العدد 2589 - الأربعاء 07 أكتوبر 2009م الموافق 18 شوال 1430هـ

رغم تعثر المحادثات... الحديث عن اندلاع انتفاضة ثالثة سابق لأوانه

تواجه محادثات السلام مع «إسرائيل» طريقا مسدودا فيما تتطاير الحجارة وقنابل الغاز المسيل للدموع في الحرم القدسي، لكن على الرغم من كل مشاعر الاستياء المتزايدة في الضفة الغربية يبدو أن الحديث عن اندلاع انتفاضة ثالثة سابق لأوانه بالنسبة لمعظم الفلسطينيين. وبعد أسبوع من اشتباك القوات الإسرائيلية مع مئات العرب الذين اعتقدوا أن مستوطنين يهودا كانوا يحاولون اقتحام حرم المسجد الأقصى اندلعت اشتباكات مجددا الأحد الماضي، وسيظل التوتر عاليا هذا الأسبوع أثناء العطلات التي تجتذب المصلين اليهود إلى حائط المبكى بالقرب من المسجد.

وبعد أعمال العنف التي اندلعت الأسبوع الماضي اتهم الزعماء الفلسطينيون «إسرائيل» بمحاولة إغراق جهود الرئيس الأميركي باراك أوباما لإعادة إطلاق محادثات السلام وقارنوا بينها وبين الزيارة التي قام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون للحرم القدسي في سبتمبر/ أيلول العام 2000.

وأدى هذا إلى قيام الانتفاضة التي أطلق عليها انتفاضة الأقصى. غير أن محللين ومسئولين بالضفة الغربية والقدس الشرقية أشاروا إلى عدد من العوامل يرجح أن تحد من تجدد أعمال العنف في المدى القريب على الرغم من الغضب من رئيس الوزراء الجديد بنيامين نتنياهو خليفة شارون اليميني ومن المستوطنين اليهود الذين دافع عن مساعيهم التوسعية. وقال زكريا القاق من جامعة القدس، هناك حالة من الانفصال بين الشعب وقيادته السياسية وبالتالي الناس غير مستعدين للتضحية مثلما كانوا يفعلون من قبل. وأضاف في الوقت نفسه هناك غضب يتراكم وفي انتظار شرارة. لا أحد يستطيع توقع متى ستأتي الشرارة.

لكنها قد تستغرق سنوات حتى تأتي. ومن بين العوامل التي ذكرت أن مشاعر الإحباط التي نجمت عن سقوط أربعة آلاف قتيل في صفوف الفلسطينيين في أعوام الانتفاضة منذ العام 2000 لم تأت بفوائد تذكر، بينما عزلت «إسرائيل» الضفة الغربية بجدار وأغلقت سوق العمل الإسرائيلية أمام الفلسطينيين. ومن المرجح أيضا أن الانقسام الذي شهد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة وتعرضها للقمع في الضفة الغربية من قبل قوات الأمن الموالية للرئيس محمود عباس التي تلقت تدريبا غربيا سيحد من أعمال العنف المنظمة من الضفة الغربية ضد «إسرائيل». وفي حين أن الخيارات أمام عباس للضغط على نتنياهو من أجل التوصل إلى اتفاق سلام محدودة لا يتوقع كثيرون أن يلجأ لنوعية التفجيرات الانتحارية والهجمات الأخرى التي كانت تحدث في عهد سلفه الرئيس الراحل ياسر عرفات. وربما تكون الاضطرابات العفوية بين الحشود الغاضبة هي الأرجح. وقال الشخصية البارزة بالحرس الجديد في حركة فتح التي يتزعمها عباس وقائد قوات الأمن السابق محمد دحلان إنه قلق من أن أية انتفاضة جديدة لن تضر إلا بالفلسطينيين. وأضاف إذا اعتقد نتنياهو أنه يريد أن يحافظ على الاحتلال كما هو أو يوسع الاستيطان وبعد ذلك يتوقع منا سلاما فإن ذلك لن يكون مقبولا. قد نلجأ إلى العمل الشعبي أو العمل المدني نحن لدينا عقلية منفتحة لكل الوسائل الشرعية التي كفلها لنا القانون الدولي ولكننا لن ندفع الشعب الفلسطيني باتجاه كارثة. وقال جورج جقمان من جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، إذا لم يتوافر هنالك مسار سياسي ذو مغزى بجدول زمني محدد فعند ذلك سينشأ فراغ سياسي.

هذا الفراغ السياسي سيعبأ بشكل من أشكال المقاومة. واقتادت الشرطة الإسرائيلية بالقوة شبانا بعضهم في أوائل سنوات المراهقة بعد أن قذفوا حجارة وزجاجات في المدينة القديمة بالقدس يوم الأحد الماضي.

لكن الجيل الجديد الذي يخلف الشبان الذين قادوا قذف الحجارة في الانتفاضة الأولى بأواخر الثمانينات والمسلحين الذين كانوا ناشطين قبل نحو عقد مضى منقسم فيما يبدو. وقال رائد عبد (17 عاما) وهو طالب بمدينة الخليل بجنوب الضفة الغربية، إن «إسرائيل» تصعد التوتر الذي من شأنه أن ينفجر في مرحلة لاحقة... لا أحد يعرف متى سيحصل ذلك. لكن زميله حسام سامح توقع ألا يحدث انفجار في الوقت الحالي وقال كفانا قتالا... نحن بحاجة إلى أن نعيش بسلام.

نحن لا نستطيع أن نقاتل «إسرائيل» لأننا الطرف الضعيف، لكن يبقى السؤال فيما إذا كانت «إسرائيل» جاهزة من أجل السلام. وقال المحلل هاني المصري إن المظاهرات المتفرقة والعفوية إلى حد كبير التي تتحول إلى اشتباكات كتلك التي وقعت في الأسبوع الماضي بالقدس قد تصبح أكثر شيوعا. وأضاف إن الإدراك الفلسطيني باتجاه المقاومة الشعبية هو أكثر من ذي قبل نظرا للخسائر الكبيرة التي كابدها الشعب الفلسطيني في الانتفاضة الثانية. لقد استغلت «إسرائيل» الانتفاضة الثانية كذريعة لبناء الجدار والتهرب من الاتفاقات الموقعة.

يجب على الفلسطينيين ألا يعطوهم هذا العذر مجددا. وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت سمير عوض، إن من الخطأ توقع موجة شعبية من الاحتجاج.

وأضاف أنه لا يتوقع حدوث هذا. ومضى يقول ولكن إذا استمرت «إسرائيل» بإغضاب الفلسطينيين في القدس قد نتوقع اشتباكات تتصاعد لأسباب وطنية ودينية.

العدد 2589 - الأربعاء 07 أكتوبر 2009م الموافق 18 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً