العدد 1613 - الأحد 04 فبراير 2007م الموافق 16 محرم 1428هـ

الهاجوس

(أ‌) ذات نص... ذات قراءة... وربما ذات وجد، لم أخفِ، كما لم يخفِ كثيرون ذهابهم إلى الحدود القصوى من التشفي والتأمل. التشفي من نصوص لا تقدّم إلى الناس سوى مزيد من اليأس، ومزيد من الإحباط، ومزيد من البلادة والغباء. والتأمل في نصوص هي على النقيض من كل تلك الصور المليئة والمكتنزة بالنقيض مما سبق. أول ما كتبت عن سمو الأمير بدر بن عبدالمحسن، كان قبل 8 أو 9 سنوات. قلت وقتها ان المشروع الذي اشتغل عليه بدر بن عبدالمحسن، وضمن فترة تاريخية انغلقت على القائم والسائد من النصوص والأشكال التعبيرية الجامدة، يعد انقلابا بكل ما تحمله الكلمة من معنى واستفزاز. انقلابا من حيث جرأته وذهابه وتقصيه وانفلاته وأحيانا انفلاشه، ولم أتردد في القول وقتها: إن الظروف التي تولدت فيها تلك الجرأة والذهاب والتقصي والانفلات وأحيانا الانفلاش، كانت ممعنة في صعوبتها ومواجهاتها ورفض المجتمعات الخليجية لها، لولا أن توظيفا تم تكريسه في تلك التجربة عبر الدخول بل والتحايل على تلك الصعوبات والمواجهات والرفض، في شراكات ذكية مع عدد من الأصوات الغنائية وعلى رأسهم محمد عبده، وعبادي الجوهر، وطلال المدّاح.

يا اللي نسيت الزمن وقلوبنا تعدّه

كم ليلةٍ غبت والهاجوس يلعب بي؟

لا انته مع القلب يا الغالي ولا ضدّه

كله سوى راحتي والاّ تعب قلبي

يسيل قلبي على الخدّين... وآردّه

خبرت قلبٍ من اللوعات ينحبّي

وان قلت لابد يبرد زادت الشدّه

شقيت أنا منك والشكوى على ربي

يا من يغيب القمر لا من ظهر خدّه

الزين زينك وانا كثر الوله ذنبي

من عانق السيف لازم يجرحه حدّه

ومن يعشق الجمر فيه النار تشتبّي

(ب) بقدر ما ووجه الخروج على نمطية القصيدة العربية الكلاسيكية بعد تكريسها شكلا ومضمونا طوال قرون من الزمن، بشتى أشكال القمع والمصادرة والتسفيه والتشكيك والطعن الذي مس العقيدة، واختزال التوجه في مؤامرة تحاك ضد العربية والأمة والإسلام، مع مطلع الأربعينات من القرن الماضي، وتطور أشكال القمع تلك مع مطلع الستينات من القرن نفسه بتبلور مشروع قصيدة النثر على يد أنسي الحاج، أدونيس، ومحمد الماغوط، إلا أن القمع الذي ووجه به تحديث القصيدة العامية على يدر الأمير بدر بن عبدالمحسن، كان أضعافا مضاعفة، وإن لم يتخذ ذلك القمع شكله وصورته المباشرتين بحكم مكانة الرجل من جهة، إذ لو أتيح لرائد غيره أن يتصدى لمشروع التحديث ذاك لكانت صور القمع فاقعة لا مواربة أو تحفظ فيها.

العدد 1613 - الأحد 04 فبراير 2007م الموافق 16 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً