العدد 5103 - الجمعة 26 أغسطس 2016م الموافق 23 ذي القعدة 1437هـ

البرلمان التونسي يجتمع للتصويت على الحكومة الجديدة

رئيس الوزراء المعيّن يلمح إلى إجراءات تقشف

يوسف الشاهد يخاطب البرلمان أمس -REUTERS
يوسف الشاهد يخاطب البرلمان أمس -REUTERS

بدأ مجلس نواب الشعب (البرلمان) التونسي أمس الجمعة (26 أغسطس/ آب 2016) جلسة عامة للتصويت على منح الثقة لحكومة وحدة وطنية برئاسة يوسف الشاهد، ستخلف حكومة الحبيب الصيد التي سحب منها البرلمان الثقة في 30 يوليو/ تموز الماضي، على إثر انتقادات كبيرة بعدم الفاعلية في انعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد.

وفي بداية الجلسة، حذر الشاهد من أن حكومة الوحدة الوطنية ستكون «مجبرة» على اتباع سياسة التقشف وتسريح آلاف الموظفين بالقطاع العام ورفع الضرائب، في حال تواصل في العام المقبل تدهور الوضع الاقتصادي.

وقال في هذا السياق: «وضعنا في 2017، إذا لم نفعل شيئاً، سيكون أصعب بكثير (من 2016)، سنكون مجبرين على اتباع سياسة التقشف، الدولة ستكون مجبرة على تقليص مصاريفها... ستكون مجبرة على تسريح آلاف الموظفين، ستكون مجبرة على رفع الضرائب (المفروضة) على المواطنين والشركات، ستكون مجبرة على إيقاف الاستثمار في التنمية والبنية التحتية، هذا هو التقشف الذي سنذهب إليه إذا لم نفعل أي شيء (لتدارك الاوضاع) في 2016».

وأضاف «من واجب حكومة الوحدة الوطنية ان تشرع في الاصلاحات الضرورية للمحافظة على سلامة المالية العمومية ولتفادي الانزلاق نحو التقشف»، في إشارة إلى إصلاحات يطالب بها صندوق النقد الدولي وتصفها السلطات والمعارضة بأنها «موجعة».

ونبه الشاهد من أن بلاده تعيش «حالة طوارئ اقتصادية»؛ لأن معدل النمو الاقتصادي في العام 2016 سيبلغ «في أفضل الأحوال» 1.5 في المئة، بعدما كان متوقعاً تحقيق نمو بنسبة 2.5 في المئة خلال العام نفسه. وافاد أن عجز ميزانية الدولة في العام الجاري سيرتفع إلى 6.5 مليارات دينار (نحو 2.6 مليار يورو) من 3.6 مليارات دينار كانت متوقعة بداية العام.

وبلغت ميزانية تونس 29.250 مليار دينار (نحو 11 مليار يورو) في 2016. وقال الشاهد: «لتغطية عجز (ميزانية) الدولة التجأنا إلى الاقتراض المكثف». وحذر من أن «مديونية الدولة في 2016 بلغت 56 مليار دينار (22 مليار يورو) مقابل 25 مليار (10 مليارات يورو) في 2010»، وأن «المديونية تمثل اليوم 62 في المئة من الناتج الداخلي الخام؛أي أنها ارتفعت 21 نقطة» مئوية عما كانت عليه في العام 2010.

وخلال السنوات الخمس الماضية، تراجع معدل النمو الاقتصادي في تونس إلى 1.5 في المئة، وقيمة الدينار بنسبة 25 في المئة (مقابل الدولار واليورو)، وإنتاج الفوسفات بنسبة 60 في المئة، وفق يوسف الشاهد.

وتوفر نقطة نمو واحدة ما بين 15 و20 ألف فرصة عمل جديدة في السنة في حين تعد البلاد 650 ألف عاطل من العمل.

