العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ

من يحمي السياحة من الجهلة والفاسدين؟

في ضوء تصريح رئيس الغرفة:

المنامة - عبيدلي العبيدلي 

26 نوفمبر 2003

في تصريح جريء للصحافة طالب رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد محمد كانو بإجراء تغييرات أساسية لمساندة تنمية السياحة في المملكة، من خلال وضع آلية فاعلة لتحقيق هذا الهدف سواء عبر إنشاء وزارة خاصة بالسياحة أو هيئة متخصصة في شئون السياحة وتفعيل دور المجلس الأعلى للسياحة. وأعرب رئيس الغرفة عن أن هذا القطاع مازال مهمشا ويفتقر إلى رؤية وخطة مدروسة.

مما لاشك فيه ان مطالبة كانو تعكس، إلى حد بعيد، الأجواء التي تسود الغرفة بشأن القطاع السياحي في أعقاب الحوادث التي ألمت بالمملكة وذات العلاقة المباشرة بصناعة السياحة وأسواقها فيها. الأمر الذي دفع ببعض البيوت التجارية البحرينية المنخرطة في هذا القطاع إلى رفع أصواتها كي يكف المتطفلون عن الإجتهاد في قطاع ليس من حقهم الإجتهاد فيه.

وفي حقيقة الأمر فإن الكثير من التقارير والدراسات تشير إلى حيوية هذا القطاع والمكانة المهمة التي يحتلها في الإقتصاد العربي عموما والخليجي على وجه الخصوص. وبالتالي فدعوة رئيس الغرفة ومن يعبر عن أصواتهم تأتي في مكانها وزمانها الصحيحين.

السياحة العربية في أرقام فحسب صحيفة «الرياض السعودية» يواصل القطاع السياحي العالمي نموه السنوي الذي يقدر بحوالي 13 في المئة على رغم الصعوبات التي واجهها هذا القطاع بعد حوادث 11 سبتمبر/أيلول، فقد بلغت عائداته في العام السابق حوالي 644 مليار دولار.

ويرى المحللون للقطاع السياحي أن حوادث سبتمبر على رغم تأثيراتها السلبية الكبيرة على السوق العالمي إلا انها قد ساهمت بشكل كبير في تعزيز السياحة البينية بين الدول العربية. ففي الأردن على سبيل المثال انخفضت نسبة عدد السياح القادمين من أوروبا بحوالي 19 في المئة بعد حوادث سبتمبر وارتفع في المقابل عدد السياح القادمين من الوطن العربي بحوالي 17,5 خلال العام الماضي. كما بلغت عائدات المغرب من السياحة خلال العام 2002 حوالي 2,6 مليار درهم أي ما يعادل 14 في المئة من مجموع العائدات من العملات الوافدة إلى المنطقة العربية، ويقدر عدد السياح القادمين إلى المغرب من الوطن العربي سنويا بحوالي 70 ألف سائح نصفهم من السعوديين.

وعلى رغم صغر حجم سوق السياحة العربية التي تمثل 3 في المئة فقط من سوق السياحة العالمية، إذ يبلغ حجم السوق العربية بحوالي 12 مليون سائح تقدر عائدات السياحة في الوطن العربية بحوالي 5 مليارات دولار. وهنا لابد من الإشارة إلى ان حجم انفاق السائح العربي أعلى بكثير من انفاق غيره من السياح، فقد أكدت احدى الدراسات بأن السائح الخليجي ينفق ضعف ما ينفقه السائح الأوروبي، إذ يبلغ انفاق السائح الخليجي في الرحلة الواحدة بحوالي 1814 دولارا، بينما ينفق نظيره الأوروبي بحوالي 836 دولارا في الرحلة الواحدة.

ومما لا شك فيه ان تحول السياحة العربية عن الدول الغربية سيساهم في تنشيط السياحة البينية بالدول العربية التي بلغت نسبتها 42 في المئة خلال الثلاثة الأعوام الأخيرة، طبقا لدراسة صادرة عن جامعة الدول العربية في العام 2001، وهو ما يعني أن أكثر من نصف حركة السياحة العربية تتجه إلى خارج المنطقة العربية. وأكدت هذه الدراسة أن الوطن العربي كله على رغم غناه بالمقومات السياحية المتنوعة لا يتعدى نصيبه من السياحة الدولية أكثر من 2,4 في المئة من إجمالي عدد السياح في العالم، الذي يقترب حاليا من 650 مليون سائح سنويا. كذلك لا يحصل العالم العربي حاليا إلا على 2,7 في المئة من إجمالي عائدات السياحة في العالم.

وأفاد أحدث تقرير لوزارة السياحة المصرية أن مصر استقبلت نحو مليون و350 ألف سائح (رقم قياسي بواقع أكثر من 600 ألف سائح لكل شهر) خلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب من العام الجاري (2003) بنسبة زيادة كبيرة بلغت 30 في المئة، كما اقترب عدد الليالي السياحية - وهي أساس حساب إيرادات الدولة من السياحة - من 10 ملايين ليلة سياحية مع زيادة في عدد الليالي السياحية بنسبة كبيرة للغاية عن الفترة نفسها أيضا من العام الماضي بلغت 79 في المئة. وأشار التقرير إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يصل عدد السياح في مصر إلى رقم 600 ألف سائح، بل ويتخطاه خلال شهر واحد. وعلى رغم الضعف الشديد لحجم التجارة العربية البينية الذي لا يزيد عن 8 في المئة من مجمل الحجم الكلي للتجارة العربية؛ فإن تقرير وزارة السياحة المصرية أشار إلى أن السياحة العربية تمثل 20 في المئة من إجمالي الحركة السياحية الوافدة إلى مصر سنويا، بما يشير إلى أن السياحة العربية البينية تكاد تكون الأداة الوحيدة المتاحة التي تكفل استمرار تنمية التعاون العربي. وتعد السوق العربية ثانية الأسواق المصدرة للسياح إلى مصر بعد أوروبا؛ فخلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين - وهما ذروة السياحة العربية خصوصا الخليجية - زار مصر حوالي 420 ألف سائح عربي بنسبة زيادة 10 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي، وفقا للتقرير الرسمي. مكانة السياح الخليجيين ويخطط عدد من الدول العربية ومن أبرزها مصر وسورية ولبنان والأردن والمغرب للحصول على حصة أكبر من السياح الخليجيين الذي يقدر حجم إنفاقهم على السياحة الخارجية بحوالي 27 مليار دولار سنويا، ويأتي هذا الاهتمام بالسائح الخليجي من قبل تلك الدول من أجل الاستفادة من حال الخوف والتردد التي تعتريه في اتخاذ قرار وجهته السياحية إلى الغرب أو الشرق وخلق لديه الصورة الآمنة للسياحة في الوطن العربي.

ويتوقع ان تستحوذ مصر ولبنان على الحصة الأكبر من السياح السعوديين، إذ يحتل السائح السعودي المرتبة الخامسة في عدد السياح القادمين إلى مصر الذي يبلغ حجم سوق السياحة لديها بحوالي 20 مليون سائح سنويا، ويشكل القطاع السياحي من أهم القطاعات التي تسهم في الناتج القومي الذي يقدر بحوالي 30 في المئة.

ويحظى السائح الخليجي باهتمام ملحوظ في الدول الغربية لما ينفقه من مبالغ طائلة تقدرها مؤسسة (APK) المعنية بالدراسات السياحية بحوالي 27 مليار دولار. وقد سجل السعوديون نحو 4,8 ملايين رحلة سياحية إلى مختلف دول العالم العام 2001، واحتلت الإمارات المركز الثاني من حيث عدد الرحلات السياحية مسجلة نحو 1,8 مليون رحلة، ثم الكويت 1,3 مليون رحلة، تليها البحرين 400 ألف رحلة دولية، وقطر وعمان سجلتا مجتمعتين نحو 700 ألف رحلة دولية. وقد بلغ عدد الليالي التي شغلها الخليجيون في الفنادق العالمية نحو 200 مليون ليلة، كان نصيب السعوديين منها 108 ملايين ليلة، يتلوهم الإماراتيون 38 مليونا، والكويتيون 31 مليون ليلة، ثم البحرينيون 5 ملايين ليلة، وبقية الدول الخليجية مجتمعة 19 مليون ليلة.

وطبقا للمنظمة العالمية للسياحة فقد بلغ متوسط إنفاق الفرد الخليجي في رحلته الخارجية العام 2001 حوالي (1814) دولارا في الرحلة الواحدة بمعدل إنفاق مقداره (135) دولارا لليلة الواحدة، متجاوزا بذلك إنفاق الفرد الأوروبي الذي يبلغ (836) دولارا بمعدل إنفاق بلغ (88) دولارا في الليلة الواحدة، وهو ما يغري المؤسسات السياحية الغربية بأن توفر كل ما في وسعها لكي تكون أوروبا هي وجهتهم السياحية سنويا. واحتلت مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية - الكويت - قطر - الإمارات - البحرين - عمان) المرتبة الأولى بين المجموعات العربية الوافدة إلى مصر؛ إذ حققت 1,5 مليون ليلة سياحية خلال هذين الشهرين... وجاءت في المرتبة الثانية دول المشرق العربي (الشام بصورة خاصة) بعدد 990 ألف ليلة سياحية، وذلك مقابل 860 ألف ليلة حققتها مجموعة دول المغرب العربي. وتشير بعض التقارير إلى أن إجمالي عدد السائحين العرب الذين زاروا مصر في الفترة من أول يناير/ كانون الثاني وحتى منتصف أغسطس الماضيين بلغ 720 ألف سائح بزيادة قدرها 6 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي. من جهته اعتبر وزير السياحة المصري ممدوح البلتاجي أن هذه الأرقام «تشكل إنجازا فاق جميع معدلات النمو السياحي العالمي»، مؤكدا أنها «لم تأت من فراغ، ولكنها نتائج وحصاد تخطيط علمي وجهد منظم ومدروس». كما اعتبرها أيضا دليلا على «مواصلة السياحة المصرية الوفاء بالتزاماتها لتكون أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد المصري ومصدرا رئيسيا لتوريد العملة الأجنبية للبلاد». لعل هذه الأرقام وربما أخرى غيرها هي التي تعطي السياحة الأهمية التي تستحقها وهي ايضا التي تجعلنا نتساءل لماذا لاتعطي الجهات الرسمية في المملكة هذا القطاع الحيوي حقه الذي يستحقه بما في ذلك حمايته من أيدي العابثين سواء كانوا فاسدين أم جهلة؟

العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً