العدد 215 - الثلثاء 08 أبريل 2003م الموافق 05 صفر 1424هـ

تجنب الإصابة بالأمراض الجلدية

إننا نتجنب بشكل منتظم المواد المضافة ذات الأسماء الغريبة الرنانة، كما نبتعد عن الملح والدهون المشبعة بحثا عن حياة صحية، ونقوم حاليا - أكثر من أي وقت مضى - بالتمعن في البطاقات الملصقة على الأغذية للتأكد من عدم وجود مواد حافظة غير مرغوب فيها أو مواد منكهّة أو ملوّنه قد تكون ضارة. ومع ذلك فبعد تناول افطار صحي يتكون من الخبز الأسمر - لا يحتوي على حبوب مهندسة وراثيا وخالٍ من المواد المضافة - يذهب الملايين مباشرة إلى الحمام ويرشون ويدعكون شعرهم وجلودهم بمجموعة من المواد الكيماوية غير المعروفة.

فينما يطلب من صانعي الفاصوليا والفول المطبوخ والكتشاب (صلصة الطماطم)، ذكر جميع مكونات هذه الأغذية لا يطلب من منتجي مستحضرات التجميل ذكر هذه المعلومات. وفي الواقع فإن العناصر التي تدخل في تركيب مثل هذه المستحضرات تكون أحيانا كثيرة بدرجة يتعذر معها الكشف عن جميع هذه العناصر اذ ان هذه المستحضرات تتكون عادة من مجموعة كبيرة من المواد الكيماوية يتوافر منها حوالي 3000 لمصنعي هذه المستحضرات في أوروبا. ويؤكد منتقدو هذه المستحضرات انهم لا يعرفون سوى القليل عن تأثير الكثير منها على الصحة وخصوصا التأثيرات الناجمة عن الاستخدام لفترة طويلة. ان المواد الكيماوية الموجودة في بخاخ الشعر والعطور والمساحيق يمكن استنشاقها ما يعمل على تهيج الرئة كما انه يتم لَعق وبلع أحمر الشفاة من دون قصد. وتدخل المواد الكيماوية الموجودة في جميع أنواع الصبغات ومواد التجميل والعطور إلى الجسم من خلال الجلد بسهولة.

يقول مؤلف الكتاب الرائع بعنوان «الحماية من الاخطار الكامنة لمواد التجميل» كيم اريكسون: إن من مزايا العناصر الصناعية التي تدخل في صناعة مواد التجميل انها رخيصة وثابتة وتدوم طويلا. ان المصنعين يحبون هذه العناصر. ومع ان غالبية المنتجات تبدو آمنة على المدى القصير الا ان النتائج على المدى البعيد قد تكون غير صحية. ويقول الباحثون في جامعة لويس باستير في ستراسبورج ان احدى المشكلات التي تواجه الاطباء الذين يحاولون معرفة سبب المشكلات هي الاستخدام المستمر لانواع جديدة من المركبات بسبب التحسينات التي تدخلها صناعة مواد التجميل على منتجاتها. أما المشكلة الأخرى فهي تعذر القيام بمراقبة طويلة الامد لتأثير المواد الكيماوية. ويخشى بعض الباحثين والمستهلكين انه نظرا لاستخدام المواد الكيماوية بشكل منتظم لمدة طويلة فان ذلك قد يؤدي إلى نتائج لا يعرف تأثيرها على الصحة حتى الآن. وفي الوقت ذاته تبقى الحساسية التي تصيب الجلد مشكلة لعدد كبير من المستهلكين الذين توجد لديهم حساسية بشكل خاص من العطور. وكان من الانجازات البارزة للجنة العلمية المختصة بالمواد التجميلية والمنتجات غير الغذائية التابعة للاتحاد الأوروبي الزام مصنعي العطور بذكر اي من العناصر الستة والعشرين المختلفة التي يمكن ان تسبب تفاعلا قويا. وقد ظلت هذه العناصر مجهولة حتى الآن ما يجعل من الصعب على المستهلك معرفة ما اذا كانت المادة المثيرة للحساسية بالنسبة إليه موجودة في تلك العناصر أم لا. ولكن هذا المطلب الذي سيتم تطبيقه خلال عامين ينطبق فقط على العناصر المعروفة بأنها تسبب مشكلات لدى بعض الاشخاص.

إن بعض هذه المواد تحتوي على عناصر سُميّة قد تحدث ردود فعل لدى المستهلكين عند استخدامهم لأقل كمية. ويتم استخدام طُحلب البلوط في صناعة مستحضرات التجميل وهو أحد الاسباب المهمة التي تؤدي إلى التفاعل القوي، كما يقول استشاري الامراض الجلدية في معهد القديس جون للأمراض الجلدية ايان وايت.

ويمضي وايت قائلا: لم نعرف سوى منذ مدة قريبة ان مادة الكلوراترانول الموجودة في الطلحب لها تأثير قوي.

ونتيجة لهذا الاكتشاف بالنسبة إلى طحلب البلوط - الذي يساعد في بقاء رائحة العطر على الجلد طويلا - فمن المتوقع ممارسة ضغط للحد من استخدامه في منتجات مواد التجميل. ويعتقد بعض الباحثين والمستهلكين ان بعض صبغات الشعر تشكل أكبر خطر بين جميع مستحضرات التجميل الموجودة في السوق. وقد توصلت اللجنة العلمية الخاصة بمستحضرات التجميل والمنتجات غير الغذائية التابعة للاتحاد الأوروبي الى انه لا يمكن ضمان سلامة 57 مادة كيماوية تستخدم في صناعة صبغات الشعر.

وإذ ان هذا يمثل نصف عدد المواد الكيماوية المستخدمة في هذه الصناعة فان ذلك يعني ان الكثير من المستهلكين قد تعرضوا لواحد أو أكثر من هذه المركبات. ويأتي قرار اللجنة في اعقاب دراسة تربط بين استخدام الصبغات وسلسلة من المشكلات الصحية بما في ذلك السرطان ومشكلات الأجنة والحساسية ومشكلات جلدية اخرى. وقد وجد كذلك وجود علاقة بين استخدام هذه الصبغات والتهاب المفاصل والذئبة (مرض جلدي).

ويقول الاطباء إنه على رغم ان تحقيق رئيسي خاص بعلم الأوبئة قد يستغرق عامين الا انه يجب اتخاذ بعض الاجراءات لحماية المستهلك حتى انجاز ذلك التحقيق. ان صناعة مستحضرات التجميل في الدول الأوروبية تستخدم عددا كبيرا من صبغات الشعر الدائمة وان لم يتم تقييم سلامة الكثير من هذه الصبغات من قبل السلطات المختصة، يقول تقرير للجنة العلمية التابعة للاتحاد الأوروبي.

وتتركز المخاوف بشكل خاص على الصبغات الدائمة بما في ذلك المنتجات المؤكدة للشعر والتي تمثل الجزء الأكبر من هذا السوق المتنامي. ان هذه المنتجات مقاومة لبهتان اللون نتيجة استخدام الشامبو، ولكن اعادة الصبغ ضروري كل شهر أو ستة أسابيع بسبب نمو الشعر الجديد ما ينجم عنه تعرض فروة الرأس للمواد الكيماوية حوالي 45 دقيقة في كل مرة.

وقد أظهرت دراسة في جامعة كاليفورنيا ان النساء اللاتي استخدمن صبغات الشعر الدائمة مرة واحدة على الأقل كل شهر كن اكثر احتمالا بالاصابة بسرطان المثانة ثلاثة اضعاف النساء الاخريات اللاتي لم يستخدمن تلك الصبغات. وقد وجدت دراسة اخرى اجريت من قبل جمعية السرطان الأميركية على أنواع اخرى من السرطان ان استخدام الصبغة السوداء لأكثر من عشر سنوات كان له ارتباط بزيادة بسيطة من خطر الموت نتيجة الاصابة بالورم النقيي المتعدد والورم اللمفاوي الحميد (داء هُدجكن الحميد). وقد زادت المخاوف ايضا بالنسبة إلى مخاطر الاصابة بالتهاب المفاصل وتشوهات الاجنة نتيجة استخدام صبغات الشعر الدائمة.

وقد وجدت دراسة أجرتها هيئة العقاقير والاغذية الأميركية ان واحدا من بين أربعة أشخاص قد تعرضوا للتفاعل الارَجيّ نتيجة استخدامهم مستحضرات التجميل بما في ذلك صبغات الشعر.

ولكن لماذا يستخدم الكثير من الناس هذه المنتجات بافراط من دون معرفة مكوناتها؟ إنها ظاهرة اجتماعية تتعلق بمظهر الشخص وهو أمر مهم بالنسبة إلى الكثير من الناس، انه لأمر مألوف على سبيل المثال ان نسمع البعض يقول انه يفضل الموت على رؤية الشعر الأبيض في رأسه. ان مهمة المسئولين هي حماية هؤلاء الناس بقدر الامكان. ومع اجراء المزيد من الدراسة وازدياد الادلة على العلاقة بين مستحضرات التجميل وبعض الأمراض فاننا نأمل ألا يندم الأشخاص الذين يستخدمون الصبغات ومستحضرات التجميل الأخرى بعد فوات الأوان.

(خدمة الاندبندنت خاص بـ «الوسط»

العدد 215 - الثلثاء 08 أبريل 2003م الموافق 05 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً