العدد 2631 - الأربعاء 18 نوفمبر 2009م الموافق 01 ذي الحجة 1430هـ

إياد المصري: سحرتني الأختام الدلمونية وأشتغل عليها بطريقتي الخاصة

في برنامج «مسامرات ثقافية» الذي يبث اليوم على «الوسط أون لاين»

«اشتغلت على الأختام منذ ثماني سنوات وقد سحرتني الأختام الدلمونية المليئة بالأشكال الإنسانية والنباتية حيث القمر والشمس والنخيل والرموز الجامدة والجرة حالة مليئة بالحياة والطقوس والرموز والكتابات التي تعكس قصة الإنسان، هذه الرموز استلهمتها من منطقتي من تراثي من عالمي لابد أن تنطلق من مكانك من منطقتك فتكون لك خصوصية، إذ تمثل منطقتك وبلدك، الرموز تعطي هوية للوحتي وأقدمها بطريقتي وفهمي وتقنياتي وخاماتي الخاصة». جاء ذلك في برنامج «مسامرات ثقافية» مع الفنان الأردني والأكاديمي بالجامعة الهاشمية إياد المصري على هامش معرضه الذي افتتحه مدير إدارة الثقافة والفنون عبدالقادر عقيل مؤخرا في جمعية الفنون التشكيلية.

الفنان التشكيلي والأكاديمي إياد المصري هل لك أن تحدثنا عن انشغالاتك الأساسية في صناعة اللوحة الفنية؟

- الحديث عن الخامة له علاقة بدراستي، حيث بدأت بالزيتي، وكرسته بدراسة البكالوريوس، وفي الماجستير درست آثار الحضارات القديمة التي كانت دائما تترك طقوسها وذكرياتها وانتصاراتها محفورة على الصخر، وعندنا في الأردن عدد كبير من المواقع والمعالم المحفورة على الصخر ومنها البتراء، فالحفر ورسوم الجدران محفوران في الذاكرة، كنت أراهما دائما، وحينما نذهب إلى مصر نرى المقابر والمعابد المليئة برسومات الجدران نحتا بارزا أو غائرا وملونا، فهي تقنية قديمة، لكنّي اشتغلت عليها بطريقتي الخاصة، وأشتغل على الخشب أيضا، وقبل أن أبدأ على الخشب أخشّن اللوحة وبعدها أطليها بطلاء خاص وخليط من مواد مختلفة في الغالب هي من الجبس والغراء، وبعد تخطيط الموضوع بقلم الرصاص أبدأ بأدوات الحفر وأشتغل على الملمس ومحاولة إظهار أثر الزمن والعتق على الجدار، ثم التلوين بالزيتية، والعمل الواحد يحتاج إلى ست مراحل على أن يكتمل، وأحيانا أدخل في أعمالي ورق الذهب كخامة مقدسة عند المصريين، فالمعدن يدوم ويبقى ويظهر التشبث بمسألة الخلود هي مراحل وقد تستغرق اللوحة شهرا كاملا.

تذهب ألوانك نحو ظلال قاتمة حيث البني ولون الأرض أو لون التراب أو لون الجبل، وكأنك تبعث ألوان الكهوف ورموزها في لوحتك، هل تحاول أن تستعيد جوا طقسيا عبر مخيال المتلقي حين يبصر اللوحة؟

- أعمالي تمثلني وتمثل روحي ومشاعري وأحاسيسي كإنسان ميال إلى التراث والعتق والأثر القديم والشغل اليدوي القديم الذي أتى عليه أثر الزمن والإنسان، أنا ميال للعتق وميال « للأنتيكة» ويهمني أن أصل إلى هذه النتيجة في أعمالي والتي تنسجم معي، الرموز القديمة ورموز الكهوف لها علاقة بدراستي وتدريسي في الجامعة، إذ أدرِّس في الجامعة مواد التاريخ الفني مع طلابي في فنون الكهوف التي تمتد من 20 إلى 30 ألف سنة قبل الميلاد والإنسان بطبيعته هو في بحث عن نفسه في صراعه مع الطبيعة وكل شيء يعكسه على الجدران. وفعليا بدأ الإنسان من العصر الحجري القديم يعبر عن مشاعره وأحاسيسه ودينه على الجدران والكهوف قديما مليئة بالرموز، وأحاول أن أقدم في أعمالي مفهوما جديدا للأثر وللتراث والفكر القديم.

في لوحاتك اهتمام برموز تتجه نحو التراث الغابر القديم، ما سر ولع الفنان بهذه الرموز هل هي محاولة لبعث هذه الرموز وإعادة شحنها بواقع حديث أو إعادة تشغيلها في مخيلة الجيل الحديث؟

- تمتلئ أعمالي بحس شرقي، وبحثي عن الرموز محاولة لأن أكون محليا وشرقيا، أعتبر المنطقة كلها بلادي الخليج وبلاد الشام ومصر والعراق، أشتغل على أختام فيلكا منذ حوالي تسع سنوات وما كان يخطر في ذهني أبدا فكرة أن يُرتَّب لي معرض بعد سنة أو سنتين أو ثلاث في البحرين. اشتغلت على الأختام الدلمونية منذ ثمان سنوات وقد سحرتني الأختام الدلمونية المليئة بالأشكال الإنسانية والنباتية حيث القمر والشمس والنخيل والرموز الجامدة الجرة حالة مليئة بالحياة والطقوس والرموز والكتابات تعكس قصة إنسان، الرموز استلهمتها من منطقتي من تراثي من عالمي لابد أن تنطلق من مكانك من منطقتك فتكون لك خصوصية إذ تمثل منطقتك وبلدك، إذا رسمت مثل الأوروبي والأمريكي فأنا لم أعمل شيئا، الرموز تعطي هوية للوحتي بأنها شرقية ومحلية وكم فيها من تراث وحضارات أقدمها بطريقتي وفهمي وتقنياتي وخاماتي الخاصة اشتغلت على أختام دلمون كجانب من اشتغالي على الرموز القديمة قدمته بهذه الطريقة والسعة على رغم أن الختم الدلموني لا يتجاوز 3-4 سم لكني قدمته في 25 سم في حفر بارز أو غائر واشتغلت عليه وكأنه قطع أثرية فوق بعضها البعض في موقع أثري.

يلحظ المشاهد لأعمالك في المعرض أن هناك تنوعا في أشكال اللوحات، إذ كل لوحة تأخذ شكلا معينا، هل أردت عبر هذه الأشكال أن تتنقل بالمتلقي إلى جو طقوسي أو أن تنتقل إلى بشكل اللوحة إلى المنحوتة القديمة؟

أي فنان تشكيلي لابد أن يتفاعل مع ما يرى سواء الختم الديلموني أو أي موقع أثري أو معرض أو كتاب يتحدث عن موقع أثري أو تاريخ لابد أن أتأثر به ، بدأت بأشكال غير منتظمة أبدا، وأول أعمالي من هذا الأسلوب كان حجر صخرة، بعدها اشتغلت على المربع ثم وجدت نفسي أشتغل على المستطيل ثم الدائرة وبعد فترة اشتغلت على المسلة المصرية ليس بالشكل المصري بالضرورة فأنا نحتُّ حوالي 15 شكلا مختلفا للمسلات، تنتهي مثلا بشكل هرمي أو بشكل مدرج أو بشكل نصف دائرة أحيانا، أو تنتهي المسلة بهلال كشكل الفنان لا يشتغل برتابة بتكرار ولا يعيد نفسه ومن يزورني يجد دائما الجديد فاللوحة تختلف وهناك دائما فيه تجدد في شكل اللوحة في حجم اللوحة في موضوع اللوحة في ألوان اللوحة وإن اشتغلت في الفترة الأخيرة حاليا أشتغل على أربعة أوخمسة مستويات، بحسب عمل اللوحة، وهو بحث عن الجديد وفي مجموعتي القادمة أعمل على ثلاثة أبعاد مثل التماثيل.

تنشغل في اللوحة على توظيف أكثر من خامة، كيف كانت تجربتك في المواءمة بين هذه المواد المختلفة وما سر الجمع بين هذه المواد وهذه التقنيات وما أنتجت بعد خروجك من هذا المختبر الفني؟

حينما أشتغل على التراث والرموز القديمة في لوحتي تجد الإنسان وهو مركز الحياة إلى حد ما وتشاهد الرموز الحيوانية والنباتية والرموز الأسطورية والكتابات والنقوش والمخطوطات الأسطورية.

ماذا وراء الولع بهذه الرموز؟

هي قصة الإنسان قديما والذي كان همه الخصوبة وبالتالي عمل تماثيل للآلهة الأم وكان يهمه كثرة النباتات وكثرة الحيوانات وبالتالي عمل تماثيل الآلهة الأم مركِّزا على ملامح الخصوبة والبقاء والكثرة والوفرة. مسألة كانت مهمة جدا بالنسبة له، الخصوبة كانت قديما ولازالت حتى الآن مسألة مهمة، كلنا نسعى إلى الوفرة والدعة والخيرات إلى حد ما، فالمسألة شغلت الإنسان منذ القديم، وكذلك مسألة الخلود والبقاء، كما نرى عند المصريين والأنباط، وفي البحرين حضارة دلمون هناك العدد الهائل من المدافن، لأن الناس تأتي من مناطق مختلفة لكي تدفن في البحرين على اعتبار أنها أرض الخلود والبقاء، فقضية الخلود شغلت الناس قديما، وحاليا كلنا نشتغل للبقاء والحياة الأخرى والدخول إلى الجنة التي هي الحياة الأخرى.

وجدت هذه الخامة جميلة تلبي غرضي لأن الإنسان ترك مشاعره وترك طقوسه وذكرياته على الجدران تحكي عنه، الجدار يحكي أو يتحدث عن قصة إنسان الجدار يعكس أثر الإنسان ، يتحدث عن أثر الزمن وعوامل التعرية المطر والرياح. زارني مجموعة من الزملاء الفنانين من البحرين، وعندي معلومات جيدة من الأردن عن فناني البحرين الممتازين النشطين الفاعلين والمؤثرين في الحركة التشكيلية وأنا أعشق الكثير من الفنانين وأعمالهم وحين أزور مكتباتنا في الأردن وأمسك مجلات من البحرين يشرف عليها فنانون بحرينيون إضافة إلى الكتب والكتالوجات، فأعجب بأعمالهم. وقد زارني الفنان عبدالكريم البوسطة وهو فنان خبير وعنده تجربته وله تاريخه وقال «أنا أحس حين أبصر عملك أنني أسند نفسي على جدار تنزل منه الأتربة والأثر والعتق وما شابه» دائما أعمالي فيها حوار بين الفنان واللوحة وحينما يسألونني كيف تكمتل اللوحة عندك، أقول لهم أنا أظل أشتغل بها وهي تجاوبني ومشاعر الفنان تترك أثرها على اللوحة، وحينما يسألونني كيف تضع هذا اللون بجانب الآخر، أجيب المسألة مسألة أحاسيس ومشاعر.

تنشغل اللوحة كما أشرت برموز الخصب والنماء وكأنك تجذب متلقيك إلى منطقة خاصة، كيف تقرأ لجوء الإنسان قديما لهذه الرموز كحاجة ولغة، بينما استخدام الإنسان حديثا لهذه الرموز مجرد توظيف فني، ما المفارقة بين التوظيفين؟

- كان الإنسان القديم يحاول أن يعبر عن مشاعره ومعتقداته وطقوسه وبالتالي هي حاجة أساسية بالنسبة إليه وتعكس الفكر القديم لكن التوظيف للرموز القديمة حاليا هو البحث عن الهوية الشرقية والاعتزاز بالشرق وبتاريخنا إن الشرق تاريخ والحضارة في البحرين تمتد 3 آلاف سنة قبل الميلاد، وقد تكون هناك مواقع أقدم في منطقتنا مواقع تعود إلى العصور الحجرية في بلاد الشام مثلا، ومن هنا بدأنا الاعتزاز بتاريخنا وحضارتنا وهويتنا في ظل الحقيقة وفي ظل العولمة والقوى الكبرى والسلاح والهجمات والحروب والدماء، إذ نتحدث عن الهوية المحلية اعتزازا بتراثنا.

العدد 2631 - الأربعاء 18 نوفمبر 2009م الموافق 01 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:48 ص

      الاختام الدلمونيه

      هههههههههههه
      بايخيييييييييييييييييييييييين هالاختااااام الي عاجبينك يااااااابايخ

اقرأ ايضاً