(أ) أي إيقاع سلس ذلك الذي تمتهنه الشاعرة المتألقة دائما ظما الوجدان؟ أي ماء ذلك الذي ينساب من بين كلماتها كلما ذهبت إلى الشعر مفتونة بالكائنات التي تتراءى لها؟. شاعرة تضع كثيرين أمام فضاءات من حرج.

رسمت بشفي الزهري على خد الورق زهره

وهلّت من سما عيني دموعٍ أحيت الصوره

وشفت من العسل ثروه وجيشٍ يعلن الثوره

ويرفض فكرة استعمار ينهب أجمل زهوره

وضاقت زهرة الشف بعسلها واكتفت عبره

وعاشت في سجن صمت المشاعر شف مأسوره

توارت عن عيون الكون في ليلٍ نسى فجره

ظلامه يرفض غيابه ويفرض سطوة حضوره

تجمّد سكّر الزهره، تكسّر وانقضى أمره

ورقها يرتعش يحمل بقايا روح مكسوره

وهبّت فكرة الحلم بحقيقه زادت الفكره

عذوبه تنثر إكسير الحياة بروح مقبوره

ألا يا قوة الله كيف تحيا الروح من نظره

رمتها عين صقرٍ في حضور الشوق محظوره

عيونه تبعث الميّت... وشفه يودعه قبره

أنا أشهد وقفة (الأعراف) للعشاق مخطوره

تبسّم واحتضر قلبي، نظرني وابتدا عمره

ويوم إنه ضحك نلت الخلود بضحكة غروره

نعم جايز غرور الزين لين اغتر بالفطره

على حلَه مدام إنه تسيّد سادة عصوره

سقاني من شراب الذوق تقديرٍ رفع قدره

بقلبي، وانحنى له يعتذر عن قمّة قصوره

ملكني حاكم العفة ونصّبني وسط قصره

أميرة ودّها تصبح لأجل عينيه مأموره

أنا كلّي فدا روحه... فدا صوته... فدا طهره

فدا قلبه وتاريخه... فدا حكمه ودستوره

كتبت إقرار نصّه ثروة إحساسي تحت أمره

أنا ملكه وزلّة سيد العشاق مغفوره

غفرها قلبي إن صارت وإذا ما صارت/الفقره

تراها تقبل التجديد لو عمري طفى نوره

وهاذي بصمةٍ من روح شفي والقلم حبره

كحل يسطر وثيقة حب بالأختام ممهوره

ختم حب وختم شوق وطهاره تكشف الشفره

وتعلن للملا إنك حبيبي أجمل اسطوره

حبيبي حاصر الزهره وذاق من العسل قطره

وحارب لأجلها كل الجيوش وقال... معذوره

(ب) نعلم أن حساسية مفرطة تطلع علينا من هنا وهناك كلما أشرنا وأومأنا إلى مكانة هذه الشاعرة الرائدة. لكن ما يهمنا في الأمر هو أن نسمي الأشياء بأسمائها من دون تزويق أو تزييف. إذ نعلم أن أسماء كثيرة ظلت مكرّسة في المشهد الشعري البحريني لسنوات باعتبارها أول وآخر الفصل في الخطاب، وإن أجادت وزن وإيقاع قصيدة، إلا أنها لا تجيد إيقاع الحياة التي يجب أن تضج وتكتنز بها تلك القصيدة!