العدد 5136 - الأربعاء 28 سبتمبر 2016م الموافق 26 ذي الحجة 1437هـ

“بيللا” تضيء تجارب شباب تحدوا الإعاقة بإرادة حديدية

لم يمنعهم الكرسي المتحرك ولا فقد البصر..

منذ ولادته، كان (خليل إبراهيم خليل) المواطن البحريني البالغ من العمر 34 عامًا مصابًا بالصمم والبكم، وكأنداده من فئة الصم والبكم، فإن الاحتياجات الخاصة لهم، لا سيما على مستوى التعليم، تضيف إليه المزيد من الإصرار والثبات والعزم على العيش كالأسوياء، وعلى الرغم من محدودية دخل أسرته، إلا أنها كانت له السند والعون، وكذلك كان أهله وجيرانه.

فتح (خليل) قلبه لـ "بيللا" على هامش حفل افتتاح مركز توظيف وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة بمبنى عبدالله بن علي كانو لتشخيص وتقييم الإعاقة تحت رعاية وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان يوم الثلاثاء (21 سبتمبر أيلول 2016) ليعبر عن رسالة اعتزاز وفخر، وليبلغ ذوي الاحتياجات الخاصة من الشباب المقبلين على العمل من الجنسين :"أنتم أقوياء.. تحدوا ظروفكم واثبتوا جدارتكم وعيشوا حياتكم.. هناك من هو مثلي وهناك من إعاقته أشد مني.. لكن من هؤلاء وهؤلاء نماذج نتشرف بنجاحها.. عزمهم قوي وإرادتهم حديدية.. فلنكن جميعًا أقوياء في الإرادة وفي السير على طريق النجاح".

تلقى (خليل) في مراحل تعليمه المختلفة تدريبًا في مجال الطباعة الإلكترونية، حتى أتقن المهنة تمامًا، ثم لم يكتف بذلك على الرغم من أنه عمل في إحدى المؤسسات بقسم الطباعة، ولم يعاني أية صعوبات في العمل، ولأنه يرنو لتطوير ذاته، تدرب أيضًا في مجال التصميم وبرمجياته، وهو اليوم يعمل في هذا المجال وأمامه العديد من الفرص.

التوظيف كمسئولية اجتماعية

تواجدت "بيللا" بين أروقة المركز لتضيء بضع تجارب لشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة تحدوا الإعاقة بالإرادة الحديدية والعزم الذي يفتقده الكثير من الأسوياء، وهذه الفئة المهمة في المجتمع لها الحق في العيش كما هو حق الجميع، مما جعل الدولة تبادر لتخصيص برامج رعاية وتعليم وتدريب لإدماجهم في الحياة العامة وفي سوق العمل ليكونوا عناصر فعالة منتجة، فمنذ بداية العام الجاري 2016، تم إدماج حوالي 180 من ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل، حسب بيانات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وهناك نحو 400 ينتظرون دورهم في التوظيف، واللافت، أن هناك شركات ومؤسسات وطنية يصل عددها إلى حوالي 30 مؤسسة، عرضت ما يزيد على 100 وظيفة متنوعة لذوي الاحتياجات الخاصة من باب المسئولية الاجتماعية في تشغيلهم، بأجور تتراوح بين 270 دينارًا كحد أدنى، و400 دينار كحد أعلى، أما الشهادات والمؤهلات العلمية فتبدأ من الثانوية العامة حتى درجة البكالوريوس.

أوصلوني إلى منصب قيادي

لم تقف المعوقات والحواجز أمام تجربة (مريم البالغة من العمر 27 عامًا)، ولم يقف الكرسي المتحرك كمانع عن تحقيق طموحها في دراسة إدارة الأعمال والمحاسبة، حتى تمكنت من اثبات وجودها في إحدى الشركات وأصبحت في منصب قيادي وتحظى باحترام الإدارة العليا وجميع أفراد فريق العمل، تقول :"الحمد لله أننا نعيش في مجتمع رائع كالمجتمع البحريني، فأنت تجد الطيبة والمبادرة من الجميع.. بحرينيين وغير بحرينيين، فهم يقدمون لك المساعدة، لا عطفًا أو رأفةً فحسب، بل لأنك حين تكون من ذوي الاحتياجات الخاصة وتسعى لتطوير ذاتك وتمضي لتنجح، فإن هذا الأمر يضفي عليك البركة والتوفيق من الله سبحانه وتعالى، وللعلم، فإنني حين أشارك في الفعاليات والبرامج المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وخصوصًا في المركز البحريني للحراك الدولي، أشعر بالفخر من كون هذه الفئة من أبناء بلادي يتمتعون بروحية عالية ويعيشون الأمل الدائم، وهذا هو مفتاح النجاح بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى".

النور يشع من المحبة

ولعل (مهند) البالغ من العمر 40 عامًا يلهمنا درسًا جميلًا يغمر العواطف، فهو ضرير منذ ولادته، وكم كانت الظلمة التي رافقته منذ قدومه إلى هذه الدنيا تبعث في وجدانه نورًا مشعًا من المحبة التي يلقاها من الناس، يقول مهند :"هذه كتبة الله علي.. وأنا راض بما قسمه الله لي في الحياة، ونِعم الله كثيرة، فأنا أعيش وأعمل وأعيل أسرة، وقد عملت كموظف بدالة في إحدى المؤسسات، وكان الجميع يقف معي ويساندني، ولا يمكن أن يقف الطموح عند حد معين في الترقي الوظيفي، فحتى ذوي الاحتياجات الخاصة كما ترونهم هنا، يمكنهم التقدم للدورات التدريبية وكذلك الحصول على وظائف أفضل تناسب خبراتهم العملية، حتى بالنسبة لمن هم في وظائفهم الآن ولكن يطمحون لوظائف أفضل.. ولي كلمة إلى القائمين على مركز كانو لتشخيص وتقييم الإعاقة أقول فيها.. أنتم أعزاء، وجهودكم على رؤوسنا، ولا نستطيع أن نوفي حقهم من الشكر والتقدير.

مطمئن على مستقبل ابني

بكل العرفان، يتحدث المواطن حسين إبراهيم (وهو والد أحد الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة متلازمة داون) فيقول :"أنا مطمئن على مستقبل ابني، وكذلك على مستقبل ذوي الاحتياجات الخاصة في مملكة البحرين ما دامت هذه الجهود المشكورة تعمل من أجلهم، وقد علمت من خلال كلمات بعض المسئولين أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة المسجلين في كشوف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية يزيد على 10 آلاف، وهذا العدد الكبير حين يحصل على الرعاية والاهتمام، فإن ذلك يعني العمل من أجل ضمان لقمة العيش الكريمة لهم، فمن حقهم أن يعيشوا في المجتمع ويستمتعوا بالحياة حسبما كتبه الله سبحانه وتعالى لهم".

ويلفت إلى أن هناك الكثير من الخدمات والبرامج المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة في البحرين، فيمكن لأولياء الأمور الحصول على الأجهزة التعويضية والدورات التدريبية وكذلك المخصصات المالية، وأنا أرى أن البحرين من الدول المتقدمة جدًا في مجال رعاية المعاقين، ولا يسعنا إلا أن نشكر كل من يخدم هذه الفئة من أبناء الوطن.

شركات تستحق التقدير

اطلعت "بيللا" خلال جولتها في المركز على قائمة الشركات والمؤسسات التي بادرت بتقديم شواغر وظيفية لذوي الاحتياجات الخاصة، وهذه القطاعات تستحق كل الشكر والتقدير على هذه المبادرة الوطنية الإنسانية الرائعة: مقاولات الغناه، شركة بوابة ديفيس لخدمات السيارات، غلف كستومر اكسبيرينس، شركة يونيتاك، مجموعة عبدالأمير حاجي علي التجارية، شركة عبدالجبار الكوهجي، مجموعة المير، فندق روتانا، أوال الخليج للصناعات، شركة العرين، دوتس بيرانجس للتجارة، شركة داداباي للسفر والسياحة، شركة الإمارات للصرافة، مركز الشرف التخصصي للعظام والعمود الفقري، بي إم إم آي، فندق ويستن البحرين سيتي سنتر، فندق ميريديان البحرين، المؤسسة الوطنية للخدمات الصناعية والتجارية، الشركة الوطنية للنقليات، شركة يوسف عبدالرحمن انجنير، ABBZ، مجموعة إليت، سيباركو، شركة عبدالعزيز السيد، بي هريداس، آر إم أيه الشرق الأوسط، جبي بي إف بحرين، شركة سنترال لأنظمة الطاقات والعمليات، مركز التدخل المبكر، ألبان الريف.. وباقة ورد من "بيللا" عرفانًا وتقديرًا لهذه الجهود المباركة.

 مركز توظيف وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة بمبنى عبدالله بن علي كانو
 مركز توظيف وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة بمبنى عبدالله بن علي كانو

العدد 5136 - الأربعاء 28 سبتمبر 2016م الموافق 26 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً