العدد 2335 - الإثنين 26 يناير 2009م الموافق 29 محرم 1430هـ

المثال الثاني - ومداره التفويض

يقول «ألن»: إذا كان التفويض يفشل في كثير من الأحيان فإن ذلك يعود إلى أن المدير الذي يحاول أن يفوض لا يفهم ما تشتمل عليه العملية (أي عملية

التفويض)... إن سوء الفهم هذا طبيعي، لأن المفاهيم العامة تثير الإرباك وكثيراً ما تكون متناقضة. ولا يقتصر الأمر على أن التفويض يعني أشياء مختلفة في المؤسسات المختلفة، وإنما هو أيضاً يُعرّف ويفسّر في عبارات متناقضة في كتب ومراجع الإدارة. واستناداً إلى المرجع الذي تعود إليه فإنك تستطيع أن تجد أن التفويض يعني منح (conferring) السلطة وارتباط السلطة والمسؤولية، وممكن أن تجد أن المسؤولية هي المحاسبة (accountability) وأنها هي حالة وجدانية. وتجد أن المسؤولية والسلطة يمكن أن تفوضا، وتجد أيضاً أنه لا يمكن أن تفوضا وذلك حسب المصادر المختلفة.

ويسعى «ألن» لإزالة الغموض في شأن ذلك فيقول:

إن التفويض هو ديناميَة الإدارة. هو العملية التي يتبعها المدير في تقسيم العمل المحدد له بحيث أنه يؤدي ذلك الجزء الذي هو (أي المدير) دون غيره ويسبب وضعيته التي ينفرد بها في التنظيم، يستطيع أداءها بصورة مجدية، ولذلك فإنه يستطيع أن يحصل على آخرين لمساعدته على إنجاز ما تبقى.

ثم يوضح «ألن» ثلاثة أمور مهمة تتعلق بالموضوع هي:

-1 إن التفويض له عناصر وهي تشمل المسؤولية والسلطة والمحاسبة.

-2 إن المركزية واللامركزية هما في حقيقتهما امتداد للتفويض.

-3 إن مدى اللامركزية تحدده نوعية السلطة المفوضة والمدى الذي تمتد إليه ومدى ثباتها.

ومما يعقد الأمر على دارس الإدارة أنه عندما يعود إلى ما يورده كتّاب الإدارة يجد نفسه أمام العديد من وجهات النظر في كثير من قضاياها؛ فهو في شأن التنظيم يجد نفسه أمام وجهات نظر مختلفة: فهناك على سبيل المثال لاالحصر (أ) أصحاب و أتباع المدرسة الكلاسيكية التي تركز على وجود تصميم التنظيم الرسمي وعلى أهمية المبادئ التي ترى لزومها للتنظيم الجيد والتي ترى أنها قابلة للتطبيق بصفة عامة. ولذلك فهي تولي أهمية كبيرة لمسألة توضيح المسؤوليات والسلطة، و(ب) أتباع مدرسة العلاقات الإنسانية التي تؤكد الحاجة إلى معرفة ردود الفعل لدى العاملين في المنظمة عند تصميم البناء الرسمي لها. ويؤكدون على أن التنظيم يمكن أن يؤثر في سلوك الناس، كما أن الناس يقومون بدورهم بخلق التنظيم غير الرسمي (informal) الخاص بهم، و(ج) أتباع مدرسة النظم التي تركز على أهمية التفاعلات المتبادلة ما بين مختلف أجزاء التنظيم وما بينها وبين الوسط. وهم ينظرون إلى المنظمة كآلية (أو منظومة) لمعالجة المعلومات من أجل صانعي القرارات.

إلا أنه من اللازم أن أوضح بأن ذلك يجب ألا يثبط الدارس عن السعي لفهم الموضوع، فواقع الأمر لا يعدو ما لخصته «روز ماري ستيوارت» في كتابها «حقيقة المنظمات» من أن كل مدرسة من هذه المدارس قد أسهمت في بيان الكيفية التي تعمل بها المنظمات، وكل واحدة منها لها حدودها، وهي في جملتها بوسعها أن تكون عوناً للمدير. وقد تكون إحدى هذه الطرق أكثر فائدة في مواجهة مشكلة معينة، إلا أن واقع الحال بالنسبة لكثير من المشكلات هو أن فهم جميع وجهات النظر هذه ضروري.

العدد 2335 - الإثنين 26 يناير 2009م الموافق 29 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً