العدد 5107 - الثلثاء 30 أغسطس 2016م الموافق 27 ذي القعدة 1437هـ

ندى علوي: لغة الفن مُخبّأة في ذاتي منذ الصغر

منذ زمن، وربما يعود بها ذلك الزمن إلى المرحلة الثانوية، كانت تحب مجال التصميم، وكانت – آنذاك – تصمم لأسرتها وصديقاتها بعض البطاقات والهدايا، وكُنَّ يشترينها مع أنها كانت ذات سعر عالٍ بالنسبة إلى الطلبة؛ ذلكأنها تحرص على جودة الخامة وتختار أفضل أنواع الورق ومستلزمات التصميم، وفي الوقت ذاته كانت تحصل على التشجيع والدعم والكلمات الدافعة منهن، وتناغم ذلك مع حبها للكتابة والمسرح والتمثيل فكلها كانت بدايات مدرسية، إلا أن دخول عالم العمل يتطلب تخطيطاً دقيقاً وقدرةً على التعامل مع مختلف الظروف.

في الاحتفال بيوم المرأة العالمي في 8 مارس/ آذار من العام الجاري، نالت امتياز الشرف لرائدة الأعمال البحرينية الشابة من قرينة جلالة الملك رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، وفي أبريل/ نيسان من العام الجاري نالت ضيفة “إشراقة بيللا” رائدة الأعمال ندى علوي شبر جائزة المرأة في مجال الأعمال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) التي تقدمها غرفة التجارة الأميركية عن مشروعها “مؤسسة الندى” كأفضل رائدة أعمال، فهذه المؤسسة استخدمت لغة الفن والثقافة والكتاب والمعرفة والجمال لإنتاج إكسسوارات وأزياء ربطت بين إبداع الفنان البحريني وإبداع تصميم الندى... تُرَى، هل سنضع وشاحاً بألوان الفرح ونحن نبدأ هذا الحوار؟ سيكون كذلك:

منظور جديد أساسه الفن

من تكساس إلى مجال الصحة والسلامة المهنية إلى الفن والجمال والثقافة... من أي بوابة انطلقت “الندى” وكيف كان مسار التأسيس؟

كانت فكرة المشروع الخاص تراودني وسعيت لتحقيقها، فبعد أن أنهيت دراستي الجامعية في الولايات المتحدة الأميركية بدرجة الماجستير في إدارة الأعمال، عملت في مجال التسويق بشركة نفطية في ولاية تكساس، ثم عملت في شركة أخرى متخصصة في مجال خدمات الحفر، وكان والدي يعمل في مجال الصحة والسلامة المهنية وبحث معي فكرة تأسيس شركة في هذا المجال تخدم القطاع الخاص في البحرين؛ إذ لم تكن هناك أية مؤسسات تساعد الشركات على تطبيق متطلبات واشتراطات السلامة المهنية والحد من الحوادث في أماكن العمل، وكان ذلك في العام 2004 حين بدأت مع والدي العمل وكان المرفأ المالي أول انطلاقة عملنا، وتوالت بعد ذلك الأعمال في مشروعات متعددة في دول مجلس التعاون الخليجي وفي خارجها حتى عملنا في روسيا وإفريقيا، وتوقفت عن العمل في تلك الشركة في العام 2012، لكن قبل ذلك وفي العام 2011 أسست مؤسسة “الندى” بمجمع السيف ومجالها يختلف تماماً عن عملنا السابق، فـ “الندى” تعمل في مجال الفن والثقافة ضمن منظور جديد يمازج بين الفن والجمال عبر إنتاج الإكسسوارات والهدايا المستوحاة من أعمال الفنانين البحرينيين، وفي الحقيقة كانت هذه الفكرة تراودني كحلم منذ سنوات، حتى جاء وقت تحقيق هذا الحلم.

إلى العالمية انطلاقاً من البحرين

من البحرين، مروراً بالكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تحلق منتجات “الندى”، هل وجدتم مجالاً رحباً لتقديم فكرتكم بكامل مضامينها؟

بلا شك المجتمع يقدر الجهود المميزة، ولا تنسي أن الزمن الذي نعيش فيه هو زمن مختلف عما كان عليه الوضع قبل 20 أو 30 سنة، ونحن كشركة يتركز غالبية عملنا في التسويق والترويج الإلكتروني، ولا نخفي أهمية دور الصحافة الورقية، لكن الإعلام والتواصل الاجتماعي هو المنصة الرئيسية في عالمنا اليوم، ثم هناك تقدير للفن والثقافة في المجتمع، ولأنني من محبي هذا القطاع تحولت من متفرجة إلى مشاركة فاعلة، وفاعلية المشاركة تعني أنني أدخل هذا المحيط ونقدم شيئاً مختلفاً عن المعتاد، فنأخذ الفن ونقدمه في رونق جديد لجمهور يعشقه ويقدره، ولهذا فإننا ولله الحمد، فتحنا نافذة للعديد من الفنانين البحرينيين والخليجيين المعروفين وشكلنا جسوراً بينهم وبين الجمهور من خلال تحويل لوحاتهم وأعمالهم الفنية إلى ثيمة وصيغة في منتجاتنا من الإكسسوارات؛ هذا ما يجعل الطموح لدينا كبيراًإلى أن تخرج منتجاتنا من الدائرة المحلية إلى العالمية انطلاقاً من البحرين.

ستحتفل “الندى” في شهر سبتمبر/ أيلول الجاري بمرور 5 سنوات على تأسيسها، ومنذ بدايتنا حتى اليوم نجد التفاعل المبشر من جانب الجمهور، حتى حين ننظم فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية يشارك الناس للتعرف إلى علاماتنا التجارية ومنتجاتنا، والتجربة الأجمل أن الناس يتذوقون الفن ويتعرفون إلى فكرتنا في مزج الفن والثقافة بالأزياء، وأشعر أن فكرتنا في استيحاء تصاميم الإكسسوارات والأزياء من أعمال الفنانين البحرينيين ورسوماتهم قدمت شيئاً مختلفاً حقاً.

حضور ومسؤولية وقيادة

ترين أن المعوقات يجب أن تُسمَّى تحديات... هل بإمكانك المغامرة؟

في الحقيقة، العمل الحر حالة متسلسلة من الأحداث، ففي كل يوم لك شأن وكأنك تشاهد مسلسلاً من تلفزيون الواقع، وإدارة العمل الحر لها تسلسل يومي فيه الأحداث والمغامرات والتحديات، ولعل الأهم هو أن من يدخل مجال العمل الحر فعليه أن يكون واضحاً مع نفسه، ولا يكفي الجلوس على مقعد وانتظار الناس، بل ذلك يتطلب عملاً مضنياً مستمراً، ويتطلب الحضور والمسؤولية والقيادة.

حتى في التنويع والابتكار، أقول: لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع في الأسواق، فهناك جمهور كبير من النساء والرجال لديهم شغف وفضول لمعرفة ما نقدم من منتجات، ولاسيما تلك التي تتمتع بإحساس جمالي، ولو سألتني: من هي زبونتكِ بالتحديد؟ فسأقول: إنها امرأة شابة (ولنقل:إنها في المرحلة العمرية من العشرين إلى الستين عاماً)، إلا أنني أرى أن المرأة الشابة يمكن أن تكون حتى في سن الخمسين أو الستين من العمر! مستقلة ومثقفة وتحب الحياة والسفر وتسعى إلى أن تكون محاطة بالجمال دائماً، حتى إذا سافرت فإنها لا تسافر للتسوق وقضاء معظم الوقت في المجمعات التجارية، بل تزور المتاحف والمعارض الفنية والجهات الثقافية؛ لذا فإن أكثر منتجاتنا، وبشكل رئيسي، هي خاصة للنساء، وبالطبع لدينا بعض المنتجات التي تناسب الرجال، ونسعى لتقديم بعض المنتجات الجديدة التي تناسبهم.

توفيق وتخطيط وانضباط

وأين يمكن أن نجد “الندى” في الحياة الأسرية والاجتماعية؟

الحياة اختيارات، ولك أن تفعل ما تريده وتحبه، بل ومن حق كل إنسان وأي إنسان أن يشكل وقته وفق ما يريده هو، ومثلما هو جميل مجال العمل بالنسبة إلي، فإن للأسرة وللعلاقات الاجتماعية مكانها الجميل أيضاً، وأشعر أنني قادرة على التوفيق بين كل ما هو جميل بتخطيط أوقات يومي، وإدارة الوقت مهمة حتى نتحرك براحة من ناحية، ونتعامل مع “الأوقات التي تتطلب انضباطاً” من ناحية أخرى.

نحن في حاجة ماسة إلى أن نكون أكثر وضوحاً ومباشرةً على صعيد ما نريد أن نحقق ونعمل، فاللف والدوران لم يوعدا أسلوبَين مقبولين إن أردت أن تتعامل مع الناس من حولك وأنت تتجه لتحقيق مشروع أو عمل حتى لطرح فكرة ما، ومع شديد الأسف ليست القدرة هي ما ينقص الكثير من الناس، بل لأننا شعب يتمتع بطيبة زائدة، فإننا نتعثر أحياناً في قراراتنا ولا نستطيع أن نقول “لا” في الموقع الذي يجب أن نقولها فيه، ولهذا فإنني اجتهدت وعملت وخططت وتوقفت لبعض الوقت ورتبت أفكاري وأموري ثم نشطت من جديد ووضعت طاقتي في مكان آخر يتلاقى مع ميولي.

مجالٌ دائمٌ للتطوّر

هل أنتِ مؤمنة بأننا في مجتمع تستطيع فيه المرأة أن تثبت وجودها حقاً؟

لعلي أعبر لكم عن اعتزازي وفخري بأنني تلقيت تعليمي في المدارس الحكومية وأحمد ربي على هذه التجربة، ثم اتجهت في تعليمي الجامعي إلى الولايات المتحدة الأميركية، ولكون والدَيَّ مهتمَين بالتعليم والدراسة ومختلف الأنشطة التي تشكل شخصية الإنسان، تلقيت هذا الغرس منذ الصغر لأن أكون عنصراً فاعلاً في المجتمع، وبالطبع حين يتعود الإنسان على الكسل والخمول من صغره ويختار الطريق السهل في “ترك الأشياء التي توجب عملاً وتعباً”، فإنه بذلك يختار: هل ينجز أم لا ينجز؟ والحياة في الحقيقة بالنسبة إلي مجموعات اختيارات وخيارات، فقد تختار في هذه اللحظة أن تعمل أو تتفرغ للتجوال في هاتفك النقال، والخلاصة أن كل إنسان يعرف أولوياته وعلى أساس ذلك يختار ما يناسبه.

وفي الحقيقة، هناك مجال دائم للتطور... لقد أُوكِلت إلي العديد من الأدوار القيادية في مجلس إدارة مجلس التنمية الاقتصادية، ومن حولك يرى كيف بإمكانك أن تعمل وتثبت نفسك، ومن يرشحك ويختارك لموقع ما لا يبخل في تقديم الدعم والمساندة، وذلك كله يمثل قاعدة مهمة للغاية، ومن كل قلبي أقول: إنني أعتز بانتمائي وعملي في مجلس التنمية الاقتصادية، وما يزيدني شرفاً هو ما أحظى به من ثقة واحترام وتقدير من المجلس.

البحرين أجمل للجميع

دعينا نختم حوارنا اللطيف بما يلامس ما نسعى إليه... أي القضايا تشغل اهتمامك بدرجة أكبر؟

تشغل قضايا التعليم والمعرفة مساحة كبيرة من اهتمامي، ثم تأتي قضية “التوظيف” ودعم الكوادر الوطنية، ولكل واحدة من تلك القضايا مسار لتقديم ما يمكنني تقديمه، ولو سألتني عن طموحي في ميدان السياحة فسأقول: إنني أحمل أملاً في أن نجعل البحرين أجمل، ولأنني عضو في لجنة السياحة بمجلس التنمية الاقتصادية، فلدينا اهتمام بالإسهام في وضع التصورات، ولعلك ترى أن فكرة كون البحرين أجمل للجميع، فذلك له ثمار إيجابية حتى على الأداء والإنتاج، ويلزم ذلك نظرة إيجابية وعملاً مخلصاً وفق أهداف واضحة.

العدد 5107 - الثلثاء 30 أغسطس 2016م الموافق 27 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً