اتفق مسئولون ومصرفيون مع ما أدلى به ولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة لمجلة «مكانزي كوارترلي »بشأن شكوكا تحيط بمدى قدرة دول الخليج العربية على توحيد عملاتها بحلول العام 2010 على رغم الفوائد الكثيرة التي يمكن أن تجنيها هذه الدول الست خصوصا فيما يتعلق بالمفاوضات التجارية مع الدول الخارجية مثل الاتحاد الأوروبي واليابان والهند وهم الشركاء الرئيسيون في التجارة مع دول المنطقة الغنية بالنفط.
غير أن مصرفيين رأوا ان موعد توحيد العملات في العام 2010 ليس «مقدسا» بحسب تعبير أحد المصرفيين في صندوق النقد الدولي ولكن الأهم من ذلك هو التأكد من وجود آليات منتظمة يمكن أن تحافظ على استمرار نمو اقتصادات دول المنطقة عند تحقيق الوحدة الاقتصادية في وقت لاحق وأهمها سعر الصرف وإزالة العوائق التي تقف في طريق تسهيل التجارة البينية.
سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة الذي يعتبر المحرك الرئيسي لعملية التغيير الاقتصادي الجارية في المملكة ذكر في حديث أخيرا إلى مجلة «ذا ماكنزي كوارترلي» «على رغم وجود الإرادة السياسية لتحقيق ذلك إلا أنني أشك في تحقيق ذلك في العام 2010 بسبب عدد من القضايا الفنية التي تحتاج إلى نقاش قبل توحيد العملة ومن بين هذه القضايا تقريب معايير التضخم والدين العام وأسعار الفائدة».
وجميع عملات دول الخليج الست وهي البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية والكويت مربوطة بالدولار الأميركي وتختلف هذا العملات في أسعار الصرف. كما أن الاحتياطيات المالية في هذه الدول مختلفة مثلها مثل بقية القوانين التي تتحكم في نمو الاقتصاد وكذلك مدى الاعتماد على القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية.
المصرفي المخضرم نضال العوجان أبلغ «الوسط» أنه يمكن تحقيق الوحدة النقدية في العام 2010 إذا وجدت الإرادة السياسية لدى قادة دول المنطقة ولكن لا بأس من تأجيلها لمدة عامين أو ثلاثة إذا وجد أن المصلحة الاقتصادية تقتضي ذلك. وأضاف «اعتقد ان العملة الموحدة هدف ولا بد أن يتحقق ذلك». وعدد العوجان بعض فوائد توحيد العملة والتي من ضمنها تسهيل عملية التجارة بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دول المنطقة وتفاوض دول الخليج مع الدول الأجنبية لتحرير التجارة والمساهمة في تسهيل مخاطر الائتمان وأن توحيد العملة ستكون الخطوة الأولى لتوحيد احتياطيات المنطقة معتمدة على عملة واحدة.
غير إنه قال إن موعد تحقيق العملة الموحدة «يمكن تأجيله لمدة عامين أو ثلاثة لأن كل بلد ينظر إلى مصالحه الاقتصادية وأن الاستعجال غير مفيد قبل التأكد من عدم وجود أية إشكالات وعدم وجود سلبيات على اقتصادات المنطقة».
وكانت تقارير عن ذكرت إن سلطنة عمان قد لا تنظم إلى جهود توحيد العملة في العام 2010 بسبب عدم جاهزيتها ولكنها لم تقل إنها ستقاطع ذلك. لكن مصرفيين قالوا إن دول الخليج يمكن أن تبدأ في توحيد العملة حتى لو تخلفت عنها دولة أو دولتين لإفساح المجال أمام هذه الدول للانضمام إلى الوحدة النقدية فيما بعد وأشاروا إلى أن بريطانيا مثلا لا تزال متخلفة عن الانضمام إلى الوحدة النقدية الأوروبية.
المحلل الاقتصادي حسين المهدي أبلغ «الوسط» ان الشكوك التي حامت حول إمكانية تأخير تطبيق العملة الخليجية الموحدة بين منظومة دول مجلس التعاون برزت إلى السطح كنتيجة إلى مجموعة من الإرهاصات والمؤشرات التي يراها بعض المراقبين الاقتصاديين بأنها قد تؤخر المشروع ومن ضمنها قرار سلطنة عمان عدم الدخول فيها في العام 2010 لأسباب فنية وعدم استطاعتها أن تكون مستعدة لذلك. ومضى يقول إضافة إلى ذلك فإن هناك حوارا ونقاشا بشأن طريقة المثبت المشترك وآلية اعتماده في ظل تفاوت أسعار الصرف من ناحية وتقلباتها من ناحية أخرى بين عملات دول المجلس والدولار خصوصا وان الدولار حسب ما تشير إليه الإحصائيات الدولية يثمل زهاء 30 في المئة من حجم التبادل الاقتصادي العالمي يتركز جلها في الدول المنتجة للنفط.
وقال المهدي بدأ بالتفكير مبكرا في الاتحاد الاقتصادي من خلال إصدار زعماء دول المجلس الست واعتمادهم الاتفاق الاقتصادي الموحد في بداية الثمانينات ولكن لم ير أي من تلك القرارات النور إلا قبل عامين باعتماد وتنفيذ الاتحاد الجمركي.
وكان قادة دول الخليج قد أقروا الاتحاد الجمركي خلال اجتماع عقد في مسقط في العام 2001 وبدأ العمل بالقرار في بداية العام 2003 الذي وحد الإجراءات الجمركية المتعلقة بالاستيراد والتصدير وإعادة التصدير والتي حددت بخمسة في المئة على السلع الأجنبية المستوردة من الخارج تفرض في المنفذ الأول الذي تصل إليه البضاعة. ويقدر الاقتصاد الأميركي بنحو 12 تريليون دولار مقاسا بالناتج المحلي الإجمالي وهذا اقتصاد كبير مقارنة باقتصاد دول الخليج العربية الذي يبلغ أقل من تريليون دولار ولذلك فإن هذا يؤثر على مشروع العملة وهذا يعطي انطباعا بأن هناك من يرى أن العملة الموحدة يحتاج على مزيدا من الدراسة وهذا أمر طبيعي أن تتخلف دولة أو دولتين عن الدخول في الاتحاد النقدي مثل ما حدث لبريطانيا. غير إنه قال إن أعضاء الاتحاد الأوربي كبير إذ دخل الاتحاد 15 دولة وارتفع عدد الأعضاء ليبلغ الآن 26 دولة بينما تخلف دولتين عن الانضمام إلى العملة الموحدة في الخليج «فإنك تتحدث عن ثلث الدول؟» وهو الأمر الذي سيضر بالتجارة البينية بين دول المجلس والتي هي نفسها لاتزال دون المستوى المطلوب.
العدد 1612 - السبت 03 فبراير 2007م الموافق 15 محرم 1428هـ