الطرفين المسبقة بحالتهم الصحية جراء خضوعهم للفحص في المدرسة.

وأسهبت في الحديث حول فوائد فحص الطلبة، قائلة:» لا يخفي أهمية فحص الطلاب على برنامج الفحص قبل الزواج، حيث إن الشاب والشابة يعلمون بنوعية دمهم، ويضعونها ضمن معايير الاختيار المناسب قبل أن الشروع في فحوصات الزواج. مما يخفف من التأثير الإجتماعي عند اكتشاف إنهم لا يناسبون بعض، وبالتالي يضطرون للإنفضال الأمر الذي قد يحدث ندوباً نفسية على الطرفين وأسرتيهما. وقد يرفض البعض الإنفصال ويكملان مشروع الزواج مما يزيد من نسبة الإصابة بين المواليد». ومن فوائد الفحص الاستفادة من النتائج في برامج أخرى عبر تأسيس قاعدة بيانات عملاقة كالتبرع بالدم، وغيرها.

وشددت د. شيخة العريض أن فائدة البرنامج تعود بالنفع على المجتمع والشباب إضافة لتقليل نسب المرض فى المجتمع.

وبينت أن أصداء نجاح البرنامج تردده منظمة الصحة العالمية التي تنصح به، وتحث الدول الخليجية على تطبيقه. وهو محل دراسة في سلطنة عُمان، ومطبق على طلبة الجامعة الإماراتيين في دولة الإمارات العربية المتحدة.

الحل موجود والوقاية أفضل

د. العريض تشعر بالطمأنينة لما حققه المشروعان في السنوات الماضية وتأمل باستمرار مشروع فحص الطلبة. وقالت: «تفيد الإحصاءات أننا نجحنا في تخفيض عدد المواليد المصابين بنسبة تتراوح بين 75 – 80 %. ففي ثمانينيات القرن المنصرم كان عدد المواليد المصابين يبلغ 200 طفل سنوياً، واليوم يتراوح عددهم بين 30 – 40 طفل سنوياً». وأضافت: «ويمكن تلمس ذلك بشكل واضح، فعند زيارة قسم أمراض الدم الوراثية للبالغين تجد العدد كبير. وعلى العكس إذا زرت قسم الأطفال فستلحظ وجود من 4 – 5 مرضى».

وفي جوابها عن الحل الطبي للزيجة المعرضة لإنجاب أطفال مصابين، أجابت: «الحلول الطبية موجودة، ولكن الوقاية أفضل. الخيار الأول الفحص الجنيني في الأسبوع 11 من الحمل، للكشف عن وضع الطفل الصحي، وهو متوفر في مركز جنين منذ 2002».

وأكملت: «الخيار الثاني أطفال الأنابيب ولكن نسبة نجاحه لا تتجاوز 20 % إضافة للمضاعفات التي قد تصيب المرأة نتيجة استعمال الهرمونات «.

وشددت في نهاية اللقاء بأن الوقاية أفضل السبل للحد من انتشار أمراض الدم الوراثية، واشادت بمستوى الثقافة الصحية لدى البحرينيين في هذا الصدد الذي أسهم في تقليص عدد المواليد المصابين بنسب كبيرة.

العدد 4953 - الثلثاء 29 مارس 2016م الموافق 20 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً