بعد عام على وفاة مغني «الأوبرا» الإيطالي لوتشيانو بافاروتي في السادس من سبتمبر/ أيلول 2007، تستعد مدينة البتراء الأردنية كما باريس ونيويورك لإقامة حفلات موسيقية، تكريما لذكرى «التينور» الذي تعتبره مدينة مودينا مسقط رأسه «أسطورة».
وقال رئيس بلدية مودينا (شمال إيطاليا) جورجيا بيغي «إن ذكرى بافاروتي تحوله إلى أسطورة. ومدينتنا تريد مواكبة هذه الظاهرة المتنامية بإبراز صورة حية عنه».
وقال «سنعزف موسيقى (القداس الجنائزي) لفيردي في السادس من سبتمبر/ أيلول في المسرح الذي اهديناه للتينور، وبما أننا تلقينا الكثير من الطلبات، فمن المقرر تنظيم حفل ثان مساء اليوم التالي. والمقاعد الألفان مجانية، إنها هبة إلى بافاروتي من مدينته».
وبدعم من وزارة الثقافة الإيطالية ومسرح «لاسكالا» في ميلانو الشهير تنظم مسابقة غناء أيضا، بمشاركة 250 شابا وشابة قدموا من كل أنحاء العالم على أن تكون التصفيات النهائية في 3 أكتوبر/ تشرين الأول أمام لجنة تحكيم يرأسها التينور كارلو بيرغونزي.
وخارج الحدود الإيطالية، ستعزف موسيقى «القداس الجنائزي» لفيردي في متحف «متروبوليتان نيويورك» في 18 سبتمبر أمام ثلاثة آلاف شخص، فيما يستضيف منتزه «سان كلو» في باريس في 13 سبتمبر حفلا تكريميا يشارك فيه عدد من نجوم الغناء الفرنسيين بينهم روبرتو الانيا.
وتنظم مدينة البتراء في الأردن حفلا خيريا ضخما شبيها بحفلات «بافاروتي وأصدقاؤه» التي أحياها مغني الأوبرا طوال حياته الفنية مع كبار نجوم الأغنية أمثال بونو والتون جون، وسيلين ديون، وجو كوكر، وستينغ... وغيرهم وخصص ريعها لأعمال خيرية.
من جهتها، قالت أرملته نيكوليتا مانتوفاني الأسبوع الماضي متحدثة لمجلة «تشي» الخاصة بأخبار المشاهير، إن حفل البتراء «كان حلما راود الملك حسين كما لوتشيانو» مضيفة «قررنا تخصيص ريع الحفل بالكامل لأعمال خيرية وسنتوجه إلى الأمم المتحدة التي كان لوتشيانو يدعمها بشدة ويمثلها باعتزاز كونه رسول سلام».
وقالت المرأة البالغة من العمر 38 عاما «كانت سنة صعبة. لطالما ملأ لوتشيانو حياتي وجعلها أجمل. لقد ترك فراغا كبيرا».
وأضافت الزوجة الثانية لبافاروتي «أحاول تنظيم حفلات تكريمية حتى يتذكر الجميع مساره الفني الفريد وشخصيته العظيمة وإنسانيته».
ولد لوتشانو بافاروتي بمدينة مودينا في 12 أكتوبر 1935، إذ يعد من أشهر فنانين «الأوبرا» في الطبقة العالية من الرجال في عصرنا الحاضر، وأحد «التينور» الثلاثة.
ولد بافاروتي لعائلة خباز، بعد أن تخلى عن حلمه بأن يصبح حارس مرمى كرة قدم محترف، ثم قضى سبع سنوات في التدريب الصوتي. بدأ بافاروتي حياته بوصفه «تينور» في إيطاليا العام 1961، ثم بدأ الغناء في دور «الأوبرا» في هولندا وفيينا ولندن وأنقرة وبودابست وبرشلونة.
اكتسب «التينور» الشاب حينها الخبرة القيمة بالإضافة إلى التقدير الواضح. وفي أثناء عروضه للولايات المتحدة بدعوة من السوبرانو ساثرلاند العام 1965 ذاع صيته وثبت أقدامه على الساحة العالمية بين العامي 1966 و1972 إذ أدى في أكبر دور «الأوبرا» في العالم مثل «La Scala» في ميلان.
بحلول منتصف السبعينيات، صار بافاروتي مشهورا في جميع أنحاء العالم بتميز وروعة صوته وخصوصا الطبقات العليا. وبين العامي 1970 و1980 كان بافاروتي قد أثبت نفسه باعتباره أحد أعظم مطربي «التينور»، بعروضه المتعددة في أكبر دور «الأوبرا» في العالم. كما ذاع صيته خارج نطاق جمهور «الأوبرا» كونه نجما غنائيا في عام كأس العالم بإيطاليا، وخصوصا بعد أدائه الرائعة لـ «أريا» «Nessun Dorma» من «أوبرا» «Turandot» بوصفه أحد «التينور» الثلاثة في حفلهم الأول عشية نهائي كأس العالم، غنى فيها بافاروتي مع نجمي «التينور» بلاسيدو دومينجو وخوسيه كاريراس، ومعا حققوا شهرة طاغية ونجاحا عظيما في جميع أنحاء العالم.
السنوات التالية لاقت تقلصا في عدد أدائه لـ «الأوبرات» على المسرح، بسبب الزيادة المفرطة في وزنه، وكان آخر أداء في «أوبرا» له في مارس العام 2004 في «Mets». وفى الأوليمبيات الشتوية في تورينو «Turin» العام 2006 شاهدته إيطاليا والعالم يغني للمرة الأخيرة، إذغنى بافاروتي «Nessun Dorma» وأدت الجموع الكبيرة دور الكورال المصاحب، في أداء مهيب مؤثر.
توفي بافاروتي اثر إصابته بمرض «سرطان البنكرياس» في السادس من سبتمبر 2007 عن 71 عاما في مسقط رأسه مودينا (شمال).
وقد أثير جدل حول تقاسم ثروته بسبب نسختين من وصيته لم تقدما تقاسما عادلا للأملاك بين بناته الثلاث من زواج أول، وزوجته الثانية نيكوليتا مانتوفاني، وابنتهما البالغة من العمر 4 أعوام.
وتوصل ورثة مغني «الأوبرا» في نهاية المطاف إلى اتفاق بشأن تقاسم الثروة، كما أعلنت في يونيو/ حزيران الماضي محامية نيكوليتا مانتوفاني.
العدد 2197 - الأربعاء 10 سبتمبر 2008م الموافق 09 رمضان 1429هـ