العدد 2495 - الأحد 05 يوليو 2009م الموافق 12 رجب 1430هـ

إغاثة الفلسطينيين... هل تكون بوابة لتطبيع بحريني - إسرائيلي؟

هونت مصادر مقربة من الجهات الرسمية من تبعات الزيارة المعلنة الأولى التي قام بها وفد بحريني حكومي إلى تل أبيب منذ ايام من اجل تسلم خمسة بحرينيين اختطفتهم السلطات الاسرائيلية من مياه غزة الاقليمية ونقلتهم الى مرفأ «اشدود» الاسرائيلي على رغم عدم وجود علاقات رسمية بين البلدين. في حين رات جهات اخرى ان الحكومة البحرينية قامت بهذه الخطوة ضمن سلسلة من الخطوات التي سبقت خلال السنوات الماضية باتجاه التطبيع مع «اسرائيل» من خلال اغاثة الفلسطينيين.

وتناولت وكالات الانباء الدولية والصحف الاسرائيلية خبر وصول وفد بحريني على متن طائرة خاصة لتسلم البحرينيين ومن ثم الانتقال بهم من الاجواء الاسرائيلية الى الاجواء العربية قبل وصولهم الى العاصمة البحرينية، واعتبروا ذلك مؤشرا على توجه حثيث نحو تطبيع العلاقات بين البحرين و «اسرائيل»، اذ يشار إلى أنه حتى الآن تقيم ثلاث دول عربية فقط هي مصر والأردن وموريتانيا علاقات دبلوماسية مع «إسرائيل»، أما قطر فاكتفت بتبادل فتح مكاتب تمثيل تجاري مع تل أبيب. وياتي هذا بعد ان تناقلت الانباء توسط الولايات المتحدة الاميركية بين «اسرائيل» وعدد من الدول العربية والخليجية بفتح الاجواء امام الطيران الاسرائيلي للتحليق في مسارات لم تستطع التحليق بها الا في حالة الحرب. وأيضا إعادة فتح مكاتب المصالح الإسرائيلية في بعض دول شمال أفريقيا والخليج، بعدما أغلقت خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.


«روح الإنسانية»

وفيما رفضت وزارة الخارجية البحرينية الرد على اسئلة «الوسط» امس، قال متحدث باسم الخمسة البحرينيين الذين كانوا وصلوا الى المنامة صباح أمس الجمعة الماضي خالد الشنو ان ملابسات اطلاق سراحه مع زملائه غير معروفة بالنسبة لهم وهو سؤال تحتفظ بأجوبته فقط وزارة الخارجية الا انه ثمن الجهود الرسمية في اطلاق سراحهم من ايدي السلطات الاسرائيلية رافضا ان يكون هناك أي شكل من اشكال التطبيع. وكرر الشنو انه مع باقي زملائه قرروا الذهاب بشكل شخصي عدا واحد منهم كان يمثل الجمعية الاسلامية، وان الباقي لا يمثلون اية جمعية سياسية وانهم ذهبوا تطوعا ايمانا منهم بكسر الحصار على غزة. وقال: «سنكرر المحاولة مرة اخرى مع باقي زملائنا النشطاء في السلام عبر سفينة «روح الإنسانية» من قبرص الى مياه غزة الاقليمية، واننا لم نذهب لنخترق مياه «إسرائيل» الإقليمية».

وعما اذا كانت معاودة التجربة مرة اخرى قد تسبب حرجا للحكومة البحرينية في حال لو تم القبض عليهم من قبل الاسرائيليين بعد أن وصفت مساعي الحكومة للإفراج عنهم بأنها زيارة معلنة لمسئولين بحرينين داخل «اسرائيل» اجاب الشنو معلقا «أؤكد نحن لم نذهب الا لغرض انساني من اجل كسر الحصار على غزة ولم تكن لنا نية لاختراق الامن الاسرائيلي وحدودهم ولقد كان سفرنا بشكل قانوني وذهبنا بإرادتنا، نحمل مساعدات رمزية ودعما معنويا للمحاصرين في غزة، لكننا فوجئنا باختطافنا وهم يدعون انهم يريدون سلاما ويقتلون الفلسطينيين بدم بارد، ونقول للمشككين ان الذهاب الى البحر اسهل لأنه مقسم مقارنة بالبر عن طريق معبر رفح المصري». واضاف الشنو «ان السلطات القبرصية لديها علم بهدف سفينة «روح الإنسانية» وسنعاود الذهاب لأننا نرفض الحصار كما نرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني(...) والحكومة البحرينية اذكى من ان تنجر نحو التطبيع، ولا ندري ما تم مع الوفد البحريني الذي تفاجأنا بوجوده ورأيناه يصعد الطائرة من مطار بن غوريون الدولي ومن ثم صعدنا الطائرة الأردنية الخاصة التي طارت بنا من الأراضي الاسرائيلية لتتوقف فترة قصيرة في عمان ومن ثم لتحلق مباشرة الى البحرين».

من جانبه قال رئيس لجنة مناصرة فلسطين بمجلس النواب النائب ناصر الفضالة في تصريح سابق للصحافة المحلية: «نتمنى الا يتم ابتزاز البحرين بقيادتها التي وقفت امام التطبيع والا تكون هناك اية عمليات تطبيع تمت بين الوفد البحريني الذي تسلم المحتجزين من قبل الكيان الصهيوني».

وكانت البحرية الإسرائيلية اعترضت الثلثاء الماضي سفينة على متنها 21 ناشطا من 11 جنسية ومساعدات بينما كانت في طريقها إلى قطاع غزة، كما أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أوضح فيه أن عناصر من البحرية صعدوا على متنها.


تجمع شرق أوسطي

هذه الحادثة التي تبدو عرضية اصبحت الآن علامة واضحة على طريق التطبيع مع «اسرائيل» بحسب المراقبين الذين اشاروا الى خطوات مدروسة للتقارب بين البحرين و «اسرائيل». وفي هذا السياق كان وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد ال خليفة دعا مطلع اكتوبر/ تشرين الاول 2008 إلى تجمع شرق أوسطي يضم «إسرائيل» وايران وتركيا. وقال الشيخ خالد حينها في تصريحات الى صحيفة «الحياة» إن هذا «هو السبيل الوحيد لحل المشاكل القائمة بين دول المنطقة».

وكذلك كان الشيخ خالد طرح فكرة تأسيس هذا التجمع في كلمة القاها امام الجمعية العامة للامم المتحدة لكنه لم يحدد الدول التي يمكن ضمها إليه. وأضاف في حديثه الصحافي سائلا: «لماذا لا نجلس معا حتى إذا كانت بيننا خلافات أو لا نتبادل الاعتراف، ولماذا لا ننشئ هذه المنظمة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة». وأضاف أن على «إسرائيل» وإيران وتركيا والدول العربية «الجلوس مع بعض في منظمة واحدة. ألسنا جميعا أعضاء في منظمة اسمها الأمم المتحدة على أساس عالمي؟ لماذا ليس على أساس اقليمي؟ هذا هو السبيل الوحيد لحل مشكلاتنا وليس هناك طريق آخر لحلها اليوم أو بعد 200 سنة».

ورفض نواب بحرينيون ومعارضون يومها هذه الدعوة معتبرين أنها تشكل «خروجا عن السياسة البحرينية» ومدخلا إلى التطبيع.

كما كانت البحرين عينت العام الماضي اول سفيرة عربية من الديانة اليهودية لتمثيل البحرين في العاصمة الاميركية، واشنطن، فيما اعتبرته الاوساط السياسية نوعا من التقارب الديني والسياسي.

وصرح وزير الخارجية لوكالة «بنا» الرسمية في 8 يونيو / حزيران 2008 «ان اختيار البحرين لعضو مجلس الشورى السابق هدى نونو سفيرا لدى واشنطن نابع من كونها مواطنة بحرينية بالاساس تنتمى للبحرين كغيرها من المواطنين البحرينيين». في حين رأى محللون عرب ان تعيين نونو «لم يأخذ كل هذه الضجة الإعلامية لولا اعتناق سفيرة البحرين للدين اليهودي الذي يعدّ واحدا من الديانات السماوية الثلاثة المشكلة للنسيج الاجتماعي البحريني والذي لا تتجاوز أعدادهم سوى اربعين شخصا».

وعلقت صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية على تعيين نونو بانه «يلوِّح باحتمال الانفتاح على «إسرائيل» التي لا تقيم معها البحرين حتى الآن علاقات دبلوماسية».


ليفني وساريد

وفي 10 اكتوبر/ تشرين الاول 2007 أوضحت وزارة الخارجية في بيان لها ان ما تم تناقله في عدد من الصحف من خبر لقاء وزير الخارجية البحريني بوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني على هامش انعقاد الدورة الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة تم فعلا.

ويأتي هذا اللقاء ضمن دور البحرين في إطار اللجنة العربية الخاصة بمبادرة السلام العربية وتنفيذا لقرارات القمم العربية وبالأخص قمة الرياض 2007 التي دعت للاتصال بجميع الأطراف المعنية بعملية السلام في الشرق الأوسط لشرح المبادرة العربية والدفاع عن القضية الفلسطينية.

وقال بيان وزارة الخارجية «المواقف الوطنية للبحرين معروفة وثابتة من القضية الفلسطينية ولا تخضع للمزايدات أو البيع والمشترى في أسواق السياسة. كما أن مملكة البحرين لم تخرج مواقفها عن الخط العربي وهي مواقف واضحة تؤكد ضرورة التوصل إلى السلام العادل والدائم والشامل من خلال إقامة الدولة الفلسطينية ذات الحقوق الكاملة وعاصمتها القدس الشريف. ومما يذكر فإن الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي لم تكن وليدة الساعة بل سبق وان زار مملكة البحرين وفد إسرائيلي خلال العقد الماضي برئاسة وزير البيئة الإسرائيلي يوسي ساريد في إطار مفاوضات السلام المتعددة الأطراف».

واضاف بيان الوزارة «نؤكد ان جميع الاتصالات التي تقوم بها البحرين هي في إطار الشفافية التي تتحلى بها الدبلوماسية البحرينية وتعلم بها الأطراف المعنية وليس لها طابع سري أو أهداف سرية بل تهدف لدعم مصلحة الشعب الفلسطيني ورفع المعاناة عنه. ومما لا شك فيه فإن الواقع السياسي اليوم اختلف عن الواقع السائد قبل أربعين عاما وهو الأمر الذي لايزال البعض يتجاهله على رغم الحقائق السياسية الموجودة في عالمنا المعاصر».

وأغلقت البحرين مكتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية الذي تأسس بقانون رقم (4) للعام 1963 في سبتمبر/ ايلول 2005 قبيل دخول اتفاق التجارة الحرة مع اميركا الى حيز التنفيذ، وكتب وزير المالية الشيخ احمد بن محمد ال خليفة مذكرة الى الحكومة الأميركية مؤكدا إغلاق المكتب وذلك للبدء باتفاق التجارة الحرة.

وسبق أن تم رفع المقاطعة من الدرجتين الأولى والثانية العامين 1993 و1994م بينما ثبت من الناحية العملية أن مكتب مقاطعة «إسرائيل» لم يقم بدور يذكر خلال السنوات الماضية.

العدد 2495 - الأحد 05 يوليو 2009م الموافق 12 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً