العدد 2237 - الإثنين 20 أكتوبر 2008م الموافق 19 شوال 1429هـ

هل حان الوقت ليجازف المصرفيون بالاعتذار؟

لا يتوقع أحد اعتذارا من سادة العالم. لكن أكاديميين يقولون إن الاعتذار على رغم ما ينطوي عليه من مخاطر الملاحقة القانونية يمكن أن يكون أساسا لإحياء الثقة.

وبعدما أصاب الشلل الأسواق العالمية ولأن الثقة والقدرة على محاسبة المقصرين هي جوهر الجدل حول فعالية العملية التنظيمية يقول البعض إن شيئا من التواضع قد يسهم في ضمان كسب المصرفيين الثقة مرة أخرى في المستقبل.

وأظهرت عدة دراسات في الولايات المتحدة أن الأطباء الذين يعتذرون عن أخطائهم علنا حدوا بالفعل من خطر مقاضاتهم من جانب المرضى أو أسرهم ويرجع ذلك لأن رد الفعل العاطفي أقنع الناس على ما يبدو بأن يولوهم ثقتهم.

وقال أستاذ ممارسات الأعمال التنظيمية والتنافسية في معهد كيلوج للإدارة بجامعة نورث وسترن، دانييل ديرميير إن رحلة المصرفيين لاستعادة الثقة بالكامل محفوفة بالمخاطر ولكنها ضرورية.

وصرح ديرميير في حديث هاتفي من الولايات المتحدة «لم يعرف عن الرؤساء التنفيذيين لمؤسسات الخدمات المالية التواضع تحديدا...العجرفة تكاد تكون جزءا من المقومات اللازمة للصعود إلى القمة».

وعقد مقارنة مع حالة شركة الطيران المحلية ساوث وسترن التي تعرضت لانتقادات مكثفة في وسائل الإعلام في عام 2005 حين انزلقت إحدى طائراتها على المهبط مما أسفر عن مقتل طفل في السادسة من عمره.

وبعد ساعات من وقوع الحادث قال الرئيس التنفيذي للشركة في مؤتمر صحافي «لا توجد على الإطلاق كلمات تصف بدقة مدى حزننا وأسفنا لهذه المأساة».

ونقلت الصحف عن محللين إشادتهم برد الفعل ووصفته بأنه ربما يضع معيارا جديدا لكيفية تعامل شركات الطيران مع الأزمات.

وبعدما هوى سهم الشركة 1.5 في المئة عقب الحادث مباشرة عاود السهم الصعود بنسبة 3.5 في المئة في غضون أيام وبحلول مارس/ آذار 2006 ارتفع 11 بالمئة من مستوياته قبل الحادث.

وقال ديرميير «تبدي شركات الخدمات المالية سلوكا مختلفا كليا لأن المنتجات معقدة وينتابهم شعور بأنهم أذكى من الجميع وثمة تقدير للجرأة».

ومنذ أول انهيار لأحد البنوك الكبرى خلال الأزمة الحالية وهو بنك نورذرن روك البريطاني في سبتمبر/ أيلول 2007 أبدت المؤسسات المنهارة درجات متفاوتة من الندم.

وقال الرئيس التنفيذي لبنك ليمان براذرز المنهار ريتشارد فولد لأعضاء الكونغرس الأميركي في وقت سابق من هذا الشهر إنه يتحمل المسئولية الكاملة عن تصرفاته وإنه يشعر «بفظاعة ما حل بالشركة» ولكنه أصر على أنه يتقاسم اللوم مع الجهات الرقابية والكونغرس.

وتعهدت إدارة بنك دويتشه الألماني بكامل هيئتها بالتنازل عن مكافآتها عن العام الجاري اقتداء بالرئيس التنفيذي لمورجان ستانلي «جون ماك» الذي أعلن قرارا مماثلا في العام الماضي.

لكن حتى الآن كان صدور اعتذار فعلي أمر نادر الحدوث ربما التزاما بنصائح قانونية. ويقول ستيفن فريل الشريك في مكتب ديفيز ارنولد كوبر للمحاماة أن هاتفه يرن «أكثر مما كان عليه الحال منذ فترة طويلة جدا».

وأضاف أن «الأفعال أقوى من الكلمات. فإذا عرف رجل الشارع أن شخصا تنازل عن مكافأته فذلك يضاهي الاعتذار». وتابع «حين تبدأ في الاعتراف بالمسئولية أو التلميح لاستحقاق اللوم تفتح الباب لدعاوى قانونية. لا أنصح أي شخص بأن يذهب لحد الاعتذار عن أفعاله».

وفي بريطانيا نشر في الآونة الأخيرة أن الرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات المالية المسئولة عن الرقابة على القطاع المالي هيكتور سانتس اعتذر ونقلت وسائل الإعلام عنه قوله «أبدينا أسفنا وأنا أعتذر عن فشل دورنا في الرقابة».

وعلى رغم أن مبادرته ربما كانت محل ترحيب إلا أنه لا يتحمل المسئولية المباشرة عن انهيار مؤسسة.

وعلى عكس اليابان حيث ثقافة الاعتذار متأصلة ربما يبدو من السذاجة أن نتوقع أن يقدم مصرفي أميركي أو بريطاني اعتذارا.

يقول كيث سكوتش للرئيس التنفيذي لمؤسسة ستاندرد لايف انفستمنتس سابع أكبر شركة لإدارة صناديق استثمار في بريطانيا «إنه ينبغي تقدير قيمة الاعتذار عند النظر إلى تكلفة العجرفة في الصناعة».

وتابع «ما ينبغي أن يقلق المستثمرين حقا هو ثمن العجرفة... الأمر يتعلق بضمان قيام تفاعل طيب».

ويقول ديرميير إنه في قطاع يعتمد اعتمادا كبيرا على الثقة فإن تبني موقف يقوم على التعاطف والشفافية والانفتاح على الجمهور والعملاء والمساهمين قد يدر مكاسب.

وأضاف «كلما زاد اعتمادك على الثقة زادت أهمية فهم تأثيرها»

العدد 2237 - الإثنين 20 أكتوبر 2008م الموافق 19 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً