‹الشروق›› هو اسم كتاب تضم صفحاته قصة حياة، صاغتها صاحبتها بأدق التفاصيل. قد يبدو هذا الأمر مألوفاً، فكتب السير الذاتية تملأ رفوف المكتبات، لكن إن عرفتم صاحبة الكتاب، فستنتابكم الدهشة!
« تمبل غراندين» أشهر توّحدية في العالم، هي مؤلفة هذا الكتاب الأكثر غرابة، حيث يحكي قصة حياتها كشخصية عانت من اضطراب طيف التوحد منذ سن الثالثة والنصف. لعل « تمبل» ليست وحدها مَن برزت كأسطورة خلدتها سطور التاريخ، بل لو رجعنا لسجلات العباقرة والمخترعين، سنجد منهم مَن كان مُصاباً أيضاً باضطراب طيف التوحد.
أشرقت «تمبل»على الدنيا بجسارة، وشروقي أنا قادم يا أمي.. وأبي.. ومجتمعي..
فاختلافي لا يعني أن أكون أدنى ممن هم حولي، بل يعني أنني بحاجة لطريقة مختلفة لتتعاملوا معي.
صراخي ونوبات غضبي، وبكائي.. لا تعني أنني عنيد، بل قد أكون أعاني أو أريد شيئاً، لكنني لا أتمكن من نسج الكلمات بأثواب تفهمونها..!
قد لا أنظر إلى عينيكم، ولا أهمس لكم بالكلمات، وقد أكون في عالم صنعته لنفسي بالأشياء التي اعتدت عليها، لكن.. عليكم ألا تتركوني..
حتماً ستكون الرحلة شاقة، ومحفوفة بالعقبات التي تتناثر على أرصفة الطريق، لا تستسلموا.. فلكل بداية نهاية، ونهاية إصراركم وثقتكم بالله ستتكلل بالنجاح.
سأظل دائماً أنتظر بطاقة دعوة توضع على نافذة غرفتي مع إشراقة شمس كل صباح.. دعوة لأدخل إلى عالمكم الذي أراه الآن مظلماً وغريباً..
ستتبدّد يوماً غيوم وحدتي.. وأنتم يا من أخذتم بيدي، ستكونون معي عندما أنطق كلمتي الأولى.. عندما أمسك القلم لأول مرة وأخط أولى خربشاتي.. ستحسون بحلاوة الإنجاز قبل أن أحس أنا بها.
لا شيء مستحيل أبداً.. ربما أستطيع في يوم من الأيام أن أنظر في أعينكم.. أبتسم في وجوهكم.. أحتضنكم في عالمكم.. عندها.. ستفهمون أنّ قصتي لا يمكن فهمها من الغلاف فقط..!.. وستعرفون بأننّي أحتاجكم لنعبر الحدود معاً..
ربما أكون «تمبل» أخرى، أو «آينشتاين» آخر، لكن في مكان وزمان مختلفين.. فقط.. عليكم بالإيمان والصبر.. وأطلقوا لي العنان.. فسأكون ما أحلم أن أكون!
** هذا المقال مقتبس وبتصرف من مقال «موهوبون ولكن!» المقال العلمي الحائز على المركز الأول على مستوى مملكة البحرين في مجال الموهبة والإبداع (مارس 2014م)
ريحانة حبيل
نائب رئيس اللجنة الإعلامية بجمعية التوحديين البحرينية
العدد 5044 - الثلثاء 28 يونيو 2016م الموافق 23 رمضان 1437هـ
