العدد 5104 - السبت 27 أغسطس 2016م الموافق 24 ذي القعدة 1437هـ

ثلاثي الحر والرطوبة والإشعاع الشمسي يشاغبون الجلد

د. مهدي الشويخ -استشاري أمراض جلدية 

27 أغسطس 2016

يحمل فصل الصيف الكثير من الأمراض الجلدية التي تصيب الأطفال والبالغين. وتعتبر الأمراض الجلدية المرتبطة بأشعة الشمس والحرارة والعرق من أكثر الأمراض وتشكل إحراجا وإزعاجا بالنسبة للأطفال الصغار وكبار السن. كما أن مشكلات البشرة عند النساء تشكل نسبة كبيرة من بين المترددين على عيادات الأمراض الجلدية صيفاً.

هناك بعض العوامل في الصيف تؤدي إلى ظهور الأمراض الجلدية الصيفية، أو تزيد من حدة تلك الأمراض في الصيف. ومن هذه العوامل: زيادة حرارة الجو، زيادة الرطوبة، كثرة التعرض المباشر لأشعة الشمس الضارة، خاصة في الفترة من العاشرة صباحاً حتى الرابعة عصراً. وأهم المشاكل الجلدية التي تحدث في فصل الصيف هي:

الدمامل، وحروق الشمس، والشرى (حساسية الجلد) والإلتهابات الفطرية مثل النخالية المبرقشة أو سعفة ثنايا الجلد (عدوى فطرية في الفخذ)، وتسبب الحرارة الشديدة تعرق الجلد وهذا هو السبب الرئيس للأمراض الجلدية خلال فصل الصيف، فتظهر على الجلد حبوب مؤلمة (الدمامل)، وحكة شديدة في جميع أنحاء الجسم (الشرى)، وبقع بيضاء اللون أو داكنة على الوجه أو الجسم تشبه الخريطة الجغرافية (العدوى النخالية) أو تقرحات وحكة بين الأصابع والتي تسمى (سعفة القدم).

تينيا القدم، سعفة القدم

هناك بعض الأمراض التي تمثل عدوى فطرية ويشاع حدوثها في فصل الصيف مثل سعفة القدم، والتي تصيب القدم وخاصة أخمص القدمين أو جلد الكعب بالكامل أو جانبي القدم.

والقدم الرياضية تعني جلد رطب أبيض اللون متقشر مصحوباً بحكة بين أصابع القدم، غالباً في الشق بين إصبعي القدم الخامس والرابع وبعض الحالات يصاحبها مجموعات من الحويصلات الفقاعية على جانبي القدم أو قوس القدم.

التعرق الشديد الذي يحدث في الصيف وخاصة في القدمين هو الذي يزيد من حدوث هذه العدوى الفطرية، وينصح الأشخاص الذين يصابون بهذه الآفة الجلدية بارتداء الجوارب القطنية التي تحتوي على 100 % قطن إضافة إلى المواظبة على إجراء مغاطس للقدمين ووضع مساحيق مضادة للفطريات وللتعرق .

التهاب ثنايا الجلد Tenia cruris

يتميز فصل الصيف بالطقس الحار الرطب الذي يؤدي إلى التعرق الغزير خاصة بين ثنايا الجلد فتكون وسطاً يشجع البكتيريا والفطريات على النمو والازدهار مما يسبب التهابات ثنايا الجلد التي تحدث غالباً بين الفخذين أو الإبط. يحدث التهاب الثنايا نتيجة للاحتكاك المستمر في حالة السير لمسافات طويلة في أجواء حارة، وتساعدالرطوبة وزيادة التعرق على حدوثه وقد توفر هذه الأجواء مساحة مناسبة للالتهابات الفطرية أو البكتيرية .

وفي البدء يشعر المريض بحكة بسيطة وشعور بعدم الارتياح، وتزداد شدة الأعراض مع ازدياد الالتهابات وفي البداية تكون المشكلة عبارة عن احمرار بسيط في الأماكن المصابة.

في البداية يكون الجلد رطبا أبيض مصحوبا بحكة شديدة نطلق عليه «بوزليقة» لا يلبث في حالة عدم العلاج أن يزداد شدة مع حدوث احتقان وتسلخات جلدية قد تتطور إلى التهابات بكتيرية أو فطرية ينتج عنها رائحة كريهة وتسبب التهاباً حاداً على شكل طفح جلدي ذو أطراف محمرة مرتفعة ومقشرة، ينتشر من خارج الفخذ إلى داخله ليصل المناطق التناسلية.

والتهابات الجلد الفطرية بين الفخذين من المتاعب الجلدية التي يعاني منها الكثير من مرضى السكري والأشخاص السمان والأشخاص الذين يكثرون من تناول الأطعمة الدسمة والنشوية وهو أيضاً مرض يصيب الذين يعانون من ضعف المناعة. وتستمر هذه المعاناة طوال الصيف بشهوره الطويلة التي تصل إلى ستة أشهر.

لذا يجب الاهتمام بالنظافة الشخصية والاستحمام بكثرة وتنشيف ثنايا الجلد جيداً في مثل هكذا طقس حار رطب.

كما يعرض المريض على طبيب الأمراض الجلدية الذي يصف المراهم والدهانات ومضادات الفطريات وكذلك الحبوب المضادة للفطريات عن طريق الفم.

وينصح بضبط مستوى السكر في الدم وتخفيض الوزن عند أصحاب السمنة وعدم الإكثار من تناول الاطعمة النشوية.

التنية الملونة أو المبرقشة

مرض التنيا المبرقشة هو أحد الأمراض الفطرية التي تصيب جلد الإنسان وبخاصة مناطق الرقبة والصدر والظهر وتظهر على هيئة بقع ملونة بنية وبيضاء لذلك تسمى بالملونة أو المبرقشة.

يرجع السبب في حدوث التينيا المبرقشة إلى وجود نوع من الفطريات يتعايش بشكل طبيعي على سطح الجلد وهي لا تنتقل من شخص لآخر لأنها غير معدية وإنما يرجع ظهورها أحيانا على أكثر من فرد داخل الأسرة الواحدة إلى العامل الوراثي الذي يلعب دورا في توريث الإصابة بهذا المرض. وفي ظل ظروف وعوامل معينة ومع الرطوبة وإرتفاع درجة الحرارة وزيادة التعرق تتكاثر هذه الفطريات وتنتشر لتغطي مساحات كبيرة من الجسم مما يؤدي إلى حدوث تغير في لون الجلد وظهور التينيا المبرقشة.

الصيف وألم الاكزيما

حرارة الصيف وسخونة الجلد تزيد من أعراض الإصابة بالإكزيما، ومن الشعور بحكة وحرقان في الجلد وألم، ومثال ذلك الحساسية التلامسية «contact dermatitis» وتنشأ هذه الحساسية التلامسية عند ارتداء الملابس المصنوعة من الألياف الصناعية خصوصا الداكنة والتي تتسبب في الشعور بألم وحكة شديدة حول الرقبة مكان «باقات» هذه الملابس وتحت الإبط وفي الذراعين والمعصمين.

ومن أسباب الحساسية التلامسية تلك التي تنشأ من لبس الحلي وأدوات الزينة وساعات اليد المعدنية واستعمال مواد معينة مثل مواد البناء ومن يعملون في الإسمنت من عمال البناء وكذلك خدم البيوت ومهن أخرى عديدة.

كذلك استخدام مستحضرات التجميل خصوصا من غير الأنواع الجيدة المصرح بها طبيا.

إن استعمال العطور ثم التعرض بعد ذلك لوهج أشعة الشمس يسبب الإصابة بالحساسية التلامسية والاكزيما في الجلد والبشرة وبعدها معاناة الحكة والألم والحروق.

والعلاج يبدأ بتجنب السبب المؤثر أو المهيج للحساسية والاكزيما. كذلك يجب عدم استعمال الأشياء المهيجة للحساسية في فصل الصيف واستخدام الكريمات والمراهم المضادة للحساسية والملطفة للجلد.

ويمكن استعمال الأقراص المضادة للحساسية «المضادة للهستامين» التي تقلل الشعور بالحكة والألم.

ويجب استشارة الطبيب اخصائي الأمراض الجلدية عند اشتداد الحالة وزيادة المعاناة.

النمش يظهر في الصيف

أصحاب البشرة البيضاء والذين يتميزون بالشعر ذي اللون الأحمر معرضون للإصابة بالنمش بفعل أشعة الشمس المتوهجة خصوصا في الأماكن المكشوفة من الجسم والبشرة والوجه وتزداد حدة في فصل الصيف.

وتجنب التعرض لأشعة الشمس يعمل على الوقاية من الإصابة بالنمش

وكذلك استخدام الكريمات الواقية لأشعة الشمس.

الدمامل العرقية المؤلمة

يقصد بالدمامل العرقية تلك الالتهابات الحادة التي تصيب الأجربة الشعرية والمناطق المحيطة بها ويكون ظهورها مرتبط بغزارة التعرق في المناطق المصابة خاصة في وجود عوامل مساعدة مثل زيادة الوزن أو مرض السكري أو غيرها من العوامل التي توفر بيئة مناسبة لنشاط البكتيريا المسببة لهذه الدمامل. ويصيب هذا المرض الأطفال والأشخاص الذين يتعرضون لحرارة الجو الشديدة .

تظهر الدمامل العرقية على شكل احمرار وتجمعات قيحية مؤلمة حول منابت الشعر والمنطقة المحيطة بها وقد يصاحبها كسل جسماني وارتفاع في درجة الحرارة خاصة عند الاطفال، وقد تظهر هذه الدمامل في أي مكان من الجسم إلا إنها تظهر غالبا حول أماكن الضغط والاحتكاك مثل مناطق بين الفخذين ومنطقة الإبط وفروة الرأس وتزداد احتمالية الحدوث إذا كان ذلك مسبوقاً بالتمزق للمنطقة المصابة أو التخريش للجلد نتيجة الاحتكاك الزائد أو الضغط أو التعرق الشديد. وهناك الكثير من الناس الذين يشكون من تكرر الاصابة بهذه الدمامل وهنا لابد من التأكد من سلامتهم من مرض السكري أو غيره من المشاكل التي تؤدي إلى نشاط البكتيريا الجلدية .

حروق أشعة الشمس الحادة والمزمنة

إن إرتفاع درجة الحرارة والرطوبة عامل أساسي فى الإصابة بالالتهابات الجلدية ولكن ارتياد الناس لبرك السباحة خلال فصل الصيف والتعرض المباشر لأشعة الشمس يسببان مشكلات أخرى مثل الإصابة بحروق الشمس.

عند الافراط في التعرض لأشعة الشمس الملتهبة في فصل الصيف الذي تمتد شهوره إلى ستة أشهر فقد تصاب الأماكن المكشوفة من الجسم بحروق أشعة الشمس الحادة والمزمنة.

وفي حالة الاصابة بحروق أشعة الشمس الحادة يحدث احمرار في الجلد والبشرة ويحدث تورم في المنطقة المصابة من الجلد وقد تظهر حويصلات أو فقاعات وقد تنفجر هذه الحويصلات والفقاعات وتنشأ الحكة الشديدة نتيجة لذلك.

ويعاني المريض من ألم شديد وحكة مزعجة وتعالج بالدهانات الموضعية والاقراص المخففة للحكة المضادة للحساسية «المضادة للهستامين» والأدوية المسكنة.

وفي حالة الإصابة بحروق أشعة الشمس المزمنة تنشأ في الأماكن المكشوفة من الجلد خصوصاً الوجه ويعقب ذلك الالتهاب ظهور بقع قاتمة وهي ما يعرف بـ «كلف الشمس» .

ولتجنب حروق الجلد يجب عدم التعرض لأشعة الشمس واستخدام الكريمات الواقية وكذلك يجب علاج حروق الشمس من بدايتها وبالأخص أصحاب البشرة البيضاء.

هناك أيضا أمراضاً أو مشاكل جلدية تنجم عن استخدام حمامات السباحة تتمثل في الالتهابات الجلدية الفيروسية مثل الثآليل، والمليساء المعدية، والعدوى البكتيرية مثل التهاب الأجربة الشعرية، وهذه شائعة جداً بين الناس الذين يرتادون حمامات السباحة، لذا يجب التأكد من أن حمامات السباحة تحتوي على نسب مناسبة من الكلور كما يجب تجنب البقاء في أحواض السباحة لساعات طويلة .

أن حب الشباب يزداد سوءً خلال فصل الصيف بسبب زيادة إنتاج العرق في الوجه ويؤدي إلى انسداد القنوات الدهنية الأمر الذي يؤدي إلى زيادة ظهور حب الشباب .

لذلك يجب استخدام الكريمات الواقية للتقليل من حروق الشمس والآثار المؤدية إلى شيخوخة الجلد, وبالنسبة لارتياد حمامات السباحة فإننا نوصي بأن يكون المكان نظيفا ويجب على مرتادي حمامات السباحة غسل الجسم بالماء قبل النزول وبعد الخروج منها للتخلص من آثار الكلور وكل ما قد يعلق بالجسم وضرورة لبس الأحذية أو النعل عند المشي حول حمام السباحة لأن الرطوبة الموجودة تساعد على انتقال الفيروسات من خلال المياه الراكدة حوله.

وبشكل عام يجب الإهتمام بالنظافة الشخصية وتبديل الملابس ولبس الملابس القطنية الخفيفة كلما أمكن والتي لا تزيد من تعرق الجلد ويفضل تجنب لبس الملابس المصنوعة من الألياف الصناعية والملابس ذات الألوان الداكنة صيفا لأن ارتدائها لا يناسب فصل الصيف، فالأولى ترفع حرارة الجلد أكثر من اللازم وتؤدي إلى زيادة التعرق وتكاثر البكتيريا على الجلد أما الثانية فتجذب الحرارة وترفع درجة حرارة الجسم لذلك تفضل الأقمشة القطنية ويفضل اللون الأبيض والألوان الفاتحة وخصوصا أن ارتداء الألوان الداكنة لفترات طويلة يؤدى إلى تبقع الجلد, وفي النهاية نؤكد على ضرورة حماية الأطفال من التعرض لأشعة الشمس عن طريق لبس القبعة واستعمال الكريمات الواقية التي زاد كثيراً وعي الناس بشأنها في الفترات الأخيرة.

ملحوظة: هناك بودرة مخصصة لامتصاص العرق وتخفيف الرطوبة وتوجد بها مادة تقلل التعرق وينصح باستخدامها.

العدد 5104 - السبت 27 أغسطس 2016م الموافق 24 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً