العدد 2211 - الأربعاء 24 سبتمبر 2008م الموافق 23 رمضان 1429هـ

حرب وهوية وحكايات عادية في كارافان السينما العربية الأوروبية

تقدم الأفلام الوثائقية العربية الـ 19 المعروضة ضمن كارافان السينما العربية -الأوروبية في معهد العالم العربي في باريس، صورة جميلة وإن مقلقة عن عالم عربي أعيدت صياغته وفق نظرات المخرجين وحساسياتهم المتنوعة التي عكست تطور النتاج السينمائي الوثائقي العربي على نحو ملفت في السنوات الأخيرة.

وتمثل هذه الأفلام عينة تشهد على التطور الكبير الذي طرأ على الفئة الوثائقية في العالم العربي بعد أن كان الفيلم الوثائقي متراجعا لأن المخرجين العاملين في هذا المجال حتى نهاية الثمانينيات كانوا محدودي العدد.

غير أن التطور السريع لهذا النوع مكن الأفلام العربية من الالتحاق بركب الوثائقي العالمي والظهور على الساحة الدولية والفوز بالجوائز، فضلا عن تميز عدد منها في مهرجانات عربية وحصولها على جوائز مالية.

ولا يخفى أن الفيلم الوثائقي عانى في إنتاجه الكثير من الصعوبات ونما في ظل غياب رسمي شبه تام وحقق إنجازاته بمساعدات أوروبية وأحيانا بجهود فردية وفي غياب المنتج الحقيقي.

وتناولت الأفلام المقدمة ضمن الكارافان شتى المواضيع لكنها ركزت على مسائل الحروب والهوية والذاكرة وصراع الأجيال أو حوارها وصولا إلى التأملات الوجودية في أوضاع الفرد والجماعة أو حتى حكاية القصص العادية اليومية.

وبدت هذه الأفلام التي تعكس الواقع العربي، مسكونة بشتى الصور التي التقطت قساوة المجتمعات وتعلقها بالعادات والتقاليد وتمزقها بين قيم الماضي وموجبات الحداثة داخل الوطن العربي أو في بلدان المهجر.

وتنظم في إطار الكارافان طاولة مستديرة يديرها الصحافي توفيق حاكم بمشاركة المسئولة عن الكارافان في مصر هالة جلال، إضافة إلى السينمائيين سمير عبدالله وميار الرومي وميس دروزة وهشام بن عمار وناديا الفاني وإبراهيم فريطاح وآخرين.

وأعلنت المسئولة عن الأنشطة السينمائية في معهد العالم العربي ماجدة واصف أن هذه الدورة من الكارافان هي آخر نشاط للاتحاد الأوروبي في فرنسا من خلال برنامجه «ميد 2» الذي انطلق العام 2006 للتقريب بين شعوب جنوب المتوسط وشماله وتدعيم التعددية الثقافية.

وافتتح فيلم مغربي التظاهرة التي انطلقت في 17 سبتمبر/ أيلول.

وتناولت ليلى كيلاني في «أماكننا الممنوعة» السجن السياسي في المغرب من خلال عمل «لجنة العدل والمصالحة» التي أنشاها الملك محمد السادس للبحث في الانتهاكات التي ارتكبت في سنوات الرصاص في المغرب وفي محاولتها كشف سر معتقل ظل مخبأ لفترة طويلة.

وقدم هذا الفيلم ضمن الكارافان في عرض أول كما هي حال عدد كبير من الأشرطة كفيلم «خذني إلى أرضي» للمخرجة الأردنية لميس دروزة التي تزور جدتها وخالتها في دمشق وتدور بين النساء الثلاث أحاديث مقلقة وحنونة عن الأرض والعودة والأقرباء الذين بقوا في فلسطين وتكتب لهم الجدة دون كلل رسائل لا تجد من يجيب عليها.

وفي عرض أول أيضا، قدم فيلم «اللوح» لإبراهيم فريطاح من المغرب وكذلك فيلم كل من سهام مراد والودي واتيو «الجزائر اللقطة الأولى» الذي يصور انتعاشة السينما الجزائرية وحياة الفنانين في ظل أوضاع اليوم.

ويقدم الكارافان من تونس شريط «شفت النجوم في القايلة» لهشام بن عمار وسبق لهذا الفيلم الذي يتناول عالم الملاكمة في تونس بين الأمس واليوم ويستعيد أرشيفا وذاكرة مهمة، أن لاقى نجاحا كبيرا في أوساط الجمهور التونسي لدى عرضه أكثر من مرة.

ومن تونس أيضا اختار المهرجان عرض فيلم ناديا الفاني «أولاد لينين» الذي تتسلق فيه ذاكرة أبيها وماضي الشيوعيين في تونس وتبين على مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة التزام الجيل الأقدم في وقت لم تعد تعرف فيه الأجيال الجديدة معنى كلمة التزام.

الشريط التونسي الثالث لكمال العريضي وعنوانه «غرس الله» ويتناول من خلال قصة ريفية وقائع يختلط فيها تمزق الإنسان المعاصر بين الاعتقادات الخرافية والحياة المعاصرة، وتختلط الوقائع بالحكايات.

بثينة كنعان خوري اختارت هي أيضا أن تسلط الضوء على العادات والتقاليد في «مغارة ماريا» حيث ترصد الظلم اللاحق بالشابات اللاتي يحوم الشك حول عذريتهن.

أما الفلسطيني نصري حجاج فقدم «ظل الغياب»، وهو شريط شاعري حول غربة ومنفى الفلسطيني في الحياة وفي الموت.

وكان هذان الفيلمان حصلا على مكافأة في مهرجان دبي السينمائي الأخير.

وإلى هذين الشريطين، يعرض شريط الفلسطينية ناهد عواد «على بعد خمس دقائق من منزلي».

أما الشريطان الوثائقيان المصريان فيطرح كلاهما على طريقته ومن خلال قصة مختلفة مسألة الهوية التي تناولتها ناديا كامل في «سلطة بلدي» وتناولها حسن غوري في «صنع في مصر».

وتعكس الأفلام الجزائرية بداية عودة اليقظة لهذه السينما ويقدم الكارافان من الوثائقي الجزائري شريط مريم حميدات «ذاكرة 8 مايو 1945».

وفي حين قدم السوري ميار الرومي قصص سائقي التاكسي اليومية العادية في دمشق اليوم، ظل الوثائقي اللبناني أو الذي يتناول لبنان غارقا في صورة الحرب الأخيرة التي ظهرت في أعمال مي المصري (33 يوما) وحسن زبيب «الفوضى الخلاقة» وسمير عبدالله «بعد الحرب، دائما الحرب».

ومن المقرر أن يختتم فيلم «خيام 2000 و2007» للثنائي جوانا حجي توما وخليل جريج الكارافان ويعود الفيلم لتصوير معتقل الخيام الذي دمر كليا في حرب العام 2006 وكان المخرجان صوراه بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان.

ويستعد المخرجان لخروج شريطهما «بدي شوف» الشهر المقبل في بيروت وستكون الممثلة الفرنسية كاترين دونوف حاضرة في بيروت بالمناسبة بعد مشاركتها في الفيلم الذي قدم في تظاهرة «نظرة خاصة» في مهرجان كان السينمائي 2008.

العدد 2211 - الأربعاء 24 سبتمبر 2008م الموافق 23 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً