العدد 2264 - الأحد 16 نوفمبر 2008م الموافق 17 ذي القعدة 1429هـ

«التأمينات» تحقق باتهامات فساد في «المشاريع»

تطورت قضية الفساد في إدارة المشاريع بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بشكل متسارع وذلك بعد أن نشرت «الوسط» حلقات متتابعة عنها، إذ أكدت الهيئة أنها أوكلت مهمة التحقيق في اتهامات مسئول سابق بالهيئة بوجود فساد مالي إلى لجنة التدقيق المنبثقة عن مجلس إدارة الهيئة والتي تعمل حاليا على جمع المعلومات والمستندات المتعلقة بهذا الموضوع تمهيدا لعرضها على المجلس للنظر في إعادة فتح التحقيق في تلك الادعاءات.

فيما أيّدت محكمة الاستئناف أمس قرار المحكمة المدنية الصغرى بإرجاع المدير المساعد للمشاريع بالهيئة العامة للتأمين الاجتماعي (فرع التأمينات) إلى عمله بعد أن تم فصله من العمل في الخامس والعشرين من يونيو/ حزيران 2006 بناء على توصية لجنة التدقيق.


«الهيئة» اتهمت مسئولا بالتورط في استغلال منصبه لكنها رقته إلى مدير مساعد بعد أربعة أشهر

لجنة التدقيق تحقق في ادعاءات وجود فساد مالي في «التأمينات»

الوسط - هاني الفردان

اتهمت الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، ردّا على ما نشرته «الوسط» طوال الأيام الماضية عن وجود فساد مالي في إدارة المشاريع بالهيئة مدعوما بالوثائق والمستندات وتأكيدات المدير المساعد في الإدارة السابق أن لجنة التدقيق المنبثقة عن مجلس إدارة الهيئة تعمل حاليّا على جمع المعلومات والمستندات المتعلقة بهذا الموضوع تمهيدا لعرضها على مجلس إدارة الهيئة للنظر في إعادة فتح التحقيق في تلك الإدعاءات، المسئول السابق بالتورط في استغلال منصبه، على رغم تبرئة النيابة العامة له من التهمة الموجهة إليه وذلك بنص قرار صادر عن رئيس مجلس إدارة الهيئة وزير العمل في ذلك الوقت.

واستغربت مصادر تناقض اتهامات الهيئة للمسئول السابق بالتَّلاعب واستغلال المنصب في ظل إصدار الهيئة مذكرة داخلية رقم (10/2006) من القائم بأعمال مدير إدارة المشاريع في ذلك الوقت إلى القائم بأعمال المدير العام للهيئة تطالب فيها بترقية المسئول، إذ جاء في المذكرة «يسرني أن أرفع لسعادتكم طلبنا الخاص بترقية (...) والذي التحق بالعمل بالهيئة كمراقب لإدارة المشاريع منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2002 وحتى تاريخه، والذي لا يخفى على سعادتكم ما أبداه من كفاءة في إنجاز مهماته وأعماله طوال فترة عمله بالهيئة، وما قدمه إلى الإدارة والهيئة من أعمال أسهمت في تطوير إدارة المشاريع وتنمية المحافظ الاستثمارية العقارية التي تتولى الإدارة مسئوليتها».

وأكدت المذكرة الصادرة في فبراير/شباط 2006 أن المسئول، الذي تتهمه الهيئة بالفساد والتلاعب في 2005 وأحالته إلى النيابة العامة في ذلك الوقت بعد فصله، أن «قام بتحديث وتطوير الإدارة في المجالات الإدارية والتنظيمية، بما يشمل تطوير الأنظمة والإجراءات المتبعة ووضع الضوابط والمعايير التي تنظم عملية إنجاز ومتابعة الأعمال بالإدارة».

وشددت المذكرة على أن المسئول المتهم بالفساد من قبل الهيئة ونتيجة جهوده فقد ساهم في رفع الإيرادات التي حققتها الإدارة منذ توليه مسئوليتها بشكل مستمر لتصل إلى أكثر من 100 في المئة عما كانت عليه من قبل، كما انخفضت المصروفات في المقابل بنسبة كبيرة مع تحسن جودة الخدمات التي تقدمها الإدارة إلى زبائنها، كما حققت الإدارة وبفضل جهود المسئول ومتابعاته المستمرة نموّا كبيرا في نسبة إشغال المباني الاستثمارية والأسواق التجارية بلغت 100 في المئة بجميع المباني الاستثمارية والأسواق التجارية في العام 2004.

وخلصت المذكرة إلى أنه «بناء عليه، وتقديرا من الإدارة لجهوده وإسهاماته الكبيرة والمتميزة في المجالات الإدارية والاستثمارية فإننا نقترح ترقيته إلى وظيفة مساعد مدير بإدارة المشاريع».

وشهد القائم بأعمال إدارة المشاريع أن المسئول على رغم الظروف الصعبة التي مر بها في الآونة الأخيرة، فإنه عاد إلى عمله وموقعه بحماس أكبر من دون أن تكون لتلك الظروف أي تأثير على أدائه الوظيفي وذلك بشهادة منه ومن جميع الموظفين في الإدارة.

وأوضحت الهيئة في ردها على ادعات المسئول بأنه سبق له أن تقدم بهذه الادعاءات إلى وزير العمل عندما كان رئيسا لمجلس إدارة الهيئة والذي قرر بدوره إحالته إلى لجنة التدقيق بالهيئة التي قررت تكليف مؤسسة تدقيق مستقلة التحقيق مع المذكور وجمع الأدلة والتحقق من صحة تلك الادعاءات، أنه في أول جلسة للتحقيق مع المذكور لم يبد أي تعاون بل طالب بإلغاء التحقيق مدعيا أن الأوضاع بالهيئة تحسنت ولم يعد هناك داعٍ لإثارة هذه المواضيع ورفض توفير أي معلومات أو وثائق تثبت ادعاءاته.

وبناء على ذلك فقد بينت مؤسسة التدقيق أن ذلك المسئول لم يقدم إليها أي معلومات تساعد في عملية التحقيق وأنها في ظل ذلك لا تستطيع تحديد المدة التي ستستغرقها عملية التحقيق. وقالت الهيئة أنه إذا ما رغبت اللجنة في استمرارها في التحقيق فإنها تقترح القيام بمراجعة أولية لمستندات الهيئة وذلك للتمكن من تحديد حجم التحقيق المطلوب.

وذكرت الهيئة «تدارست اللجنة هذه المشكلة وقررت رفع توصية إلى مجلس إدارة الهيئة بفصل المذكور من وظيفته لما خلق في الهيئة من بلبلة في العمل وإضاعة أوقات المسئولين بها، وخاصة أن له سابقة أدخلت الهيئة في بلبلة كانت غنية عنها».

وبينت الهيئة أنها سبق لها أن أوقفت المذكور عن العمل لفترة خمسة شهور بعد أن تبين لها أنه حاول استغلال منصبه للاستفادة من عملية بيع النادي البحري وذلك بترتيب وساطة شكلية كان أخوه أحد الأطراف المستفيدة منها. وقد شكلت لجنة داخلية للتحقيق في هذا الموضوع انتهت بإدانته بالتورط في هذه العملية، ومن ثم أحيل الملف على إثر ذلك إلى النيابة العامة إلا أنها قررت حفظ الشكوى إداريّا، إلا أن الهيئة لم تذكر في ردها أن حفظ الشكوى الإداري من قبل النيابة وكما جاء في خطاب وزير العمل رئيس مجلس الإدارة في ذلك الوقت والمؤرخ في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2005 نتيجة عدم وجود شبه جنائية في الأفعال التي نسبت إلى المتهم، وعليه قرر وزير العمل إعادة الموظف إلى عمله اعتبارا من 25 أكتوبر من العام نفسه مع احتفاظه بحقوقه المقررة عن فترة توقيفه عن العمل.

وبعد ذلك قرر وزير العمل إعادته إلى عمله وصرف جميع حقوقه الوظيفية عن فترة توقيفه وذلك لعدم إدانته صراحة من قبل النيابة العامة.

وفيما يتعلق بالادعاءات التي يطرحها المذكور، فإن الهيئة لا ترى طائلة من الخوض في تفاصيلها، إلا أنها تود أن توضح للمواطنين أن المذكور كان مسئولا مهمّا في إدارة المشاريع خلال تلك الحقبة من الزمن، وجميع المعاملات، بما فيها البيع والتأجير وعقود الصيانة، لم تنفذ إلا بمعرفته ومشاركته وموافقة مديره. فأين هو عن إثارة تلك التجاوزات في وقتها ولماذا لم يتحفظ على من يدعي أنهم وسطاء غير مرخصين أو عقود تأجير غير مفعّلة...الخ. وماذا عن الوسطاء الذين كان يختارهم بنفسه ويتعامل معهم؟ هل أثبت للصحافة أنهم مرخصون؟ إنه بإثارة هذه المواضيع إنما يدين نفسه قبل أي شخص آخر، ومن الواضح أنه يحاول من خلال إثارة هذه المواضيع في الصحف ممارسة ضغوط على الهيئة لإعادته إلى العمل.


رفضت اعتراض «الهيئة» وبرأته من التهم التي أدت إلى فصله

محكمة الاستئناف تعيد «مفصول التأمينات» إلى عمله

أيدت محكمة الاستئناف أمس قرار المحكمة المدنية الصغرى إرجاع المدير المساعد للمشاريع بالهيئة العامة للتأمين الاجتماعي (فرع التأمينات) إلى عمله بعد أن تم فصله من العمل في الخامس والعشرين من يونيو/ حزيران 2006 بناء على توصية لجنة التدقيق في الهيئة التي أوصت مجلس إدارة الهيئة بفصل المدير المساعد «لما صدر عنه من سلوكات سلبية في حق الهيئة وحق الموظفين وليكون عبرة لكل موظف يتعدى على سمعة الآخرين من دون دليل أو برهان».

وجاء الحكم تأييدا لحكم سابق طالب الهيئة بإرجاع المفصول وتعويضه عن الأضرار التي لحقت به جراء الفصل، وذلك بعد تبرئته من التهم التي أوكلت له.

ومن جانبه، طالب الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الهيئة بإرجاع المفصول إلى عمله وتعويضه عن الأضرار التي لحقت به، مطالبا وزير المالية رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة بإرجاع المسئول المفصول من هيئة التأمينات وضمان جميع حقوقه، وتشكيل لجنة تحقيق محايدة لبحث كل ما أثير عن وجود فساد مالي في الصندوق.

وقال الأمين العام للاتحاد سلمان السيد جعفر المحفوظ: «إن ما نشر عن وجود فساد في التأمينات يزيد من توجس الاتحاد في الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ويؤكد أن تخوفاته السابقة في محلها وبحاجة إلى التدقيق وإعادة النظر في الهيكلة القائمة في مجلس الإدارة، وما نشر يدلل على أن موقف الاتحاد العام في المرات الماضية صحيح، ويحتاج إلى تأمل ويدعو كل الجهات المعنية إلى التحقيق والتحري في القضية التي بدت تستشري في جسم التأمينات».

وعبر المحفوظ عن أسفه الشديد لما آلت له الأمور في قضية الفساد وفصل مساعد مدير المشاريع في الهيئة لا لجرم اقترفه سوى أنه حاول إحاطة المسئولين والجهاز التنفيذي بوجود فساد إداري ومالي حصل فعلا.

وأشار المحفوظ إلى أن المدير المساعد لجأ إلى الاتحاد بشأن فصله، وان الاتحاد يدرس قضية فصله وقد أطلعنا على جميع الوثائق محاولا التعاون بشكل رسمي من دون الحاجة إلى الإعلام، وقد أجرى الاتحاد اتصالاته مع بعض أعضاء مجلس إدارة الهيئة لإطلاعه على القضية ودعوتهم إلى النظر فيها وإعادة حقوق المسئول المفصول من خلال عودته إلى عمله.

وأكد المحفوظ أنه خاطب رسميّا رئيس مجلس الإدارة وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة لمعالجة الموضوع بالحكمة والتأني وموافاة الاتحاد بالنتائج التي ستسفر عنها مساعيهم ومازال الاتحاد ينتظر رد رئيس مجلس الإدارة على الموضوع.

وقال المحفوظ: «إن الاتحاد على ثقة بأن وزير المالية سيولي الموضوع اهتماما بالغا، والتحرك بشكل جدي وصادق لكشف ملابسات القضية ووضع الحلول الجذرية وإرجاع الموظف إلى عمله»

العدد 2264 - الأحد 16 نوفمبر 2008م الموافق 17 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً