العدد 2666 - الأربعاء 23 ديسمبر 2009م الموافق 06 محرم 1431هـ

أحمد الشملان - سيرة مناضل وتاريخ وطن (10)

صدر مؤخرا في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب يتناول سيرة المناضل البحريني أحمد الشملان بعنوان «أحمد الشملان - سيرة مناضل وتاريخ وطن» من تأليف زوجة المناضل الشملان فوزية مطر. صدر الكتاب في 1024 صفحة من القطع الكبير، ويضم أحد عشر فصلا متبوعة بملحقي صور ووثائق.

منذ أن توثقت علاقات الزمالة والنضال بين أعضاء لجنة العريضة على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم، وفي ظل حراك النضال الوطني الذي كان ينشط فيه أحمد الشملان فقد توطدت علاقاته الحميمة مع الجميع بمن فيهم ممثلو التيار الإسلامي بشقيه المشاركين في لجنة العريضة. كانت لجنة العريضة الشعبية تتوفر على عناصر تمتاز بالحراك الميداني والاتصال بجميع الأطراف متابعة لإعداد ونشر وتوقيع العريضة عبر مختلف مناطق البحرين، وكان الشملان -بشهادة زملائه في اللجنة- من أنشط الأعضاء حراكا واتصالا ومتابعة لتطور الحركة المطلبية، وقد حرص على فتح جسور بينه وبين رموز التيار الإسلامي الفاعلين في الحركة المطلبية حينها.

يوضح الشملان ذلك بقوله: «لم أتخل قيد أنملة عن ثوابتي وقناعاتي الفكرية التي يعرفها رموز الحركة الإسلامية ولم أخفها عن أحد قط، وحينما فُتحت قنوات الاتصال والتواصل مع الرموز الإسلامية لم أنظر للحراك المطلبي إلا في اطاره الوطني وباعتباره حراكا ونضالا وطنيا عاما ليس له علاقة بطوائف أو مناطق أو فئات، فالمطالب هي مطالب شعب بأكمله والحراك المطلبي يتم في إطار ائتلاف وطني تمثله لجنة العريضة الشعبية. كان المطروح وطنيا عاما وشعب البحرين بمجموعه سيجني ثمار ذلك الحراك المطلبي والنضالي. مع ذلك كنت أقف موقفا ثابتا وحازما حينما أستشعر أي موقف أو حدث قد يميل منحرفا عن المنحى الوطني الشامل، وأواجه زملائي إسلاميين كانوا أو علمانيين وأصارحهم وأتخذ موقفا مناهضا لما يذهبون إليه، وفي الوقت ذاته أبقي على علاقتي الوطنية الطيبة معهم وأحافظ على علاقتي الإنسانية الحميمة بهم وعلى محبتي واحترامي لشخوصهم وتقديري لنضالهم».

وطّد أحمد الشملان علاقته مع الشيخ عبدالأمير الجمري على وجه الخصوص، وخارج اجتماعات لجنة العريضة الشعبية كان التشاور في الشأن السياسي والحراك المطلبي متواصلا بين الرجلين. حول هذه الجزئية تحدَّث الأستاذ عبدالله مطيويع قائلا: «أحمد الشملان للأمانة كان «دينامو» لجنة العريضة الشعبية وأهم قنوات اتصالها، وقد توطّدت علاقته مع الشيخ عبدالأمير الجمري إلى درجة - وهذا أمر لا تعرفه إلا القلة القليلة- أن الشيخ الجمري كان يتشاور مع الشملان في بعض الفترات حول محتوى خطبة الجمعة التي ينوي أن يلقيها ويطلب من أحمد الشملان أن يضع معه الخطوط العريضة للخطبة. صحيح أن علاقة الشيخ عبدالأمير الجمري معنا في لجنة العريضة كانت علاقة قوية بشكل عام، لكن علاقته مع أحمد الشملان كانت أوثق وكان يتم التداول بينهما حول أن هذا الموضوع ينبغي التطرق له الآن والحديث عنه أو عدم التطرّق له. كانت علاقته مع الشملان قريبة وحميمة وكنت أدهش كيف أن الشيخ الجمري يطلب من أحمد الشملان أن يضع معه الأفكار الأساسية لخطبته. كان هذا دليلا على تحرر وانفتاح أفق الشيخ عبدالأمير الجمري، وللأمانة التاريخية ينبغي أن يُذكر ذلك كشهادة في حق الرجلين».

من جهته كان الشيخ عبدالأمير الجمري يعتبر أحمد الشملان حلقة وصل واتصال موثوقة مع أعضاء لجنة العريضة ومع غيرهم من الناشطين. وتجلى ذلك واضحا حين مناقشة تضمين العريضة ما يتعلق بشأن المرأة وكذلك خلال الحصار الذي تعرض له الشيخ الجمري في بيته، كما لم تنقطع علاقة الثقة الوطنية بين الرجلين حتى خلال الفترة التي اتخذ فيها الشملان موقفا مناهضا للمبادرة التي جرت في المعتقل بين الجهاز الأمني وشيوخ الدين، لم يشكل ذلك قطيعة سياسية بينه وبين الشيخ الجمري أو غيره من الرموز الدينية فقد استمر تواصله مع الشيخ عبدالأمير الجمري ولم ينقطع حتى خلال فترة حصار الشيخ في بيته قبيل اعتقاله الثاني من خلال رسائل كان يبعثها الشيخ الجمري للشملان واثقا من استمرار علاقته النضالية معه معتدا بالتواصل من خلاله مع الآخرين. يقول الشيخ الجمري في مقطع من رسالة كتبها للشملان بخط يده وأرسلها عبر «الفاكس» من منزله بتاريخ 29 ديسمبر 1995:» أصبحنا اليوم فوجدنا جامع الإمام زين العابدين ترابط سيارات الشغب ببابه وعلى بابنا، المداخل ممنوعة....»

كما كانت ولا زالت لأحمد الشملان علاقة مميزة مع عضو لجنة العريضة أحد رموز التيار الإسلامي الشيعي الأستاذ عبدالوهاب حسين. يقول الأستاذ عبدالوهاب حسين:» تعرفت على الأخ المناضل أحمد الشملان العام 1992، وقد جاءت المعرفة في ظرف تحرك وطني مشترك يجمع معظم ألوان الطيف السياسي البحريني المعروف والفاعل سياسيا آنذاك، وذلك برفع ما عرف بـ ( العريضة النخبوية) إلى الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وقد بقيت علاقتي مع أبي خالد مستمرة من ذلك الحين وحتى الآن، مرورا بالأنشطة السياسية الوطنية التي تلت العريضة النخبوية، وكانت لأبي خالد مواقف مشرفة أثناء الانتفاضة، دفع ثمنها غاليا. لقد دخل الأخ المناضل أحمد الشملان معنا في تجربة ناجحة للعمل الوطني المشترك، تجربة تعتبر سابقة ناجحة على مستوى المنطقة والعالم العربي، فلم نجد لها مثيلا في العالم العربي كله ـ بحسب علمي واطلاعي ـ حتى الآن. لقد نجحنا بالفعل في تجربتنا، وكانت لقاءاتنا مكثفة ومستمرة بمعدل أسبوعي أحيانا، وقد تكونت بيننا علاقة مودة، وكان لأبي خالد بالفعل دور كبير في ترسيخ هذا المبدأ وتثبيته».

إضافة لذلك تحدث الأستاذ عبدالوهاب حسين عن توطد علاقته الشخصية مع أحمد الشملان وكيف كانت له معه جلسات مصارحة فكرية بلغت حدا بعيدا، يقول الأستاذ:» كانت تجمعني مع الأخ المناضل أحمد الشملان جلسات خاصة، وكانت غالبا تسبق جلسات اللجنة في مكتبه أو بيته، وكانت بعض هذه الجلسات تأخذ طابعا فكريا، كان من خلالها يحاول أن يميِّز بين انتمائه السياسي والتنظيمي لجبهة التحرير بما تحمله من إرث فكري يساري، وبين حالته الروحية مع الله جل جلاله. وكان لا يتردد في وصف نفسه بالمناضل الشيوعي على أساس ثوري من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية بين الناس، إلا أنه كان يقول لي بأن له مع الله جل جلاله علاقة صوفية».


اعتقال التسعينيات: آخر اعتقال قبل المرض:

بعد الاعتقال الثاني للرموز الدينية في يناير/ كانو الثاني 1996 وصل الوضع في البحرين الى منعطف خطير يهدد بتفاقم الأوضاع وتراجع الحركة المطلبية أمام الإفراط الرسمي في استخدام القوة. في هذا المنعطف بدأ أحمد الشملان يمارس دورا علنيا في الدفاع عن المطالب الجماهيرية ومناهضة أساليب القمع العنيف لحركة الشارع والمسببة لارتداد العنف والعنف المضاد. استمرت اللجنة تعمل بمن تبقى فيها، وفي أول عمل لها بعد اعتقال الرموز والقيادات الشيعية أصدرت اللجنة بتاريخ 3 فبراير/ شباط 1996 بيانا سياسيا قام أحمد الشملان والمهندس سعيد العسبول بصوغه.

يتذكر سعيد العسبول إصدار البيان قائلا:» أذكر أنه بعد اعتقال الشيخ عبدالأمير الجمري والآخرين من أصحاب المبادرة، توجَّهت الى مكتب الأستاذ أحمد الشملان وتحدّثنا عما يجري، ثم جلسنا في مكتبه نصوغ البيان الذي أدنّا فيه اعتقال الجماعة وأساليب السلطة في اصرارها على الحل الأمني للأزمة، كنا لوحدنا نحن الاثنين فقط من أعضاء لجنة العريضة جلسنا وصغنا البيان. وبعد الانتهاء من صوغه ليلا أصدرناه باسم لجنة العريضة عبر إرساله بواسطة «الفاكس» مباشرة من مكتب الشملان، وهو البيان بالتحديد الذي أعتقل أحمد الشملان على إثر صدوره حيث كانت المراقبة مشددة على مكتبه».

العدد 2666 - الأربعاء 23 ديسمبر 2009م الموافق 06 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً