العدد 393 - الجمعة 03 أكتوبر 2003م الموافق 07 شعبان 1424هـ

مفارقات مرعبة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

هكذا هي الحياة، عالم يتجه نحو التوحش والافتراس، يغيب الضمير وتتلاشى القيم وتصبح مظاهر البذخ والترف التي يمارسها المترفون عملا استفزازيا للفقراء. احصاءات مرعبة تعلن الحداد على الضمير البشري الذي خبت ضوؤه وضاع تحت ركام جشع الذات، والانانية المفرطة، الآخذة في السيطرة على قيم السماء. وهذا ما تعكسه هذه الاحصاءات المرعبة: فتقول الاحصائية وهي تعطي المفارقة بين ما يحتاجه الفقراء لازالة التخلف وما يسرفه المترفون على الكماليات. انه وعلى مستوى التعليم سنويا المبلغ المطلوب سنويا للتعليم الاساسي في جميع دول العالم الثالث هو مبلغ 6 بلايين دولار في حين ان كلفة ادوات التجميل - وانظر إلى المفارقة - في الولايات المتحدة وحدها 8 بلايين دولار ولابد اننا نعرف وندرك المفارقة ما بين 6 بلايين للتعليم لازالة الجهل والتخلف وماذا تعني 8 بلايين تصرف فقط لادوات التجميل؟ نعم ادوات للتجميل وليس للتعليم!

كما وان الاحصائية تقول: إن الكلفة السنوية الاضافية التقديرية لتعميم المياه والصرف الصحي لجميع دول العالم الثالث 7 بلايين دولار في حين ان ما ينفق على الآيس كريم في أوروبا وحدها 11 بليون دولار، وان الكلفة الاضافية المطلوبة للصحة الانجابية لجميع النساء 21 بليون دولار في الوقت الذي يصرف فيه على العطور في أوروبا والولايات المتحدة ما قيمته 21 بليون دولار، والمطلوب للصحة والتغذية 31 بليون دولار، بينما يبلغ ما ينفق على اغذية حيوانات المنازل في أوروبا والولايات المتحدة 501 بلايين دولار. والمخدرات في العالم 004 بليون دولار والانفاق العسكري في العالم 087 بليون دولار والسجائر في أوروبا 05 بليون دولار (تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة). هذه الاحصاءات ذكرت أيضا في موسوعة هيثم مناع (الامعان في حقوق الإنسان). وهي صورة فاقعة اللون تحكي عن هذا العالم عن اناس مازالوا يبحثون عن قطعة خبز يسدون بها رمق الجوع وعن اناس انسلخوا عن إنسانيتهم وراحوا في نهم يجمعون الأموال ويبذّرونها في الكماليات يرون البشر بعين ساخرة تحتقر كل قيم الإنسانية. هذه الأرقام المأسوية تتكرر يوميا في حياتنا كل حسب سلطته وحسب منصبه وحسب ما يستطيع وتحمل ذمته. يتكدس الفقراء في كل مكان والمتخمون يأكلون كل شيء امامهم، وليس غريبا ان تصبح حال الحيوانات في أوروبا أفضل حالا من المواطن العربي في عيشه واكله ولباسه.

كثيرون هم الذين يتاجرون بهؤلاء ولعلهم يطيلون صلاتهم ويدروشون في كنائسهم. والعالم العربي يسير في أكثره يجر وراءه عربات من الأموال، ولكن ليس للفقير حق فيها. من يقرأ اقتصاد عالمنا العربي يجده متخلفا قائما على الفساد والنهب اليومي والتضخم، والبنى التحتية تستبدل مكان الحديدة حديدة أخرى وكما يقول النفيسي: عالم مليء باحزمة الفقراء.

لهذا ينبغي للمجتمعات ان تفكر كيف تستثمر أموالها حتى أموال الخمس والزكاة فيجب ان نفكر كيف نستثمرها اقتصاديا وتحت غطاء فقهي في مشروعات تصب في خدمة المجتمع. كما هو في لبنان لا ان تهدر هنا أو هناك فتذهب مع الريح.

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 393 - الجمعة 03 أكتوبر 2003م الموافق 07 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً