في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي أصبح بمقدور أطباء الأمراض النفسية وصف عقار جديد منتظر منذ بعض الوقت ضد الاكتئاب يدعى Lexapro ويروج على أنه أكثر فعالية وسلامة من الأدوية المنافسة القديمة، ولكن ليس هناك دليل على أنه أفضل منها.
ومع ذلك يتوقع أن يحتل دواء «لكزابرو» حيزا كبيرا في سوق الأدوية المضادة للاكتئاب الذي يبلغ حجمه مليار دولار سنويا. وعليه، كيف يختار المرضى والاطباء بين هذا الدواء الجديد وبين المجموعة الكبيرة المحيرة من أدوية الاكتئاب؟
«عليك أن تقامر». هكذا كان جواب الدكتور فيليب نينان من جامعة ايمري، فكل دواء مضاد للاكتئاب يتميز بجملة مختلفة من الايجابيات والسلبيات وليس هناك من طريقة تتيح لك أن تعرف سلفا أي دواء هو الأفضل لمريض معين.
وفيما تتوافر للمرضى اليوم أدوية اكتئاب أفضل من أي دواء سابق، فإن شريحة كبيرة من حوالي 19 مليون أميركي يصابون بالاكتئاب في مراحل حياتهم لا يستفيدون منها.
ويقدر الخبراء أن حوالي نصف المرضى الذين يجربون دواء ما ضد الاكتئاب يتوقفون عن استعماله أو يتحولون إلى دواد آخر في غضون ثلاثة أشهر.
ولبعض منهم لا يستطيع تحمل الآثار الجانبية، وآخرون لا يحصلون على أية فائدة، ربما لاختلاف أسباب اكتئابهم الذي يحتاج إلى أدوية حديثة.
تركز الأدوية الحديثة على موازنة مستوى مادة السيروتونين الكيماوية العصبية في الدماغ، وهي تعطي احساسا بالراحة للمرضى. ولكن نينان متحمس لأسلوب يختلف اختلافا جذريا يستهدف الهورمونات التي يعتقد أنها تسبب الاستجابة المضخمة تجاه الضغوط عند المصابين بالاكتئاب. إلا أن اثبات جدوى هذه الأدوية المصنفة «CRF Antagonists» يحتاج إلى سنوات كثيرة من الابحاث.
ولكون مثل هذه الاختراقات لاتزال بعيدة عن التحقيق فأي خيار جديد يولد الحماس - حتى وإن كان الدواء - مثل «لكزابرو» لا يختلف كثيرا عن اسلافه من الناحية الكيماوية.
والحقيقة أن لكزابرو ما هو إلا نسخة محسنة عن العقار «Celexa» شائع الاستعمال، وهو أحدث الابتكارات في فئة من الأدوية التي كان باعثها الدواء بروزاك، وتعرف بفئة «القامعات الانتقائية لاستعادة السيروتونين»، أو SSRl.
ويقول نينان ان دواء لكزابرو ليس حلا سماويا لهذا المرض غير أنه يشكل خطوة إلى الأمام. العبارة التي أود استعمالها لوصفه هي «تقدم تدريجي».
وتقول شركة مختبرات فورست صانعة سيليكسا ولكزابرو انه حتى التقدم التدريجي قد يكون فارقا مجديا. وعليه فإنه بنزول دواء لكزابرو إلى رفوف الصيدليات في أيلول الماضي أوقفت الشركة تسويق عقار سيليكسا بغية تعزير سوق الدواء الأول.
وقال نائب رئيس شركة «فورست» لورنس أولانوف: «لقد أقدمنا على نوع من المقامرة بهذه الخطوة، ولكن نعتقد أنه بات بحوزتنا عقار أفضل».
ولماذا؟ يتألف العقار سيليكسا من موليكولات (جزيئات) ذات أنصاف متقابلة. ويعتقد أن الجانب الأيسر منه يعزز مستويات سيروتونين الدماغ، أما الجانب الأيمن فيعتقد أنه غير ناشط أو ربما له علاقة ببعض الآثار الجانبية. ومن هنا فإن لكزابرو هو سيليكسا مقصوص لأخذ الجانب الذي يفترض أنه الصالح.
وتشير دائرة الأغذية والادوية إلى أنه ليس ثابتا أنه مضاد اكتئاب أفضل. ولكن دراسة طاولت 491 مريضا أظهرت أن أخذ عشرة ميلليغرامات لكزابرو يوميا يعطي مفعول 40 ميلليغرام سيليكسا. وطرأ تحسن على حال عدد من المرضى قبل أسبوع من مستعملي سيليكسا.
ومع أن دواء لكزابرو يسبب نقص الآثار الجانبية لأدوية فئة SSRI - من الغثيان والعجز الجنسي إلى الأرق والاحساس بالاجهاد خلال النهار - فإن نسبة مستعملي لكزابرو الذين أحسوا بتلك الآثار كانت أدنى من 5 في المئة.
إلا أن هناك خيارات بديلة كثيرة أخرى، وأطباء الأمراض النفسية ينصحون المرضى بأخذ حجم الجرعات والآثار الجانبية بل وحتى الأسعار لدى اختيارهم لأي دواء باعتبار:
- دواء بروزاك - رائد فئة SSRI على سبيل المثال متوافر بأسعار نوعية أفضل وهو الدواء الوحيد بين مضادات الاكتئاب الذي يؤخذ مرة واحدة في الاسبوع، وحتى النوع الذي يؤخذ مرة في اليوم يبقى في الجسم مدة أطول من أي دواء في فئة SSRI، وهذا قد يكون جيدا بين وقت وآخر، ولكنه ليس جيدا إذا كان المريض يتعاطى أيضا أدوية أخرى قد تتفاعل مع بروزاك، بحسب الدكتور كريستوفر كوليندا من جامعة ميتشغان. وفي المقابل، يخرج الدواء Paxil - وهو من فئةSSRI - من الجسم بسرعة كبيرة إلى درجة أن المريض يعاني من الآثار الجانبية إذا أقلع عن أخذه كليا.
- دواء Serzone - بديلا عن SSRI، يساعد على موازنة مستوى السيروتونين بآلية مختلفة في الدماغ ما يقلل من الآثار الجانبية التي تؤثر على النوم والحياة الجنسية، إنما على حساب حدوث سمومية في الكبد احيانا.
- دواء Effexoor يستهدف السيروتونين ومادة نوريبينفرين الدماغية المماثلة على حد سواء، ولذلك هو الدواء المفضل عند فشل أدوية SSRI. ويؤثر عقار Wellbaurtin أيضا على المادتين الدماغيتين المذكورتين ولكن ليس بالقوة نفسها، إنما ينطوي على خطر التعرض لنوبات صرع.
- إن الاكتئاب غالبا ما يكون مصحوبا بمشكلات دماغية أخرى ينبغي البحث عن أدوية لها أكثر من مفعول واحد. وعلى سبيل المثال دواءLuvox هو من فئة SSRI يباع علاجا للاكتئاب الهوسي القهري ودواء Paxil يعالج القلق أيضا. وينصح كوليندرا المصابين بالاستفسار من الاقارب والمعارف الذين عانوا من الاكتئاب عن استفادتهم من مختلف الأدوية لأن المريض الجديد سيتأثر من الدواء بالطريقة نفسها على الارجح
العدد 215 - الثلثاء 08 أبريل 2003م الموافق 05 صفر 1424هـ