وأفاد الشاهد أن كتلة أجور الموظفين في القطاع العام ارتفعت من نحو 6 مليارات دينار (2.4 مليار يورو) في 2010 إلى 13.4 مليار دينار (5.4 مليارات يورو) في 2016، بسبب ارتفاع كبير في عدد موظفي القطاع العام، وأن عجز «الصناديق الاجتماعية» بلغ 1.648 مليار دينار (نحو 665 مليون يورو) في 2016.

وبحسب إحصاءات رسمية، ارتفع عدد موظفي القطاع العام في تونس إلى نحو 670 ألفا في 2016 مقابل نحو 435 الفا سنة 2010، اي بزيادة بنحو 235 ألفا.

وأضاف الشاهد أن «الدولة تعهدت زيادة أجور القطاع العام بـ 1.615 مليار دينار (نحو 652 مليون يورو) سنة 2017».

وعزا الشاهد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في بلاده منذ الإطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين إلى «تجاذبات الطبقة السياسية»، في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية وخصومها العلمانيين، و»تراجع العمل والانتاج والاستثمارات» و»استفحال الرشوة والفساد والمحسوبية» وتحول «الحرية» التي أتت بها الثورة إلى «فوضى» للاعتصامات والإضرابات العمالية.

كما عزاه إلى «الوضع الاقليمي المتقلب وتنامي الإرهاب» وصعوبة الظرف الاقتصادي في الاتحاد الاوروبي، شريك تونس الاقتصادي الاول.

وبخصوص لجوء تونس إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، قال: «صندوق النقد الدولي لم يأت إلينا بل نحن من ذهبنا نطرق أبوابه بعدما وضعنا أنفسنا في هذه الأزمة... وقلنا له ساعدنا لنخرج من هذه الازمة».

وللخروج من هذه الازمة دعا الشاهد إلى «العودة إلى العمل والانتاج وتحفيز الاستثمار الوطني وجلب الاستثمار الخارجي».

وقال: «سنكون حازمين في التصدي لكل الاعتصامات غير القانونية وغير المشروعة مع التزامنا بضمان حق الاضراب المنصوص عليه في الدستور». وأضاف «اليوم لن نسمح لفئة بأن توقف معملا أو وحدة انتاج او مصنعا في خرق لقوانين البلاد وتحرم آلاف العاملين من قوتهم اليومي».

وتابع «اليوم لن نسمح بالتقاعس في الإدارة، وستتم معاقبة كل المتخاذلين ومكافأة الطاقات الجادة والمتفانية في عملها... يجب أن تعود ثقافة العمل».

وأفاد أن حكومته ستصدر قانوناً «يسن أحكاماً استثنائية لدفع النمو الاقتصادي في أسرع الآجال». ويهدف القانون إلى «إفراد المشاريع الكبرى (المعطلة) وذات الاهمية الوطنية بإجراءات استثنائية تمكن من الشروع المباشر في إنجازها».

وتبلغ قيمة المشاريع الاقتصادية المعطلة في تونس 10 مليارات دينار (4 مليارات يورو)، بحسب ما أعلنت في وقت سابق حكومة الحبيب الصيد. ودعا الشاهد البرلمان إلى «تسريع المصادقة» على قانون الاستثمار الجديد.

ووعد بمكافحة الفساد والتهرب الضريبي. وقال: «سنواجه مصاعب عديدة، سنواجه رفضاً للتغيير، سنواجه لوبيات ترفض الاصلاح».

من جهة اخرى، تعهد بـ»بذل كل العناية لكشف الحقيقة بشأن الاغتيالات السياسية، وعلى رأسها اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي» اللذين قتلا في 2013.

وبلعيد والبراهمي من أبرز معارضي حركة النهضة الاسلامية التي قادت حكومة الترويكا من نهاية 2011 حتى مطلع 2014.

العدد 5103 - الجمعة 26 أغسطس 2016م الموافق 23 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً