لم يقم أي مغن على مدى التاريخ الطويل للسينما العربية بتصوير أي فيلم وهو يظهر من خلاله كشخص ناقص أو يحمل عيبا شرعيا يمكن من خلاله أن يطرح شخصية مؤثرة، يقوم من خلالها بمعالجة مثل هذه النواقص والعيوب التي قد تكون موجودة مجتمعيا، بل يجب أن يظهر في صورة إن لم تكن الكمال، فهي أكثر من ذلك.

هذا ما كان واضحا في الفيلم الجديد الذي قدمه الفنان المطرب تامر حسني الذي حمل اسم «كابتن هيما»، والذي يتم عرضه في معظم دور العرض البحرينية، وذلك ترقبا لتهافت شديد من الجماهير لحضور هذا الفيلم الذي ذاع صيته قبل فترات طويلة من عرضه لمشاركة الفنان تامر، الذي يجد فيه الكثير من الشباب حسن الهيئة والرومنسية من خلال ما يقدمه من أغان، ولذلك فإن الكثيرين على موعد مع مفاجآت من نوع مختلف في هذا الفيلم، وخصوصا من يتوقع أن يشاهد فيه أمرا جديدا ومختلفا، أو من يبحث عن المعالجة السينمائية الهادفة.

تدور أحداث الشريط السينمائي حول شاب يدعى «إبراهيم» يعمل كسائق حافلة في إحدى المدارس، وهو خريج قسم التربية الرياضية، إلا أن حادثا ألم بوالديه جعله ينعزل على نفسه، مفضلا العمل كسائق حافلة على أن يستغل مواهبه الرياضية.

تنشأ نتيجة فقد تامر لوالديه علاقة وطيدة بينه وبين شقيقته «فاطمة» أو كما كان يناديها طوال الفيلم بـ «توتة»، ويسعى لأن يحتويها ويوفر لها كل احتياجاتها، ومن هنا يبدأ أول ابتذال في هذا الفيلم، إذ إن «إبراهيم» أو هيما، يظهر نفسه للجمهور على أنه شخص ذو رؤية وحدس حينما يستشعر حاجة أخته في الصباح الباكر للفوط الصحية، ويقوم بتذكيرها أنها في المكان الفلاني، ويجيبها حينما تسأله عن مصاريف الدراسة أنها موجودة مسبقا في حقيبتها.

«هيما الخارق» رياضي مشهور في الحي والكل يحبه، إلا أنه يقع في حب أستاذة في المدرسة التي يعمل فيها سائقا، تقوم بدورها الفنانة «زينة» واسمها «مريم»، والتي يشترك معه في حبها - كحال الأفلام العربية العريقة - ذلك الشاب الغني، الذي يكيد لـ «هيما» في أكثر من موقف حتى يبعده عن طريق «مريم» ويصفى له الجو.

وطبعا، البطل لا يمكن أن لا يحبَّ، فهذه القاعدة سارية المفعول لكل زمان ومكان، حتى وإن تمنعت «مريم» في بداية الفيلم عن إبداء الاهتمام بـ «هيما» إلا أن الأقدار تسوق لها رحلة معه تقوم بها المدرسة، وتكون سببا في تعميق العلاقة بينهما بطريقة مبتذلة هي الأخرى، إذ يهيمان في الصحراء سويا بحثا عن خط هاتف كي يتمكن «هيما» من الاطمئنان على أخته، ولكي تطمئن «مريم» على أبيها، وبذلك تكون بداية التقارب بينهما.

أحداث أخرى، حينما تتعرض «مريم» لحادث تقع فيه على رأسها في قارب، ولا يكون هناك من منقذ يسبق «هيما»، الذي يحملها وتفيق على وجهه، وهو ما يدخل منه الفيلم إلى مرحلة أخرى حينما يحلم «هيما» بنفسه وهو يغني ويراقص «مريم».

في هذه الأغنية كانت لنا ملاحظات، إذ إن المخرج نصر محروس قد تمادى في إعطاء الضوء الأخضر لبعض الإيحاءات، إذ تقول أولى كلمات الأغنية «اكتر حاجة بحبها فيكي هو دا... آه... هو دا» وعيني البطل على مناطق من جسد البطلة، فيما هي تنظر له باستياء فيرد عليها «آآآآآه البك»، ويكرر مجددا «واكتر حاجة شدتني ليكي هي دي... آه هي دي...» وهو يمعن النظر في مكان آخر، ويرد موضحا في الأغنية «طييييييبة قلبك»، وكأن المشاهد لا يعي ما تعنيه هذه الحركات، التي زادها حينما قال «وأجمل حاجة وأحلى ما فيكي شفايفك همسك كل ما فيكي» وهو يحرك يديه في الهواء راسما تقاسيم الجسد وهو يردد «كل ما فيكي» التي تنقل جميعها صورا لشاب في حاجة ماسة لأن يتم تزويجه، بدلا من التظاهر بالطهارة والكمال وهو يقرأ الكتب في أوقات فراغه أو يمارس الرياضة، وكأن بكل ذلك تركيب لصور مختلفة أحب الفنان أن يظهر فيها أمام جمهوره، فلصقها بشخصية سائق الحافلة الحبيب والرياضي والمغني والمثقف والحساس والعالم النفساني والمصلح الاجتماعي وصاحب النكتة العفوية.

مختصر الحكاية أنهما حينما يعودان، ويكتشف العاشق الغني العلاقة بين «هيما» و «مريم» فإنه يدبر المواقف للإيقاع بـ «هيما»، فيما الأخير يعاني من مرض أخته نتيجة الحادث الذي أصابها وهي برفقة والديهم، فتدور الأحداث ضمن الإطار التقليدي الذي يجعل من هيما يصارع ذلك الثري ذو النفوذ والحصانة السياسية، والذي تكون آخر حيله باختطاف «توتة» من المستشفى، فيتربص به بطل الأكشن «كابتن هيما» ويهجم عليه في مقره بعد أن ساقت له الأقدار خروج كل الحراس في مهمة، ما يساعده في دحر خصمه وإنقاذ أخته من الشخص الذي حاول أن يلبس في البطل تهمة قتل فنانة مشهورة، لكن مشيئة المخرج علت، وظهر الحق بخروج البطل «هيما» منتصرا بحقه.