العدد 351 - الجمعة 22 أغسطس 2003م الموافق 23 جمادى الآخرة 1424هـ

اشتر قصيدتين... واحصل على الثالثة مجانا

تسوق في أسواق الشعر واشتر ما يناسبك من القصائد الساقطة.... وادخل في مسابقة الشعر الكبرى «ادفع... تجد» فلربما يحالفك الحظ وتفوز باحدى هذه الجوائز.

الجائزة الأولى: ديوان شعر يضم قصائد متنوعة بأساليب متعددة... ساهمت بها مجموعة كبيرة من الشعراء «الحريصين!» على الارتقاء بالشعر والشعراء... وهناك مفاجأة مذهلة بانتظارك... ان هذا الديوان الكبير - على من هم مثلك - سيحمل اسمك! «اسمك فقط» وباستطاعتك كتابة صفحة الاهداء باسلوبك وإلا... فنحن على استعداد تام لكتابته.... «تجنبا للفضائح».

الجائزة الثانية: تذكرة شعر على الدرجة الأولى الى جميع انحاء الساحات الشعرية مع تهيئة الاعلام الصاخب الذي يحملك في فقاعات خاصة، ويحيطك بهالة من السحر الفرعوني الكذاب... عفوا... الجذاب... لتكون بعدها وبين عشية وضحاها شاعرا.

الجائزة الثالثة: أمسية شعرية في احد الفنادق الكبرى... ولا تقلق... فسيتم تزويدك بمجموعة من القصائد لكبار الشعراء الصغار قبل موعد الأمسية بوقت كاف حتى يتسنى لك التدرب عليها «لتشعر» - اذا كان لديك شعور - انها لك... ولكن عذرا فنحن غير مسئولين عما ينتجه غباؤك في تلك الأمسية... كما نخلي مسئوليتنا منك اذا ما اكتشف احدهم أمرك.

الكثير.... الكثير... من الجوائز القيمة التي تضعك على رأس قائمة «المستشعرين» المرموقين... ومن يدري فربما تصبح من خلال مشترياتك الموسمية وحصولك على الجوائز التدميرية... معد صفحة! من يدري؟

أعزائي القراء، ان قلمي الساخر هذا ليقطر غيطا وألما وحسرة على ما آل إليه عالم الشعر من عروض تجارية سارية الى ما لا نهاية مادامت هناك نفوس رخيصة... مبتذلة... مريضة... طريحة فراش الحسد... تتوسد الخبث وتلتحف الاسقاطات حتى تواري نقصها وعجزها.

ان هناك أسئلة كثيرة تدق في عقلي كالناقوس.. يرن صداها... فتحيط بها علامات التعجب والاستغرب.

أنت أيها الزبون، ما السبب في اصرارك على ان تكون شاعرا وأنت لست من صلبه؟ انك لست من ابنائه ولا تربطك به أية صلة أو قرابة.

وأنت... أيها البائع، لماذا تغدر بمشاعرك؟ لماذا تخون قلمك؟ كيف لك ان تبيع قصائدك «أبناءك» فلذة فكرك بثمن بخس؟ لماذا تزج بنفسك في صفقات ترمي بك في الدرك الاسفل من الذل والمهانة؟ لماذا تهين نفسك وقد أعزها الله بالبلاغة والفصاحة؟ لماذا تعقد لسان قومك بفعلك المزري؟ لماذا تلوي عنق قلمك؟ لماذا تقتل حروفك ثم تغتسل بدمها؟ لماذا تلطخ وجهك بسواد فعلك المشين؟ ما الدافع من وراء قيامك بذلك؟ أهي المادة؟ أم هو الاحساس بالضعف؟ أو عدم الثقة بالنفس؟ أم هو الانتقام من الذات... أم هو شعورك بأن غيرك سيبدو أجمل منك عندما يرتدي ثوبك؟ ما الدافع الحقيقي الذي يجعلك تضع اصبعك في عينك وتنزعها لتقدمها... لا بل لتبيعها لمن لا يستحقها لكي يبصر بها... لا تقل لوجه الله... بل انه لوجه التسلق والتملق... انه لوجه المادة التي اعمت بصرك وبصيرتك... وستعمي شعرك بعد ان اعمت شعورك لأنك كفرت بنعمة ربك عليك ولم تحافظ عليها.

والغريب ايها القراء الافاضل... ان هناك من يعد نفسه أحد المحسنين في وجوه البر... فيتصدق أو يتبرع الى غيره من الفقراء والمساكين والعاملين عليها بكم قصيدة... ليدفع بها البلاء عن نفسه! أنت يا هذا، ألا تخجل من نفسك؟ ان عملك هذا مفسدة وأية مفسدة! ألا تدعي أنك بذلك تنقذهم وتحميهم من الغرق... بل انت تجردهم من كل قواهم... وتضع اعناقهم بين اصبعيك حتى تحقق في النهاية حاجة في نفسك... لا يعرفها احد سواك.

وعلى غرار عبارة «المضحك المبكي» هناك امر ما إن يخطر بذهني حتى أغرق في موجة من الضحك... فاذا حدث - لا قدر الله - وانتهى ذلك الشاعر البائع أو المتبرع سواء بوفاته أو بأية نهاية أخرى ماذا سيكون مصير زبونه الخاص؟ أو زبائنه... بالله عليكم.. كم سيكون عدد الشعراء الذين سيعتزلون الشعر؟ كم عدد الذين سيصبحون رهبانا في صومعة أنفسهم ولا يقربون كتابة الشعر لأن غايتهم حينئذ ستكون أسمى من ذلك وهي الاهتمام والارتقاء بالشعر الجيد والشعراء المبدعين وليست كتابة الشعر... فقد تعدوا هذه المرحلة الشاقة! ويا ترى كم سيكون عدد من سيعضون على أناملهم من الغيظ كلما رأوا شاعرا بارزا امتطى جواد شعره واستطاع ان يسير الى ما لا نهاية في طريق الشعر... بينما هم وقفوا في منتصف الطريق... فلا هم قادرون على مواصلة السير، وفي الوقت ذاته يمنعهم غرورهم وكبرياؤهم الزائف من العودة الى نقطة البداية حينما كانوا لا شيء مع أنهم مازالوا لا شيء.

لا أشعر بانني قد اكتفيت من الكتابة في هذا الموضوع إلا انني افسح المجال لمن أدرك عقله الكبير ما لم يدركه عقلي المتواضع... وما أروع المقال حينئذ لو احتوى على حقائق ودلائل مشفرة للاسماء، على ان يكون التبصر وانكار المنكر واخذ العبرة هو ما وراء القصد وليس نشر الفضائح أو النيل من الغير بتعسف وعنجهية... ومن يدري فلعلهم بتلك المقالات يرجعون الى أنفسهم فيرون ما قدمت ايديهم ويصلحون بالعقول ما أفسدته الايدي

العدد 351 - الجمعة 22 أغسطس 2003م الموافق 23 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً