العدد 2658 - الثلثاء 15 ديسمبر 2009م الموافق 28 ذي الحجة 1430هـ

مشروع النهضة البحرينية جاء متكاملا ويسير في اتجاهات تطوير البلاد

رئيس جامعة البحرين إبراهيم جناحي لـ»الوسط»:

يرى رئيس جامعة البحرين إبراهيم محمد جناحي أن المشروع الإصلاحي الكبير لجلالة الملك متكامل على الصعد كافة لتحقيق النهضة الشاملة عبر استكمال مؤسسات الملكية الدستورية، وفي خط مواز تفضل جلالته وأطلق عشرات المبادرات الدورية وغير الدورية الرامية إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين... هذان الخطان من العمل أينعا ثمارهما باكرا، ومن نتائج ذلك حلول البحرين مكانة مرموقة من قائمة الدول العربية في مجال التنمية البشرية والإنسانية.

وينوه الى أن استئناف الحياة الديمقراطية بعد إصدار جلالته قوانين مباشرة الحقوق السياسية، وإنشاء مجلسي الشورى والنواب، في 2002 يعد حلقة رئيسة من حلقات المشروع الإصلاحي لجلالته الذي عني بجميع الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وقد شهدت الساحة حراكا كبيرا قبيل صدور هذه القوانين، ورأينا تعدد مؤسسات المجتمع المدني، وجاء المجلس الوطني كإطار جامع لهذا الحراك، حيث أصبح المواطن البحريني ممثلا تحت قبة البرلمان، وبإمكانه عبر ممثليه أن يوصل صوته، ويعبر عن آماله وتطلعاته بصورة حضارية تسهم في البناء في إطار وطني متكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وفيما يأتي نص الحوار:


دافع ومحفز للبذل والعطاء

كيف تقرأون منهج جلالة الملك منذ تسلم مقاليد الحكم، وما هي المنطلقات والأسس التي شكلت لديكم استشراف مستقبل البلاد انطلاقا من المشروع الإصلاحي الكبير؟

- بداية، يطيب لي بهذه المناسبة الوطنية الغالية، أن أرفع إلى مقام جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى، أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة العيد الوطني المجيد وعيد الجلوس، وإلى عموم شعب البحرين الوفي.

وسؤالك يعود بي إلى مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات، ففي 16 ديسمبر/ كانون الأول 1999 أعلن جلالة الملك - حفظه الله ورعاه - إحياء نظام الانتخابات البلدية، وقد مثل هذا الحدث سابقة على مستوى دول المنطقة، ومنذ ذاك، بل منذ اللحظة الأولى لتولي جلالة الملك مقاليد الحكم في 6 مارس/ آذار 1999، بدأ المشروع الإصلاحي الوطني لجلالة الملك في التبلور شيئا فشيئا. وقد دأب جلالته في رسم طريق المستقبل للوطن في كل عيد وطني، وبالتالي صارت هذه المناسبة الوطنية العزيزة بمثابة الدافع والمحفز للمزيد من البذل والعطاء من قبل الجميع. ويتطلع شعب البحرين بأسره إلى خطاب جلالته بمناسبة العيد الوطني لترسّم أولويات العمل الوطني للمرحلة المقبلة.


تجربة إصلاحية محط الأنظار

لقد جاء المشروع الإصلاحي الكبير لجلالة الملك متكاملا على الصعد كافة لتحقيق النهضة الشاملة عبر استكمال مؤسسات الملكية الدستورية، وفي خط مواز تفضل جلالته وأطلق عشرات المبادرات الدورية وغير الدورية الرامية إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين... هذان الخطان من العمل أينعا ثمارهما باكرا، ومن نتائج ذلك حلول البحرين مكانة مرموقة من قائمة الدول العربية في مجال التنمية البشرية والإنسانية، واحتلالها مركزا متقدما على الصعيد العالمي بحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 2003، كما كانت تجربة البحرين الإصلاحية محط نظر العديد من الدوائر السياسية والإعلامية العالمية في مختلف قارات العالم.

لذا، أقول إن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك - حفظه الله ورعاه - جاء متكاملا؛ فهو من ناحية جاء ملبيا لتفعيل الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما جاء منسجما مع دفع مملكة البحرين لأن تكون فاعلة على الصعيد الإقليمي والعربي والدولي.


مشروع يعمل في كل الاتجاهات

على مدى السنوات العشر الماضية، ترى، ما الجوانب الرئيسية في مشروع النهضة البحرينية التي كنتم ترونها ماثلة لدى جلالة العاهل؟

- منذ لحظة تولي جلالة الملك المفدى مقاليد الحكم ومشروع جلالته النهضوي يعمل في الاتجاهات كافة، تطويرا وتحديثا.

وقد كانت السنوات العشر الماضية، بأيامها وشهورها، خير شاهد على هذا الأمر، فبعد ترسيخ الحريات الأساسية وتثبيتها، وصدور قوانين مباشرة الحقوق السياسية؛ كان العمل الدؤوب نحو النهوض بالتنمية الاقتصادية، وتطوير الأداء الحكومي، والتطور النوعي في السلطة القضائية، وتمكين المرأة باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية وفي بناء النهضة من العناوين اللافتة والأساسية في هذا المشروع تطوير التعليم على كافة المستويات والمراحل، وهذه جميعها متحققة اليوم على أرض الواقع.

ومن خلال قراءة الشواهد العديدة على صفحات السنوات العشر الماضية، يمكن القول إن مشروع النهضة البحرينية كان متكاملا ويسير في الاتجاهات كلها للارتقاء بالمواطن وتحقيق الرفاه له، وتأمين بيئة ذات حراك، والحريات العامة والخاصة فيها مكفولة، مع الدفع باتجاه تطوير المجالات التعليمية والشبابية والاجتماعية والرياضية قدما من دون إغفال للمستقبل، بل بجعله هدفا رئيسا.


آفاق أوسع لجامعة البحرين

وما حزمة القوانين التي صدرت في هذه المدة إلا دليل وشاهد آخر على هذا الأمر بعد ترسيم دولة القانون والمؤسسات، وكذلك إنشاء المجلس الأعلى للمرأة في 22 أغسطس 2001، وقبله إنشاء المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية في 2000 ثم مجلس التنمية الاقتصادية في 2005، وتدشين الرؤية الاقتصادية 2030 في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2008 هذه جميعها من المحطات الشاخصة في مشروع جلالته حفظه الله ورعاه، التي أولت - أوّل ما أولت - العناية بالإنسان البحريني وجعلته مبتدى الشيء ومنتهاه، والهدف الأسمى من كل هذا الحراك المبارك.

ومن موقعي رئيسا لجامعة البحرين، الجامعة الوطنية، فإن التطورات الكبيرة التي حدثت في السنوات العشر من تولي صاحب الجلالة مقاليد الحكم، أكبر من أن يجملها مقال، فلقد دعم سموه التعليم بشتى الوسائل، وكان على الدوام مهتما به، وبأبنائه الطلبة في البحرين وخارجها، وفي كل المراحل، ومنها التعليم الجامعي. فقد فتح جلالة الملك، الرئيس الأعلى لجامعة البحرين، الآفاق للجامعة لتواصل ترقيها من درجة إلى أخرى، حتى نالت سمعة عالية مرموقة بين الجامعات الخليجية والعربية، وصار عدد من الجامعات العالمية تسعى لعقد اتفاقات التعاون ومذكرات التفاهم مع جامعة البحرين لتبادل الخبرات، وتطوير العمل الأكاديمي في كل الاتجاهات، ومن أهمها البحث العلمي التطبيقي.


تسع كليات متطورة

ولقد أثمرت توجيهات جلالة الملك المفدى - حفظه الله ورعاه - الكثير من الإنجازات، ومن بين أهمها اتساع الجامعة في السنوات العشر الماضي، وتأسيس الكليات لترتفع من أربع كليات في السابق إلى تسع كليات اليوم، وتطور عدد الطلبة البحرينيين الدارسين فيها، وتزايد عدد المواطنين العاملين في سلكها الأكاديمي من الحاملين للشهادات العليا، والآتين من أرقى الجامعات العالمية.

وفي هذه السنوات، منح جلالته أبناءه الطلبة مكرمة جليلة بخفض الرسوم الدراسية لتكون الدراسة الجامعية في متناول الجميع، إضافة إلى توجيهاته السامية بأن يجد كل من يحصل على معدل 70 في المئة فما فوق في الثانوية العامة على مقعد دراسي في الجامعة الوطنية. هذا إلى جانب تطور موازنة الجامعة على مدى الأعوام لتواكب التحديث الجاري في الجامعة على مختلف الصعد، وخصوصا في استقطاب الأساتذة ذوي الخبرات العالية، وتحديث البنية التحتية لمعامل الجامعة ومختبراتها ومكتباتها، لتكون جامعة حديثة منتمية إلى القرن الحادي والعشرين.

لقد استلهمت جامعة البحرين توجهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة - حفظه الله ورعاه - وما جاء في رؤية البحرين الاقتصادية 2030، لكي تحدث نهضة حقيقية على جميع المستويات فيها، الإدارية والأكاديمية، وذلك من خلال جهات التقييم الوطنية والعالمية التي قامت بتشخيص أداء الجامعة، ووجهت إلى الكيفية التي يمكن من خلالها الحفاظ على نقاط القوة، وتطوير الأداء في النقاط الأخرى التي تحتاج إلى تطوير؛ ما نتج عن ذلك وضع الاستراتيجية الخمسية للجامعة حتى 2014، وفق رؤية واقعية ترنو إلى الانتقال بجامعة البحرين خطوات جديدة إلى الأمام.

ومن بين ما تحقق من هذه الخطوات، نيل ستة برامج في كلية الهندسة على الاعتمادية العالمية من مجلس الاعتماد الأميركي للبرامج الهندسية والتكنولوجيا (ABET)، ونيل برامج كلية إدارة الأعمال تقديرا مشرفا من قبل هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب في البحرين، وكذلك حصول قسم الكيمياء على اعتمادية جمعية الكيميائيين الكندية، وسعي كلية تقنية المعلومات للحصول على اعتمادية مماثلة لما حصلت عليه كلية الهندسة، وكذلك بقية البرامج والأقسام الأخرى في الجامعة، وهذا ما سينعكس - بلا شك - على مخرجات الجامعة، ويصب في صالح التنمية الشاملة للمملكة والتي تضع العنصر البشري الوطني على رأس أولوياتها.


التحدي التنموي... الارتقاء بالوطن والمواطن

مع انطلاق المشروع الإصلاحي، انطلقت أيضا تحديات كبيرة تواجه هذا البلد على الصعيد السياسي والاقتصادي، بل وحتى الثقافي والاجتماعي، وفي المقابل هناك إنجازات دون شك، ما هي أبرز التحديات من وجهة نظركم التي واجهتها وتواجهها البلاد، وكيف يمكننا الاستفادة من المشروع الإصلاحي وترجمته إلى تنمية مستدامة على كافة الأصعدة؟

- منذ تحول دولة البحرين إلى مملكة دستورية، وما أعقب ذلك وسبقه من استكمال مؤسسات الملكية الدستورية، وتعزيز الشفافية في إدارات الدولة كافة، ومنح المرأة حقوقها السياسية كافة، علاوة على المبادرات الاقتصادية... هذه جميعها إلى جانب ما تحقق من إنجازات قادها جلالة الملك في عهده الزاهر، كانت في الوقت نفسه أبرز التحديات.

فالتحدي التنموي بهدف الارتقاء بالمواطن والوطن، هو ما تكرَّس له المشروع، واستجابت له الجهود من قبل الجميع أفرادا ومؤسسات. كما وضع مشروع جلالة الملك أمام الجميع هذه التحديات بعد إنجاز وتهيئة الأدوات القانونية والدستورية اللازمة كي يرتقي الوطن والمواطن في هذا العالم الذي يموج بالحراك، وفي زمن التفجر المعرفي والمعلوماتي، واقتصاد السوق.


التحدي الاقتصادي من أبرز التحديات

وإن التحدي الاقتصادي وما يرتبط به، هو واحد من أبرز التحديات، وحتى تدخل المملكة في دائرة المنافسة العالمية، فإن الرؤية الطموحة التي أعلنها جلالته العام الماضي تتطلع إلى تجهيز المواطن بالعلم والمعرفة، بما يعنيه ذلك من الارتقاء بالعملية التعليمية التعلمية وجعل البلاد منطقة جذب لاستقطاب الرساميل، وذلك عبر الإصلاحات الثلاثة الرئيسية المتمثلة في إصلاح الاقتصاد، إصلاح التعليم والتدريب، وإصلاح سوق العمل.

هذه هي أبرز التحديات بالنسبة إلى البلاد، وهي تحديات كبيرة ولن يتم تجاوزها إلا بتكثيف العمل ووضوح الرؤية من قبل الجميع كل في موقعه، وهذا هو درب التنمية المستدامة الذي يكفل صعود سلم المجد لمملكتنا الغالية، التي بلغت مكانا متقدما فيه، والمزيد من التقدم والاستمرارية لن يتحقق إلا بتكاتف الجميع والعمل المخلص. وهو درب رسمه جلالة الملك المفدى بحنكة عبر مشروعه الذي قوى مملكتنا الغالية بوصفها دولة عصرية.


حلقات المشروع الإصلاحي

كيف تنظرون إلى استئناف الحياة الديمقراطية في العام 2002، بإجراء الانتخابات الحرة وإعادة العمل بالدستور وبدء الحراك السياسي في البحرين، وما هي انطباعاتكم حول التجربة البرلمانية؟

- من دون شك فإن حدث استئناف الحياة الديمقراطية بعد إصدار جلالته قوانين مباشرة الحقوق السياسية، وإنشاء مجلسي الشورى والنواب، في 2002 يعد حلقة رئيسية من حلقات المشروع الإصلاحي لجلالته الذي عني بجميع الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وقد شهدت الساحة حراكا كبيرا قبيل صدور هذه القوانين، ورأينا تعدد مؤسسات المجتمع المدني، وجاء المجلس الوطني كإطار جامع لهذا الحراك، حيث أصبح المواطن البحريني ممثلا تحت قبة البرلمان، وبإمكانه عبر ممثليه أن يوصل صوته، ويعبّر عن آماله وتطلعاته بصورة حضارية تسهم في البناء في إطار وطني متكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

من ناحية ثانية، لو أردنا القياس - عطفا على سؤالك - فإن عمر التجربة البرلمانية البحرينية قصيرة قياسا بالديمقراطيات العريقة، ونحن بالكاد في الفصل التشريعي الثاني منها. وهذا الأمر يجعل هذه التجربة أمام تحديات كبيرة، فمشروع جلالة الملك المفدى الذي بدأ بتهيئة البيئة التشريعية اللازمة، ثم العمل في مستوى آخر على تطوير الاقتصاد الوطني وتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات. فتطوير التعليم بشكل عام وشامل، ثم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة، ومع هذا وذاك الانفتاح الإعلامي والثقافي، وتطوير العلاقات الخارجية للدولة وغير ذلك. هذه جميعها تجعل المجلس الوطني أمام تحديات كبيرة للارتقاء بأدائه، ومواكبة التحديات التي تواجهها المملكة على المستويات كافة.

ومن نافلة القول، أن البرلمان استطاع أن يحقق في الفصلين التشريعيين الأولين من عمره عددا من الإنجازات التي صبت في خدمة المواطن عن طريق الرقابة والتشريع الذي يعني العمل للحاضر والمستقبل. لكن أبرز التحديات التي يواجهها هو استمرارية الارتقاء بالعمل الوطني وبما يخدم المواطن على المستويات كافة، وبما يواكب الرؤية المتقدمة لجلالة الملك المفدى التي هي - بحق - مشروع متقدم جدا شهد له العالم.

وكلنا ثقة وأمل في من اختارهم الشعب اختيارا حرا مباشرا، وفيمن تم تعيينهم في مجلس الشورى بإرادة ملكية سامية، ليكونوا خير معين على بناء بحرين الغد المتطلعة إلى مستقبل يضعها في مراتب عالية على مستوى الأمم.

العدد 2658 - الثلثاء 15 ديسمبر 2009م الموافق 28 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً