تناولت إحدى جلسات العمل التي عُقِدت ضمن فعاليات اليوم الأول من مؤتمر المعرفة الأول، واقع «النشر في العالم العربي، السياسات والمشكلات والحلول»، وشارك في هذه الجلسة - التي ترأسها رئيس تحرير صحيفة «الغلف نيوز» (الإمارات) عبدالحميد أحمد - كل من رئيس اتحاد الناشرين العرب محمد عبداللطيف طلعت، والناشر المعروف رياض نجيب الريّس بورقتي عمل تناولتا الموضوع الذي يكتسب أهمية كبيرة في ضوء واقع المشكلات التي تواجه حركة نشر الكتاب في عالمنا العربي.
وتولى مهمة التعقيب على ورقتي العمل خلال هذه الجلسة كل من الرئيس السابق لاتحاد الناشرين العرب ورئيس مجلس إدارة دار الشروق إبراهيم المعلّم، والناشر اللبناني البارز تحسين خياط، ورئيس تحرير صحيفة «أخبار الأدب» الكاتب المصري جمال الغيطاني، ومدير عام شركة العبيكان للأبحاث والتطوير ومقرها في المملكة العربية السعودية علي صديق الحكمي.
ووصفت الورقة التي قدمها طلعت صناعة نشر الكتاب بأنها صناعة لا تساهم بنسبة عالية في جملة الصناعات الأخرى في الدول العربية، إذ متوسط مساهمة صناعة النشر في الدول العربية يشكل نحو 1.3 في المئة من جملة الصناعات، ويبلغ في مصر مثلا 0.8 في المئة - وفي لبنان 0.5 في المئة بكل مايمثل النشر فيها من قيمة.
وعلى رغم هذا الحجم الضئيل لهذه الصناعة فإنها مازالت تعد المفتاح للتنمية في كل المجالات تربويا، واجتماعيا، واقتصاديا، ومفتاحا لبناء المواطن العربي، وتوحيد الفكر العربي، ونشر رسالته في العالم.
وأشارت الورقة إلى جملة من الإحصاءات التي كشفت عن عدد من المشكلات التي تواجه صناعة الكتاب العربي، والتي منها أن إنتاج العرب للكتب عموما يبلغ 1.1 في المئة من الإنتاج العالمي، على رغم ان العرب يمثلون 5 في المئة من سكان الكوكب، كما أن إنتاج الكتب الأدبية والعربية يشكل 0.8 في المئة من الإنتاج العالمي، وأن حصة كل مليون من السكان في العالم العربي خلال الثمانينات بلغت 35 كتابا، تصاعدت فبلغت 80.3 كتابا في التسعينات. فيما تتفاقم المشكلة مع الترجمة فحصة كل مليون مواطن عربي بلغت خلال السنوات الخمس الأولى من ثمانينات القرن العشرين 4.4 كتب مترجمة - أي أقل من كتاب مترجم واحد في السنة لكل مليون عربي - فيما تبلغ حصة المواطن المجري 519 كتابا في العام الواحد، وحصة المواطن الإسباني 920 كتابا.
وكشف طلعت في ورقته عن جانب آخر من المشكلات التي يواجهها الكتاب العربي على صعيد النشر تتمثل في: نقص الدراسات العلمية والإحصائية، وعدم حماية حقوق الملكية الفكرية، وخصوصا في مجالي القرصنة والتزوير والعلاقة بين الكاتب والناشر، فضلا عن الرقابة ومشكلات التسويق والرسوم والإجراءات الجمركية وسواها من المشكلات التي ترهق هذه الصناعة التي لا يُستغنى عنها، مقترحا عددا من الحلول اللازمة لتذليل تلك العقبات.
وانطلق الريّس في ورقته من تجربته الشخصية، في تشخيص المشكلات التي يعانيها الكتاب العربي، والتي حددها في العدد المتواضع من الكتب الجديدة التي تصدر سنويا في مجمل الأقطار العربية بلغة عربية واحدة مقارنة بعدد الكتب التي تصدر في الدول الأوروبية والأميركية، بتعدد لغاتها، إلى جانب الأرقام المتواضعة لتوزيع الكتاب في جميع أنحاء العالم العربي.
وأشار إلى أن من ضمن المشكلات أيضا تعدد أنواع الرقابة الإعلامية والدينية والأمنية وغيرها، فضلا عن مشكلات الانتشار، والتسويق، وكلفة المعارض، والتزوير، والملكية الفكرية، مؤكدا ان الحلول لأزمة النشر التي يطمح هذا المؤتمر إلى بحثها، تكاد منطلقاتها تكون واحدة، وهي بتشعباتها تعود إلى نظم الحريات السياسية والاجتماعية في البلدان العربية، وغياب الاهتمام الكلي بشئون الثقافة والمعرفة بتفرعاتهما، موضحا أن تعثر النشر العربي يعود إلى سببين لا ثالث لهما وهما ضمور الأسواق العربية بسبب حواجز الأنظمة السياسية التي تعامل الكتاب معاملة المخدرات والناشر معاملة المهربين، وضعف البنية المالية والاقتصادية لمعظم الناشرين؛ نتيجة لقيود الرقابة على أنواعها، فتمنعهم تطوير هذه الصناعة والاستثمار فيها.
العدد 1880 - الإثنين 29 أكتوبر 2007م الموافق 17 شوال 1428هـ