العدد 1910 - الأربعاء 28 نوفمبر 2007م الموافق 18 ذي القعدة 1428هـ

دعوة لاستغلال عالم الأنثى

استضاف صالون الأربعاء الأدبيّ بالنادي الثقافيّ «الطاهر الحدّاد»، الشاعرة التونسية نجاة العدواني التي امتلكت أحقية حضورها وساهمت في إثراء المشهد الثقافي التونسي على امتداد ربع قرن. نجاة تكتب القصيدة والمقال النقدي والقصة والأغنية، وكان لها حضور في كثير من المهرجانات الشعرية داخل تونس وخارجها.

من رصيدها «في كل جرح زنبقة» (تونس 1982)، «جذور لسمائي» (بيروت 1986)، «هديل روح من فولاذ» (تونس 1994)، ومجموعة قصصية بعنوان «مرايا لجثة واحدة» (تونس1997)، وآخر ما صدر لها شعرا «مرح أسود».

في البداية تحت لافتة «امرأة رهن العبارة»، بادرها مدير الصّالون الشّاعر يوسف رزوقة بأسئلة خاطفة ومركّزة استهلّها بسؤال: من أنت إلاّ قليلا؟ لتنخرط ضيفة اللّقاء في بوح بلا ضفاف عن مسيرتها الشعريّة وأهمّ الأمكنة التي مرّت بها في ترحالها ثمّ تواترت الأسئلة والأجوبة بطريقة برقية على النحو الآتي:

سئلت: العالم امرأة وإنّ مجرّد التفكير في تجريدها من حقّها في أن تكون جريمةٌ في حقّها؟ فأجابت: وهو كذلك، ولكن ليس أيّ امرأة.

سئلت: بأيّ شيء أنت شاعرة؟ أجابت: بهزائمي وتمزّقاتي.

سئلت: امرأتنا في الشريعة والمجتمع وفي الشّعر أيضا؟ هل من رسالة مشفّرة من وراء ما تكتبين؟ لماذا أنتِ شاعرة في «مدينة بلا قلب» كما يقول حجازي؟ أجابت: لأني أحاول إعادة تكويني فقط.

سئلت: عشت التّرحال من حال إلى حال، ما المكان في بيت القصيد؟ أجابت: هو المسافة الفاصلة بيني وبين نفسي.

سئلت: امرأتنا العربيّة أمام مرآتها المشروخة كذات أمّارة بمناهضة الفحل المهيمن هروبا من واقعها إلى القناع، أيّة شيزوفرينيا هذه؟ أجابت: المرأة لمّا تواجه المرآة، تحاول كسرها؛ لأنها تخفي وجهها الآخر.

سئلت: وأنت تعبرين الشّوارع الخلفية للإنترنت والفضائيات العربية والأجنبية على حدّ السّواء، كيف تقرأين تلك الرّسائل التي تقطر عذوبة وعذابا وحرمانا؟ أجابت: أحيانا عندما أقرأ أشياءَ بالمفهوم الذي تعنيه، أتمنى لو أني لم أتعلم القراءة بعد.

سئلت: بصفتكِ شاعرة، هل لك رأي إزاء رجل من هذا الزمان لا يفتأ يردد علانيّة أنّ صوت المرأة عورة؟ أجابت: هو إذا كائن أعور.

سئلت: لو قيّض لك يوما أن تكوني رئيسة جمهوريّة «إشراقيا الكبرى»، فما أوّل قرار تتّخذينه؟ أجابت: أهدم الكون لأعيد بناءه وفق ما أرى.

سئلت: ماذا يعني لك أن تكوني هنا والآن شاعرة حرّة، سافرة، مبتسمة، ممتلئة بذاتك والمكان؟ أجابت: يعني أني موجودة مع نفسي ومع الآخر.

في محطّة ثانية، قرأت الشاعرة من ديوانها الأخير «مرح أسود» قصائد «أضاعتني البلاد»، «دلو بلا ذاكرة»، و «شرفة على خرائب روحك» التي تقول فيها:

حدق في عيني

وتأمل خرائب روحك

فأنا يوم تشقق رحم

وابتلعتني صرخة ثكلى

صماء جئت

أتهجى خطئي

بنصف عينها كانت ترمقني

امرأة تتوارى في دخان القلب

فيا أيها البعيد العالي

بأصابعك سرح غيمة تلبدت

فوق جبين الشمس

زفني في هودج الحب

حمامة

ودع عشقك في الريش

يفرخ

وبالهديل أهدهد

أشجان شرفتك المغلقة

على جراحك الباردة

أعاصير شوق

تهز بلور المسافات

وفي الحدود أختام تساقط

بين أقدام لهفتي

ثوبي النار

تحتوي خطاياك

يسحبك نحوي

ناي عابدة

في الريح أرحل أغنية جذلى

تعانق سعف نخلة

وتطير

فأفتح الشرفة الليلة

قبل شجيرات اللبلاب

زمن يشرد قصائدنا

فتضيق الأزقة

والليالي تطول

وأنسج من سنابل الوقت

أغطية للقلب

وأنت عن صوت بدوية

ضاع في البيادر

تبحث أنت

في دمي حرقوا مدنا

وبين شفتي خنقوا أغنية

ترضع من ثدي حنيني

أصوغ من عظام أجدادي

قلادة لإنعاش ذاكرة الوطن المعطلة

أهطل دمعا ممزوجا برائحة القبائل وحداء القوافل

ولأنني ما تبقى من البدو

أرحل نحو العدم

مرح أسود

في سؤال من الحاضرين عن سرّ هذا المرح الأسود، قالت نجاة العدواني إنّ «الحزن عندما يكون جميلا فإنه يفرز مرحا أسودَ، وأنا غالبا ما أجعل من حزني أشياءَ مفرحة».

وبخصوص حضورها في المشهد الشعريّ العربيّ، ترى أنها حققت المؤمّل منها شاعرة لها صوتها الخاصّ في إشارة إلى نصوصها المسافرة عبر المكان، هذا الذي حين سئلت عن دلالته، أجابت أنّ المكان بتلاوينه المختلفة يعيدها إلى جذورها، لتضيف بخصوص اللون الذي تحمله المرأة المبدعة أنها في ديوانها «هديل روح من فولاذ» - مثلا - حملت رؤية خاصة في كتابة القصيدة النسويّة، ليس بمفهوم الانتصار للمرأة على حساب الرجل، وإنما بقصد التفرد الإبداعي الذي قد يتحقق لدى القلم النسويّ.

مليكة العمراني

شاعرة تونسية

العدد 1910 - الأربعاء 28 نوفمبر 2007م الموافق 18 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً