العدد 2296 - الخميس 18 ديسمبر 2008م الموافق 19 ذي الحجة 1429هـ

الشيخ حسين الشهيد (قدس سره)

علماؤها

قبره في مقبرة القرية (بني جمرة)، وعلى موضعه صخرة كبيرة - وتسمى عند أهل القرية منذ القدم بـ (عمامة الشيخ). ويقول ابن عمنا الحاج جاسم الحاج محمد بن إبراهيم الآنف الذكر: إن هذه الصخرة موضوعة بجانب الشاهد الشمالي لقبر الشيخ. ولهذا الشيخ قصة يتناقلها كبار السن منذ القدم في القرية وهي: أن هذا الشيخ كان يذهب إلى الدراز ويحصل بينه وبين المرحوم الشيخ محمد والد العلامة المقدس الشيخ حسين آل عصفور طيب الله ثراهما (في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي) مناقشات علمية ويحتدم النزاع وتعلو الأصوات كما هو شأن العلماء في نقاشهم العلمي، وكان هناك بعض الجهال الذين لا يفقهون شيئا ويعرفون بـ (الجماملة) أي أصحاب الجمال، وكانوا يتأذون من ذلك، ويظنون - لجهلهم المفرط - أن الشيخ حسين المذكور إنما يأتي لمعاركة وإيذاء الشيخ محمد، فكمنوا له في الطريق بين بني جمرة والدراز وقتلوه. وتقول الوصية: إن لهذا السبب هاجر الشيخ محمد رحمه الله من الدراز إلى الشاخورة، ويقع قبر المرحوم الخطيب الجليل الملا عطية بن علي الجمري بالقرب من هذه الصخرة من الجهة الغربية.

ويروي الخطيب الفاضل الملا سعيد الشيخ عبدالله العرب الجمري عن المرحوم سماحة السيد علي الوداعي طاب ثراه، وعن المرحوم فضيلة الشيخ محمد بن محسن بن سديف الدرازي طاب ثراه: أن صاحب الحادثة آنفة الذكر هو الشيخ درويش والذي يقع مسجده بجانب شارع البديع من جهة الشمال، ويذكر أن الشيخ محمد بن محسن بن سديف المذكور قد أراه قبر الشيخ درويش وهو يقع جنوب شارع البديع مقابلا للمسجد المعروف بـ «مسجد الشيخ درويش».

وقد أيد رواية الملا سعيد العرب المرحوم الحاج علي بن عبدالرزاق الغانمي، والله أعلم.

الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالإمام الجمري

وصف المرحوم الحاج محمد علي بن أحمد التاجر (قدس الله نفسه) في كتابه: «منتظم الدرين في علماء القطيف والإحساء والبحرين» هذا الشيخ بالشيخ الأوحد الصمداني، وذكر أنه من ذرية آل المتوَّج. كان هذا الشيخ الجليل قد كف بصره منذ الصغر، وكان آية في الفطنة والذكاء. يقول ابن عمنا الحاج جاسم بن الحاج محمد بن إبراهيم وقد عاصر الشيخ المذكور: إنه كان يقيم صلاة الجماعة في المسجد المجاور من جهة الشرق لمسجد الخضر في بني جمرة، وهو المسمى بالجالوسية، وذكر الحاج جاسم أن لهذا الشيخ عدة كرامات، ومما ذكره: أنه يقدم الطعام القليل للجماعة الكثيرة فيأكلون ويشبعون ولا يتغير الطعام؟ وفيها: أنه كان بشدة ذكائه وإدراكه - مع كونه فاقد البصر - يدخل الخيط في الإبره - ومنها: أنه كان إذا أخطأ القارئ له في الكتاب في كلمة وضع يده على نفس الكلمة لينتبه إلى خطئه. ومنها: أنه كان لقوة إدراكه يركب الدابة وحده من بني جمرة إلى جدحفص - حيث كان له في كل من القريتين بيت - وإذا اختلفت الدابة عن الطريق ردها إليه.

وذكر الحاج جاسم المذكور، أن الشيخ عبدالله قد استوطن في آخر عمره «جدحفص»، حتى توفي هناك، ودفن في مقبرة جدحفص، وهي المسماة بمقبرة الإمام.

ولهذا الشيخ الجليل شعر في رثاء الحسين، وهو من الشعر الجيد، منه ما ذكره المرحوم الحاج محمد علي التاجر رحمه الله في الكتاب آنف الذكر. فمن ذلك قوله:

ما للمعالم من ربوع سعاد

مغبرَّة الأرجاء والأنجاد

خف القطين بها فلست ترى سوى

ناعٍ لها من رائح أو غادي

لعبت بها أيدي الزمان فأصبحت

قفرى المعاهد من ربا ووهاد

وهي قصيدة طويلة.

ومن قصيدة أخرى له قدس سره في رثاء الحسين عليه السلام أيضا:

طرفي للحظك يا سُعْدَى لمرتقبُ

والقلب من عُظْم شوقي فيك مضطرب

مالي إذا رمت قربا منك يبعدني

منك الجفاء صدودا والجفا نصب

إلى قوله:

ولا كرزء الحسين السبط حيث غدت

من كوفة اللُّعنا تسعى له الكتب

أقدم لنا عاجلا يا ابن النبي تجد

جندا مجندة في نصركم رغبوا

الشيخ عبدالأمام بن محمد الجمري البحراني

وهو جد الشيخ عبدالله آنف الذكر لأبيه، ولم أعرف شيئا عن تاريخه وسيرته طيب الله ثراه.

الشهيد الشيخ عبدالله بن أحمد العرب الجمري

عالم جليل فاضل، وخطيب منبري مبرز، ذو صوت قوي مؤثر، وله شعر جيد متقن في الرثاء، فاز بالشهادة ليلة السبت 27 ذي الحجة سنة 1341هـ (1923).

رأيت له تعليقات على كتاب «أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين» لمؤلفه الشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي البحراني (قدس سره). ويظهر أن المصنف كان يكتب إلى الشيخ الشهيد عن بعض الشخصيات العلمية والبلدان مستفسرا ويجيبه طاب ثراه، ويوقع الإجابة بـ: «عبدالله أحمد العرب». وكان المصنف رحمه الله يجعل إجابة الشيخ تعليقه في أسفل الصفحة.

ولشهادته قدس سره، والتمثيل به وبصاحبه الحاج حسن رمضان رحمه الله حسب ما حدث الشيوخ والأكابر من المعاصرين لذلك الحادث الأليم صورة مذهلة مفجعة.

وللغموض الذي أصحبت به هذه الجريمة النكراء، وعدم تعقب القتلة الجناة والاقتصاص منهم في ذلك الوقت المليئ بالظلم والإجرام الخالي من الأمن والسلام حديث ذو شجون. ولما كان لهذا الشهيد العظيم وصاحبه الشهيد حسن المذكور، من تشييع رهيب اشترك فيه آلاف من أبناء الشعب رغم صعوبة المواصلات آنذاك صورة كبيرة تكشف عن عمق الحادث.

ولشهيدنا الشيخ عبدالله العرب رحمه الله مؤلف اسمه: (الغدير) مخطوط، حسب ما جاء في مجلة «الموسم» العدد السابع المجلد الثاني 1991م ص901 وقد ذكر الكاتب «عبدالله المنتفك» أن الشهيد فرغ من هذه المخطوطة ضحى يوم الثالث والعشرين من شهر صفر المظفر سنة 1308هـ (1891م) وأن عدد صفحاتها 32، وأن المخطوطة موجودة في مؤسسة البقيع لإحياء التراث.

وقد عثرت في مسودات كتاب «منتظم الدرين في علماء القطيف والإحساء والبحرين» للحاج محمد علي التاجر طيب الله ثراه على ترجمة للشهيدة قدس سره، أوردها بنصها، قال رحمه الله تعالى:

الشيخ عبدالله بن أحمد بن إبراهيم العرب الجمري البحراني

«الفاضل العارف النحوي اللغوي الأديب الشاعر الماهر الخطاط المجيد الورع التقي الأوَّاه الشيخ عبدالله بن أحمد بن إبراهيم المعروف بالعرب الجمري البحراني، نسبة إلى قرية بني جمرة، المولد سنة 1284 هـ (1867 م)المقتول شهيدا في 27 ذي الحجة 1341هـ (1923 م)، قتل ظلما وعدوانا بدون سبب موجب، في أرض تعرف بالصُّليِّب بين قريتي مقابة وأبو صيبع مع رجل آخر من بني جمرة ، وأرخ شهادته بعضهم بقوله:

«له العلا ندبت والدين والشرف». أخبرني ابنه محمد سعيد أن والده كان في مبدء أمره قد قرأ النحو والصرف والمعاني والكلام وبعض الكتب الفقهية كاللمعة الدمشقية وغيرها على الشيخ منصور الجشي البلادي في قرية البلاد، وبعد أن كثر عليه العيال اضطر إلى التوقف عن الدرس واشتغل بحرفة المنبر، وهي قراءة تعازي أهل البيت (ع) وكانت له يد في قرض الشعر إلا أنه لم يتجاوز به حدود المدح والرثاء في أصحاب الكساء، وهو كثير، فمنه قوله في مطلع قصيدة:

لمن دِمَنٌ بالأبرقين وذي قار

ألح عليها كل اسحم مدرار

عفتها الغوادي غير سفح خوالد

وأشعث شجته الإماء بأحجار

ترحَّل عنها أهلها فتأبَّدت

ولم يبقَ فيها من أنيس وسمَّار

وقوله في مطلع قصيدة أخرى في سيد الشهداء الحسين (ع):

قفا نسأل الربع الذي شط نازله

متى قوضت سكانه ورواحله

ترحَّل أهلوه فأصبح بعدهم

تحن به سرحانه وفراعله

وقفت به مضنى الفؤاد وأدمعي

على صفحات الوجه ينهلُّ هاطله

إلى أن قال في آخرها:

بني المصطفى ياخير من وفدت بهم

ركائب آمال المنى ورواحله

ويا مطلب الحاجات يا باب حطة

وبحر الندى الظامي الذي عم نائله

والشهيد قدس سره، مجاز تولى الأمور الحسينية من قبل حجة الإسلام الشيخ محمد الحاج ناصر آل نمر القطيفي مؤرخة باليوم الثالث من شهر شعبان سنة 1339هـ (1921 م)، وفيما يلي نص الوكالة.

« بسم الله الرحمن الرحيم . أقول وأنا الفقير القاصر الراجي عفو ربه الغافر محمد بن المقدس الحاج ناصر آل نمر إني قد أجزت ووكلت جناب الشيخ الجليل والفاضل النبيل الأمجد الأوَّاه الشيخ عبدالله بن المقدس أحمد الملقب بالعرب في كل ما يضطر إليه من الأمور الراجعة إلى المحاكم الشرعية من ولاية مال يتيم وصلح عن غائب أو مجهول مالك وما أشبه ذالك من قبض سهم إمام أو صدقة واجبة أو مستحبة وصرفها وكالة مطلقة غير مقيدة ولا معلقة لا على شرط ولا صفة وعليه في جميع ذلك الاحتياط والله الهادي لنا وله إلى سواء الصراط والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. حرر باليوم 3 من شهر شعبان المعظم سنة 1339هـ (1921م)».

العدد 2296 - الخميس 18 ديسمبر 2008م الموافق 19 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً