العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ

بحرينيون يطالبون بتطبيق فعلي لـ«حقوق الإنسان»

كمفهوم وممارسة في المجتمع...

الوسط - محرر الشئون المحلية 

05 ديسمبر 2008

يرى الكثير من المواطنين البحرينيين، أن إشاعة ثقافة حقوق الإنسان كمفهوم جديد قادم من الغرب ومن المواثيق الدولية المنطلقة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في العاشر من شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 1948، ينتقص كثيرا مما أسسه الدين الإسلامي الحنيف من حقوق لبني البشر، ربما لا توجد في الكثير من الديانات... إن التعاليم الإسلامية تعتبر أساسا لبناء متين في احترام حقوق الناس، غير أنه أبناء المجتمع الإسلامي قصروا كثيرا في ترسيخ هذه المعاني والامتثال بها، حتى جاءت شعارات «حقوق الإنسان» من الغرب وكأنه من المنطلقات الجديدة غير المألوفة في المجتمعات الإسلامية، لكن، بين هذه وتلك، يبدو أن البحرينيين في حاجة الى تطبيق حقيقي لمبادئ حقوق الإنسان، المستمدة من الدين أو القادمة من المواثيق، بعيدا عن الشعارات والاستهلاك الإعلامي.

وقد يذهب البعض إلى فهم الموضوع من خلال مفاهيم حقوق الإنسان وتعريفاته والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان على تعددها، رغم أن حقوق الإنسان تستمد من الشرائع والحقائق والقيم والعقائد، بل أن هناك من يفهم حقوق الإنسان على أنها حقوق سياسية ومؤشرات ومشاركة في حق الترشيح والانتخاب والإصلاح السياسي، وتشكيل الأحزاب وكذلك مؤسسات وهيئات المجتمع المدني، وقد يأتي حق العامل البسيط في آخر مواقع الاهتمام، في حين أن البعض يضيف إلى حقوق الإنسان الحقوق الثقافية وهناك من يركز على حقوق المهمشين والأقليات وكذلك مسألة الإعاقة وهي التي عبرت عنها الأمم المتحدة في ميثاقها وخاصة الحقوق الأساسية كحق المأكل والملبس والعمل وغيرها.

وفي هذا الصدد، يرى رئيس جمعية أطفال وشباب المستقبل صباح الزياني أن حقوق الإنسان، من وجهة نظره، مبدأ إسلامي تربينا عليه، ولذلك، تحث التعاليم الإسلامية على حفظ حقوق احترام الإنسان، وهو سلوك مغروس في نفوسنا حتى وإن اعتبره البعض من المبادئ الدخيلة الجديدة من خلال المواثيق الدولية، لكنني شخصيا أرى أن الشريعة الإسلامية وتعاليم الدين وسنة النبي «ص» تحثنا على أن نحترم الديانات الأخرى والتعامل مع البشر بإنسانية، واحترام حريتهم وهي كلها تعاليم مستمدة من الشريعة الإسلامية السمحاء.

وأقول إن الحديث عن حقوق الإنسان كظاهرة جديدة ومفاهيم قادمة من الخارج ليس صحيحا، بل ربما أمكنني القول إن المسلمين هم من يجب أن يعلم الآخرين مفاهيم حقوق الإنسان، فنحن نرى كيف أن المجتمعات الغربية تتعدى على حقوق البشر من خلال اللون والعرق، ونرى كيف يتعامل الصهاينة مع الشعب الفلسطيني الأعزل، ونرى ما حدث في غوانتنامو وسجن أبوغريب من دولة عظمى هي أميركا تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان.

مظاهر تنتهك حقوق «الأجانب»

وتذهب آلاء كراشي «موظفة» مباشرة الى انتقاد سلوك الكثير من المواطنين في التعامل مع العمال الأجانب البسطاء، ففي المجتمع البحريني تنتشر ظاهرة الاعتداء على أولئك العمال وانتهاك حقوقهم وحرمانهم من الكثير من الحقوق البسيطة كحقهم في العيش كبشر بأمان وطمأنينة، وهذا التعامل مع الأجانب، لا يشمل الفئات «البيضاء» بل ينصب على خدم المنازل والعمال البسطاء.

وتعتقد أنه من الضروري لمواجهة مثل هذه الممارسات أن يكون للمنزل والمدرسة دور في غرس مفاهيم احترام حقوق الإنسان والتعامل مع البشر من باب الرحمة والرأفة، فممارسة حقوق الإنسان بالشكل الصحيح هو سلوك تربوي نبيل لابد وأن يزرع في نفوس الناشئة والأطفال، وتوضح آلاء قائلة :»هناك فئة كثيرة من الشباب في المجتمع البحريني لا يحترمون الأجانب ويظهر ذلك في التعامل القاسي والمهين، وقد أبدي سخطي من هذه الممارسة حين تقع أمامي لكنني لا أملك الى أن أوجه المتعرض للانتهاك للمطالبة بحقه بالطرق القانونية».

وتسأل آلاء: «لا أدري لماذا يتوجس البعض من الأجانب ذوي الدماء الزرقاء، والبشرة الشقراء أو ما يعرف بين الناس بـ»عقدة الخواجة»؟ أنا شخصيا اضطررت لترك عملي بسبب ذلك التعامل الرديء من جانب المسئولة الشقراء القادمة من المجتمع الذي يحترم حقوق الإنسان ولكنها لا تفقه في أبسط مبادئ حقوق الإنسان شيئا.. هؤلاء لا بأس بهم، لكن العمال البسطاء الضعفاء هم من يجب أن يتلقى الاهانات وانتهاك الحقوق، ولماذا نذهب بعيدا، لننظر إلى أطفالنا كيف يتعاملون مع العمال الأجانب».

توسعة المفهوم الثقافي والتوعوي

ويلاحظ لؤي المهدي «ناشط شبابي» أن حقوق الإنسان هي ثقافة وممارسة، أما بالنسبة للمواثيق الدولية فهم أساس وأرضية دولية لهذه الممارسة، فهناك كما نعلم العقد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعقد الخاص بالاقتصاد وميثاق الأمم المتحدة إضافة لاتفاقيات التمييز ضد المرأة والطفل والقضاء على أشكال التمييز العنصري والتعصب وإشارات إلى أهمية الاتفاقية الدولية بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة، لكن لابد من القول أن أهم المؤشرات في مجال حقوق الإنسان هي توسعة البنى التحتية والثقافية والتوعوية وتوفير العنصر المادي والإمكانات البشرية وتهيئة الكادر القادر على النهوض بحقوق الإنسان.

لنتعلم كيف نحترم الحقوق

لكن الباحث التربوي جاسم المحاري يتجه إلى عدم الاكتفاء برفع شعارات حقوق الإنسان، بل كيفية احترام تلك الحقوق، ويعتقد أن تعليم حقوق الإنسان ليس تعليما بشأن حقوق الإنسان فحسب، وإنما هو أيضا تعليم من أجل إشاعة مفهوم حقوق الإنسان، وتعليم الناس مواد ومفردات القانون الدولي فيما يتعلق بتلك الحقوق وانتهاكاتها كالتعذيب والتطهير العرقي، وتعليم الناس كيفية احترام الحقوق وحمايتها.

ويشير إلى أن غرس مفاهيم حقوق الإنسان يشمل أيضا مساعدة الأشخاص على تنمية إمكانياتهم إلى الحد الذي يمكِّنهم من فهم حقوق الإنسان والشعور بأهميتها وبضرورة احترامها والدفاع عنها، وقد تبين للمربين في مجال تعليم حقوق الإنسان أن أسلوب المشاركة في التعليم هو أكثر الأساليب كفاءة وفعالية بالنسبة لتطوير المهارات والمواقف والمعارف لدى الأطفال والبالغين، على حد سواء من خلال معرفة وجود وثائق لحقوق الإنسان؛ ومعرفة الحقوق التي تتضمنها تلك الوثائق؛ وأن هذه الحقوق غير قابلة للتصرف وتنطبق على جميع البشر؛ ومعرفة عواقب انتهاك حقوق الإنسان، وتساعد هذه المعارف الأطفال على حماية حقوقهم وحقوق الآخرين كذلك.

تحقيق كرامة الإنسان

ويثني الباحث سيد جعفر الحلاي على طرح قدمه الشيخ حسن الصفار في هذ الشأن، بالإشارة إلى أن الدوافع الذاتية والقيمية داخل المجتمعات غير الإسلامية لا تكون بتلك القوة الموجودة في مجتمعاتنا الإسلامية، فهم لا يمتلكون هذا التوجيه الديني والروحي الذي نمتلكه في الإسلام، لكنهم شعروا بأهمية حقوق الإنسان فيما بينهم، وبخاصة في مجال الحريات العامّة وتحقيق الكرامة لعموم الإنسان، إذ رأوا ذلك يحقق لهم من المصالح الذاتية والاجتماعية الشيء الكبير، ووضعوا لذلك القوانين والمواثيق التي رعتها كثير من المؤسسات والمنظمات والهيئات الحكومية والمدنية، تحولت مع الزمن إلى مؤسسات دولية ومواثيق عالمية، لعل من أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتأسيس مجلس حقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة في العام 2006.

ويرى الحلاي أنه من الأهمية بمكان الاهتمام بثقافة حقوق الإنسان، وخاصة ونحن نستقبل ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فنقرأ عن هذه الحقوق، ونشارك في حضور الندوات والمحاضرات التي تقام بهذا الخصوص، ونشجع المبادرات الاجتماعية بهذا الاتجاه، وهنا تقع مسؤولية كبيرة الفئات المثقفة وعلى الأجهزة الإعلامية، إذ يجب أن يكون لهم دور في تسليط الضوء على هذه المسألة ونشر ثقافة حقوق الإنسان بين المواطنين

العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً