العدد 2643 - الإثنين 30 نوفمبر 2009م الموافق 13 ذي الحجة 1430هـ

إعادة هيكلة «دبي العالمية» ... قليل من المعلومات وكثير من اللغط

لم توفر إجازة عيد الأضحى فرصة للاسترخاء لكل من تابع فيض التحليلات والأخبار الذي انهال في وسائل الإعلام الغربية بشأن إعادة جدولة ديون «دبي العالمية». فمنذ صدور الأخبار مساء الأربعاء الماضي، بدأ السباق لاستنتاج الأسوأ بشأن معنى التصريح الذي أدلت به حكومة إمارة دبي حول طلبها من حملة صكوك شركة نخيل، الذراع العقارية لمجموعة دبي العالمية تأجيل استحقاق هذه الصكوك لمدة ستة أشهر، وتنوعت عناوين الأخبار بين «الزلزال المالي الكبير في دبي» و»نهاية حلم الصحراء» إلى «آثار الأزمة في دبي تهبط بالأسواق العالمية».

ووسط هذا الزحام، يجد البعض صعوبة في قراءة قرار دبي الأخير بمنطقية بعيدا عن جرعات الأدرينالين التي توفرها العناوين.

بعد يوم من إعلان دبي طلبها من الدائنين تأجيل استحقاق صكوك «نخيل»، صرح رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية في الإمارة، الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، أن إعادة جدولة ديون «دبي العالمية» هي خطوة تجارية منطقية بحته، تهدف إلى حمل الشركة لمرحلة جديدة أساسها الربحية المستدامة. وهذا بحد ذاته ليس أمرا مستغربا في الأسواق العالمية للشركات التي تواجه مصاعب جمة بعد الأزمة المالية. عملاق السيارات الأميركي (جنرال موتورز) ومصرف «سي آي تي» هي من أحدث الأمثلة على شركات اضطرت لإعادة جدولة ديونها ودخلت تحت حماية «البند الحادي عشر» من قانون الإفلاس الأميركي.

وحين طرحت فكرة إعادة هيكلة «جنرال موتورز»، كان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، من أكبر المدافعين عن الفكرة، علما بأنها تتضمن إعادة جدولة كاملة للديون وحماية الشركة من الدائنين لفترة طويلة لم تنته بعد، عوضا عن تأجيل استحقاق السندات بستة أشهر فقط. وحين تم إعلان هذه الخطوة، لم تنهر الأسواق العالمية، ولم ينظر إليها المستثمرون كفاجعة؛ بل على العكس تم اعتبارها فرصة لخلق شركة جديدة قادرة على المنافسة على المدى الطويل.

الخطوط الجوية «يونايتد آيرلاينز» مرت بالتجرة ذاتها العام 2002، بعد أن التهمتها الخسائر، وبعد أربعة أعوام عادت الشركة لتحقيق الأرباح، فهل كانت إعادة الهيكلة كارثة أم مر لا بد منه؟.

بالنسبة إلى الكثيرين، قد يختلف أمر «دبي العالمية» لارتباطها بحكومة الإمارة بشكل مباشر، ما يعني أن تخلفها عن السداد هو شأن ذو أبعاد سيادية، إلا أن ذلك يناهض الدعوات في «أيام الرخاء» بضرورة أن تتم إدارة أي شركة حكومية على أسس تجارية بحتة. فإذا كانت الأسس التجارية تتطلب إعادة الهيكلة، هل يجب الخجل في إعلان ذلك حتى لا تتورط سمعة الحكومة؟.


حركة غير مفهومة للأسواق العالمية

تفاعل الأسواق العالمية مع أخبار دبي كان مشوشا ويصعب تفسيره. بعد إعلان حكومة دبي قرارها مساء الأربعاء، تراجعت أسواق الأسهم الأوروبية بشكل طفيف، فيما تجاهلت الأسواق الأميركية الخبر وفضلت التركيز على جملة من البيانات المحلية الإيجابية. وأغلق «وول ستريت» على ارتفاع، على رغم حركة الأسواق الأوروبية. الأسواق الآسيوية من جهتها افتتحت على خسائر مفضلة اللحاق بالمزاج الأوروبي، على رغم أنها عادة ما تعكس أجواء الأسواق الأميركية في الجلسة السابقة.

ووسط فيض التحليلات بانهيار الأنظمة المالية السيادية، تواصل مسلسل الخسائر في الأسهم الأوروبية. وقفز الذهب إلى مستوى قياسي عند 1195 للأونصة باعتباره اختيار المستثمرين المفضل أثناء الأزمات. أما الأسواق الأميركية فكانت تنعم بدفء عيد الشكر، فيم تواصل تحليلات الأخبار بالعصف بالمساهمين. وعلى رغم عدم وجود أي أخبار أو تصريحات تحمل أبعادا جديدة بشأن مديونية دبي يوم الجمعة، إلا أن المزاج قد تحسن، فالأسواق الأوروبية تلونت بالأخضر، وخسرت أونصة الذهب 58 دولارا من مستواها القياسي. من ناحيته، نسي المستثمر الأميركي أنه علم بالخبر يوم الأربعاء، وقرر معاقبة الأسهم ليشارك ما فاته من الخسائر العالمية أثناء عيد الشكر. لا يستطيع أحد أن ينكر بأن لأخبار «دبي العالمية» أصداء في أسواق المال كافة، إلا أن ما حدث الأسبوع الماضي قد يعطي دعما لكل من يعتقد بأن الأسواق تحرك الأخبار تماما كما تحرك الأخبار الأسواق.


مزيد من المعطيات

المعلومات والوقت قادران على تفسير المنطق من وراء خطوة دبي بإعادة هيكلة ديون مجموعة دبي العالمية. وبدلا من ردود الفعل العشوائية، ستضمن تفاصيل خطة إعادة الهيكلة الحد الأدنى من المعطيات لرسم صورة اوضح بشأن هذا القرار وتداعياته. وإذا تبين أن إعادة الهيكلة تحمل حظوظا أوفر بالاستمرارية والربحية لـ «دبي العالمية» وبالتالي لدائنيها، وإذا وجدت المصارف العالمية نفسها غير قادرة على معاقبة المنطقة وتفويت الفرص الاستثمارية فها، سيكون لدى وسائل الإعلام الكثير من التبرير لما وصفته في يوم من الأيام «بالزلزال المالي الكبير في دبي».

العدد 2643 - الإثنين 30 نوفمبر 2009م الموافق 13 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً