العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ

نصف مليون دينار قدمتها «البحرين الخيرية» هذا العام

في حوار مع أمين عام جمعية البحرين الخيرية:

مملكة البحرين على رغم صغر مساحتها وقلة تعداد سكانها فإنها تزخر بمؤسسات العمل الخيري الطوعي بشكل كبير، و هذه الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية والمنظمات الطوعية البحرينية هي من الأوعية الكبيرة والضخمة لعمل الخير في الامة العربية والإسلامية ومن خلالها قدم أهل الخير والبر والإحسان من البحرين الفضل الكبير في إزكاء هذه الروح الطيبة وتعميق الانتماء لأمة الخير.

ومن ضمن هذه الجمعيات الكبيرة والعتيقة جمعية البحرين الخيرية اعرق الجمعيات الخيرية في البحرين، لها دور كبير في المحيط المحلي كما المحيط الخارجي،يقود امانتها العامة حسن ابراهيم حسن كمال تلتقي به «الوسط» للحديث عن العمل الخيري وتحدياته المحلية والاقليمية ومن ثم معرفة دور الجمعية وما تقدمه من مساعدات، للاجابة على محاور تشكل اسئلة للمواطن البسيط في البحرين.

كيف ترى جمعية البحرين الخيرية بين الامس واليوم؟

- جمعية البحرين الخيرية من منطلق مسئوليتها الانسانية والخيرية ووجودها في هذا الحقل الحيوي خلال ربع القرن الماضي إذ أنشئت في العام 1979م اكثر من 25 عاما على نشاطها وعملها الدوؤب إذ بدأت ب 100 اسرة محتاجة والان ترعى 2000 اسرة وهذه النقلة الكبيرة تعني لنا ان هناك من يهتم بهذا الانسان البحريني المحتاج وهناك رجال ونساء آلوا على انفسهم خدمة هذا الانسان وحفظ كرامته، والشعور باحساس هذا المواطن المحتاج لاننا نمثل اسرة واحدة وبيتا واحدا فلا يمكن ان نتصور ان اسرة بحرينية واحدة لها حاجة ولا تقضى لها ، ولذا نقوم بمساعدة هذه الاسر بشكل دائم وموسمي من خلال الكثير من المشروعات التي تطرح خلال العام تبدأ من العودة إلى المدارس في الشنطة المدرسية والملابس والقرطاسية الي مشروعات رمضان الى كسوة العيد وفرحة الايتام ومعونة الشتاء وترميم البيوت الخ...

ماذا قدمتم من مساعدات هذا العام؟

- نحمد الله اننا في كل عام ترتفع لدينا ارقام المبالغ التي نقدمها لاهلنا الفقراء والمحتاجين وبالنسبة للاسر الفقيرة قدمنا في 2003م اكثر من نصف مليون دينار موزعة على الكثير من المشروعات المساعدات الشهرية والمساعدات المنتظمة والموسمية مع المساعدات العينية وكسوة العيد ومعونة الشتاء.

بالنسبة الى مشروعات رمضان بدأت جمعية البحرين الخيري و كما دأبت منذ انشائها على تقديم مساعدات شهر رمضان الذي هو موسم لعمل الجمعيات الخيرية فقمنا في رمضان من هذا العام بصرف مخصصات للشهر الكريم بلغت كلفتها 25,000 خمسة وعشرين ألف دينار وهي عبارة عن سلع غذائية لعدد 2000 ألفي أسرة بحرينية موزعة على جميع مدن وقرى المملكة، وفي هذا العام طبقنا نظام «الكوبون» بفئات مالية محددة حسب ظروف وعدد افراد الاسرة منطلقين من اعطاء كل ذي حق حقه ولنا معايير عادلة في توزيع هذه الكوبونات، وتمكنا هذا العام من توفير افضل نوعية من الملابس والاقمشة والمواد الغذائية.

وخلال هذا العمل نسترشد بتوجيهات جلالة الملك المفدى وسمو رئيس الوزراء وولي العهد الامين ، فهم يعطوننا النبراس الدائم في حب هذا الوطن والتفاني في خدمة ابنائه من خلال العمل الوطني والانساني والذي بدوره يصب في الموجهات الثقافية والدينية والاجتماعية بما يتطور مفهوم العمل الخيري العام.

أصبحنا الآن نعيش في منظومة مقننة في العمل الخيري وهذا مكسب كبير أن يكون لهذا العمل تشريع وقوانين ولوائح تحدد المسارات والسبل التي تحقق الاهاف التي من اجلها انشئت الجمعيات الخيرية ونحن نفتخر بوجود هذه القوانين المحددة والمنضبطة ووجود هذه القوانين جعلت «الكثرة» لاتعني «المضرة» وفي البحرين اكثر من 300 جمعية نفع عام ومتخصصة ومنوعة و70 صندوقا خيريا، هذه المملكة الصغيرة وهذا الكم الهائل من مؤسسات النفع العام فالكل يعمل ويخدم ويؤدي دوره في المجتمع، هذه هي البحرين وثقافة اهل البحرين وقدرة البحرين على النمو والنهوض في المجالات المتعددة.

كيف تقيِّم ما تقوم به الجمعية من مساعدات؟

- مما نقوم به اصبحنا نشعر بالفخر ونحن نتولى توزيعها نتلمس فيها الجودة في كثير من المشروعات مثل توزيع القرطاسية للطلبة وكسوة العيد ونوعية المواد الغذائية، والمعينات الطبية والكراسي الطبية والاسرة الطبية والنظارات الطبية ونحاول ان نقدم افضل ما نستطيع تقديمه للناس ولا نفكر في الاسعار واكثر ما يهمنا المواد ونوعيتها وجودتها في المقام الاول ويكون التفكير وفي الاسعار والمفاضلة فيها اخيرَا، ونسعد للغاية عندما نوزع شيئا جميلا ونوعية ممتازة للمستفيد نشعر اننا قدمنا شيئا كبيرا ويدخل على الناس مدخلا طيبا يجعل دعواته تتوالى على اهل الخير والاحسان الذين اخرجوا المال من انفسهم لهذه الاعمال الصالحة والتي يحبها الله ورسوله، وفي هذا الصدد لا بد ان نزجي شكر الجمعية إلى الكثير من الموردين على رأسهم مؤسسة علي بن راشد الامين للمواد الغذائية ، ومؤسسة المير التجارية واسواق المنتزه ، هذه المؤسسات هي التي توفر المواد الغذائية التي توزع على المحتاجين ولا يتوانون لحظة في مساعدتنا ما دامت تذهب للاسر الفقيرة والمحتاجة ، والشكر موصول الى المرحوم عبدالرحمن اجور الذين ساهموا معنا في توفير الاقمشة المناسبة في مشروع كسوة العيد ، كما لا ننسى العم جاسم بن يوسف الشيخ الذي يساهم ايضا في دعمنا بالمواد التي نوزعها على الاسر.

ما المشروعات التي تعملون على تنفيذها الآن...؟

- خطونا خطوات ممتازة ورائدة في تنفيذ مشروع ترميم المنازل والمشروع بدأ في منتصف التسعينات إذ نفذنا صيانة وترميم 350 بيتا منها ما هو ترميم كامل وجزئي، وبناء غرفة اضافية لزواج احد افراد العائلة ، وانشاء دورات مياه جديدة ، وعمل مطابخ ، والحفاظ على سقوف المنازل من مياه الامطار، ولذا نحن في البحرين الخيرية نعتبر انفسنا قد عملنا عملا كبيرا ومقدرا في هذا الصدد بكلفة مالية بلغت 850 ألف دينار وهذا الرقم ليس بسيطا بالنسبة الى جمعية خيرية، وفي هذا الجانب نثمن دور كل من اسهم في انجاز هذا العمل وعلى رأسهم الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه فقد كان قدوة لنا جميعا في التحرك العاجل لاعمال الخير والعطاء لهذا المجتمع.

ومشروع الترميم مشروع رائد ونحن في «البحرين الخيرية» ندعو رجالات الخير ومن المقتدرين والميسورين تبني ترميم منازل بحيث يمكن لكل شخص مقتدر كفالة بيت او بيتين للترميم والصيانة ونرى اذا تكفل كل ميسور بترميم بيت او بيتين سوف لا تكون هناك أية بيوت خربة لمدة عشر سنوات وستكون كل البيوت صحية وقابلة للسكن ، وهذا في حد ذاته يساهم بشكل كبير في خلق الاستقرار الاجتماعي وتوفير الامن النفسي والاجتماعي للمجتمع الامر الذي ينعكس على الوحدة الوطنية التي نسعي جميعها لترسيخها، ونحن في الجمعية لدينا قائمة باسماء وعناوين البيوت التي تحتاج الي الصيانة والترميم علما ان اللجنة الخاصة بالموضوع برئاسة عارف جمشير تقوم بدور كبير ولكن تحتاج للمساعدة والمساندة المالية للاستمرار في تنفيذ المشروع ولدينا طلبات من 180 اسرة بحاجة ماسة للترميم مع وجود جميع الدراسات الخاصة بهذه البيوت فقط نحن في انتظار الخيرين.

ما هو دوركم غير الدعم المالي والعيني في الارتقاء بالمجتمع...؟

- في البدء لا بد ان نذكر ان البحرين الخيرية جمعية نفع عام وتقدم خدمات اجتماعية وانسانية للمجتمع وتعنى بامر المواطن الفقير والمحتاج ونقدم له هذه الاعمال بغض النظر عن لونه وعن عقيدته حسب الامكانيات المتاحة لنا ولا توجد لدينا عصا سحرية ولكن نعمل من خلال ما هو متوافر.

وتصديا للمشكلات التي يعاني منها المجتمع نتبنى احيانا حلا لقضايا اجتماعية واحيانا نوفق بين اسر اعترتها الخلافات، كما نساهم في حل خلافات اسرية بين زوج وزوجته، وفي قناعاتنا ان مشكلات الناس ليست كلها مادية، ومن اجل ذلك انشأنا حديثا وحدة خاصة للبحوث والدراسات يشرف عليها عبدالوهاب عطا الباحث الاجتماعي،و تعنى الوحدة بالتدوال العلمي والمتخصص للظواهر الاجتماعية السلبية التي انتشرت في بلادنا كما تعنى الوحدة بقضايا المطلقات وبتوفير فرص عمل للباحثات عن العمل من الاسر الفقيرة ، وساهمت الجمعية من خلال دورات تدريبية ومحاضرات من ارتياد هذا المجال الحيوي ونفذنا دورة تدريبية بعنوان « كيف تكونين سكرتيرة» وغيرها من الدورات التي تخدم ذات القضايا، وفي القريب العاجل لدينا دورة بعنوان « كيف تكوِّنين اسرة منتجة » وتتبعها دورات اخرى ومن خلال هذه الدورات ننسق مع اللجنة النسائية في الجمعية برئاسة فوزية زينل ولجنة الاعلام والعلاقات العامة وعبدالوهاب عطا الباحث الاجتماعي والذي يتناول مثل هذه القضايا ويطرحها للسيدات والاسر المسجلين لدى الجمعية ويتم معالجة هذه القضايا بروى اجتماعية وانسانية خاصة.

وفي مجال الصحة نفذنا الكثير من الدورات بواسطة الدكتور عبدالرحمن مصيقر وكانت اهمها « الوجبة الصحية التي يجب ان تعطى لطالب المدرسة» .

الجمعيات الخيرية تعاني من مشكلة فهم للاستثمار الخيري الذي يتيح توفير سيولة .. اين انتم من هذه المعضلة؟

- صحيح أن هناك قصورا في فهم المسائل الاستثمارية بالنسبة لتنفيذ المشروعات الكبيرة ونحن في البحرين الخيرية نجحنا لاننا نعمل بعقلية «تجارية» ولذا ليس لنا أية مشكلة مادية في تنفيذ المشروعات التي نطرحها، ولا استدل الا بالانجاز الكبير الذي حققناه حديثا وهو انشاء بناية خيرية يعود ريعها للعمل الخيري وبالفعل بحمدالله تم الفراغ من بناء العمارة التي تقع في المنطقة الدبلوماسية واصبحت من المعالم المهمة في المنامة وتم اخيرا ايجارها بالكامل الامر الذي مكننا من ادخال واضافة عدد 250 اسرة جديدة في سجلاتنا واصبحوا ضمن الاسر التي ندعمها بشكل دائم ودوري، وهذا مكسب كبير لنا لان الجمعية لا زالت لها اسرة كثيرة في الانتظار ، ونحس ان مشروع العمارة الوقفية كانت مشروعا ناجحا ومباركا فيه لان الله تعالى يعلم اننا نريد ان نوفر لاهلنا الكرامة وحفظ ماء الوجه لهذه الاسر الفقيرة والمحتاجة، ولجنة تنمية الموارد المالية برئاسة حسن على البنفلاح تعمل بجد في كيفية ايجاد فرص استثمارية مناسبة لتنمية موارد الجمعية سواء بشراء عقار او بأية وسيلة اخرى متاحة ومسموح بها.

بما انكم في قيادة الجمعية ما هي التحديات التي تواجه العمل الخيري من وجهة نظركم؟

- التحديات ايجابية وليست سلبية وتكمن في عدة حاجات وهي شح الموارد المالية وهذه تعبر هاجسا يورق العاملين في المؤسسات الخيرية لان الطموحات كبيرة والتطلعات كثيرة والتحدي الموجود هي ان ننحت الصخر حتى نوجد اموالا ننفذ بها المشروعات العاجلة والمطروحة امامنا، كما ان التحديات تتمثل في حسن التصرف في الاموال المتاحة لنا وتقديم المساعدات للمحتاجين الحقيقيين ، كما انه لا بد من وجود كادر جديد وجيل جديد يتسلم الراية من القيادة الحالية خلال العشرين سنة المقبلة ، واتمنى من الجيل الموجود حاليا ان ينخرط في العمل الاجتماعي من اجل التعرف عليه واخذ الخبرات من الجيل الذي سبقه.

والتحدي المهم الان هم ان التنافس بين الجمعيات الخيرية تنافس غير مدروس ومخطط له، بمعنى ان جمعية تعمل سوقا خيريا تقوم غدا كافة الجمعيات بعمل اسواق خيرية بذات الشكل وذات المضامين ، وهناك تقليد ولكننا نريد ابداعا في العمل الخيري ونريد تخصصات في هذا الجانب ، فلابد ان نتخلص من التقليد ونتبنى نهج الابداع في اختيار وطرح وتنفيذ المشروعات الخيرية.

وكيف يتم ذلك...؟

- اذا اردنا تجاوز التقليد ينبغي ان نفكر في وحدة العمل الخيري بعمل مشروعات استثارية مشتركة بين الجمعيات الخيرية من خلال انشاء لجنة مشتركة تعنى بتنمية الموارد واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة للجمعيات في مشروع يحدد ريعه على الجميع ، وبذلك نكون عمليين اكثر ، فهناك حديث عن قيام اتحاد للجمعيات الخيرية وارى أنه لا ادعي في الوقت الحاضر ولكن يمكن ان نتعاون من حيث التخطيط للمشروعات والتنسيق فيما بيننا لانه غير موجود الآن وهناك ازدواجية في العمل الخيري وفي توزيع المساعدات ، وهذه دعوة من جمعية البحرين الخيرية ان تعالوا الى عمل مشترك بيننا جميعا ، ونرى ان العائد سيكون كبيرا في تحقيق تطلعاتنا ، والان النفوس مهيأة لهذا العمل ونرى ان نقوم بعمل لجنة تنسيقية مشتركة تتداول مقترحات عدة لعدد من المشروعات يمكن تنفيذها وتنطلق لاحقا منها الى الاتحاد العام للجمعيات الخيرية في البحرين.

والامر الآخر اننا في البحرين في عمل دائم ومتواصل في تنفيذ المشروعات الموسمية من رمضان وكسوة العيد والعودة الى المدارس والاضحية والزكاة و مساعدات الاسر الفقيرة فلماذا لا ننسق مع بعضنا البعض في هذه المشروعات ، ويمكن ان اضرب مثالا بالتعاون الذي يمكن ان يجدي، الان نمنك الاسر المحتاجة «كوبون» مشترك من جميع الجمعيات الخيرية حتي يعم الخير على الجميع ونكون قد وسعنا قاعدة المستفيدين ، والحاصل الان ازدواجية وبعض العائلات تأخذ مساعدات من 6 جمعيات في آن واحد وهناك بعض العوائل لا تحصل على أية مساعدة ، واقول الان لا توجد عدالة في توزيع المساعدات لان كل جمعية تعمل منفردة دون تنسيق مع الجمعيات الأخرى وعندما اقول التنسيق بين الجمعيات اقصد المكاشفة والجلوس على طاولة واحدة ووضع اسماء المستفيدين امام الجميع ضمن ورقة واحدة وحينها سنعطي كل ذي حق حقه

العدد 447 - الأربعاء 26 نوفمبر 2003م الموافق 01 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً