العدد 2661 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ

ضحكات علت وجوه جماهير أوبريت «المسحورات»

قدمت فرقة «أنوار الميامين النسائية» الأوبريت الكوميدي «المسحورات» في مأتم الزهراء في توبلي يوم الثلثاء قبل الماضي، بمشاركة «زهرات مأتم الزهراء (ع)»، عُرضت فيه قضايا اجتماعية بصورة غير مباشرة في قالب كوميدي ساخر. الأوبريت من تأليف: زهراء وخديجة مفتاح، أشعار: سيدعلوي الغريفي، موسيقى: العازف يوسف الصبيعي، وإخراج: فاطمة عبدالله.

أوبريت رعب

في تمام الساعة الثامنة مساء بدأ عرض الأوبريت الذي ما إن سُلطت الإضاءة على المسرح، حتى بدأ الرعب ينتاب الجمهور والخوف يتراقص في نفوس الأطفال، ضحكات سمعنا من هنا، وبكاء من هناك... هو أشبه ببيت الأشباح، ديكور من الأفاعي ووجوه طائرة، لكن لم يكن هذا ما أثار الخوف في الأطفال، بل كانت الساحرة «كرفسانة» ذات الأنف الطويل والخال الأسود على الخد، وتجاعيد ملء وجهها وأسنان متكسرة، عيناها تكاد تخرج من وجهها، أظافر طويلة سوداء «سحالي وأفاعي وعظام» هذا ما كانت ترتديه. جالسة أمام بلورتها السحرية المتوهجة، بجانبها بقية مساعداتها من السحرة أشكالهن تكاد لا تقل رعبا عنها. أحدهن تجلس بقرب «قدر» ضخم تخرج منه إضاءة خضراء، وأخرى تستلم المبالغ المالية، والأخيرة تستقبل الزائرات.


نساء مريضات

بأصوات صراخ وموسيقى رعب، يبدأ الأوبريت الذي يسلط الضوء على بيت الساحرة «كرفسانة» التي تستقبل نساء في نفوسهن مرض، يملأ الشكك الزبونة الأولى، هي خائفة من أن يتزوج عليها زوجها، تطلب من «كرفسانة» أن تعطيها سحرا لا يجعل زوجها يرى أحدا غيرها. أما الزبونة الأخرى، اسمها «سميرة»، فالغيرة هي التي تقتل إحساسها، مع دخولها للمسرح اعتلى الجمهور بالضحك الهستيري على هيئتها، هي امرأة عجوز، حواجبها عريضة مشبوكة، أسنانها متكسرة، تضع مكياجا مكثفا على وجهها، لباسها الثوب القديم والفستان القصير مع السروال و «المشمر»، تطلب من «كرفسانة» الحل العاجل لمشكلتها مع جارتها «أم قاسم»، فأولادها في أحسن الأشغال وأولاد أولادها كلهم بعثات وخارج البلاد بعكس «سميرة» تماما، لذلك هي تريد سحرا يقضي على «أم قاسم» وبناتها. تهيأت «كرفسانة» لمناداة «اهنوس» لكن إحدى الساحرات تعترض، فكل مرة تطلب فيها «سميرة» سحرا ينقلب حالهم من أحسن حال إلى أتعس حال، فتطمئنها «كرفسانة» بأن في يدها الحل. تخاطب «كرفسانة» «سميرة» وتطلب منها شعرة من بنت «أم قاسم» الصغيرة، وفي المقابل أعطتها «سميرة» النقود وأخبرتها بأنها ستزيدها عندما يعمل سحرها. أما المشهد الثاني فيسلط الضوء على بيت «أم قاسم»، امرأة عجوز هرمة، مليئة بالتجاعيد، تلبس نظارة و «مشمرا»، شعرها مملوء بالمشابيك، سروالها «قيطان زري» قديم مع ثوب نشل، تجلس بالقرب من «القدو» وسعف النخيل وهي تسف الحصير، وأحفادها 6 أطفال من حولها يلعبون ويصرخون مسببين فوضى كثيرة، تصرخ عليهم من دون فائدة، فتهب ابنتها الكبرى «نرجس» لتهدئة أطفالها بالعصاة وتطلب منهم الصعود إلى غرفة خالتهم «خاتون»، فتنزل الأخيرة مستاءة من الأطفال، لتهدئها أمها «ويش فيش هذلين إلا جهال يا خاتون» فتزيد خاتون عصبية فهي لا تحب أن ينادوها بـ «خاتون» وتطلب بأن يسموها «خوخة» فتضحك الأم وتغني على ابنتها «يا خاتونة يا راتونة يا هاها سمج مشوي سمج مقلي عشاها...».

خاتون هي البنت الصغرى، تتعامل مع الجميع باحترام ماعدا أمها، فهي دائما ما تصرخ عليها، وتنحرج من تصرفات والدتها وشكلها.

ولأن «كرفسانة» طلبت من «سميرة» شعرة من «خاتون»، ففي المشهد التالي تدخل «سميرة» فجأة بيت «أم قاسم» وتطلب الماء لشدة عطشها، أما «خاتون» فلا تحب «سميرة» فترفض أن تقدم لها الماء، فتذهب «نرجس» لجلب الماء بدلا منها. وترحب «سميرة» بـ «خاتون» وتحتضنها وتنتزع الشعرة من رأسها، فتقوم «خاتون» بالصراخ وتهزئ «أم قاسم» لما فعلت، فيما تعطي «نرجس» الماء إلى أختها، لكن «أم قاسم» تسحب كأس الماء من «نرجس» فهي من طلب الماء لا «خاتون»، وتجلس مع «أم قاسم» لكن «خاتون» مازالت تنهال عليها بالكلام، فتقرر «سميرة» الخروج في ما تحاول نرجس وأمها إقناعها بالجلوس من دون جدوى.

بعد ذلك تقف الممثلات في مشهد صامت الحركة، تنشد فيه «سميرة»: «جيت بناري وابسحاري تحرقكم ناري بالعيون... أنا سميرة وكلي غيرة ما ودي بخير تعيشون...» ثم تخرج.


بداية مفعول السحر

صديقاتها قادمات لزيارتها، فتطلب «خاتون» من والدتها بأسلوب خال من الاحترام أن تخرج من الصالة فصديقاتها على الباب. تدخل الصديقات وهن مستاءات من وقوفهن في الخارج فبشرتهن لا تحتمل الحرارة فتقوم «خاتون» بالترحيب بهن ويجلسن على يمين المسرح، أما على اليسار فـ «أم قاسم» و «نرجس» واقفتان تتابعان حديث الصديقات عن المأتم والمحاضرات. وهنا تُعجب الأم بإحدى صديقات «خاتون»، «مريم»، وتقرر أن تخطبها لابنها لما لها من أدب وأخلاق والتزام وجمال، وبحركة سريعة تجلس الأم وابنتها في وسط مجلس الصديقات مبديتين إعجابهما بـ «مريم» ويفحصانها وشعرها وخدودها، وهما تنهالان عليها بالأسئلة، فتزداد عصبية «خاتون» على أمها ويغمى عليها، ويحاولن إسعافها بالدواء حتى تحسنت.


تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

أما المشهد التالي فهو يبين مدى فاعلية سحر «كرفسانة»، إذ تنام الأم والبنت معا، ومع صوت سحري وخيالي وبخار على المسرح تستيقظ الاثنتان. فنرجس تتغير لهجتها إلى لهجة بحرانية خالصة كأمها، مستغربة وفرحة في الوقت نفسه، فظهرها لم يعد يؤلمها، وهي ترى بشكل واضح، وخالية من التجاعيد أيضا! في حين أن «أم قاسم» تتغير لهجتها إلى لهجة ابنتها وتئن لشدة ألم ظهرها وضعف نظرها! تقف الاثنتان مدهوشتين بالحدث فقد انقلبت الأم بنتا والبنت أما. تستاء «أم قاسم» المتحولة من حالها، في حين أن «نرجس» المتحولة تفرح وتنشد: «ودعت سنين العذاب ويلي رجع عمري شباب».

ومن هنا تبدأ أحداث القصة، فتتبدل الأدوار وتقوم كل منهما بعمل الأخرى، فتعيش الأم داخل ابنتها وتسير في حياتها فترى مدى معاناتها مع اسمها، إذ إن الأطفال دائما ما يستهزئون باسمها، وتدخل المدرسة وتجد علاماتها عالية وصديقاتها ملتزمات ليس كما ظنت، وتعيش لحظات فرح مع جسم بعمر الزهور.

أما البنت فقد عاشت حياة غير سعيدة وهي في جسد والدتها العجوز، لكنها عرفت أن أمها على رغم مرضها هي من يقوم بالأعمال المنزلية لوحدها من دون مساعدة، ورأت بعين والدتها مع ضعفها وعدم قدرتها على النظر، كيف أنها تبين مدى جمالها وأختها، في حين أنها لا تراهما بشكل جيد. وجلست مع صديقات والدتها العجائز على رغم كرهها لهن، فتعرفت على أحاديثهن المملوءة بالغيبة والغيرة والحقد، كما لبست ملابس والدتها التراثية التي طالما تغنت بها «سروال القيطان يمه، لا تستغيضين يمه، لبس الشريفين يمه..»

بعد ذلك تبدأ مسيرة البنت في حل لمشكلتها، وتساعدها أختها «نرجس»، بينما الأم فرحة بحالها ولا تريد العودة إلى جسمها الحقيقي. في النهاية تجد «نرجس» الحل لهذه المشكلة من أحد الشيوخ الذي قرأ عليهما آيات القرآن، فأبطل مفعول السحر، وتنفرج مشكلتهما وتعودان إلى حالهما الطبيعي بنشيده ختامية للأوبريت: «ردينا وردت دنيانا... افتكينا من كل بلوانا».

العدد 2661 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً