تدشين استراتيجية الحكومة الالكترونية والموقع الجديد لها خلال شهر مايو/آيار الماضي كان بمثابة أهم خطوة لتطوير الخدمات الحكومية ومواكبة المتغيرات التقنية العالمية، فقد كانت البداية جادة استطاعت من خلالها الحكومة الالكترونية تقديم 28 خدمة حكومية من خلال شبكة الانترنت، غير أن تجربة الحكومة الالكترونية لاتزال تواجه بعض التحديات سواء ما تتعلق بمشكلات تقنية أو ترتبط بالمسائل النفسية ومدى تفاعل المواطنين مع هذه التقنيات الحديثة.

وقد أكد الرئيس التنفيذي لهيئة الحكومة الالكترونية محمد القائد في تصريح خاص لوكالة أنباء البحرين أن مملكة البحرين أولت مجال تقنية المعلومات والاتصالات اهتماما بالغا والدليل على ذلك إنشاء لجنة عليا لتقنية المعلومات والاتصالات التي يرأسها نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة وذلك لمواكبة التطورات في هذا المجال. كما أنه بحسب الاستراتيجية الموضوعة فإن مملكة البحرين ستصبح خلال ثلاث سنوات من أوائل الدول في مجال تقنية المعلومات والاتصالات على مستوى العالم.

لقد سعت حكومة مملكة البحرين إدراكا منها لحقيقة ما تشهده تقنية المعلومات والاتصالات من تطورات كبيرة وتقدم في هذا المجال وحرصا منها على تحقيق فاعلية عالية في تقديم خدماتها للمواطنين وفي تبادل

المعلومات والأنشطة بين وزاراتها وهيئاتها ومؤسساتها فقد قامت بتجميع كل الأنشطة والخدمات المعلوماتية والمتبادلة في موقع واحد هو موقع الحكومة الرسمي على شبكة الانترنت، إضافة إلى تحقيق حالة من الاتصال الدائم بالجمهور وعلى مدار الساعة مع تأمين كل الاحتياجات الاستعلامية والخدمية للجميع وكذلك تحقيق سرعة وفاعلية الربط والتنسيق والأداء والإنجاز بين وزارات الدولة ومؤسساتها وحتى ما بين إدارات وأقسام الوزارة الواحدة.

وتقوم الحكومة حاليا بتقديم نحو 28 خدمة ضمن البوابة الالكترونية لمملكة البحرين التي تم تدشينها العام الماضى إلا أنه وفقا للخطة الموضوعة والتي استفاد منها الكثير من المواطنين والمقيمين والقادمين سيصل اجمالي عدد الخدمات الالكترونية إلى 167 خدمة مع نهاية العام 2009.

ونتيجة للاستعدادات التقنية السابقة أصبحت مملكة البحرين من أوائل الدول في العالم استعدادا للحكومة الالكترونية وذلك بحسب مركز السياسات العامة التابع لجامعة / براون / الأميركية الذي أصدر شهر أغسطس/آب الماضى تقريره السنوي السابع الخاص بالمواقع الحكومية التي تقدم خدمات الكترونية. واعتمد التقرير على دراسة أجريت على 1687 موقعا حكوميا في 198 بلدا في العالم في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين، وعنيت هذه الدراسة بالمواقع الالكترونية المختلفة التابعة للبلدان التي شملتها عينة الدراسة إذ ركزت على مواقع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بالإضافة إلى المواقع المعنية بالمؤسسات المختلفة كمصلحة الضرائب والخدمات المقدمة للمستثمرين والزوار.

وخضعت البلدان التي شملتها عينة الدراسة لعملية تقييم اعتمدت على عدة متغيرات منها الترجمة للغات الاجنبية ومقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية ورسوم الاستخدام والقدرة على الحفاظ على المعلومات الشخصية والأمن لأرقام بطاقات الائتمان، إضافة إلى توافر الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة.

وتم وضع هذه المتغيرات بناء على ثلاثة معايير رئيسية هي قاعدة المعلومات المتوافرة والخدمات الالكترونية المقدمة وسهولة الوصول إلى المواقع. وبحسب نتائج هذه الدراسة فقد احتلت مملكة البحرين المرتبة الـ 15 من بين الدول الـ 198 في عينة الدراسة وهي بذلك جاءت على رأس دول مجلس التعاون الخليجى وجميع الدول العربية من ناحية استعداداتها للحكومة الالكترونية.

كما توالت إنجازات مملكة البحرين في مجال تقنية المعلومات والاتصالات فقد فاز مشروع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين لبطاقة الهوية الذكية الذي يعتبر أحد أجزاء مشروع الحكومة الالكترونية بجائزة أفضل مشروع في آسيا وذلك في أكبر معرض ومؤتمر لتقنية المعلومات والاتصالات والحكومات الإلكترونية والذي أقيم في العاصمة الهندية نيودلهي وهي الجائزة الثانية التي يحصل عليها المشروع بعد فوزه بأفضل مشروع عربي في وقت سابق في مصر.

ومن أجل دعم التوعية بمهام وأهداف الحكومة الالكترونية فقد دشنت هيئة الحكومة الالكترونية بالبحرين في النصف الثاني من العام الجاري مجلة «اى» للحكومة الالكترونية والمتخصصة في خدمات وتطبيقات الحكومة الالكترونية. وتحتوي المجلة على الكثير من من التقارير والمقالات التحليلية والتوعوية والإرشادية المرتبطة بمفاهيم الحكومة الالكترونية والتي تفيد الجهات الحكومية والقطاعات التجارية إضافة للأفراد كما أن لهذه المجلة أهمية كبيرة نظرا لدورها في دعم الإعلام التوعوي المرتبط بخدمات الحكومة الالكترونية إضافة لدورها المهم في دعم استراتيجية الحكومة الالكترونية لمملكة البحرين.

إن الوصول إلى حكومة الكترونية كاملة ليس بالأمر السهل على دولة في العالم كما أن الحفاظ على الصدارة في هذا المجال أصعب من الكمال نفسه وأمام حكومة مملكة البحرين الكثير من التحديات تتطلب المبادرات للتأكد من إمكانية تحقيق مساعيها في تقديم خدمات الكترونية شاملة ومن أجل ذلك تعمل الحكومة حاليا على الاستفادة من البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات التي تم إنشاؤها من خلال توعية المواطنين والتركيز على بناء القدرات البشرية والذهنية لضمان تحقيق التقدم المستدام في هذا المجال المهم وصولا إلى تحقيق التقدم والرقي لمملكة البحرين.

ويبقى القول إن من أهم الصعوبات الحالية التي تواجه الحكومة الالكترونية هي تلك الصعوبات الفنية المتمثلة في التكامل والدمج بين النظم المختلفة بين مؤسسات الدولة وكذلك الكلفة التشغيلية للبنية التحتية ونظم الاتصالات والمعلومات التي تعمل عليها.

ومن ضمن التحديات أيضا رفع الوعي الالكتروني للمواطن وطرق تشجيعه وإعطائه الثقة لاستخدام هذا النوع من الخدمات وكيفية زيادة ولوج الانترنت وتكنولوجيا المعلومات في المجتمع البحريني وكذلك

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودور شركات الاتصالات في تحقيق هذا الهدف وكيفية القياس المستمر لكفاءة الخدمات المقدمة للحكومة الالكترونية ومدى جدواها وكيفية قياس العوائد من الاستثمارات كي لاتكون عبأ على موازنة الحكومة وسرية المعلومات المتداولة وإبعاد المخربين والمتطفلين للنظام والتأثيرات الاجتماعية والحرية الشخصية للمعلومات المتداولة والحفاظ عليها من التلاعب.

وكل تلك التحديات تحتاج اليوم إلى تحرك سريع وحقيقي من جميع المعنيين لتجاوزها وطي صفحتها حتى يتسنى التركيز على تطور أسلوب تقديم الخدمات الحكومية أكثر وأكثر من أجل صالح الوطن والمواطنين.