العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ

في ذكر محاسن أهل البحرين وشعرائها وعلمائها ـ رضوان اللّه عليهم

الباب الحادي عشر(4)

55ـ ابن العرندس البحراني:

وهو من أفضل شعراء المولدين، ذكره الشيخ أحمد الإحسائي في كشكوله فعظّمه، ومن جملة قصائده البليغة:

بات العذول على الحبيب مسهدا

فأقام عذري في الغرام ممهدا

إلى أن قال:

ريم رمي قلبي بسهم لحاظه

عن قوس حاجبه أصاب المقصدا

قمر هلال الشمس فوق جبينه

عال تغار الشمس منه إذا بدا

إلى أن قال:

في طاء طرّته وجيم جبينه

ضدان شأنهما الضلالة والهدي

ليل وصبح أسود في أبيضٍ

هذا أضل العاشقين وذا هدي

لاتحسبوا داود قدّر سرده

في سين سالفه فبات مسرّدا

لكنما ياقوت خاء خدوده

ثم العذار به فصار زبرجدا

يا قاتل العشاق يا من طرفه

الرشاق يرشقنا سهاما من ردا

قسما بثاء الثغر منك لأن

ثغر به جيم الجمان تفندا

إلى أن قال:

إني لقد أصبحت عبدك في الهوي

وغدوت في شرع المحبة سيدا

وابدِ الوفا ودع الجفا وذر العفا

فلقد غدوت أخا غرام مكمدا

إلى أن قال:

ولأجلين على علاك مدائحا

من درّ الفاظي حسانا خوّدا

عُربا فصاحا في الفصاحة جاوزت

قسا وبات لها لبيد مبلدا

يجلو بها نجل العرندس صالح

في الخلد مع حور الحسان مخلدا

56ـ الشيخ سليمان بن صالح الدرازي من آل عصفور:

قال جدي في اللؤلؤه: اما الشيخ سليمان المذكور فكان عم جدّي الشيخ إبراهيم بن الحاج أحمد بن صالح، وهو كبير أولاد الحاج صالح المذكور، ومرجع القرية المذكورة، وكان الحاج أحمد له سفن في الغوص، فجعل أخاه الشيخ سليمان في أول شبابه ممن يغوص له في تلك السفن، ثم إنه أصابه مرض بسبب ذلك فلجّ به واشفقه عليه ودفعه عن هذا العمل وتركه في البيت، وأمره بملازمة الدرس.

وطلب له الشيخ محمد بن سليمان المقابي يأتيه إلى البيت ويعلّمه ويدرسه، وجعل له وظيفه يجريها عليه لذلك، وكان الشيخ محمد بن سليمان المذكور في أول أمره فقيرا سيء الحال، وهذا كان في أول أمر كلّ من الشيخين المذكورين حتى وفق اللّه سبحانه لبلوغ كلّ منهما إلى الدرجة العليا، والفوز بسعادة الدنيا والآخرة، وتلمذا معا على الشيخ عليّ بن سليمان المتقدم ذكره.

وكان الشيخ سليمان بن صالح مع إشتغاله بالتدريس وملازمة العلم مشغولا بأمر التجارة، وكان جوادا كريما إماما في الجماعة، إلى أن قال (قدّس سرّه ):

توفي الشيخ المذكور في كربلاء المعلي في السنة الخامسة والثمانين بعد الألف، ورثاه أخوه الشيخ عيسي بقصيدة اوّلها:

بشراك يا صالح بشراك

لما تضمّن كربلاء مثواك

ومنها قوله:

يبكيك مسجدك الشريف وقد غدا

من بينهم متسربلا بعزاكا

وقد ذكره الحر العاملي في كتاب آمل الآمل، فقال: الشيخ سليمان بن عصفور البحراني الدرازي،فاضل فقيه، محدث ورع عابد، من المعاصرين انتهي.

قال صاحب السلافة: وأما الشيخ سليمان بن صالح العصفوري الدرازي فهو فاضل محدّث، مدقق واسع الدائرة في الاطلاع على الاخبار الإمامية، وتتبع الآثار المعصومية، إلى أن قال: له شرح كبير على الرسالة المشهورة بقبلة الأقاليم انتهي.

أقول: ان الشرح الذي أشار إليه صاحب السلافه لم يوجد مثله، إلاّ أنه لا يمكننا نقله هنا، وإنما نقلنا بعض مقدمات متنه، وبعض تعليقات شرحها.

قال المصنف: مقدمات:

الأولي: لا خلاف بين علماء الإسلام أن الكعبة عينها او جهتها، لقوله تعالى: (فَولِّ وَجهَكَ شَطرَ المسَجِدِ الحرامِ وَحَيثُ ما كُنتُم فَوَلّوا وُجُوهَكُم شطر) ولم ينقل الخلاف في كتاب، ولا ذكره أحد وإنما وقع على الّسنةِ الغافلين عن حقيقة الحال في الزمان الاخير، لما رأوا من اختلاف المحاريب، وإنما اختلافها من اختلاف الأنظار؛ لعدم وقوف ناصب بعضها على قواعد علم الهيئة، أولوهم نشأ من اختلاف بعض العلماء، ولا تعلق له بالمذاهب أصلا.

الثاني: النصّ والإجماع، على (أنه يجب التوجه إلى) لا يجوز التقليد في القبلة لمجتهد ولا غيره، حي ولا ميت، إلاّ مع ضيق الوقت عن الإجتهاد، فالواجب على كلّ أحد العمل بإجتهاد نفسه.

الثالث: لا نعلم خلافا في جواز الإعتماد على الهيئة؛ لأنها تفيد العلم بالجهة، وهي فوق المطلوب؛ لأن الظن كافٍ.

وقد صرح العلاّمة والشهيد بذلك، وعمل العلماء في جميع البلاد عليها ما عدي بعض العراق، كالتياسر في الشام والتيامن في البصرة، وقد صرحوا بأنه لا نصّ إلاّ على العراق، فلا تكون الحوالة في غيرها إلاّ على العقل، وإلاّلزام تكليف مالايطاق، ولاطريق للعقل أصح من الهيئهَ؛ لأنهم يدركون بها دقائق حركات الأفلاك، ويرتبون عليها الأحكام الغريبة.

فالمساحة والجهات عندهم من أوضح الواضحات، على أن المعروف أن الهيئة والطب والتشريح ودقائق العلوم إنما استفادوه من الأنبياء عليهم السلام وهم استفادوه بالوحي أو إلهام؛ لأن عقول بني آدم تقصر عن ذلك.

الرابع: أجمع علمائنا على جواز الإعتماد على قبور المسلمين ومساجدهم، وأنه لايجوز الإنحراف عنها إلاّمع علم خطئها.

الخامس: جميع قبور ومحاريب عراق العجم وخراسان وقبرالإمام الرضا (عليه السلام) ، وقبور أولاد الأئمه والمجتهدين في قم وغيرها من أصحاب الأئمه وغيرها، الذين لا يمكن حصرهم ولا تعريفهم؛ لعظم شأنهم منحرفة إلى جهة المغرب زيادة عن إنحراف بغداد، وموافقة للهيئة، إلاّ ما ندر جدا بحيث لا يعتد به، أو جدد بعُد شيخنا العلائي ـ أعلى اللّه قدره ـ فإنه حواها على قبلة بغداد، ولا نعلم له دليلا ولا موافقا من العلماء، والظاهر أنه توهمه من قول بعض: أن عراق العجم وخراسان تابعة للعراق، وغفل عن أن مرادهم أنها تابعة لجانب العراق من الموصل إلى ريف عبادان يتجاوز البصرة إلى الشرق بثلاثة أيام، نصّ عليه في القاموس وغيره، وإنما قلنا: أن مرادهم ذلك لموافقتهم لها في عملهم في قبورهم ومحاربهم؛ ولان ذلك هو الموافق للهيئة، وإلاّ فأي عاقل يوجب زيادة التقريب في البصرة عن بغداد ولا يوجبه في خراسان، وهي أبعد من البصرة إلى جهة المشرق أضعافا مضاعفة، ولو قال به أحد حكمنا بغلطه؛ لمخالفته الدلالة الظاهرة، ولأنه ليس بمعصوم.

ويوضح ذلك أن علمائنا قسّموا العراق إلى ثلاثة أقسام:

الموصل: وعلاماتها جعله خلف الكتف الأيمن؛ لموافقتها لمكة في الطول.

وبغداد: وعلامتها جعله خلف الكتف الأيمن، لزيادتها في الطول عن مكة بثلاث درجات في مسير ستة أيام.

والبصرة: وعلامتها جعله على الخد الأيمن، لزيادتها طولا عن بغداد بخمس درجات في مسير عشرة أيام.

وبين البصرة والمشهد تفاوت سبع درجات في مسير شهر، والبصرة واقعة بين بغداد والمشهد، فكيف تكون قبلتها على قبلة بغداد، وهذا لا يقبله قلب سليم، وقد وضعت لذلك صورة مطابقة لقواعد علم الهيئة، ليصير ذلك كالمحسوس المشاهد.

وأيضا تقرر أن تبريز تابعة لبغداد، وبينهما تفاوت عشر درجات في مسير نحو أربعين يوما بين المشرق والمغرب، وقد رأينا العلماء أوجبوا في البصرة على انحراف عن بغداد، وبينهما تفاوت خمسة درجات في مسير عشرة أيام، فكيف لايجب الإنحراف في المشهد عن تبريز وبينهما تفاوت عشر درجات في مسير أربعين يوما (إنَّ في ذَلِكَ لأَية لِقومٍ يعقِلُون) (وكأَين من أيةٍ في السّماواتِ والأرَضِ يمُرّوُن عَلَيها وَهُم عَنْهَا مُعرِضُونَ) .

والحاصل أن المشهد المقدس يزيد في الطول عن مكة نحو خمس عشرة درجة وفي العرض نحو ذلك، فتكون قبلته كالبصرة؛ وذلك بين مغرب الإعتدال ونقطة الجنوب تقريبا، وباقي خراسان وعراق العجم يقرب من ذلك، أما بزيادة قليلة في التغريب أو في التشريق، هذا هو المطابق لقواعد الهيئة والموافق لقبر الرضا (عليه السلام) ولمشهده، ولمحاريب المسلمين، وقبور المجتهدين، وأولاد الأئمة المعصومين في قم وخراسان وغيرها، فلا يكون الإنحراف عن ذلك إلاّ لوهم أو إتباع هوي، وهم ألآن في عهد الدليل، وما يتمسكون به ألآن وهو مسجد صغير في بعض نواحي مشهد يزعمون أن الرضا (عليه السلام) صلّي فيه؛ لايجوز الإعتماد عليه شرعا لأن النسبة إليه لم تثبت، كما أشار إليه الشهيد وشيخنا العلائي (رض)، وبتقدير ثبوتها لم تثبت أنه لم ينحرف فيه، وأيضا هذا ينافي قولهم: أن الرضا (عليه السلام) وولده (عليه السلام) كانا يتقيان في القبلة، فَلِمَ كانا يتقيان في خراسان؟ ولم يكن الرضا (عليه السلام) يبقي في هذا المسجد! وما هذا التناقض البين، وقد بينا أن الخلاف في القبلة والتقية فيها خيال محض، وهل يجوزالاعتماد في الصلاة التي هي عمود الدين على هذه الخيالات الواهية، وترك ما وقع الإجماع على عدم جواز الإعتماد عليه، (هَذاَ بَلاَغٌ للِنّاسِ وَلِينَذرُوابه)<وليتذكر أولو الألباب).

خاتمة: ومن أعجب العجائب إنحراف هؤلاء المقلدين في القبلة عن قبر على بن موسي الرضا (عليه السلام) ، وقد روي أن ولده الجواد (عليه السلام) هو الذي تولي دفنه، ويحملون قبره (عليه السلام) وقبور المسلمين والمجتهدين وأولاد الأئمة (عليه السلام) على التقية بغير دليل، والحال أنه لا خلاف في القبلة بين المسلمين، وبتقدير الخلاف لا شبهة أن الرضا (عليه السلام) وولده (عليه السلام) كانا عندالمأمون أعلى منزلة من جميع أهل الدنيا، وأعترف بأفضليتهم على جميع الخلق، وزوّجهما بنتيه، وجعل الرضا (عليه السلام) ولي عهده، فكيف لا يقبل منهما أمرالقبلة وهي في غاية الوضوح.

والمأمون كان ماهرا في الرياضيات، وإليه ينسب الشكل المأموني، وهل كان الرضا (عليه السلام) وولده (عليه السلام) عاجزين عن إقامة الدليل له في القبلة؟ والحال أنه لا يتعلق بها أمرمن أمور الدنيا (هذا بَيانٌ لِلناس ِوهدي ومَوُعِظة ٌللِمُتقين) وأعجب من ذلك إنحرافهم عن محاريب المسلمين وقبورهم الموافقة لقواعد الهيئة، والحال أنه لايجوز الإنحراف منها إجماعا إلاّ مع التسليم بخطئها، وتقليدهم الشيخ عليّ في الإنحراف عنها بغير دليل، والحال أنه وجميع العلماء متفقون على أنه لا يجوز لأحد التقليد في القبلة، ما هذه الغفلات التي قد تجاوزت الحدّ، وتعدت عن العدّ (إنّ في هَذا لَبَلاغا لِقَومٍ عَابدِينَ، وما أرسَلَناكَ إلاّ رَحَمَة لِلعاَلَمين).

فالواجب على كلّ مؤمن متمسك بدينه إتباع قبورالمسلمين ومحاريبهم، الموافقةلقواعد الهيئة، حتى يثبت خطاؤها وأني بهم ذلك، ولابد من فرض الشمس وامحل من ردامس، وإنما أتبعوا الهوي، وأستظهروا بالتسنيع، وخرجوا عن الإنصاف، واستبطن بعضهم بعد وضوح الحق النفاق، (فإن آمَنوُا بمِثِلِ ما آمَنتُم بهِ فَقَد اهتَدَوا وإن تَولَوا فَإِنَّما هُم في شِقَاقٍ)(ولِئَنِ اتَبَعتَ أهَواءَهُم بَعدَما جَاءَكَ مِنَ العِلمِ مَالَكَ مِنَ اللّه مِن وليٍّ ولا واق) . وهذه الصورة التي وعدها مؤلف الرسالة ـ قدس اللّه روحه ـ:

العرض والطول البلاد المذكورة على حسب ايرزبح الجديد:

الاقليم الأول : البلاد الطول العرض

الاقليم الثاني: قصر عدها كوها مهدية عب ع لدل

مدينة طيبة علك كدها اسكندرية سائد ل ع

مكة المعظمة عري كام مصر سح ك ل ك

لاهور فدك لك بيت المقدس سول لاه

فتوح دار الملك قده لولد دمشق ع طا لج ند

ملك الصين ملمدها لب ند الحلة عط ند لب قط

الاقليم الثالث:

المدائن عبها لج ي الكوفة عط ل لال

بغداد مها لح كد بابل ف ند لب ند

البصرة فدها ل ع أرجان فول لب ل

رامهرمز قدمه لاها أصفهان قوم لب لد

كازارون نرها كط نه ابرقوة لح ع لال

سب دارتاد قول لح ي شيراز صدمه كط لو

ترد قط ها دار الحرد كدنه

كرمان صال ل ه زابل فدك لج لد

قندهار فزم لح لح

الاقليم الرابع:

حلب غري لدي سامراء عط ها لدها

خوي عط م لزم الموصل عرها لدك

سلماس عط ند لزم أرمينيا عط ند لزها

نخچيروان فاند لح م قصر شيرين قام لح مد

مراغة فرها لزك تبريز عب ها لح ها

أردبيل ف ك لدها

رسور لج ها لرك

لاريجان مح ند حج، لدك ابهر فدك لدها

نهاوند مدي لوند ساوة فدها لزها

يزدجر فدها لدمر سلطان هدي لدند

قزوين فدم لدها حرصادمان فول لح ند

كاشان وقم فرها

رما فزك لوي الري فوي لدي

كجور فدك لوكد امد ص ر لدم

دامغان فح ند لوي سمنان مح ها لوها

خرار مري لدم بساط قط ل لوي

طالقان مدنه لري استراباد قط لد لزه

سبزوار صال لوه اسفرائين صاند لب ه

دسس صد ها ل ه نيشابور صدل لوز

طوس صدل لرها شون صدل لدك

ماس صح ي لج م مرو صح ها لزم

هراة صدل لدد سرخس صدك لزها

طبريا صب ها لح ها خوارزم صدل مس بز

الاقليم الخامس:

آق شهر سدسه حام قرينه سول ماها

آق سب اي سرنه م به اردلان عوها ع ها

أرض الروم عرها لط م ك رع مح ها م ل

سمكور محرها ماه تفليس مح ها مجرها

بادكوبه مدل كط ل باب الأبواب مدها محرها

سماحي مدل م5 بخاري صح ل لط ه

سمرقند ص ط لو لط لز كنحه صح4 2ك

الإقليم السادس:

قسطنطينة لط ه بابل حار مالق مدها فزها

الإقليم السابع:

بلغار وموالع طول صه ها مط ل

انحراف الدرجات:

البلاد الدرجة الدقيقة الجهات

مكة 4 4 4

الحلة نب 4 4

سامراء و 4 عح

شيراز 4 4 عح

نيشابور ند د عح

سمرقند ، لط 4 عي

تبريز نب نه عي

المدينة نب 4 ح

الكوفة نب 4 عي

يزد مرمر عي عي

خوازم م 4 عي

لوس 4 ند ند

محد 5 ، عي

اردبيل نب لط عي

مراغه نه ل عي

قزوين له مح عي

امد 4 كا عي

سول - بهعي نه اه

البصرة ل نعح رم عح

همدان كه ل عي

كاشان له ح عي

استراباد لوح عي

كرمان نه لدعي

قندهار مدها عح تت

ثم ذكر الشارح ( قدّس سرّه ) تفصيل ما أجمل المصنف فقال:

إن العراق وخراسان وما كان في حدوده مثل الكوفة وبغداد وحلوان إلى الري ومرو وخوارزم يستقبلون الباب والمقام ،ويستدل عليها بجعل الجدي إذا طلع خلف المنكب الأيمن، والهقعة إذا طلعت بين الكتفين، والدبور مقابلة الصبا على يمينه، والجنوب على يساره، وأهل الجزيرة إلى الباب، والأبواب يتوجهون إلى حيث يقابل ما بين الركن الشامي إلى نحو المقام، وعلامتهم جعل بنات نعش خلف الأذن اليمنى، والعيوق إذا طلع خلف الأذن اليسرى، والسهيل إذا بدا لمعت بين العينين، والجدي إذا طلع بين الكتفين، والمشرق على يده اليسرى، والصبا مرجع الكتف اليسرى، والشمال على صفحة الخدّ الأيمن، والدبور على العين اليمنى، والجنوب على العين اليسرى، وأهل الشام إلى منتهي حدوده يستقبلوا الميزاب التي إلى الركن الشامي، وعلامتهم جعل بنات النعش غائبة خلف الاذن اليمنى، والجدي طالعا خلف الكتف اليسرى، ومغيب سهيل على العين اليمنى، وطلوعه بين العينين والمشرق على عينه اليسرى، والصبا على الخدّ الأيسر، والشمال على الكتف اليمنى، والدبور على صفحة الخدّ الأيمن، والجنوب مستقبل الوجه.

وأهل مصر والإسكندرية والقيروان إلى السويس الأقصي من المغرب إلى البحر الأسود، يستقبلون مابين الركن الغربي إلى الباب، وعلامتهم جعل الصليب إذا طلع بين العينين، وبنات نعش إذا غابت بين الكتفين، والجدي إذا طلع خلف الإذن اليسرى، والصبا على المنكب الأيسر، والشمال والدبور على اليمنى من اليدين، والجنوب على اليسرى من العينين، وأهل الحبشة والنوبة يستقبلون ما بين الركن الغربي واليماني، وعلامتهم جعل الثريا والعيوق طالعين على اليمين والشمال، والشولة إذا غابت بين الكتفين، والجدي على صفحة الخدّ الأيسر، والمشرق بين العينين، والصبا على العين اليسرى، والدبور على المنكب الأيمن، والجنوب على العين اليمنى.

وأهل الصين واليمن والهائم إلى صنعاء وعدن وحضرموت إلى الحجر الأسود، يستقبلون المستجار والركن اليماني، وعلامتهم جعل الجدي إذا طلع بين العينين، وسهيل إذا غاب بين الكتفين، والمشرق على الأذن اليمنى، والصبا على صفحة الخدّ الأيمن، والشمال على العين اليسرى، والدبور على المنكب الأيسر، والجنوب على مرجع الكتف اليمنى.

وأهل السند والهند والملتان يستقبلون مابين الركن اليماني إلى الحجر الأسود، وعلامتهم جعل بنات نعش طالعة على الخدّ الأيمن، والجدي إذا طلع على الأذن اليمنى، والثريا إذا غابت على العين اليسرى، وسهيل إذا طلع خلف الأذن اليسرى، والمشرق على اليد اليمنى، والصبا على صفحة الخدّ الأيمن، والشمال قبالة الوجه، والدبور على المنكب الأيسر، والجنوب بين الكتفين.

وأهل البصرة والأهواز وفارس وسجستان إلى البيت، وأهل الصين يستقبلون ما بين الباب والحجر الأسود، وعلامتهم جعل النسر الطائر إذا طلع بين الكتفين، والجدي إذا طلع على الخدّ الأيمن، والشولة إذا نزلت للمغيب بين عينيه، والمشرق على أصل المنكب الأيمن، والصبا على الأذن اليمنى، والشمال على العين اليمنى، والدبور على الخدّ الأيسر، والجنوب في العينين ـ إلى أن قال (قدّس سرّه) ـ: أكثر الأصحاب ذكر خراسان في قبلة أهل العراق، وحكم بإتحاد العلامات وبلغني أن بها محرابا للإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فإن صح النقل فلا عدول عنه، وإلاّ فالأولي جواز الإجتهاد في التيامن والتياسر، وإن كان الإستقبال إلى الركن العراقي، وكلام الأصحاب لا ينافيه، انتهي ما نقلناه عن مولانا الشيخ سليمان بن صالح العصفوري.

وعلى الجملة فإن له ـ قدّس سرّه ـ تصانيف بديعة، منها:

كتاب الفقه الأحمدي، وكتاب الطب الأحمدي، ورسالة في الأذكار، ورسالة في وجوب الجمعة عينا، ورسالة في الكرّ، وغير ذلك من الرسائل التي ذاع فضاع، رحمة اللّه وبركاته عليه.

57ـ الشيخ ياسين بن العلاّمة الشيخ صلاح الدين البحراني:

قال العلاّمة الأوحدي الشيخ أحمد في وصفه: وهو من أكابر العلماء وأشرافهم ـ إلى أن قال قدس سره ـ: وله كتاب القول السديد في شرح كلمة التوحيد، قال في مقدمات ذلك الكتاب: وهذا الكتاب المستطاب بعد الخطبة الطولي، مرتبا على عشرين مبحثا وأثنين وأربعين فصلا، ودقيقة وتبيين، وأربعة مقامات ووصل وإلحاق وإتمام، وحلّ وإشكال، وتحقيق حال وخاتمة شريفة، وتشريف مقام وتبصرة ـ إلى أن قال ـ: ثم إني أحبّ أن أذكر هنا على سبيل الإستطراد باقي ما وفقني اللّه لتأليفه، وأمدّني بالإعانة على تصنيفه من العلوم المتفرقة في تلك الأوقات المتفرقة، فمنها أول ما وقع مني من التصنيف، وخرج مني من التآليف في وقت الصغر وأيام الضجر: حاشية على شرح القطر في علم النحو، وكان ذلك يوما فيوما ودرسا فدرسا على ترتيب القراءة فيه لدي بعض الأعزاء، ومنها حاشية على شرح الخلاصة المشهورة للألفية لإبن مصنفها بدر الدين من أوله إلى آخره على تلك الطريقة أيضا، لكنها بلغت الغاية في الحسن، ومنها حاشية على شرح كافية الحاجب لعبد الرحمن الجامي الذي سماه بالوافية، وكانت في الحقيقة شافية واللّه، مشتملة على دقائق عجيبة، وتوجيهات غريبة، ومنها حاشية على شرح جلال الدين السيوطي على ألفية إبن مالك الذي سمّاه بالبهجة المرضية، قد غيرنا فيها وبدّلنا أبياتا من الألفية بعد إيراد الإعتراض على الأبيات الأولي، وأتينا بما هو أحسن منها سالما من ذلك، ومنها حواشي متفرقة على شرح الشيخ حسين بن معين المبيدي لكافية إبن حاجب، لكنها لم تكمل على الترتيب، وهذه الكتب المذكورة أكثرها قد كتبتها بيدي، لكنها قد تلفت مني مع الحواشي في الواقعة التي ضربت الديار وواقعت الدار ببلادنا البحرين.

ومنها الكتاب الذي سميناه بالفوائد في علم النحو قد اشتمل على مسائل لم تجمع في غيره، مع أخصر عبارة وأوجز إشارة، قد قرأه علىَّ جملة من الناس في بلادنا البحرين قبل الواقعة، وقد علّقت عليه حواشي كالشرح، فإنه كان أن لا يفهم بدونها، كان على ترتيب حسن في أتم النهاية، رتبته على منبع وموارد لا تنزف بشرب، ويروي منها الصادر والوارد، ومنها كتاب شرح إلفية إبن مالك، في أتم الحُسن والجمع للمسائل، عملناه بإسم الولد الأعز علىّ، بالروضة العلية في شرح الألفية، نفع به اللّه المؤمنين.

ومنها كتاب العوامل في النحو، على نهج غريب وطور عجيب، بلغ الغاية رتبته على أجناس ومبان ودراية، صارت بعض عباراته مما يمتحن بها الأذكياء بعضهم بعضا، ومنها كتاب في النحو سميناه بالدراية، عملّناه لبعض الأعزاء درسا فدرسا، ومنها حواشي متفرقة على شرح صلاح الدين الصفدي للامية العجم، ومنها كتاب عملّناه حاشية على شرح النيشابوري لشافية عثمان إبن الحاجب في علم التصريف، قد اشتمل على أبحاث دقيقة وتعليلات رقيقة، ومنها حواشي متفرقة على شرحي سعد الدين التفتازاني لتلخيص المطوّل والمختصر، ومنها كتاب لآلئ البحرين في علوم المنطق، بلغ الأقصي في حسن العبارة وكثرة المسائل، بأقل إشارة شرحت منه بعضا سميناه إعتماد المنطقيين، ونظمت منه بعضا، نسأل اللّه التوفيق لإتمامه بمحمدٍ وآله الكرام.

ومنها حاشية على شرح الشيخ محمد جواد الكاظمي لزبدة الأصول لشيخنا البهائي من أوله إلى آخره، بعد أن كتبت هذا الشرح بيدي، ولم نترك كلمة واحدة في الأصل إلاّ أظهرت ما المراد منها، فهي كالشرح له أو أكبر منه حجما، ومنها كتاب النور في علم الكلام؛ وهو مختصر عملّناه إجابة لإلتماس الأعز محمد رفيع البردستاني، ومنها حواشي متفرقة.

58ـ الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن جعفر الماحوزي البحراني:

أعلم من قضي وأفتي، وأفضل من باشر التدريس والإفتاء، أكثر العلماء علما، أرفع أهل النصوص راية، أبرع أولي الخصوص آية.

قال جدّي العلاّمة في كتابه المسمي بلؤلؤة البحرين: ومن طريقي إلى المشائخ الأعلام ومصنفاتهم المشار إليها في المقام، قراءة وسماعا وإجازة شيخنا الفاضل، وأستاذنا الكامل، جامع المعقول والمنقول، ومستنبط الفروع من الأصول، الشيخ الأجل، الأوحد، الأفخر الشيخ حسين بن المرحوم الشيخ محمد بن جعفر البحراني الماحوزي ـ وهي ثلاث قري الدونج بالجيم بعد النون، وهي مسكن الشيخ المذكور، وهلتا بالتاء المثناة من فوق بعد اللاّم، وبها قبر المحقق الفيلسوف الشيخ ميثم البحراني صاحب الشروح الثلاثة على كتاب نهج البلاغة، وسيأتي ذكره إن شاء اللّه، والغريفة بالعين المعجمة ثم الراء ثم الياء المثناة من تحت ثم الفاء مصغرة ـ.

وقد عاش شيخنا المذكور وبلغ من العمر ما يقارب تسعين سنة، ومع ذلك لم يتغير ذهنه ولا شيء من حواسّه، سوي ما لحقه من الضعف الناشئ من كبر السن، ومن العجب أنه ـ قدّس سرّه ـ مع غاية فضله لم تكن له ملكة التصنيف، ولم يبرز شيئا في قالب التأليف، وكان تتلّمذ على الشيخ في بلاد القطيف بعد موت الوالد ـ رضي الله عنه ـ أيضا في البلاد المذكورة، وبعد استيلاء الخوارج على بلادنا البحرين كما سيأتي.

59ـ الشيخ سليمان بن الشيخ عبداللّة الماحوزي البحراني:

الستراوي أصلا من قرية الخارجية أحد قري سترة، ثم إنه بعد ذلك سكن بلاد القديم، وبها توفي، وهذا الشيخ قد أنتهت إليه رئاسة بلادنا البحرين في زمنه، وكان معاصرا مع المحقق المجلسي، قال تلميذه الصالح الشيخ عبداللّه السماهيجي على ما نقل عنه جدي العلاّمة في لؤلؤته في وصفه: هذا الشيخ أعجوبة في الحفظ والدقة، وسرعة الإنتقال في الجواب والمناظرات، وطلاقة اللّسان، لم أر مثله قط، وكان ثقة في النقل ضابطا إماما في عصره، وحيدا في دهره، أذعنت له جميع العلماء، وأقرّت بفضله جميع الحكماء، وكان جامعا لجميع العلوم، علاّمة في جميع الفنون، حسن التقرير، عجيب التحرير ـ إلى أن قال ـ: وكان أعظم علومه الحديث والرجال والتواريخ، منه أخذت الحديث وتلّمذت عليه ـ إلى أن قال ـ: وتوفي ـ قدّس سرّه ـ وعمره يقرب من خمسين سنة في السابع عشر من شهر رجب للسنة الحادية والعشرين بعد المائة والألف سنة 1121، ودفن في مقبرة الشيخ إبراهيم بن المعلي جدّ الشيخ ميثم العلاّمة المشهور بقرية الدونج، من قري الماحوز.

قال جدّي أيضا: ووجدت بخطه، قال: كان مولدي ليلة النصف من شهر رمضان من السنة الخامسة والسبعين بعد الألف بطالع عطارد، وحفظت الكتاب الكريم ولي سبع سنين تقريبا وأشهر، وشرعت في كسب العلوم ولي عشر سنين، ولم أزل مشتغلا بالتحصيل إلى هذا اليوم وهو العام التاسع والتسعون والألف.

أقول: بالنظر إلى تاريخ وفاته المتقدم ذكره يكون عمره أربعا وأربعين سنة وعشرة أشهر تقريبا ـ إلى أن قال ـ وقد تلّمذ على هذا الشيخ جملة من الفضلاء، أشهرهم والدي، والشيخ المحدّث الصالح عبد اللّه بن الصالح السماهيجي، والشيخ أحمد بن الشيخ عبد اللّه بن حسن البلادي وغيرهم مما سيأتي ذكرهم، ثم ذكر جدّي جملة من مصنفاته، قال: ومنها كتاب الأربعين حديث في الأمانة من طرق العامة، وهذا الكتاب من أحسن مصنفاته أهداه للشاه سلطان حسين الصفوي، حيث إنه صنّفه بإسمه فأعطاه عشرين تومانا وما أنصفه، منها كتاب أزهار الرياض في ثلاث مجلدات، وكتاب الفوائد النجفية، وكتاب العشرة الكاملة، وكتاب الشافي في الحكمة النظرية، ورسالة في الصلاة، ورسالة في الحج، ورسالة نفحة العبير، ورسالة أيضا في مناسك الحج مختصرة، ورسالة إقامة الدليل في نصرة الحسن بن أبي عقيل في عدم نجاسة الماء القليل، ورسالة في وجوب صلاة الجمعة عينا نقضا لرسالة بعض الفضلاء في تحريمها، وكتاب المعراج في شرح فهرست الشيخ في الرجال، ورسالة البلغة أيضا في الرجال، والرسالة المحمدية، ورسالة في المنطق وشرحها، ورسالة تحريم الإرتماس في الصوم دون نقضه، ورسالة نجاسة أبوال الدواب الثلاث، ورسالة قي وجوب الطهارات لغيرها خصوصا الجنابة، ورسالة أفضلية التسبيح على الحمد، ورسالة في خطبة الإستسقاء، ورسالة في تحقيق كون الموضع جزء من السجود في معارضة الشيخ محمد بن ماجد كما ستأتي الإشارة إليه، ورسالة في نية المؤمن خير من عمله، ورسالة في سبب تساهل الأصحاب في أدلة السنن، ورسالة صوب النداء في مسألة البداء، ورسالة في إستقلال الأب بالولاية على البكر البالغ، ورسالة أعلام الهدي في مسألة البداء، ورسالة في جواز التقليد، ورسالة الذخيرة في المحشر في نسب عمر، والرسالة الموسومة بالنكت البديعة في فرق الشيعة، ورسالة في إعراب <تبارك اللّه أحسن الخالقين> ، ورسالة في أسرار الصلاة، ورسالة في الإستخارات، ورسالة القرعة، ورسالة الصومية، وكتاب شرح الباب الحادي عشر لم يكمل، ورسالة في وجوب غُسل الجمعة، ورسالة في مسألة البئر والبالوعة، ورسالة في النحو، ورسالة في مقدمة الواجب، والرسالة الموسوية بخمائل الإعجاز في التعمية والألفاظ، ورسالة في آداب البحث، ورسالة في علم المناظرة، والرسالة الشمسية في ردّ الشمس لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ورسالة إيقاظ الغافلين في الوعظ، ورسالة في حكم الحديث في أثناء الغُسل، ورسالة في تحريم تسمية الصاحب ـ عجل اللّه فرجه ـ، والرسالة الموسومة بالسرّ المكتوم في بيان حكم تعلم النجوم، والرسالة الموسومة بفصل الخطاب في كفر أهل الكتاب والنّصاب، وكتاب هداية القاصدين إلى عقائد الدين، والرسالة الموسومة بضوء النهار، وكتاب شرح مفتاح الفلاح، وغير ذلك مما يطول شرحه فليطلب كتابا غيره، هذا ما تحقق عندنا والسلام.

60ـ الشيخ أحمد بن الشيخ عبداللّه بن حسن البلادي:

وهو من المحققين والمبرزين، قال جدّي العلاّمة في اللّؤلؤة: وكان مع ما هوعليه من الفضل في غاية الإنصاف، وحسن الأوصاف، والورع والتقوي والمسكنة، لم أرَ مثله في العلماء في ذلك، وكانت وفاته يوم الإثنين رابع عشر من رمضان للسنة السابعة والثلاثين بعد المائة والألف، وقد حضرت درسه وقابلت في كتاب شرح اللّمعة عنده، والشيخ عبد اللّه بن الشيخ علي بن أحمد البلادي الآتي ذكره إن شاءاللّه تعالى، والي هؤلاء انتهت رئاسة البلاد بعده، كلّ في وقته، وكان أشهر هؤلاء والدي والمحدث الصالح المذكور، وقد رأيت الشيخ المذكور وأنا إبن عشر سنين يومئذ تقريبا، وقد كان والدي نزل في قرية البلاد بتكليف والده لملازمة التحصيل عند الشيخ المبرور، وكان يدرّس يوم الجمعة بعد الصلاة في الصحيفة الكاملة ـ إلى أن قال ـ: وله (قدّس سرّه) جملة من المصنفات إلاّ أنها أكثرها رسائل، منها ما تم ومنها ما لم يتم، انتهي كلامه.

61ـ الشيخ سليمان بن عليّ بن سليمان بن راشد بن أبي ظبية الأصبعي:

وكان هذا الشيخ مجتهدا في المعقول والمنقول، توفي في السنة الحادية بعد المائة والألف 1101، ورثاه السيد الأجل السيد عبدالرؤوف الجدّ حفصي، وكان خصيصا به بقصيدةٍ منها ما يتضمن تاريخ وفاته:

صاح الغراب بغاق في رجب على

موت الفقيه فأيُّ دمع يدخر

وله من المصنفات: رسالة في تحريم الجمعة، وقد نقضها المحقق المدقق الأوحد الشيخ أحمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد بن يوسف البحراني الآتي ذكره إن شاء اللّه، ورسالة في تحليل التتن والقهوة، ردّا على بعض علماء العجم العاملين بتحريمها، ورسالة في علم الكلام في أصول الدين، ورسالة في تحريم السمك، وهذا الشيخ يروي عن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد بن علي المقابي أصلا والأصبعي منزلا، قاله جدي في اللّؤلؤة، وعن تلميذه العلاّمة الشيخ سليمان الماحوزي ـ طيب اللّه مضجعة ـ قال في أزهار الأنظار: وكان استاذنا العلاّمة الشيخ سليمان بن علي مجتهدا صرفا، وله من المصنفات كتاب العمدة، ورسالة في إستقلال البكر، ورسالة في الأوامر والنواهي، وكتاب في مناسك الحج، ورسالة في قوله (عليه السلام) : من لا تقية له لا دين له، وهو يروي عن الشيخ أحمد والشيخ علي بن سليمان، وسيأتي ذكرهما ـ قدس اللّه سره ـ.

62ـ الشيخ عليّ بن سليمان بن درويش بن حاتم القدمي الملقب بزين الدين:

وهو أول من نشر الحديث في بلاد البحرين، وقد كان قبله لا أثر له ولا عين، وروّجه وهذّبه وكتب الحواشي والقيود على كتابي التهذيب والإستبصار، ولشدة ملازمته للحديث وممارسته أشتهر في ديار العجم بأم الحديث، وكان رئيسا في بلاد البحرين ومشارا إليه، تولّي الأمور الحسبية، وقام بها أحسن قيام، وقمع أيدي الحكام، ونشر وبسط بساط العدل بين الأنام، وكانت وفاته في السنة الرابعة والستين بعد الألف.

ومن مصنفاته رسالة في الصلاة، ورسالة في جواز التقليد، وحاشية على كتاب المختصر النافع صغيرة ومختصرة، وقبره مزار معروف بقرية القدم، وهو قد كان تلّمذ على الشيخ محمد بن حسن بن رجب.

ثم إنه بعد أن سافر إلى العجم وأتصل بالشيخ البهائي وأخذ علم الحديث عنه رجع إلى البحرين ونشره فيها، وكان الشيخ محمد من جملة من يحضر حلقة درسه، فعوتب على ذلك بأنه بالأمس كان تلميذا لك فكيف تكون تلميذا له، فقال ـ قدّس سرّه ـ وكان على غاية من التقي والإنصاف: أنه قد فاق علىَّ وعلى غيري بما اكتسبه من علم الحديث.

وللشيخ المذكور أولاد ثلاث أحدهم الشيخ صلاح الدين، والشيخ حاتم، والشيخ جعفر، ـ قدس اللّه أرواحهم ـ وستأتي ترجمتهم، قال جدي في الّلؤلؤة: ومن مصنفاته رسالة في قوله (عليه السلام) : ان للصلاة أربعة آلاف حدا، ورسالة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: <لاضرر ولاضرار>، ورسالة في إثبات البرزخ رادا على علماء معاصريه، ورسالة في قوله تعالى: (السابقون السابقون اولئك المقربون) وغير ذلك من الرسائل.

63ـ الشيخ صلاح الدين وأخيه الشيخ جعفر وأخيه الشيخ حاتم أبناء العلاّمة الشيخ علي المتقدم ذكره:

أما الشيخ صلاح الدين: فكان فاضلا سيما في علم الحديث والأدب، وله بعض الحواشي على التهذيب، تولّي الأمور الحسبية بعد أبيه، وجلس مجلسه في القضاء والدرس والجمعة والجماعة، إلاّ أنه لم يبقَ بعد أبيه إلاّ مدة قليلة.

وأمّا الشيخ جعفر: فكان شديدا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إماما في الجمعة والجماعة بعد أخيه.

والشيخ حاتم: فاضل فقيه، قاله جدي، وله إبن فاضل، وكان من اهل الحقيقة، ومن مشائخ الطريقة، وله حاشية على كتاب العلل، ورسالة في إثبات العوالم رادّا على بعض الزنادقة والدهرية، والكتاب الكبير في أحكام البئر، ولم يحضرني تاريخ وفاته.

64ـ الشيخ عليّ بن الشيخ جعفر المتقدم ذكره:

وهو أفضل من أبيه الشيخ جعفر المتقدم ذكره، قال جدي في اللّؤلؤة: كان زاهدا ورعا شديد التصلّب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، غير مداهن للأمراء والكبراء، وقد تولّي الأمور الحسبية في بلاد البحرين مدة، إلاّ أنه لما هو عليه مما ذكرناه حسده بعض امرائها، فكاتبوا عليه السلطان سليمان، ورموه بما هو بريء منه، فأرسل من أخرجه مقيدا إلى أن وصل إلى كازرون، فحصل من بلّغ حقيقة الأمر إلى السلطان، وأخبروه بحقيقة حال الشيخ المزبور، فأرسل عاجلا أن يخلّي عنه ويطلق، فجلس في كازرون وتوطّن بها مدة مديدة، وربما رجع إلى البحرين بعض الأوقات بعد مضي مدّة مديدة من تلك الواقعة المتقدمة، ثم رجع إلى العجم، وتوفي في كازرون في السنة الحادية والثلاثين بعد المائة والألف 1131.

65ـ الشيخ أحمد بن الشيخ محمد بن يوسف البحراني:

الخطّي أصلا والبحراني المقابي منشئا تحصيلا، وكان هذا الشيخ علاّمة فهامة، زاهدا عابدا ورعا كريما تقيا، وتصانيفه التي وقفت عليها دليل بعلوّ كعبه في المعقول والمنقول والفروع والاصول، ودقة النظر، ومدّة الخواطر مع مزيد البلاغة والفصاحة في التعبير والتحبير والتحرير، وعندي أنه أفضل علماء بلادنا البحرين ممن عاصره وتأخر عنه، بل وغيرهم.

وقد ذكر بعض تلامذته في رسالة له أتي في سفره إلى اصبهان، كان المولي الفاضل محمد باقر الخراساني صاحب الكفاية والذخيرة يخلو معه في الاسبوع يومين للمذاكرة معه والاستفادة منه، وقد أجازه شيخنا المجلسي، فقال في إجازته له: انه كان من غرائب الزمان، وغلط الدهر الخوّان، بل من فضل اللّه عليَّ ونعمه البالغة لديَّ، اتفاق صحبة المولي الأولي، الفاضل الكامل البارع، التقي الزكي، جامع فنون الفضائل والكمالات، حائز قصب السبق في مضامير السعادات، ذي الأخلاق الرضية، والأعراف الطيبة الالهية، عَلمَ التحقيق، وطود التدقيق، العالم النحرير، والفائق في التحرير والتقرير، كشاف دقائق المعاني، الشيخ أحمد البحراني أدام اللّه تعالى أيامه، وقرن بالسعود شهوره واعوامه، فوجدته بحرا زاخرا في العلم لا بساحل، إلى آخر الأجازة.

وشعره ـ قدّس سرّه ـ في غاية الجودة والجزالة، ومن مصنفاته: كتاب رياض الدلائل وحياض المسائل لم نجد منه إلاّ قطعة من الطهارة، ورسالة في وجوب الجمعة عينا، ردا على رسالة الشيخ سليمان بن علي الشاخوري كما تقدمت الإشارة إليه، ورسالة في إستقلال الأب بولاية البكر البالغ الرشيد، ورسالة في المنطق سمّاها المشكاة المضيئة، ورسالة سمّاها الرموز الخفية في المسائل المنطقية، ورسالة صغيرة في مسألة البداء، توفي ـ قدّس سرّه ـ بالطاعون مع أخوه الشيخ يوسف، ودفنوا في جوار الكاظمين ^ في السنة الثانية بعد المائة وألألف في قرية مقابل مسكنه، وهو ـ قدّس سرّه ـ يروي عن جملة من المشائخ، منهم: شيخنا المجلسي وقد تقدم من الإشارة إليه في إجازته له، ومنهم والده الفقيه الشيخ محمد بن يوسف عن الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني المتقدم ذكره.

66ـ الشيخ محمد بن يوسف البحراني:

قال جدّي في اللّؤلؤة عند ذكر هذا الشيخ ما نصّه: ماهرا في العلوم العقلية والفلكية والرياضية والهيئة والهندسية والحساب والعربية، وعليه قرأ والدي ـ قدّس سرّه ـ أكثر العلوم العربية والرياضية، وقرأ عليه خلاصة الحساب وأكثر شرح المطالع، وتمم الباقي من المطالع بعد الشيخ المزبور على استاذه الشيخ سليمان بن عبد اللّه المتقدم ذكره، ثم لازم بقية عمره في باقي العلوم من الحكمة والفقه والحديث والرجال، ولم ينقل عن الشيخ محمد المذكور شيء من المصنفات.

67ـ الشيخ محمد بن ماجد بن مسعود البحراني:

قال في اللّؤلؤة: وكان فقيها مجتهدا، محققا مدققا، دقيق النظر، من أعيان علماء بلادنا البحرين، إماما في الجمعة والجماعة، وله الرسالة المسماة بالصوفية، ورسالة في الصلاة صنّفها في شيراز للسيد البهي ميرزا صفي بن الميرزا محمد مهدي النسابة، وسمّاها الروضة الصفوية في فقه الصلاة اليومية، والميرزا محمد مهدي المذكور كان شيخ الإسلام في شيراز بعد الشيخ صالح بن عبد الكريم الآتي ذكره.

وله أيضا شكل في مسائل المنطق، وقال شيخنا المحدّث الصالح الآتي ذكره: رأيته في أواخر عمره، وصليت خلفه مرتين مقتديا به في قرية الماحوز مع استاذنا العلاّمة الشيخ سليمان الماحوزي، وكان صهره على إبنته، ووقع بينهما بحث في ذلك اليوم في مسألة فقهية؛ وهي أن وضع الجبهة جزء من السجود أو أنه غير جزء، فلو تليت آية العزيمة على ساجد فهل يكفيه الإستمرار ويرفع ثم يضع، وادّعي الشيخ المذكور أنه غير جزء، وأن الاستمرار كافٍ، وادّعي عليه الإجماع، وخالفه الاستاذ، قال: بل يجب عليه الرفع ثم الوضع، ووقعت بينهما مشاجرة عظيمة فانتهي أمرهما إلى أن قال شيخنا: (لكم دينكم ولي دين)، يريد أن هذا إعتقادك لأنك مجتهد لا يجوز لك تقليدي، وهذا إعتقادي لأني مجتهد أيضا لا يجوز لي تقليدك، فقال الشيخ بكلام فيه نفرة: وهذا كلام جهل، لأنه التفت إلى أصل ورود الآية، فإنها خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمشركين، فقال شيخنا: إنما هو بالحجج لا بالتشنيع، ولم يمكنه أن يردّ عليه أكثر من ذلك؛ لأن الشيخ كان مشارا إليه، وشيخنا بعد لم يشتهر، وافترقا وانقضي المجلس وكلّ منهما مملوءا غيظا على الآخر، فما بقي إلاّ مدة قليلة تقرب من أربعين يوما، وصنّف شيخنا رسالة في الردّ عليه، وعرض للشيخ محمد مرض عظيم، وعاده شيخنا في مرضه، وتوفي في ذلك المرض ـ رحمه اللّه ـ وسنه يقرب من سبعين سنة في حدود السنة الخامسة والمائة والألف، وهو عام جلوس الملك الأعظم سلطان عصرنا اليوم السلطان حسين بن الشاه سليمان، وقبره في مقبرة المشهد، وبني على قبره قبّة، فانتهت رئاسة البلد بعده إلى السيد هاشم التوبلي، انتهي.

أقول: قد كانت هذه الرسالة التي صنّفها شيخنا الشيخ سليمان في هذه المسألة عندي، ثم ذهبت فيما وقع على كتبي من حوادث الأيام، التي لاتنيم ولاتنام، ولما مات الشيخ محمد المذكور رثاه الشيخ سليمان المذكور بقصيدة جيدة، أطري عليه فيها ومدحه، قاله في الّلؤلؤة.

العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً